Лавамик Анвар
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Издатель
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Номер издания
الثانية
Год публикации
1402 AH
Место издания
دمشق
Жанры
Религии и учения
النَّبِيِّ ﷺ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي انْطِبَاعِ طَلْعَةِ الْمُصْطَفَى ﷺ فِيهِمْ بِرُؤْيَتِهِ إِيَّاهُمْ، أَوْ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ مُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ رُتَبُهُمْ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
وَفِي وَصْفِنَا إِيَّاهُمْ بِالْأَبْرَارِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَذْهَبِ الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهُمْ عُدُولٌ كُلُّهُمْ، وَلَا يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، لَا فِي رِوَايَةٍ وَلَا فِي شَهَادَةٍ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مُعَارِضٌ كَزِنَا مَاعِزٍ، وَفِي قَوْلِهِ ﷺ: " «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» "، دَلِيلٌ عَلَى عَدَالَتِهِمْ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا، لَمَا حَصَلَ الِاهْتِدَاءُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ. وَعَلَى النَّاسِ ذِكْرُ مَحَاسِنِهِمْ، وَالْكَفُّ عَمَّا جَرَى بَيْنَهُمْ مِنَ الْفِتَنِ، وَيَجِبُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ، وَظَنِّ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ أَنَّ مَا صَارَ إِلَيْهِ هُوَ الْوَاجِبُ، وَأَنَّهُ أَرْفَقُ لِلدِّينِ وَأَوْفَقُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ مَأْجُورٌ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْأُمُورِ، وَلِهَذَا وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ " مَعَادِنِ " جُمَعُ مَعْدِنٍ، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا جَوَاهِرُ الْأَرْضِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْعَدْنُ الْإِقَامَةُ، وَالْمَعْدِنُ مَرْكَزُ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ حَدِيثُ: " «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: نَعَمْ» . أَيْ عَنْ أُصُولِهَا الَّتِي يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا وَيَتَفَاخَرُونَ بِهَا، أَيْ هُمْ مُسْتَقَرُّ " التَّقْوَى " وَمَوَاضِعُهَا، وَالتَّقْوَى لُغَةً الْحَجْزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَشَرْعًا التَّحَرُّزُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَنْ مُخَالَفَتِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَأَصْلُ اتَّقَى اوْتَقَى ; لِأَنَّهُ مِنْ وَقَى وِقَايَةً، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً، وَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي التَّاءِ، (مَعَ الْأَسْرَارِ) الْبَدِيعَةِ وَالْأَحْوَالِ الرَّفِيعَةِ. وَالسِّرُّ مَا اسْتَوْدَعْتَهُ لِأَخِيكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يُطْلِعَ عَلَيْهِ أَحَدًا، وَقَدْ قَالَ ﷺ: " «الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ مَجَالِسٍ: سَفْكَ دَمٍ حَرَامٍ، وَفَرْجٍ حَرَامٍ، وَاقْتِطَاعَ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: " «مَنْ سَمِعَ مِنْ رَجُلٍ حَدِيثًا لَا يَشْتَهِي أَنْ يُذْكَرَ عَنْهُ، فَهُوَ أَمَانَةٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ» . وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄: يَا بُنَيَّ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِيكَ - يَعْنِي: عُمَرَ ﵁ فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا: لَا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلَا يَطَّلِعَنَّ مِنْكَ فِي كَذِبَةٍ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ كَانُوا أَعْمَقَ النَّاسِ أَسْرَارًا، وَأَبَرَّهُمْ قُلُوبًا، وَأَعْلَاهُمْ أَنْوَارًا.
1 / 53