وليلة الإثنين جاءت .. موعد جلنار المنذر بالاحتمالات المبهمة .. إذا ذهب فإلى الجحيم يذهب .. وإذا لم يذهب قدم الدليل على جريمة لم يرتكبها .. مضى إلى دار الجريمة والفزع .. سلم نفسه إلى المقادر مقشعر البدن .. أخفى الحديقة من الوجود بغض البصر .. أما العنق المنزوع من الجسد الجميل فقد لازمه خطوة خطوة .. رأى جلنار والمائدة فتلقى أول نسمة في جو الصيف المشبع بالرطوبة .. عليه أن يكبح اضطرابه أن يفضحه .. عليه أن يمارس الحب فوق فراش الدم .. الجثة تملأ المكان وتغطي على المرأة النهمة .. ما أعذب الهرب! .. أقبل على الشرب بيأس .. المرأة هادئة باسمة .. أيسأل عن زهريار أم ينتظر؟ أيهما يشي بالريبة أكثر؟ لكن جلنار بادرته متسائلة: أين زهريار؟
فتساءل بدوره: ألم تحضر معك؟
فحدجته بحيرة وهي تشاربه، ثم قالت: أرسلتها إليك حاملة اعتذاري.
فقال بقلب خافق جاف: تبادلنا كلمتين ثم افترقنا. - اختفت كأنما تبخرت، يئس المجدون في البحث عنها، البيت مشتعل نارا.
فضرب كفا بكف، وتمتم: حدث عجيب حقا، هل ثمة ما يدعوها إلى الاختفاء؟ - لا أدري عن ذلك شيئا ولا أتصوره! .. البيت مشتعل نارا. - أي بيت يا جلنار؟ - بيتنا يا عجر، أحسبتنا بلا أهل؟ - وهذه الدار ما شأنها؟ - ما هي إلا استراحة لنا أوقفناها على الطرب!
فتردد، ثم تساءل ورأسه مثقل بلا نشوة: من أهلك يا جلنار؟
فقالت باسمة: ناس من الخلق، ماذا يهمك منهم؟
فغاص في الهم أكثر، وتساءل بحزن: ترى أين أنت يا زهريار؟! - أحزنك الخبر ولا شك؟
فانقبض صدره، وقال بحذر: ما أنا إلا إنسان يا جلنار.
فداعبت لحيته قائلة: وإنسان طيب يا عجر.
Неизвестная страница