335

Лавамик Анвар

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Издатель

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Издание

الثانية

Год публикации

1402 AH

Место издания

دمشق

Жанры
Hanbali
Империя
Османы
النَّوْعُ الثَّانِي: هِدَايَةُ الْبَيَانِ، وَالدَّلَالَةِ، وَالتَّعْرِيفِ لِنَجِدَيِ الْخَيْرِ، وَالشَّرِّ، وَطَرِيقَيِ الْهَلَاكِ، وَالنَّجَاةِ، وَهَذِهِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْهُدَى التَّامَّ، فَإِنَّهَا سَبَبٌ وَشَرْطٌ لَا مُوجِبٌ ; وَلِهَذَا يَنْتَفِي الْهُدَى مَعَهَا كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧] أَيْ: بَيَّنَّا لَهُمْ وَأَرْشَدْنَاهُمْ وَدَلَلْنَاهُمْ فَلَمْ يَهْتَدُوا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] الثَّالِثُ: هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ، الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلِاهْتِدَاءِ، الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا. الرَّابِعُ: غَايَةُ هَذِهِ الْهِدَايَةِ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ إِذَا سِيقَ أَهْلُهُمَا إِلَيْهِمَا، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [يونس: ٩] وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا﴾ [الأعراف: ٤٣] وَقَالَ - تَعَالَى - عَنْ أَهْلِ النَّارِ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ - مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٢ - ٢٣] وَتَفَاصِيلُ أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ وَأَسْبَابِهَا وَمُتَعَلِّقَاتِهَا كَثِيرَةٌ جِدًّا، ذَكَرَهَا الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ، وَقَدْ لَخَّصْتُ لَكَ مِنْهُ مَا لَعَلَّهُ يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ الْمَقْصُودِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ:
الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمِنْ مَذْهَبِهِمْ - أَنَّ الْهِدَايَةَ هِيَ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوَصِّلَةً إِلَى الْمَطْلُوبِ فَلَيْسَتْ بِهِدَايَةٍ عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْهِدَايَةَ مُجَرَّدُ الدَّلَالَةِ عَلَى طَرِيقٍ يُوَصِّلُ إِلَى الْمَطْلُوبِ، سَوَاءٌ حَصَلَ الْوُصُولُ، وَالِاهْتِدَاءُ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ، كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ، وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧] وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. «وَإِنْ يُرِدِ» اللَّهُ ﷾ «ضَلَالَ عَبْدٍ» مِنْ خَلْقِهِ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ وَارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ «يَعْتَدِي» بِارْتِكَابِ ذَلِكَ وَانْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ وَاقْتِحَامِ الْمَهَالِكِ، وَالضَّلَالُ ضِدُّ الْهُدَى، يُقَالُ عَدَا عَدْوًا وَعَدَوَانًا مُحَرَّكَةٌ، وَتَعَدَّى وَأَعْدَى، أَحْضَرَ وَعَدَا عَلَيْهِ عُدْوَانًا بِالظُّلْمِ، ظَلَمَهُ كَعَدَى وَاعْتَدَى. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ: إِنَّ الْعُدْوَانَ أَنْ يَعْتَدِيَ مَا أُبِيحَ مِنْهُ إِلَى الْقَدْرِ الْمُحَرَّمِ، كَالِاعْتِدَاءِ فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، إِمَّا أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى مَالِهِ، أَوْ بَدَنِهِ، أَوْ عِرْضِهِ، فَإِذَا أَتْلَفَ إِنْسَانٌ عَلَيْهِ شَيْئًا أَتْلَفَ عَلَيْهِ أَضْعَافَهُ، وَإِذَا قَالَ فِيهِ كَلِمَةً، قَالَ فِيهِ أَضْعَافَهَا، فَهَذَا كُلُّهُ عُدْوَانٌ وَتَعَدٍّ لِلْعَدْلِ. قَالَ: وَهُوَ نَوْعَانِ: عُدْوَانٌ فِي

1 / 335