اختصاص كل بأحد الحدين، لا كون كل واحد حدا مطلقا، كما هو قضية إطلاق النص والفتوى.
لا يقال: نعم، ولكنه لا بأس في المخالفة إذا كانت من باب مخالفة العلامة والأمارة مع ذي الأمارة.
فإنه يقال: إنما ذلك في ما كانت المخالفة أحيانا ولم تكن بدائمية كما كانت هاهنا، بل ولا غالبية. فلا مجال لما قيل من التخيير بين التحديدين، فله الاختبار بما يختار (1).
وقصارى ما يمكن أن يقال توفيقا بين الأخبار: أن مقدار الكر حسب مراتب الطهارة والنجاسة، والنزاهة والدناسة يختلف. فيكون أقله مقدارا مما يعتصم به الماء عن الانفعال بالنجاسة وإن انفعل ببعض مراتبها الغير المانعة عن استعماله في ما يعتبر في استعماله الطهارة، وكان المقدار الزائد عليه عاصما عن الانفعال بذلك أيضا. فكان للكثرة العاصمة عرض عريض حسب مراتب النجاسة والدناسة شرعا، كما هو كذلك بالإضافة إلى ما يوجب التنفر طبعا.
ويشهد بذلك التفاوت الفاحش بين التحديدات في الروايات، وعدم توافق الاثنين منها مع الوثوق بل القطع بصدور غير واحد منها بينها، كما لا يخفى. ومعه لا محيص عما ذكرنا من التوفيق كما وفق بنظير ذلك بين روايات منزوحات البئر (2) وعليه فلا حاجة إلى الترجيح بين المعتبر منها.
ثم إنه إذا شك في ما هو أقل ما حدد به لإجمال دليله وتردده بين أن يكون
Страница 17