Лавамик Анвар
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Издатель
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Издание
الثانية
Год публикации
1402 AH
Место издания
دمشق
Жанры
Религии и учения
مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْهُ وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ ظُهُورَ الْحَقِّ لِيُتَّبَعَ دُونَ الْغَلَبَةِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا» "، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ وَلَفْظُهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «أَنَا زَعِيمُ بَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ مَازِحٌ، وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَتْ سَرِيرَتُهُ» " وَرَبَضُ الْجَنَّةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: مَا حَوْلَهَا.
وَهَذَا الْمَقَامُ زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامٌ وَضَلَّتْ فِيهِ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالتَّصَوُّفِ، وَصَارُوا إِلَى مَا هُوَ شَرٌّ مِنْ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ انْقَسَمُوا إِلَى طَرَفَيْ تَفْرِيطٍ وَإِفْرَاطٍ وَوَسَطٍ، أَمَّا الْمُفَرِّطُونَ فَالْقَدَرِيَّةُ يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ، وَطَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَكِنْ ضَلُّوا فِي الْقَدَرِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ إِذَا أَثْبَتُوا مَشِيئَةً عَامَّةً وَقُدْرَةً تَامَّةً، وَخَلْقًا مُتَنَاوِلًا لِكُلِّ شَيْءٍ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْحُ فِي عَدْلِ الرَّبِّ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ، وَغَلِطُوا فِي ذَلِكَ، وَالْقَدَرِيَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْمُحْدِثُ لِلْمَعْصِيَةِ، كَمَا هُوَ الْمُحْدِثُ لِلطَّاعَةِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - مَا أَحْدَثَ هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ أَمَرَ بِالطَّاعَةِ وَنَهَى عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ لِلَّهِ نِعْمَةٌ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدِّينِ إِلَّا وَقَدْ أَنْعَمَ بِمِثْلِهَا عَلَى الْكُفَّارِ، فَعِنْدَهُمْ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ وَأَبَا لَهَبٍ مُسْتَوِيَانِ فِي نِعْمَةِ اللَّهِ الدِّينِيَّةِ، إِذْ كَلٌّ مِنْهُمَا أُرْسِلَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ، وَأُقْدِرَ عَلَى الْفِعْلِ، لَكِنْ هَذَا فَعَلَ الْإِيمَانَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّهُ بِنِعْمَةٍ آمَنَ بِهَا، وَهَذَا فَعَلَ الْكُفْرَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفَضِّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ، وَلَا خَصَّهُ بِنِعْمَةٍ آمَنَ لِأَجْلِهَا، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - حَبَّبَ الْإِيمَانَ إِلَى الْكُفَّارِ كَأَبِي لَهَبٍ وَأَمْثَالِهِ، كَمَا حَبَّبَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ كَعَلِيٍّ ﵁ وَأَمْثَالِهِ،
1 / 297