هجرة العقول الإسلامية إلى بلاد الغرب
الظاهرة الخامسة: هجرة العقول الإسلامية من بلاد المسلمين إلى بلاد الغرب، وتسمى ظاهرة استنزاف العقول، فأي واحد فيه أمل أن يكون عالمًا من العلماء، أو عنده رغبة وحماسة في التعلم يلتقط إلى بلاد الغرب ويبدع ويبتكر هناك، فيضيف قوته إلى قوتهم وعلمه إلى علمهم، وتتردى الحالة في بلاد المسلمين أكثر وأكثر، وهذا ليس مجرد واحد أو اثنين أو عشرة بل هذه ظاهرة.
انظروا إلى البلاد الغربية ماذا تعمل لاستقطاب العلماء؟ عندما نضرب أمثلة من بلاد الغرب أو أمريكا لا نقصد أبدًا الإحباط للمسلمين، لا، نحن نرفع واقعًا كما قلنا، الواقع قد يكون مرًا، لكن لابد من معرفته لتغييره، لابد أن أعرف أسباب القوة عندهم وأسباب الضعف عندنا؛ لنعدل بعد ذلك من المسار، فنصبح نحن أقوياء ونسود العالم كما أراد لنا ربنا ﷾.
فأمريكا في التسعينات أعطت (١٢) مليون تأشيرة هجرة إليها، وفي عام (١٩٩٥م) قاموا بتعديل في قانون الهجرة؛ لكي يستقطبوا العقول المفكرة والمبدعة في العالم، فخصصوا (٢٠٠) ألف تأشيرة سنويًا للعقول المبدعة، انظروا إليها تحاول أن تبني نفسها أكثر وأكثر، مع أن أمريكا رقم واحد في العالم في العلوم الآن؛ ومع ذلك أي عقل يظهر فيه نوع من الذكاء أو الإبداع تعمل له إغراءات حتى يأتي إليها، لا يأتي بعقد عمل ويعيش كالأجير عندهم، ولكن يعطى الجنسية ويعطى كل الصلاحيات، أحيانًا المسلم يعيش في بلاد مسلمة سنوات وسنوات ولا يستطيع أن يحصل على هذه الجنسية، بينما إذا ذهب إلى أمريكا بتأشيرة الهجرة ثلاث سنوات ويحصل على الجنسية الأمريكية، ويصبح كأي مواطن أمريكي.
نحن نريد أن نستفيد من كل الخبرات ما دامت لا تتعارض مع الشرع، ونحن المسلمون جنسيتنا مسلمة، قابلت واحدًا في الكويت ليس معه أي جنسية أبدًا، فهو يعيش من غير جنسية سموه بدون، يعني: بدون جنسية، يعيش في منطقة ما بين الكويت والسعودية والعراق؛ فقد قاموا بإحصائيات للسكان فسقط هذا وأمثاله من الإحصاء فلا هم عراقيون ولا هم كويتيون ولا هم سعوديون فأصبحوا بدون جنسية، عاش (٢٠) سنة في الكويت يحاول أن يأخذ الجنسية فلا يستطيع، ثم ذهب إلى كندا وظل سنة واحدة وأخذ الجنسية الكندية، وهو يعمل في الكمبيوتر، فكل إبداعاته في مجال الكمبيوتر لصالح كندا، هذه كارثة.
وأمريكا كما ذكرت تعطي (٢٠٠) ألف تأشيرة سنويًا للعقول المبدعة، ولو حصل في سنة من السنوات أنها أعطت (١٥٠) ألفًا فقط فالسنة التي بعدها تأخذ (٢٥٠) ألفًا حتى تعوض النقص في العقول المبدعة، و(٢٠٠) ألف تأشيرة هذه يأتي منهم تقريبًا (١٠٠) ألف من الهند؛ لأن الهند تفوقت جدًا في مجال الكمبيوتر، بل سبقت حتى بعض الشركات الأمريكية، فأمريكا تأخذ (١٠٠) ألف مبرمج كمبيوتر من الهند سنويًا، فانظر مدى الإضافة إلى علوم الكمبيوتر في أمريكا ومدى الحرمان الذي ستعاني منه الهند بفقد هؤلاء، فأمريكا تفكر أن تستقطب العقول المفكرة لا أن تطردها بعيدًا، تأتي بهم حتى وإن كانوا من دين مخالف ومن عقيدة مخالفة، وحتى وإن كان بينهم وبينهم عوائق كثيرة جدًا، سواء كانت جغرافية أو مالية أو اجتماعية أو دينية أو عقائدية وغير ذلك من العوائق، كل ذلك يلتغي مع الإتيان بالعقل المتعلم الذي يرفع بلادنا عاليًا أكثر وأكثر.
(٥٠%) من الأطباء العرب يهاجرون إلى أمريكا وأوروبا، هذه الإحصائية مزعجة جدًا بالنسبة لنا، وقد لا نصدقها، وليس في مصر فقط، بل في تونس والجزائر وسوريا والمغرب ولبنان وغيرها من البلاد العربية معظم الأطباء فيها يهاجرون إلى الغرب، وأصبحت هناك موضة في مصر من حوالي عشر سنين تقريبًا، بدأت هذه الموضة وهي أن كل الطلاب عندنا في كلية الطب يجتهدون قدر الاستطاعة عمل المعادلة الأمريكية أو المعادلة الفرنسية أو معادلة جنوب إفريقيا، حتى جنوب إفريقيا، كذلك نيوزيلندا وأستراليا، ويحاول الطالب أنه يجد فرصة للخروج بلا عودة، الذي سينجح بقانون الانتخاب الطبيعي، أفضلهم سيهاجر، ويقعد هنا الذي لا يأتي بمجموع يؤهله للهجرة، (٥٤%) من الطلاب العرب الذين يدرسون في أمريكا وأوروبا لا يرجعون مرة أخرى، يذهب ليدرس دراسات عليا فلا يرجع مرة أخرى.
(٣٤%) من أطباء بريطانيا من أصول عربية، ثلث الطب في بريطانيا قائم على العرب.
(٢٣%) من أصول عربية أيضًا في بريطانيا من المهندسين.
علماء الفيزياء والكيمياء في بريطانيا (١٥%) منهم من أصول عربية، كل هؤلاء عرب فقط، فكيف لو فتحنا المجال وتكلمنا على الدول الإسلامية؟! هذه أرقام مفزعة، باكستان يهاجر منها أعداد هائلة، الهند يهاجر منها أعداد هائلة، الهند وإن كانت دولة تدين بالهندوسية والمسلمون فيها أقلية، لكن هذه الأقلية المسلمة (١٠٠) مليون، وكثير منهم يهاجرون إلى إنجلترا وإلى فرنسا وإلى كندا وإلى أمريكا وإلى غيرها من بلاد أوروبا، دولة إسلامية كبرى هجرت إلى الآن (٢١) ألف طبيب نيجيري إلى أمريكا فقط.
انظروا إلى استنزاف العقول، عقول كثيرة تهاجر إلى غير بلادنا.
إفريقيا وأغلبها بلاد إسلامية تصدر سنويًا (٢٠) ألف مهاجر سنويًا
2 / 7