Лавамик Анвар
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Издатель
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Номер издания
الثانية
Год публикации
1402 AH
Место издания
دمشق
Жанры
Религии и учения
عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَتَحُوا أَكْثَرَ الْعَجَمِ، وَقَبِلُوا إِيمَانَ عَوَامِّهِمْ، كَأَجْلَافِ الْعَرَبِ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ السَّيْفِ، أَوْ تَبَعًا لِكَبِيرٍ مِنْهُمْ أَسْلَمَ، وَلَمْ يَأْمُرُوا أَحَدًا مِنْهُمْ بِتَرْدِيدِ نَظَرٍ، وَلَا سَأَلُوهُ عَنْ دَلِيلِ تَصْدِيقِهِ، وَلَا أَرْجَئُوا أَمْرَهُ حَتَّى يُنْظَرَ
وَالْعَقْلُ يَجْزِمُ فِي نَحْوِ هَذَا بِعَدَمِ وُقُوعِ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُمْ لِاسْتِحَالَتِهِ حِينَئِذٍ، فَكَانَ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ دَلِيلًا أَيَّ دَلِيلٍ عَلَى إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ، وَقَالَ: إِنَّ التَّقْلِيدَ أَنْ يَسْمَعَ مَنْ نَشَأَ بِقُلَّةِ جَبَلٍ النَّاسَ يَقُولُونَ لِلْخَلْقِ رَبٌّ خَلَقَهُمْ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكٍ لَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَجْزِمُ بِذَلِكَ إِجْلَالًا لَهُمْ عَنِ الْخَطَأِ، وَتَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، فَإِذَا تَمَّ جَزْمُهُ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ نَقِيضُ مَا أَخْبَرُوا بِهِ، فَقَدْ حَصَلَ وَاجِبُ الْإِيمَانِ، وَإِنْ فَاتَهُ الِاسْتِدْلَالُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ بَلْ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ لِلْجَزْمِ وَقَدْ حَصَلَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: الْآتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُحَقِّقِينَ وَالْجَمَاهِيرِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، لِأَنَّهُ ﷺ اكْتَفَى بِالتَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَعْرِفَةَ بِالدَّلِيلِ، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهَذَا الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِهَا التَّوَاتُرُ وَالْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ، انْتَهَى.
وَبِمَا تَقَرَّرَ تَعْلَمُ أَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي حُصُولِ الْمَعْرِفَةِ مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَمَا وُجِدَتْ بِدُونِهِ لِوُجُوبِ انْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ بِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ، لَكِنَّهَا قَدْ تُوجَدُ فَظَهَرَ أَنَّ النَّظَرَ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ، بِأَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ ﷺ أَوَّلَ مَا بَلَغَتْهُ دَعْوَتُهُ، وَصَدَّقَ بِهِ تَصْدِيقًا جَازِمًا بِلَا تَرَدُّدٍ، فَمَعَ صِحَّةِ إِيمَانِهِ بِالِاتِّفَاقِ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ الْإِثْمُ مَعَ حُصُولِ الْإِيمَانِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الَّذِي لِأَجْلِهِ طُلِبَ النَّظَرُ مِنَ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ قَدْ حَصَلَ بِدُونِ النَّظَرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، نَعَمْ فِي رُتْبَتِهِ انْحِطَاطٌ، وَرُبَّمَا كَانَ مُتَزَلْزِلَ الْإِيمَانِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ النَّظَرِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْإِيمَانُ، وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ بَعْضُهُمُ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَأْثِيمِهِ لِأَنَّ جَزْمَهُ حِينَئِذٍ لَا ثِقَةَ بِهِ، إِذْ لَوْ عُرِضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ عَكَّرَتْ عَلَيْهِ، وَصَارَ مُتَرَدِّدًا بِخِلَافِ الْجَزْمِ النَّاشِئِ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
1 / 270