لفتة الكبد في نصيحة الولد
للإمام ابن الجوزي يوصي فيها ولده.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنشأ الأب الأكبر من تراب، وأخرج ذريته من الترائب والأصلاب، وعضد العشائر بالقرابة والأنساب، وأنعم علينا بالعلم وعرفان الصواب، أحسن التربية في الصغر وحفظ في الشباب، ورزقنا ذرية نرجو بهم وفور الثواب.
{رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} [سورة إبراهيم/40 - 41].
أما بعد:
فإني لما عرفت شرف النكاح وفضل الأولاد، ختمت ختمة وسألت الله عز وجل أن يرزقني عشرة أولاد، فرزقني إياهم فكانوا خمسة ذكورا وخمسة إناثا، فمات من الإناث اثنتان ومن الذكور أربعة، ولم يبق لي من الذكور سوى ولدي أبي القاسم، فسألت الله تعالى أن يجعل فيه الخلف الصالح وأن يبلغني فيه المنى والمناجح.
ثم رأيت منه نوع توان عن الجد في طلب العلم، فكتبت إليه هذه الرسالة أحثه بها على طلب العلم وأحركه على سلوك طريقي في كسب العلم، وأدله على الالتجاء إلى الموفق سبحانه، مع علمي بأنه لا خاذل لمن وفق ولا مرشد لمن أضل، لكن قد قال تعالى: وتواصوا بالحق تواصوا بالصبر} [سورة العصر/3]، وقال تعالى: فذكر إن نفعت الذكرى} [سورة الأعلى/9]، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فصل في فضل العقل ومسؤولية التكليف والحث على طلب الفضائل
Страница 1