سألته : «كيف عرفت؟»
أجاب: «منك؛ فعندما تجلس مكاني هذا عدة سنوات، يمكنك من النظرة الأولى أن تفهم هوية الأشخاص الذين يترددون على المكتبة لينقبوا بين صفحات الأعداد القديمة. وعندما لاحظت أنك تختلف عنهم، ثار فضولي، ولم يكن من الصعب أن أتتبع الصفحات التي تتوقف عندها، وأن أستنتج اهتمامك به.»
عدت أسأله: «وما الذي جعله مسئولا عن انزوائك في هذا المكان؟»
قال: «مقال نشرته.»
تطلعت إليه متسائلا فأضاف: «يمكنك أن ترجع إليه بسهولة.»
رويت له ما صادفني من صعوبات في البحث عن أخبار «الدكتور» بالصحف اليومية، فقاطعني قائلا: «ستجد مقالي بالتأكيد لأن الصحيفة التي نشرته لا يهتم بها أحد، ثم إني لم أذكره بالاسم.»
أعطاني تاريخ نشر المقال وتمنى لي التوفيق، فذهبت من فوري إلى دار الصحيفة التي نشرته، وهي يومية مسائية محدودة الانتشار؛ ولهذا السبب لم يتجه إليها اهتمامي في بادئ الأمر.
بحثت عن المقال دون أن أكشف لأحد عن غرضي، فعثرت عليه تحت عنوان مثير ذي رنة مأساوية، هذا نصه: «من يخلع الأشجار؟»
وتحت هذا العنوان عرض الكاتب لظاهرة اختفاء الأشجار من شوارع القاهرة وحدائقها القليلة المتبقية، وقال إن الصورة المنظمة التي تتم بها عملية الاقتلاع توحي بأن ثمة أشخاصا ذوي نفوذ خلفها. وتساءل عما إذا كانت هنالك علاقة بين هذه الظاهرة وبين الأزمة المفتعلة في سوق الأخشاب، والتي رفعت أسعارها وأوجدت لها سوقا سوداء.
نقلت محتويات المقال في كراسي، ثم خطر لي أن أنتهز الفرصة لأواصل البحث في اتجاه جديد، فعكفت على مجلدات الصحيفة أراجعها بسرعة في أماكن محددة هي الإعلانات الاجتماعية والتجارية وأخبار الوفيات، حوالي نفس التواريخ التي استرشدت بها من قبل.
Неизвестная страница