لا شيء إذن غير السكتة القلبية، وسوف تتبرع لأطفاله بجزء من طعامها كل شهر.
آه! لماذا تراودها تلك الأفكار السوداء، وإن الوقت يمر والليل يرتحل أكثر وأكثر. ونظرت في ساعتها وقالت له في ذعر: إن الساعة تقترب من الواحدة، ماذا أفعل؟ أريد أن أذهب إلى البيت.
وقال باسما: سآتي معك لأوصلك.
قالت: لا، سيراك عم عثمان، إنه سيظن حتما أنني كنت مع رجل، ولكن هذا أفضل من أن ينقلب ظنه يقينا ويرى الرجل بعيني رأسه.
وضحك ضحكة طلقة، ونظرت إليه وهي تقول: إنك لا تحس ولا تشاركني مشكلتي الفظيعة، إنك تضحك من قلب خلي. طبعا أنت رجل تعود إلى بيتك في أي وقت من الليل رافعا رأسك في تيه وكبرياء، ويقف لك البواب احتراما لمغامراتك مع النساء.
وقال في دهشة: إنني لا أصدق أن يكون عم عثمان هو بطل مشكلتك الفظيعة هذه! كأنك لم تتعلمي وتؤمني بحقك في ممارسة الحياة الحرة، فتصنعي لنفسك قيودا وهمية تقيدين بها نفسك دون داع.
قالت: إنك لا تستطيع أن تحكم لأنك لم تكن امرأة أبدا.
إن عم عثمان ليس هو عم عثمان وحده، وإنما هو المجتمع كله الذي أعيش فيه. إن المجتمع يحكم علي من خلال رأس عم عثمان الفارغ المعمم، وعينيه اللامعتين كعين الثعبان. إنها ليست مشكلة عم عثمان وحده التي تقلقني، إنها مشكلة المجتمع كله.
وشعرت بموجات من التمرد تعصف بكيانها الصغير، ولمعت عيناها فجأة ببريق العصيان والجموح وقالت: ولكن يجب علي ألا أعبأ بشيء، أنا حرة في حياتي الخاصة مثلك. لقد نلت الليسانس كما نلته أنت، وأشتغل كما تشتغل أنت، وأستلم ماهية مساوية لماهيتك؛ يجب أن أمارس حريتي كما تمارسها أنت.
قال: هذا ما يجب أن تفعليه كامرأة قوية لها شخصيتها واستقلالها.
Неизвестная страница