Суннитские жемчужины в султанских поздравлениях
اللآلئ السنية في التهاني السلطانية
Жанры
تمهيد
المكاتبات الرسمية بين صاحب العظمة السلطان والوكالة البريطانية
الموكب السلطاني
الدعاء لسلطان المصريون في المساجد المصرية
تغيير الألقاب والرتب
كلام الملوك ملوك الكلام
سياسة السلطان وأمياله
المبرات السلطانية
السلطان في المعاهد العلمية
بر السلطان بوالدته
Неизвестная страница
التهانئ السلطانية
تمهيد
المكاتبات الرسمية بين صاحب العظمة السلطان والوكالة البريطانية
الموكب السلطاني
الدعاء لسلطان المصريون في المساجد المصرية
تغيير الألقاب والرتب
كلام الملوك ملوك الكلام
سياسة السلطان وأمياله
المبرات السلطانية
السلطان في المعاهد العلمية
Неизвестная страница
بر السلطان بوالدته
التهانئ السلطانية
اللآلئ السنية في التهاني السلطانية
اللآلئ السنية في التهاني السلطانية
تأليف
سليم قبعين
صاحب العظمة والجلال
السلطان الكامل حسين بن إسماعيل سلطان مصر والسودان
181 122 128 52 212 150 330 158
سنة 1333 هجرية.
Неизвестная страница
تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ قائل الخبر، وحافظ الأثر، بل هو أعدل شاهد، وأصدق راو. يروي لأهالي الأجيال القادمة ما حدث قبلهم من الحوادث العظام والعبر الجسام.
حدث في ختام عام 1914 في مصر حادث عظيم دخلت على أثره في دور حياة جديدة، فقد أشرقت عليها أنوار السعادة وفاضت عليها أنهر الصفاء وتوطدت دعائم السلام ورفلت بحلل الفخار. وهذا الحادث المجيد هو انتقال مصر من خديوية إلى سلطنة وتولية سمو البرنس حسين كامل سلطانا عليها.
للعلم على مصر وأهلها في هذه النهضة الحاضرة حق كبير يجب عليها أداؤه بالشكر للعلم وبالمواظبة على خدمة العلم؛ ذلك لأن العلم هو الذي كونها وجمع أجزاء قواها بعضها إلى بعض، حتى أصبحت جسما متحدا وأصبح لبنيها مقام محمود بين الأمم الراقية، وهذا العلم هو نفسه أيضا مدين لصاحب العظمة مولانا السلطان الكامل: هبات وافرات دائما وأبدا للعلم يفيض بها الندى عن غيره ووطنية على إنشاء وتعضيد معاهد علمية وتنشيط الكتاب وتشجيع المؤلفين، فعظمة مولانا السلطان يضع بيده في كل يوم حجرا في بناء استقلال البلاد من ربقة الجهل وفي سبيل تشييد صرح مجدها وسعادتها.
عظمة مولانا السلطان يعمل بروية وحكمة ولكنه يعمل مشتغلا حبا في بلاده وغيرة عليها، وقد رأينا من آثار عظمته الغراء وباكورة أفعاله الزهراء ما جعلنا نتوقع للبلاد خيرا أكيدا، بل جعلنا واثقين بأن مناهل حسناته وحكمته وينابيع مبراته ورويته ستفيض على البلاد والعباد بأنهار السعادة وتقودها إلى قمة المجد والكمال، وقد أدركت الأمة الفرق بين ما كانت عليه وما أصبحت فيه، وغدت تنشد متفاخرة بسلطانها.
لنا والد لو كان للناس مثله
أب آخر أغناهم بالمناقب
فما جلس عظمته على أريكة السلطنة المصرية حتى عمت الأفراح جميع أنحاء البلاد من شمال الدلتا حتى أقاصي الصعيد، وتجاوزتها إلى أرجاء السودان، وفاضت قرائح الشعراء بالقصائد الرنانة يهنئون مصر بسلطانها ويهنئون سلطانها بسلطنته ورعيته.
وقد رأيت تذكارا لهذا الانقلاب المجيد واليوم السعيد، أن أضع كتابا أضمنه ترجمة صاحب العظمة والجلال مولانا السلطان الأعظم قبل ارتقائه عرش السلطنة، ثم أجمع في هذا الكتاب ما سبق هذا الانقلاب من المكاتبات الرسمية وأقوال السلطان المأثورة وحكمه المنثورة ومبراته العظيمة التي أذكرتنا عهد الرشيد والمأمون، ثم قصائد الشعراء وفيها كثير مما لم يظهر على صفحات الصحف؛ ليكون هذا الكتاب أثرا خالدا وتاريخا مجيدا للأجيال القادمة وحلية نفيسة تزدان بها المكاتب العامة والخاصة، وخزانة أدب يستخرج منها طلاب العلم كنوز الحكمة ونفيس الكلام.
Неизвестная страница
وإني أسأل المولى المتعال ذا العزة والجلال أن يطيل بقاء عظمة مولانا السلطان الكامل حسين الأول لينفع هذه الأمة ويسير بها في مراقي الكمال، فقد عاهد ربه ورعيته أن يجعل خير الوطن كعبة آماله وغاية أفعاله.
أدام الله عظمته غرة في جبين الدهر وجوهرة ساطعة في تاج المحامد والفخر آمين.
العبد الخاضع الأمين
سليم قبعين
خلاصة تاريخية عن صاحب الدولة الأمير حسين كامل باشا
بقلم أحمد زكي باشا
هو ثاني أنجال أبي الفدا وأبي الأشبال الخديو إسماعيل.
كان مولده بالقاهرة في (19 صفر سنة 1270 للهجرة/20 نوفمبر سنة 1853)، فلما بلغ السابعة من عمره شرع في تلقي العلوم واللغات بالمدارس المصرية التي أنشأها بالقاهرة جده الأعلى محمد علي الكبير، ثم قصد الأمير مدينة باريس لإتمام دروسه بها، وفي أثناء وجوده بهذه المدينة كان نازلا في قصر الإمبراطور نابليون الثالث حيث كان رفيقا في اللعب والدرس لولي عهد الإمبراطورية الفرنسية، وحينما عاد إلى القطر المصري عينه والده الجليل مفتشا عاما لأقاليم الوجه البحري والوجه القبلي، وكان مركزه الرسمي في مدينة طنطا. فتمكن الأمير وهو قائم بأعباء هذه الوظيفة من درس أخلاق الناس والتمرن على الأعمال، وحينئذ رأى أبوه الأفخم في 22 جمادي الثانية سنة 1289 / 26 أغسطس 1872 أن مصلحة البلاد تقضي بتقليده منصب نظارة المعارف العمومية والأوقاف.
1
ومنصب نظارة الأشغال العمومية.
Неизвестная страница
ومما ينبغي التنبيه إليه في هذا المقام أن النظار في ذلك العهد كانوا مرتبطين بالمعية السنية مباشرة، بل يشخص ولي الأمر دون أن يكون بينهم أي تضامن ما، وأن الخديو كان قائما بشؤون الملك والحكم بنفسه في آن واحد. نعم، إنه كان يستعين في بعض الظروف بالمجلس المخصوص أو الخصوصي، فيحضره النظار وبعض كبار الموظفين القائمين بإدارة المصالح الأميرية الكبرى ونفر من ذوي الحيثيات الذين كانوا يحضرون الجلسات بصفة وزراء بلا مساند. أما مجلس النظار بشكله الحالي فلم يتكون إلا منذ سنة 1878 ميلادية.
وقد امتاز عهد دولة الأمير حسين كامل باشا في النظارات الثلاث السابق ذكرها بحركة نافعة ونشاط مفيد، ومما يدل على معرفته بأقدار الرجال أنه كلما سنحت الفرصة يذكر بالخير رجلين من أفاضل المصريين كان قد اختارهما لمعاونته بصفة مستشارين له: وهما شيخ المعارف المصرية المرحوم علي مبارك باشا في نظارة المعارف العمومية، وبقية المعمارين الوطنيين المرحوم حسين باشا المعمار في نظارة الأوقاف.
نعم إن دولته لم يمض في نظارة المعارف إلا مدة قصيرة جدا (11 شهرا و20 يوما)، ومع ذلك فقد كانت له اليد الطولى في توسيع نطاق التعليم العام في طول البلاد وعرضها. وامتاز عصره بما أوجده بنفسه من وسائل الترغيب والتشويق، فهو الذي أسس الجوائز المدرسية لمكافأة التلاميذ الذين يحرزون قصب السبق على أقرانهم، وقد أدت هذه الوسائل إلى رفع مستوى التعليم إلى درجة محسوسة. ومما يؤسف عليه أن هذه الجوائز قد ألغيت منذ سنة 1887 في المدارس الأميرية.
فلما تخلى دولة الأمير في 21 جمادى الثانية سنة 1290 / 14 أغسطس سنة 1873 عن نظارتي المعارف والأوقاف، تقلد أمرهما صديقه المرحوم رياض باشا الكبير، وبقي دولة الأمير في نظارة الأشغال العمومية، وأضيفت إليه نظارة الداخلية أيضا، ولكنه لم يمكث فيها سوى ثلاثة شهور.
وقد أدى دولته أثناء تقلده نظارة الأشغال العمومية أجل الخدم للبلاد وأبدى في ذلك همة مشكورة لا تزال آثارها باقية إلى الآن، وكانت هذه النظارة في ذياك العهد تشتمل على المصالح التابعة لها في أيامنا هذه وعلى مصلحة الليمانات والفنارات أيضا.
فمن مآثره أثناء وجوده بهذه النظارة إنشاؤه لترعة الإسماعيلية التي تدفقت بالمياه بل بالنضار، ونشرت البركة واليسار على ضفتيها في اليمين وفي اليسار، وبدلت البراري والقفار بجنات يانعة الثمار، وأحيت مدينتين من العدم وهما مدينة الإسماعيلية ومدينة السويس فأصبحتا بفضله ترفلان في حلل الثروة والعمار.
ومن مآثره المأثورة، وأياديه المشكورة، أنه كان في أثناء الفيضان يواصل الليل بالنهار لملافاة كل خطر يحدث من طغيان النيل، بل إنه أقام في قصره مكتبا خاصا للتلغراف ليكون على الدوام محيطا بكل ما يتجدد من حوادث الفيضان في الليل وفي النهار، ولكي يصدر ما تدعو إليه الحالة من الأوامر والتعليمات إلى رجال الإدارة وإلى القائمين بشؤون الري من المهندسين والعمال.
وهذه مدينة القاهرة له عليها الفضل الأكبر في وقايتها من غوائل الفيضان، فقد طوقها بالجسور التي تحميها إلى الآن من مياه النيل، وقد أمر بإنشائها في تلك السنة المهولة (سنة 1291 للهجرة/سنة 1874م) حيث بلغ فيها مقياس النيل بجزيرة الروضة إلى 26 ذراعا ونصف ذراع. وقد غمرت المياه أراضي مصر القديمة وأراضي القصر العيني والقصر العالي، ولولا تيقظ دولة الأمير وسهره المستديم لكانت العاصمة بأكملها وجزء عظيم مما يليها من الأراضي الزراعية عبارة عن بطيحة فسيحة الأرجاء مترامية الأطراف.
ولا أذكر سوى كلمتين عن وجود الأمير الجليل على رأس نظارة الحربية التي كانت معروفة في ذلك الحين بنظارة الجهادية، فقد تقلد شؤون هذه النظارة في أواخر ذلك العام مضافة إلى منصبه السامي في نظارة الأشغال.
في ذلك العصر كان السودان المصري وسلطنة دارفور تابعين لنظارة الجهادية المصرية من حيث الإدارة الملكية والعسكرية ، وقد كتب الله لشبل أبي الفدا إسماعيل الجليل شرفا ليس بعده من شرف وسعادة لا تدانيها سعادة، فهو الذي تم في عهده توسيع نطاق الحدود المصرية من الجهة الجنوبية توسيعا لم يحلم به الفراعنة ولا من أتى بعدهم من الملوك والسلاطين الذين تعاقبوا على وادي النيل، فقد افتتح القائد المصري رؤوف باشا بلاد هرر، بل توغلت جنود مصر حتى وصلت بفتوحاتها إلى رأس الأسير المعروف في كتب الجغرافية الإفرنجية باسم رأس غاردفوي على المحيط الهندي، واستمرت في تقدمها جنوبا حتى رفعت أعلامنا الوطنية على خط الاستواء، ولم تصل مصر في عصر من الاعصار إلى مثل هذا التوسع في الفتح والاستعمار.
Неизвестная страница
على أن هذه الهمة العالية لم تقف بالأمير الجليل عند هذا الحد البعيد، بل عادت إلى الشمال وتخطت البحار فظهرت آثار الأمير في مساعدة الدولة العثمانية مرتين: أولا بإرسال نجدة من جنود مصر إلى بلاد البوسنه والهرسك عند حدوث الفتنة فيها سنة 1877، وثانيا بإرسال التجريدة المؤلفة من 25000 جندي مصري تحت رئاسة أخيه القائد العام المغفور له الأمير حسن باشا لمساعدة الجيوش التركية في محاربة الروسيا في السنة المذكورة.
هذا وإن شغف الأمير حسين باشا بتعميم التعليم بين جميع طبقات الأمة المصرية قد حدا به على تأسيس مدارس الأطفال العسكرية بالقاهرة والإسكندرية - وقد تلقى كاتب هذه السطور مبادئ العلوم في المعهد الذي كان موجودا بجهة رأس التين بمدينة الإسكندرية.
وقد أنشأت نظارة الجهادية بناء على أمره تلك السكة الحديدية التي تربط حلوان الحمامات بالعاصمة، وكانت محطتها الأولى في ميدان محمد علي تحت القلعة. وكان افتتاح هذا الخط البالغ طوله 32 كيلو مترا في (شهر محرم سنة 1294/شهر يناير سنة 1877) بحضور ناظر الجهادية صاحب الدولة الأمير حسين كامل باشا.
وفي 26 ربيع الأول سنة 1292 / 2 مايو سنة 1875 ألقيت إلى دولة الأمير مقاليد نظارة البحرية علاوة على منصبه السامي في كل من نظارتي الجهادية والأشغال العمومية.
فلما كان 24 شوال سنة 1293 / 10 نوفمبر 1876 تولى دولته نظارة المالية بدلا من إسماعيل صديق باشا الذي غضب عليه أمير البلاد، وقد وافته منيته بعد أيام قليلة، وتخلى الأمير حسين باشا عن نظارة الأشغال العمومية إلى أخيه الأمير إبراهيم باشا، وعن نظارة الجهادية إلى أخيه الأمير حسن باشا. ولكن الأمير حسن باشا لم يمكث في منصبه سوى مدة قليلة؛ فإنه ذهب بعد ذلك على رأس الحملة التي أعدها خديو مصر لإمداد الجيوش التركية في الحرب الروسية. فلذلك عاد الأمير حسين كامل باشا وتقلد نظارة الجهادية في سنة 1294/سنة 1877 مع بقائه ناظرا للمالية.
وفي شهر أغسطس من السنة التالية كان تشكيل مجلس النظار على نظامه الحالي، ومن ذلك الوقت لم يدخل أحد من الأمراء في عداد أعضائه.
وفي شهر ذي القعدة سنة 1292/ديسمبر سنة 1875 أتم الله نعمته على الأمير فرزق ببكر أنجاله وهو دولة الأمير كمال الدين الذي ذهب فيما بعد إلى مدينة ويانة لتلقي المعارف بمدرسة التريزيانوم الشهيرة.
وفي 7 ربيع الأول سنة 1307 / 31 أكتوبر سنة 1889 وصل إلى الإسماعيلية لزيارة القطر المصري البرنس «دوغال ولي عهد الدولة البريطانية»، وهو الذي جلس فيما بعد على عرشها باسم «إدوارد السابع»، فعهد الخديو توفيق إلى أخيه الأمير حسين باشا بمرافقة الضيف الجليل يصفه مهمندار عال، فقام دولته بهذه المهمة الدقيقة خير قيام. وفي العام التالي حضر إلى مصر ولي عهد الروسيا «وهو الغراندوق نقولا الذي هو الآن القيصر نقولا الثاني إمبراطور الروسيا»، فلم ير الخديو توفيق باشا غير أخيه الأمير حسين ليكون خير رفيق لهذا الزائر الكريم.
هذا وأما اهتمام دولة الأمير حسين بالشؤون الزراعية فحدث عن البحر ولا حرج، كيف لا وقد كان سعيه المتواصل لخير المزارعين سببا في إطلاق أحب الألقاب إليه، وأعني به ما هو معروف به عند الخاص والعام من أنه «أبو الفلاح»، وبفضل اهتمامه قد استطاعت الجمعية الزراعية الخديوية أن تقوم بالخدم الجليلة التي أدتها للبلاد، ومن يوم تأسيسها في سنة 1898 إلى هذه الساعة لا يزال الأمير متوليا زمامها، وقائما بشؤونها بما هو معهود في شخصه المحبوب من الهمة والاقتدار.
ولدولة الأمير الفضل الأكبر بل الوحيد تقريبا في إنشاء المدرسة الصناعية بمدينة دمنهور، ذلك أن دولته بصفته من أكبر أصحاب الأطيان في مديرية البحيرة رأى من الضروري أن يعمل على إفادة هذه المديرية التي تنتج من الصناعة، فألف في هذه المديرية لجنة تحت رئاسته لجمع الاكتتابات العمومية من أهاليها دون سواهم من أبناء الأقاليم الأخرى، وجرى العمل على هذه القاعدة بدون إخلال سوى الشرف الذي ناله كاتب هذه السطور، فإنه حظي بدفع معونة جزئية لهذا العمل النافع. ولعمري ما قيمة هذه المعونة الطفيفة التي لا تذكر في جانب ما جاد به دولته على ذلك المعهد العامر الذي ينطق لسان الحال بأفصح بيان أنه نفحة من نفحاته، وأنه من ضمن آثار حسناته، ومأثور مبراته.
Неизвестная страница
ولقد تولى دولته من يناير سنة 1909 إلى مارس سنة 1910 رئاسة الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين، فكان لهاتين الهيئتين في عهده من الرونق والبهاء والجلالة والكرامة ما لم يكن لهما به عهد من ذي قبل.
وخاتمة المقال وتاج هذه الفعال أن الأمير الخطير قد وقف حياته على كل أنواع البر وجميع صنوف الخير، فقد تنازل - حفظه الله - وتقبل رئاسة الجمعية الخيرية الإسلامية منذ 28 محرم سنة 1324 / 23 مارس سنة 1906 إلى هذه الساعة، فلم يقتصر على إمدادها بنفوذه العالي وبسط جناح عنايته عليها بل صرف في ترقية شؤونها كثيرا من ماله ومن وقته الثمين، فكان لها من غرر أياديه ما جعلها في الحالة التي وصلت إليها مما تقر له العيون وتبتهج به النفوس.
وحينما تضعضعت أحوال جمعية الإسعاف توجهت إليه الأنظار، فتداركها بهمته الفائقة من الأخطار التي كانت محدقة بها ملبيا داعي الشفقة والحنان، فما لبثت الجمعية إلا قليلا حتى عاودتها الحياة، ورجعت إليها نضرة الشباب، فانتعشت بفضله بعد الخمول، واستأنفت خدمتها لجميع البؤساء الذين يتحدثون بكرة وأصيلا بآثار هذه المكارم ويرتلون الدعوات الصالحات ترتيلا ببقاء رب هذه المراحم.
تحريرا بالقاهرة في 20 محرم سنة 1333 / 8 ديسمبر سنة 1914.
هوامش
المكاتبات الرسمية بين صاحب العظمة السلطان والوكالة البريطانية
صاحب العظمة السلطان بملابسه العادية
في 18 ديسمبر عام 1914 جرى في مصر حادث تاريخي هام، هو سقوط الخديوية وتجديد عهد السلطنة ، ذلك العهد المجيد الذي كان لها على عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، وبذلك سقطت السيادة التركية عن مصر وأصبحت تحت حماية بريطانيا العظمى، تلك الدولة التي اشتهرت من أقدم الأزمان بنشر العلوم والمعارف في مستعمراتها والبلاد التابعة لها والعمل على ترقية أهلها ماديا وأدبيا، وتدريجهم وتمرينهم على حكم أنفسهم بأنفسهم، الأمر الذي جلب لها الفخر وسجل لها حسن الذكر، وجعل رعاياها والمستظلين بحمايتها يتعلقون بحبها ويقدمون نفوسهم وأموالهم فدية لها وفي سبيل نصرتها، وليس أسطع دليل على ذلك من قيام أهالي المستعمرات والبلاد التابعة لإنكلترا على نصرتها في هذه الحرب الطاحنة التي دخلتها إنكلترا دفاعا عن الحق وانتصارا للضعفاء، وخير دليل أستشهد به على صحة ما ذكرت قول صاحب العظمة مولانا السلطان الأعظم في أمره الكريم الصادر لعطوفة حسين رشدي باشا رئيس الوزارة المصرية، فقد جاء فيه ما يأتي:
ونحن على ثقة بأننا في سبيل تحقيق هذا المنهاج سنجد لدى حكومة صاحب الجلالة البريطانية خير انعطاف في تأييدنا، وإننا لموقنون أن تحديد مركز الحكومة البريطانية في مصر تحديدا واضحا بما يترتب عليه من إزالة كل سبب لسوء التفاهم يكون من شأنه تسهيل تعاون جميع العناصر السياسية بالقطر لتوجيه مساعيها معا إلى غاية واحدة.
كانت مصر في عهد السيادة التركية الصورية لا تعرف لها طريقا قويما يوصلها إلى ما تبتغيه من التدرج في سبيل الرقي؛ لأنه كان أمامها ثلاثة أبواب مفتوحة: باب المعية الخديوية وباب الوكالة البريطانية وباب الحكومة المصرية، فكانت تحوم حول هذه الأبواب وتطرقها حسب الظروف الداعية إليها، والحق يقال فإنها كانت تائهة ضالة بين جميع هذه الأبواب، فلما بسطت إنكلترا حمايتها على مصر قفلت تلك الأبواب وأصبح أمام الأمة باب واحد تطرقه فيفتح لها لتدخل إلى معهد العلم والرقي والتقدم فلا تضل سواء السبيل، ولا يبقى للوساوس والأوهام محلا، وطالما جرت الأوهام على الأمم الضلال في الأعمال والاضطراب في الشؤون الإدارية والسياسية، فمصر اليوم دخلت في عصر جديد كله خير وبركة وأصبح أهلها أحرارا خالصين من كل قيد ضار.
Неизвестная страница
وإذا تدبرنا أقوال مولانا صاحب العظمة السلطان الكامل حسين الأول الذي جلس على عرش سلطنة مصر ووقفنا على تاريخ حياته المملوء بجلائل الأعمال ووعينا جميع مآثره المأثورة وأفعاله المشكورة ومساعيه المبرورة، وثقنا بأن عظمته سيبذل جهده لتوفير أسباب سعادة أهالي مصر والسير بهم في مدارج الفلاح ومعارج النجاح.
لسلطاننا المولى الحسين فضائل
أتانا بما لم تستطعه الأوائل
فمن وجهه نور العدالة ساطع
ومن كفه خير الرعية سائل
وإنني أنشر هنا المكاتبات والبلاغات الرسمية التي نشرت في البلاد، ودارت بين عظمة سلطان مصر والوكالة البريطانية وهي:
إعلان الحماية
يعلن ناظر الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أنه بالنظر إلى حالة الحرب التي سببها عمل تركيا، قد وضعت بلاد مصر تحت حماية جلالته وأصبحت من الآن فصاعدا من البلاد المشمولة بالحماية البريطانية. وبذلك قد زالت سيادة تركيا على مصر وستتخذ حكومة جلالته كل التدابير اللازمة للدفاع عن مصر وحماية أهلها ومصالحها.
القاهرة في 18 ديسمبر سنة 1914
وفي اليوم التالي لصدور هذا البلاغ أصدرت نظارة حكومة بريطانيا الخارجية بلاغا آخر بشأن تنصيب سمو الأمير حسين كامل باشا سلطانا على مصر وهذا نصه:
Неизвестная страница
يعلن ناظر الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أنه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمي باشا خديو مصر السابق على الانضمام لأعداء الملك، قد رأت حكومة جلالته خلعه عن منصب الخديوية، وقد عرض هذا المنصب السامي مع لقب سلطان مصر على سمو الأمير حسين كامل باشا أكبر الأمراء الموجودين من سلالة محمد علي فقبله.
القاهرة في 19 ديسمبر سنة 1914
التبليغ الوارد إلى الحضرة السلطانية من قبل الحكومة البريطانية
يا صاحب السمو:
كلفني جناب ناظر الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أن أخبر سموكم بالظروف التي سببت نشوب الحرب بين جلالته وبين سلطان تركيا، وبما نتج عن هذه الحرب من التغيير في مركز مصر.
كان في الوزارة العثمانية حزبان أحدهما معتدل لم يبرح عن باله ما كانت بريطانيا العظمى تبذله من العطف والمساعدة لكل مجهود نحو الإصلاح في تركيا، ومقتنع بأن الحرب التي دخل فيها جلالته لا تمس مصالح تركيا في شيء، ومرتاح لما صرح به جلالته وحلفاؤه من أن هذه الحرب لن تكون وسيلة للإضرار بتلك المصالح لا في مصر ولا في سواها. وأما الحزب الآخر فشرذمة جنديين أفاقين لا ضمير لهم، أرادوا إثارة حرب عدوانية بالاتفاق مع أعداء جلالته معللين أنفسهم أنهم بذلك يتلافون ما جروه على بلادهم من المصائب المالية والاقتصادية. أما جلالته وحلفاؤه فمع انتهاك حرمة حقوقهم قد ظلوا إلى آخر لحظة وهم يأملون أن تتغلب النصائح الرشيدة على هذا الحزب، لذلك امتنعوا عن مقابلة العدوان بمثله حتى أرغموا على ذلك بسبب اجتياز عصابات مسلحة للحدود المصرية ومهاجمة الأسطول التركي بقيادة ضباط المانيين ثغورا روسية غير محصنة.
ولدى حكومة جلالة الملك أدلة وافرة على أن سمو عباس حلمي باشا خديو مصر السابق قد انضم انضماما قطعيا إلى أعداء جلالته منذ أول نشوب الحرب مع ألمانيا، وبذلك تكون الحقوق التي كانت لسلطان تركيا وللخديوي السابق على بلاد مصر قد سقطت عنهما وآلت إلى جلالته.
ولما كان قد سبق لحكومة جلالته أنها أعلنت بلسان قائد جيوش جلالته في بلاد مصر أنها أخذت على عاتقها وحدها مسئولية الدفاع عن القطر المصري في الحرب الحاضرة، فقد أصبح من الضروري الآن وضع شكل للحكومة التي ستحكم البلاد بعد تحريرها، كما ذكر من حقوق السيادة وجميع الحقوق الأخرى التي كانت تدعيها الحكومة العثمانية.
فحكومة جلالة الملك تعتبر وديعة تحت يدها لسكان القطر المصري جميع الحقوق التي آلت إليها بالصفة المذكورة، وكذلك جميع الحقوق التي استعملتها في البلاد مدة سني الإصلاح الثلاثين الماضية. ولذا رأت حكومة جلالته أن أفضل وسيلة لقيام بريطانيا العظمى بالمسؤولية التي عليها نحو مصر أن تعلن الحماية البريطانية إعلانا صريحا، وأن تكون حكومة البلاد تحت هذه الحماية بيد أمير من أمراء العائلة الخديوية طبقا لنظام وراثي يقرر فيما بعد.
بناء عليه قد كلفتني حكومة جلالة الملك أن أبلغ سموكم أنه بالنظر لسن سموكم وخبرتكم قد رؤي في سموكم أكبر الأمراء من سلالة محمد علي أهلية لتقليد منصب الخديوية مع لقب «سلطان مصر»، وإنني مكلف بأن أؤكد لسموكم صراحة عند عرضي على سموكم قبول عبء هذا المنصب أن بريطانيا العظمى أخذت على عاتقها وحدها كل المسؤولية في دفع أي تعد على الأراضي التي تحت حكم سموكم مهما كان مصدره، وقد فوضت إلى حكومة جلالته أن أصرح بأنه بعد إعلان الحماية البريطانية يكون لجميع الرعايا المصريين أينما كانوا الحق في أن يكونوا مشمولين بحماية حكومة جلالة الملك.
Неизвестная страница
وبزوال السيادة العثمانية تزول أيضا القيود التي كانت موضوعة بمقتضى الفرمانات العثمانية لعدد جيش سموكم، وللحق الذي لسموكم في الإنعام بالرتب والنياشين.
أما فيما يختص بالعلاقات الخارجية، فترى حكومة جلالته أن المسئولية الحديثة التي أخذتها بريطانيا العظمى على نفسها تستدعي أن تكون المخابرات منذ الآن بين حكومة سموكم وبين وكلاء الدول الأجنبية بواسطة وكيل جلالته في مصر.
وقد سبق لحكومة جلالته أنها صرحت مرارا بأن المعاهدات الدولية المعروفة بالامتيازات الأجنبية المقيدة بها حكومة سموكم لم تعد ملائمة لتقدم البلاد، ولكن من رأي حكومة جلالته أن يؤجل النظر في تعديل هذه المعاهدات إلى ما بعد انتهاء الحرب.
وفيما يختص بإدارة البلاد الداخلية علي أن أذكر سموكم أن حكومة جلالته طبقا لتقاليد السياسة البريطانية قد دأبت على الجد بالاتحاد مع حكومة البلاد وبواسطتها في ضمان الحرية الشخصية، وترقية التعليم ونشره، وإنماء مصادر ثروة البلاد الطبيعية، والتدرج في إشراك المحكومين في الحكم بمقدار ما تسمح به حالة الأمة من الرقي السياسي. وفي عزم حكومة جلالته المحافظة على هذه التقاليد، بل أنها موقنة بأن تحديد مركز بريطانيا العظمى في هذه البلاد تحديدا صريحا يؤدي إلى سرعة التقدم في سبيل الحكم الذاتي.
وستحترم عقائد المصريين الدينية احتراما تاما كما تحترم الآن عقائد نفس رعايا جلالته على اختلاف مذاهبهم. ولا أرى لزوما لأن أؤكد لسموكم أن تحرير حكومة جلالته لمصر من ربقة أولئك الذين اغتصبوا السلطة السياسية في الأستانة لم يكن ناتجا عن أي عداء للخلافة، فإن تاريخ مصر السابق يدل في الواقع على أن إخلاص المسلمين المصريين للخلافة لا علاقة له البتة بالروابط السياسية التي بين مصر والأستانة، وأن تأييد الهيئات النظامية الإسلامية في مصر والسير بها في سبيل التقدم هو بالطبع من الأمور التي تهتم بها حكومة جلالة الملك مزيد الاهتمام، وستلقى من جانب سموكم عناية خاصة، ولسموكم أن تعتمدوا في إجراء ما يلزم لذلك من الإصلاحات على كل انعطاف، وتأييد من جانب الحكومة البريطانية. وعلي أن أزيد على ما تقدم أن حكومة جلالة الملك تعول بكل اطمئنان على إخلاص المصريين ورويتهم واعتدالهم في تسهيل المهمة الموكولة إلى قائد جيوش جلالته المكلف بحفظ الأمن في داخل البلاد، ويمنع كل عون للعدو، وإني أنتهز هذه الفرصة فأقدم لسموكم أجل تعظيماتي.
تحريرا في 19 ديسمبر سنة 1914.
ملن شيتهام
الأمر الكريم السلطاني
الصادر لصاحب العطوفة حسين رشدي باشا بتاريخ 2 صفر سنة 1333 / 19 ديسمبر سنة 1914.
عزيزي رشدي باشا:
Неизвестная страница
إن الحوادث السياسية التي وقعت في هذه الأيام أدت إلى بسط بريطانيا العظمى حمايتها على مصر وإلى خلو الأريكة الخديوية.
وبهذه المناسبة أرسلت الحكومة البريطانية إلينا رسالة نبعث بصورتها إليكم لنشرها على الأمة المصرية موجهة فيها نداءها إلى ما انطوى عليه فؤادنا من عواطف الإخلاص نحو بلادنا لكي نرتقي عرش الخديوية المصرية بلقب (السلطان)، وستكون السلطنة وراثية في بيت محمد علي طبقا لنظام يقرر فيما بعد.
وقد كان لنا بعد أن وقفنا حياتنا كلها إلى اليوم على خدمة بلادنا أن يكون الإخلاد إلى الراحة من عناء الأعمال مطمح أنظارنا، إلا أننا بالنظر إلى المركز الدقيق الذي صارت إليه البلاد بسبب الحوادث الحالية قد رأينا مع ذلك أنه يتحتم علينا القيام بهذا العبء الجسيم، وأن نستمر على خطتنا الماضية فنجعل كل ما فينا من حول وقوة وقفا على خدمة الوطن العزيز.
هذا هو الواجب المفروض علينا لمصر ولجدنا المجيد محمد علي الكبير الذي نعمل على تخليد الملك في سلالته.
وبما فطرنا عليه من الاهتمام بمصالح القطر سنوجه عنايتنا على الدوام إلى تأييد السعادة الحسية والمعنوية لجميع أهاليه، مواصلين خطة الإصلاحات التي بدئ العمل فيها، لذلك ستكون همة حكومتنا منصرفة إلى تعميم التعليم وإتقانه بجميع درجاته، وإلى نشر العدل وتنظيم القضاء بما يلائم أحوال القطر في هذا العصر، وسيكون من أكبر ما نعني به توطيد أركان الراحة والأمن العام بين جميع السكان وترقية الشؤون الاقتصادية في البلاد.
أما الهيئات النيابية في القطر فسيكون من أقصى أمانينا أن نزيد اشتراك المحكومين في حكومة البلاد زيادة متوالية.
ونحن على ثقة بأننا في سبيل تحقيق هذا المنهاج سنجد لدى حكومة صاحب الجلالة البريطانية خير انعطاف في تأييدنا، وإننا لموقنون بأن تحديد مركز الحكومة البريطانية في مصر تحديدا واضحا بما يترتب عليه من إزالة كل سبب لسوء التفاهم يكون من شأنه تسهيل تعاون جميع العناصر السياسية بالقطر لتوجيه مساعيها معا إلى غاية واحدة.
وإننا لنعتمد على إخلاص جميع رعايانا لتعضيدنا في العمل الذي أمامنا.
ولوثوقنا بكمال خبرتكم وبما تحليتم به من الصفات العالية، واعتمادا على وطنيتكم، نطلب منكم مؤازرتنا في المهمة التي أخذناها على عاتقنا، وندعوكم بناء على ذلك إلى تولي رئاسة مجلس وزارتنا، وإلى تأليف وزارة تختارون أعضاءها لمعاونتكم، وتعرضون أسماءهم على تصديقنا العالي.
ونسأل الحق جلت قدرته أن يبارك لنا جميعا فيما نبتغيه من نفع الوطن وبنيه.
Неизвестная страница
حسين كامل
جواب صاحب العطوفة حسين رشدي باشا
مولاي!
أقدم لسدة عظمتكم السلطانية مزيد الشكر على ما أوليتموني من الشرف السامي إذ تفضلتم علي بأمركم الكريم الذي فوضتم به إلي تأليف هيئة الوزارة.
نعم، إنني كنت وكيلا عن ولي الأمر السابق، ولكنني مصري قبل كل شيء وبصفتي مصريا قد رأيت من المفروض علي أن أجتهد تحت رعايتكم السلطانية في أن أكون نافعا لبلادي، فتغلبت مصلحة الوطن السامية التي كانت رائدي في كل أعمالي على جميع ما عداها من الاعتبارات الشخصية.
لهذا فإني أقبل المهمة التي تفضلت عظمتكم السلطانية بتفويضها إلي، ولما كان زملائي بالأمس الموجودون الآن بمصر متشربين بنفس هذه العواطف وهم لذلك مستعدون للاستمرار على معاونتهم لي، فإنني أتشرف بأن أعرض على تصديق عظمتكم السلطانية رفق هذا مشروع المرسوم السلطاني بتشكيل هيئة الوزارة الجديدة.
وإني بكل احترام وإجلال لعظمتكم السلطانية.
تحريرا في 2 صفر سنة 1332 / 19 ديسمبر سنة 1914.
العبد الخاضع المطيع المخلص
حسين رشدي
Неизвестная страница
الوزارة الجديدة
وبعد هذا الانقلاب حدث تعديل في الوزارة المصرية فأصبحت كما يأتي حسب المرسوم السلطاني الصادر في 2 صفر سنة 1333ه/19 ديسمبر سنة 1914:
حسين رشدي باشا: وزيرا للداخلية مع رئاسة مجلس الوزراء.
إسماعيل سري باشا: وزيرا للأشغال العمومية والحربية والبحرية.
أحمد حلمي باشا: وزيرا للزراعة.
يوسف وهبه باشا: وزيرا للمالية.
عدلي باشا يكن: وزيرا للمعارف.
عبد الخالق ثروت باشا: وزيرا للحقانية.
إسماعيل صدقي باشا: وزيرا للأوقاف.
الموكب السلطاني
Неизвестная страница
موكب مولانا السلطان
ارتدت العاصمة في صباح الأحد 20 ديسمبر حلل الزينة والرواء احتفالا بتبوء صاحب العظمة السلطان حسين كامل سرير السلطنة المصرية، واستعدادا لمشاهدة الموكب العظيم الذي سار به عظمته من سراي صاحب الدولة البرنس كمال الدين باشا نجله إلى قصر عابدين العامر، فزينت المنازل والمخازن والبنوك والمنتديات بالرايات المصرية والإنكليزية وغيرهما من رايات الدول المحالفة لإنكلترا، وخرجت العاصمة كلها لمشاهدة ذلك الموكب النادر المثال، فغصت الشوارع وشرفات المنازل ونوافذها والميادين العمومية على سعتها بالمتفرجين، واصطف تلامذة المدارس الحربية المصرية أمام منزل صاحب الدولة البرنس كمال الدين باشا ومعهم موسيقى السواري ونحو مئة صف ضابط وجندي من الأورطة البيادة المصرية الأولى أمام مدخل سراي عابدين، واصطفت الجنود الإنكليزية والاسترالية والنيوزيلندية مشاة وفرسانا بأعلامها وموسيقاتها على جوانب الشوارع التي مر فيها الموكب من ميدان قصر النيل إلى سراي عابدين العامرة صفوفا متلاصقة. (1) سرادق عابدين
وكان قد نصب سرادق كبير رحيب غربي ديوان التشريفات في قصر عابدين العامرة، وصفت فيه الألوف من الكراسي وجعل بعضها أعلى من بعض متدرجة على شكل الامفيتياتر، فاجتمع فيه المدعوون من الأمراء والعلماء وخدمة الدين ونواب الأمة والمديرين والمحافظين وعمد البلاد وأعيانها وللضباط والقضاة والوطنيين والأجانب وأعضاء نقابة المحامين وأعضاء النيابة ورؤساء المصالح والتجار والزراع والصحافيين ليشاهدوا منه جلال الموكب السلطاني وهو سائر في ميدان عابدين إلى القصر السلطاني. ولما ازدحم هذا السرادق بالجالسين فيه وكثرت وفود القادمين من المدعوين صفت الكراسي لمئات منهم خارجه في الرحبة المقابلة له. (2) خروج الموكب السلطاني وسيره
وفي الساعة التاسعة والنصف برح عظمة السلطان سراي دولة البرنس كمال الدين في موكب فخيم، فأطلقت المدافع من القلعة إيذانا بذلك وإجلالا وتعظيما، وجلس عظمته في مركبة سلطانية يجرها أربعة جياد مطهمة ويحف بها الغلمان بالملابس المذهبة، وجلس إلى يساره فيها صاحب العطوفة حسين باشا رشدي رئيس الوزراء، وسارت المركبة تتقدمها أورطة من فرسان الجنود الإنكليزية مسلحة بالبنادق وأورطة من الفرسان المصرية يحملون الرماح، فالحرس السلطاني وتليها مركبتان سلطانيتان تقلان بقية الوزراء فأورطة من الفرسان الإنكليز شاهرة السيوف، فأدى طلبة المدرسة الحربية السلام العسكري، وصدحت موسيقاهم بالنشيد السلطاني، وظل الموكب سائرا على هذا النظام بين صفين من الجنود الإنكليزية من ميدان قصر النيل إلى فندق سافوي فشارع قصر النيل فميدان سوارس فشارع عماد الدين فشارع المغربي فميدان الأوبرا فشارع عابدين فميدان عابدين، وكان كلما مر بأورطة من الجنود حيت التحية العسكرية فيحييها عظمته ويحيي الأهالي الواقفين صفوفا على الجانبين فيصفقون له ابتهاجا وسرورا. (3) الوصول إلى عابدين
ولما أقبل عظمته على ميدان عابدين وقف جماهير المدعوين في السرادق على الأقدام، وصفقوا تصفيقا شديدا، وهتفوا له بالدعاء، وحيت الجنود البريطانية والمصرية التحية العسكرية، وصدحت موسيقاتها بالنشيد السلطاني، وأطلقت المدافع من القلعة إيذانا بوصول عظمته، ثم بادر سعادة كبير الأمناء ومن معه من موظفي السراي إلى استقبال عظمته وصعدوا بها إليها.
وعند ذلك تقدمت الجنود المصرية الواقفة تجاه السراي إلى الأمام، وصدحت الموسيقى بالنشيد السلطاني، وهتف الضباط ثلاثا: فليحي السلطان حسين. فرددت الجنود هذا الدعاء ثلاثا أيضا. (4) وصول وكيل نائب جلالة الملك
ثم أقبل جناب المستر شيتهام وكيل نائب جلالة الملك ومعه موظفو الوكالة الإنكليزية جميعا في مركبتين فخيمتين تتقدمهما كوكبة من فرسان الجنود الإنكليزية، وتلاهم جناب الجنرال مكسويل قائد الجيوش في مصر، وإلى جانبه جناب قائد البارجة الإنكليزية الراسية الآن في الإسكندرية في مركبة أخرى يتقدمها كوكبة من فرسان الجنود الإنكليزية أيضا. فصفق لهم الحاضرون وصعدوا جميعا إلى القاعة الكبرى حيث قدموا إلى عظمة السلطان واجب التهنئة والتبريك ثم انصرفوا فشيعوا بمثل ما قوبلوا به من التجلة والإكرام. (5) المقابلات السلطانية
وبعد ذلك بدأت المقابلات السلطانية فكان حضرات الأمناء وغيرهم من رجال التشريفات يدعون المدعوين من السرادق فرقا فرقا لمقابلة عظمته.
فتشرف بمقابلة عظمته على التوالي: أصحاب السمو أعضاء العائلة السلطانية، وعطوفة رئيس الوزراء، وحضرات الوزراء والمستشارين، فوكلاء الوزارات، فأعضاء صندوق الدين العمومي، فمستشارو أقلام قضايا الحكومة، فالعلماء، فالبطاركة والمطارنة وغيرهم من الرؤساء الروحيين، فرئيس ووكلاء الجمعية التشريعية وأعضاؤها، فرئيس ومستشارو محكمتي الاستئناف المختلطة والأهلية، فرؤساء وقضاة وأعضاء المحاكم الابتدائية والنيابات الأهلية والمختلطة بالقاهرة، فرؤساء المصالح الأميرية، فضباط الجيوش البحرية والبرية، فرؤساء مجلس النظار السابقون والنظار، والسردارون، ورؤساء التشريفات ورؤساء ديوان المعية، والسرياوران، ونظار الخاصة، ومديرو الأوقاف، ووكلاء النظارات ونظار الدائرة السنية، ومديرو مصلحة الأراضي الأميرية والسكك الحديدية والتلغرافات الأميرية، ورؤساء المصالح الأميرية السابقون والذوات العسكريون، والملكيون غير الموظفين الحائزون لرتبة الباشوية والضباط البحريون والبريون والمستودعون والمتقاعدون وأصحاب الرتب والمديرون والمجالس البلدية والمحلية وأعيان الأقاليم، وعمد وأعيان العربان وأعضاء المجالس البلدية، وموظفو الدواوين والمصالح، ونقابة المحامين المختلطة والأهلية، ومديرو البنوك وشركة قنال السويس، ومديرو الشركات والتجار والأعيان الأوروبيون والوطنيون، والصحافيون الوطنيون والأوروبيون وأعضاء الجمعية الزراعية وموظفو الديوان السلطاني. (5-1) مدة المقابلات ونصائح عظمته
وقد دامت هذه المقابلات إلى نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، وكان صاحب العظمة السلطان يقابل المهنئين بهشاشته وبشاشته المعتادة، ويخطب في كل فريق منهم متكلما عن الشؤون العمومية التي تهمه وتهم القطر المصري، فكان لأقواله أعظم تأثير في النفوس؛ فقد خاطب بعضهم عن الأزمة المالية وما صارت إليه الأحوال من العسر، وبعضهم عن الأمن العام ووجوب التضامن على حفظه، وبعضهم عن الإصلاح بين العائلات ونبذ الضغائن والعداوات بين أبناء البلد الواحد، وبعضهم عن أحوال الزراعة والحاصلات وغير ذلك من الشؤون العمومية. وكان في جميع أقواله يبدي للسامعين النصائح الغالية والإرشادات الحكيمة فيقابلون أقواله بهتاف الدعاء لعظمته.
Неизвестная страница
خطبة رئيس الجمعية التشريعية
ولما تشرفت هيئة الجمعية التشريعية بمقابلة عظمته ألقى سعادة مظلوم باشا رئيس هذه الجمعية بين يديه الخطبة الآتية:
مولاي الأعظم!
بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن زملائي أعضاء الجمعية التشريعية أتقدم لمقام عظمتكم السامي بالتهانئ الخالصة لمصر العزيزة على تشرفها باستواء ذاتكم الفخيمة على عرشها الرفيع، فقد عرفتكم بشدة الغيرة على مصالحها والعمل دائما على ما فيه خيرها وسعادتها، وهي واثقة بأنها ستدخل تحت ظلال ملككم في عصر جديد مملوء بالخيرات، ونسأل الله أن يمد في حياتكم حتى نتمكن من تحقيق مقاصدكم السامية في رقيها وتقدمها المادي والأدبي.
فأمنت الهيئة على هذا الدعاء.
النطق السلطاني
وأجاب عظمة السلطان على ذلك بما معناه:
إنني أشكركم وأشكر أعضاء الجمعية التشريعية على تهنئتكم، فأنتم جميعكم سواء كنتم من الأعضاء المنتخبين أو الأعضاء المعينين إنما اختاروكم لهذه المناصب لتخدموا الأمة ومصلحة القطر، وستنالون بإذن الله ما تبغونه من الخير لوطنكم بالصبر والرزانة والتعقل.
إنني ما كنت أمني نفسي من قبل بتبوء سرير سلطنة مصر، ولكن الله أراد ذلك، وأؤكد لكم أن كل مرادي هو أن أقف بقية حياتي على خدمة الأمة وسعادتها، ولكني أوصيكم بانتهاج منهج الحكمة والاعتدال في أقوالكم وأعمالكم إذ بذلك نتغلب على المصاعب التي تعترض في سبيلنا ونظفر بالسعادة المطلوبة، ألا فاذكروا قول سيدنا يعقوب لبنيه في القرآن الشريف ولا تيأسوا من رحمة الله.
والسلام عليكم ورحمة الله. (6) النصح الغالي
Неизвестная страница
وقد خاطب عظمته أعيان الأرياف طالبا منهم أن يجروا على خطط الاقتصاد، وأن يشتغلوا بالزراعة، وأن يكون الأعيان منهم في ذلك خير قدوة لبقية الأهالي، وأن يستعملوا نفوذهم لإزالة الخصومات من بين العائلات لأن هذه الخصومات هي من أكبر مصادر الجرائم في مصر. (7) الخطاب السلطاني لمديريتي الفيوم وقنا
بالنظر إلى ضيق الوقت اضطر رجال التشريفات أن يجعلوا موعد دخول أعيان الفيوم وقنا وعمدهما على الحضرة السلطانية في المقابلات دفعة واحدة. فبعد ما وقفوا في شكل نصف دائرة شرف عظمة السلطان القاعة واقترب منهم وحياهم بما فطر من اللطف والدعة، ثم خاطبهم موجها الخطاب إليهم وإلى سائر عمد مديريتيهما وسراتهما، فقال عظمته:
يا حضرات العمد والأعيان:
أشكر لكم أولا حضوركم اليوم، وأنتهز هذه الفرصة لأن أزودكم ببعض النصائح فافهموها وعوها جيدا.
أنتم عمد وأعيان، هذه الصفة خولت لكم حق الحضور، ولولاها لما حضرتم إلى هذا المكان الآن. فعليكم بكونكم عمدا وأعيانا واجبات، فكلما ارتفع المرء زادت التبعة الملقاة عليه.
أنت أيها العمدة يجب أن لا تعين فلانا خفيرا أو شيخ خفر لأنه قريبك أو من محاسيبك، الوظيفة ليست ملكك بل هي ملك الأمة العام اؤتمنت عليها ائتمانا، فيجب أن تعين من تعينه لمصلحة الأمة ولفائدتها، أما في مصلحتك الخصوصية فعين من تريد. يجب أن يفهم جميع الموظفين ويجب أن نفهم جميعنا أيضا أننا في أعمالنا العمومية نشتغل أمناء فقط ووكلاء، وشرط الوكيل أن يكون أمينا.
اهتموا جميعكم بترقية البلاد وإسعادها، اتركوا الضغائن والأحقاد وكونوا رجالا بالمعنى الصحيح.
البلاد حالتها سيئة هذا العام، النيل كان واطئا في بادئ الأمر، والقطن نقص محصوله وثمنه، وتلك حال عامة في العالم أجمع، على أننا والحمد لله في حال يحسدنا عليها سوانا، فلا تهتموا كثيرا بالفخفخة الفارغة والمظاهرة الكاذبة كاقتناء مركبات وبناء سرايات وصنع أثاث لا موجب له، بل اتبعوا المثل السائر في ذلك: على قدر «حصيرك مد رجليك».
ثم التفت إلى العربان وخاطبهم قائلا:
أنتم بالطبع أعراب ورؤساء عشائر من الفيوم، أريد أن أوجه إليكم كلمتي: إنكم تسكنون في مصر منذ أكثر من مئة سنة من أيام جنتمكان محمد علي، أريد منكم أن تعلموا أنكم لستم الآن في الصحراء بل قد تحضرتم وصارت لكم في البلاد مقتنيان تعيشون من خيراتها، فيجب أن يكون لكم ما لها وعليكم ما عليها.
Неизвестная страница
لقد مضى زمان كانوا يقولون فيه «بدوي وفلاح»، فاجعلوا نصب عيونكم الخضوع لنظامات البلاد وقوانينها خضوعا تاما، ولا تقولوا إننا عرب أتينا من الغرب، بل أريد منكم أن تعدوا أنفسكم من الأهالي لأنكم متمتعون بكل حقوق البلاد، فكل واحد منكم لا يريد أن يعد نفسه مصريا، ولا أن يخضع لنظامات البلاد وقوانينها، فما عليه إلا أن يرتحل عنها ويتركها. هذا ما تريده حكومتي وهذا كلام بالعربي، أفهمتم؟
ثم التفت إلى الحاضرين وظل ينصح فقال:
إننا نرغب في تقدم البلاد فبماذا تتقدم؟ تتقدم البلاد بالتضامن والاتحاد، وذلك لا يكون إلا بترك الأحقاد الجنسية. كلنا مصري بقطع النظر عن العقائد والأديان، فأنا في عقيدتي مسؤول عن نفسي وأمام الله وحده، أما أمام الوطن فكلنا مسؤولون ومتضامنون في المسئولية على السواء، فاعلموا أن الاختلاف في المصالح باختلاف المعتقدات فكرة قديمة لا مكان لها الآن.
اعلموا أنني جربت الحلو والمر ونتيجة اختباري أن السعادة هي من عند الله يأتيها من يشاء وليس للعبد فيها يد، فاعملوا جميعكم يدا واحدة وألقوا اتكالكم على الله. ها أنا اليوم لم أصنع شيئا لنفسي ولكن إرادة الله هي التي سببت الحال التي أنا فيها الآن.
يجب أن أضع كتفي إلى كتف الفلاح لابس الجلابية البيضاء واللباس لأن هذا ما تقتضيه حالة البلاد.
يا حضرات الأعيان: الحكومة ستجعل كل اهتمامها منصرفا إلى إسعاد البلاد، ولكن عليكم أن تصبروا ولا تستعجلوا. إن الحال التي دخلت فيها مصر الآن تجعلنا بمساعدة حلفائنا نعمل كل أمر نافع للبلاد، وسترون إن شاء الله خيرا عظيما. وأنتم يا أهل الفيوم سنهتم لكم بإنشاء المصارف (أليس إنه يلزم لها مصارف يا معبد بك؟ فأجاب: بلى، يا مولانا). سنهتم بالخير للجميع، وإني أعدكم أنني سأزور المديريات لا زيارة ساعات بل زيارات طويلة، وأبحث بنفسي عما فيه نفع الأهلين، فعليكم أن تشدوا أزرنا وتساعدونا بانقيادكم إلى المديرين الذين هم مكلفون خدمتكم وعليهم واجبات لحكومتي، والله نسأل أن يقدرنا جميعا على ما فيه الخدمة ومصلحة الجميع.
فصاح كل من حضر ثلاثا: «ليعيش مولانا السلطان». (8) النطق السلطاني عن الصحف والصحافيين
ولما تشرف أرباب الصحف العربية بمقابلته خاطبهم قائلا:
إني سعيد اليوم لا بالنظر إلى نفسي بل لاجتماعي بأعيان أمتي وبوجوه بلادي وبأرباب الصحف من جملتهم. إن الصحافة التي لها قوة عظيمة وحول وطول في الأمة أتذكر ابتداءها في بلادنا منذ نحو أربعين سنة حين أصدر أبو السعود جريدته، وكنت أقرأها ولم يكن للصحافة عندنا شأن حينئذ، وأما الآن فقد بلغت في بلادنا شأوا رفيعا وأضحت قوة أدبية يعتد بتأثيرها في مجموع الأمة لأنها هي منزلة المربي والمثقف والمهذب للجمهور.
الأحداث المصريون يتعلمون الآن ويتهذبون في المدارس، وأما السواد الأعظم من الأمة فالصحف هي التي تعلمه وتنير ذهنه بما تحويه من النصائح والحكم والأخبار النافعة والأقوال المفيدة. وأنا أرى الناس في المحطات والشوارع وكل مكان يتهافتون على ابتياع الجرائد لقراءتها والاستفادة بما فيها.
Неизвестная страница
ولهذا نؤمل من الصحف وأرباب الصحافة نفعا عظيما للأمة. إني أقدر الانتقاد حق قدره وأعترف بفوائده، ولكن حق الانتقاد أن يكون في محله وليس انتقادا مطردا، أو كما يقول الفرنسويون “Systėmalique”
لمجرد الطرق على سندان واحد. أما الفائدة العظمى التي تجني من الصحافة فهي النصائح المفيدة الخالصة للأمة وعلى الخصوص النصح بالاعتدال، فأرجو أن تكون صحفنا معتدلة، وأن تجعل الاعتدال رائدها، وأن تنصح قراءها أيضا بالاعتدال، فالخط المعتدل كما تعلمون أقصر الخطوط وأقربها إلى الغرض.
ويحسن بالجرائد أيضا أن تجعل لمطالبها ومقاصدها خططا معينة واضحة ولسياستها مبادئ معلومة ثابتة بحيث يعلم قراؤها منها سياستها وغايتها.
ثم التفت إلى الجالسين من الصحافيين عن يمينه وعن يساره وقال:
أرجو منكم رجاء صادرا من صميم فؤادي أن تعاونونا في خدمة وطننا، وأن توجهوا قوة صحفكم إلى ما فيه الخير للأمة، ولكم والله أسأل أن يوفق مساعينا، ثم وقف ووقفوا وحياهم وخرجوا من الحضرة داعين لعظمته بالعز والتأييد والعمر المديد. (9) زيارة عظمة السلطان للوكالة البريطانية
توجه صاحب العظمة السلطان حسين الساعة السادسة مساء الاثنين 21 ديسمبر يحف به الحرس السلطاني إلى الوكالة البريطانية، وكانت ثلة من الجنود الإنكليزية مصفوفة هناك، فلما وصل عظمته صدحت الموسيقى الإنكليزية بالنشيد المصري وأدت الجنود التحية، واستقبله جناب المستر ستورس عند أسفل السلالم في مدخل الوكالة، وصعد مع عظمته إلى أعلاها حيث كان باستقباله جناب المستر شيتام وكبار موظفي الوكالة، فاستقبلوا عظمته بمزيد الإجلال وساروا به إلى ردهة الاستقبال حيث قضى عظمته معهم نصف ساعة من الزمان ثم ودعهم فشيعه جناب المستر شيتام والمستر ستورس وسائر الموظفين إلى أسفل السلالم بما قابلوه به من الجفاوة والتعظيم، وكان بمعية عظمته في هذه الزيارة عطوفة رشدي باشا رئيس وزرائه وسعادة سعيد باشا ذو الفقار كبير الأمناء وسعادة إسماعيل باشا مختار سرياور عظمته. (10) الزينات في العاصمة
العلم المصري الجديد
وما توارت الغزالة وراء الحجاب وأسدل الليل جلباب الظلام حتى ردت أنوارها الأنوار الساطعة التي تلألأت في جميع أنحاء المدينة، فكان نورها يخطف الأبصار ويدهش الأنظار. وقد اشترك الآهلون على اختلاف طبقاتهم في إقامة الزينات الباهرات إكراما لذلك اليوم المجيد والعهد السعيد الذي دخلوا فيه، فكانت العاصمة كلها كأنها في مهرجان فخيم وفرح عظيم، ولم تقتصر الزينات على العاصمة بل اشتركت مدينة الإسكندرية وعواصم المديريات فبرهنت بما أقامته من الزينات الباهرة على ما خامر أفئدة الجميع من السرور والانشراح.
يا من رأى العلم المصري قد سطعت
في أفق مصر له بالنصر أنوار
Неизвестная страница
ماذا تقول سوى شطر تضمنه (كأنه علم في رأسه نار)
الدعاء لسلطان المصريون في المساجد المصرية
أرسلت وزارة الأوقاف المصرية إلى مأموريها في مصر وسائر جهات القطر المنشور التالي، وهذه صورته بالحرف الواحد:
تعلمون أن عظمة مولانا السلطان حسين كامل - أيده الله - قد ارتقى أريكة سلطنة مصر.
ولهذا أشار صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر «بموافقة حكومة عظمته السلطانية» بإصدار الأمر إلى خطباء المساجد في أرجاء القطر المصري بأن يدعو باسم عظمته في خطبة الجمعة ونحوها من الآن. وهذا نص الدعاء المبارك: «اللهم إنا نسألك أن تؤيد الإسلام والمسلمين، وأن تعلي بفضلك كلمة الحق والدين، وأن تشمل بعنايتك وتوفيقك خليفة المسلمين. كما نسألك أن تؤيد عبدك وابن عبدك الخاضع لعز جلالك ومجدك، من أعنته بنصرك وعنايتك وحفظته بعين رعايتك سلطان مصر المعظم حسين كامل نصره الله».
تغيير الألقاب والرتب
تقرر وقتيا تلقيب أعضاء العائلة السلطانية والوزراء وأصحاب الرتب بالألقاب التالية وهي: «حضرة صاحب الدولة» لكل عضو من أعضاء العائلة السلطانية. «حضرة صاحب العطوفة» لرئيس الوزراء. «حضرة صاحب السعادة» للوزراء.
ولكل ذي رتبة أعلى من الميرميران. «صاحب السعادة» لكل حائز رتبة الميرميران. «حضرة صاحب العزة» لكل حائز رتبة المتمايز. «صاحب العزة» لكل حائز الرتبة الثانية. «حضرة» لكل حائز الرتبة الثالثة فما دونها. «جناب المحترم» لكل أجنبي.
كلام الملوك ملوك الكلام
أثبت في هذا الباب غرر الحكم، وجواهر الكلم، التي نثرها صاحب العظمة والجلال مولانا السلطان الأعظم على أفراد رعاياه المخلصين الذين نالوا حظوى المثول بين يديه الكريمتين من يوم جلس عظمته على أريكة السلطنة حتى طبع هذا السفر الجليل. ومن أنعم النظر في هذه الحكم المأثورة والدرر المنثورة لا يسعه إلا أن يجهر بالدعاء لباسط الأرض ورافع السماء على ما أولى أهالي القطر السعيد من الآلاء والإحسان، بإلقاء مقاليد أمورهم إلى سلطان عادل ومليك كامل جعل قبلة آماله وجميع أعماله موجهة إلى خير الرعية وتوفير أسباب سعادتها. والحق يقال فإنه سبحانه وتعالى أراد خيرا بالأمة المصرية وجميع النازلين في وادي النيل الخصيب، وقد جاء في القرآن الكريم:
Неизвестная страница