Кувейтская энциклопедия юриспруденции
الموسوعة الفقهية الكويتية
Номер издания
من ١٤٠٤
Год публикации
١٤٢٧ هـ
Жанры
الشَّيْءِ الدَّقِيقِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآْيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾ (١) وَأَمَّا الآْيَتَانِ السَّابِقَتَانِ فَلَيْسَ الْمَنْفِيُّ فِيهِمَا مُطْلَقَ الْفَهْمِ، وَإِنَّمَا الْمَنْفِيُّ فِي قَوْل قَوْمِ شُعَيْبٍ ﵇ إِدْرَاكُ أَسْرَارِ دَعْوَتِهِ، وَإِلاَّ فَهُمْ فَاهِمُونَ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ، وَالْمَنْفِيُّ فِي آيَةِ الإِْسْرَاءِ إِدْرَاكُ أَسْرَارِ تَسْبِيحِ كُل شَيْءٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِلاَّ فَإِنَّ أَبْسَطَ الْعُقُول تُدْرِكُ أَنَّ كُل شَيْءٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا؛ لأَِنَّهَا مُسَخَّرَةٌ لَهُ. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالَّذِي يَعْنِينَا إِنَّمَا هُوَ مَعْنَى الْفِقْهِ فِي اصْطِلاَحِ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّصِل بِبَحْثِنَا.
تَعْرِيفُ الْفِقْهِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
٢ - الْفِقْهُ فِي اصْطِلاَحِ الأُْصُولِيِّينَ أَخَذَ أَطْوَارًا ثَلاَثَةً:
الطَّوْرُ الأَْوَّل: أَنَّ الْفِقْهَ مُرَادِفٌ لِلَفْظِ الشَّرْعِ، فَهُوَ مَعْرِفَةُ كُل مَا جَاءَ عَنْ اللَّهِ ﷾، سَوَاءٌ مَا يَتَّصِل بِالْعَقِيدَةِ أَوِ الأَْخْلاَقِ أَوْ أَفْعَال الْجَوَارِحِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَرَّفَهُ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ ﵁: " هُوَ مَعْرِفَةُ النَّفْسِ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا ". وَلِهَذَا سَمَّى كِتَابَهُ فِي الْعَقَائِدِ: " الْفِقْهَ الأَْكْبَرَ ". الطَّوْرُ الثَّانِي: وَقَدْ دَخَلَهُ بَعْضُ التَّخْصِيصِ، فَاسْتُبْعِدَ عِلْمُ الْعَقَائِدِ، وَجُعِل عِلْمًا مُسْتَقِلًّا سُمِّيَ بِعِلْمِ التَّوْحِيدِ أَوْ عِلْمِ الْكَلاَمِ أَوْ عِلْمِ الْعَقَائِدِ. وَعُرِفَ الْفِقْهُ فِي هَذَا الطَّوْرِ بِأَنَّهُ الْعِلْمُ بِالأَْحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ الأَْدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ.
وَالْمُرَادُ بِالْفَرْعِيَّةِ مَا سِوَى الأَْصْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَقَائِدُ؛ لأَِنَّهَا هِيَ أَصْل الشَّرِيعَةِ، وَالَّتِي يَنْبَنِي عَلَيْهَا كُل شَيْءٍ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَتَنَاوَل الأَْحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْعَمَلِيَّةَ الَّتِي تَتَّصِل بِأَفْعَال الْجَوَارِحِ كَمَا يَتَنَاوَل الأَْحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْفَرْعِيَّةَ الْقَلْبِيَّةَ كَحُرْمَةِ الرِّيَاءِ وَالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَالْعُجْبِ، وَكَحِل التَّوَاضُعِ وَحُبِّ الْخَيْرِ لِلْغَيْرِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأَْحْكَامِ الَّتِي تَتَّصِل بِالأَْخْلاَقِ.
الطَّوْرُ الثَّالِثُ: - وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْعُلَمَاءِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا - أَنَّ
_________
(١) سورة الأنعام / ٩٨
1 / 12