وحيدًا تهاداني الفيافي فاجتلى ... وجوه المنايا في قناع الغياهب
ولا أنس إلا أن أضاحك ساعة ... ثغور الأماني في وجوه المطالب
بليل إذا ما قلت قد باد فانقضى ... تكشف عن وعد من الظن كاذب
سحبت الدياجي فيه سود ذوائب ... لأعتنق الآمال بيض ترائب
منها:
وأرعن طماح الذؤابة باذخ ... يطاول أعنان السماء بغارب
يسد مهب الريح عن كل وجهة ... ويزحم ليلًا شهبه بالمناكب
وقور على ظهر الفلاة كأنه ... طوال الليالي مطرق في العواقب
يلوث عليه الغيم سود عمائم ... لها من وميض البرق حمر ذوائبه
أصخت إليه وهو أخرس صامت ... فحدثني ليل السرى بالعجائب
منها:
وما غيض السلوان دمعي وإنما ... نزفت دموعي في فراق الأصاحب
فاسمعني من وعظه كل عبرة ... يترجمها عنه لسان التجارب
وقال في إهداء مهر بهيم أدهم:
تقبل المهر من أخي ثقة ... أرسل ريحًا به إلى مطر
مشتملًا بالظلام من شية ... لم يشتمل ليلها على سحر
منتسبًا لونه وغرته ... إلى سواد الفؤاد والبصر
تحسبه من علاك مسترقًا ...
بهجة مرأى وحسن مختبر
حنّ إلى راحة تفيض ندى ... فمال ظل به على نهر
ترى به والنشاط يلهبه ... ما شئت من فحمة ومن شرر
اسود وابيض فعله كرما ... فالتفت الحسن منه عن حور
كأنه والنفوس تعشقه ... مركب من محاسن الصور
فازدد سنا بهجة بدهمته ... فالليل أذكى لغرة القمر
ومثل شكري على تقبله ... يجمع بين النسيم والزهر
وقال أيضًا من أخرى:
وليل تعاطينا المدام وبيننا ... حديث كما هب النسيم عن الورد
ونقلي أقاح الثغر أو سوسن الطلي ... ونرجسة الأجفان أو وردة الخد
فأقبلت أستهدي لما بين أضلعي ... من الحر ما بين الثنايا من البرد
أغازل منه الغصن في مغرس النقا ... وألثم وجه الشمس في درج السعد
فإن لم يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها كما قد الشرك من الجلد
تسافر كلتا راحتي بجسمه ... فطورًا إلى خصر وطورًا إلى نهد
فتهبط من كشحيه كف تهامة ... وتصعد من نهديه أخرى إلى نجد
وقال:
فجمعت بين رضابه وشرابه ... وشربت من ريق ومن صهباء
ولثمت في ظلماء ليلة وفرة ... شفقًا هناك لوجنة حمراء
والليل مشمط الذؤابة كبرة ... خرف يدب على عصا الجوزاء
ثم انثى والصبح يسحب ذيله ... ويجر من طرب فضول رداء
وقال:
فلله طود للجزالة راسخ ... على الجد يهتز ارتياحًا إلى هزل
ينيل على العلات بيض مكارم ... تريك الجبال الشم في عدد الرمل
ويطلع الندى متهللًا ... مضى لسان النار في الحطب الجزل
منها:
والريح تلوي عطف كل أراكة ... لي السرى وهنًا لعطف الناعس
فالحر مفتقر إلى عز الغنى ... فقر الحسام إلى يمين الفارس
منها:
واستسق منه إن ظمئت غمامة ... يخضر عنها كل عود يابس
من آل حمدين الأولى حليت بهم ... قدمًا صدور كتائب ومدارس
من أسرة نشأوا غمائم أزمة ... ولربما طلعوا بدور حنادس
وجنوا ثمار النصر من شجر القنا ... بأكفهم ولنعم غرس الغارس
سلس الكلام على السماع كأنه ... سنة ترقرق بين جفني ناعس
يطأ العدي ما بين نصل ضاحك ... تحت العجاج ووجه طرف عابس
في حيث يلعب بالقناة شهامة ... لعب النعامي بالقضيب المائس
وقال من قصيدة أولهات:
سمح الخيال على النوى بمزار ... والصبح يمسح عن جبين نهار
منها:
ولوى القضيب هناك جيدًا أتلعًا ... قد قبلته مباسم النوار
باكرته والغيم قطعة عنبر ... مشبوبة والبرق لفحة نار
والريح تلطم فيه أرداف الربى ... لعبًا وتلثم أوجه النوار
في فتية جنبوا العجاجة ليلة ... ولربما سفروا عن الأقمار
شاهدت من هماتهم وهباتهم ... إشراف أطواد وفيض بحار
من كل منتقب بوردة خجلة ... كرمًا ومشتمل بثوب وقار
ضافي رداء المجد طماح العلا ... طامي عباب الجود رحب الدار
1 / 22