ومهما يكن من شيء، فنحن نعرف أن تاريخ جمع التحف يرجع إلى اليونان القدماء، وأن ملوك برجامن
peregame - وهي المستعمرة التي أسستها جالية من المهاجرين الإغريق بآسيا الصغرى في القرن الثالث قبل الميلاد - كانوا يجمعون التحف النفيسة، التي ترجع إلى عصور ازدهار الفن الإغريقي؛ بل إنهم أنشئوا مكتبة لم تكن تفوقها في ذلك العصر إلا مكتبة الإسكندرية.
ونسج الرومان على منوال الإغريق في جمع التحف، وتنبه القائد الروماني فبسانيوس أجريبا
Vipasanius Agrippa ، زوج ابنة أوغسطوس إلى أن الأفضل أن تفتح أبواب المجموعات الفنية الخاصة ليراها الشعب، ويعجب بما فيها من آيات الفن.
وصفوة القول: إن معابد اليونان والرومان، وقصور أغنيائهم كانت فيها مجموعات من الصور والتماثيل تتفاوت في الحجم والقيمة . (2) الغرب
على أن كلمة متحف باليونانية
mouseion
بطل استعمالها بعد أن ذهب متحف الإسكندرية طعمة للنار، وظلت ميتة حتى بعثت في القرن السابع عشر؛ لتكون اسما لدور الآثار على اختلاف نوعها.
وإن كنا لا نعرف شيئا عن جمع التحف في العصور الوسطى المظلمة، فإننا نعلم أن عصر النهضة في القرنين الرابع عشر والخامس عشر أحيا الاهتمام بالآثار القديمة؛ إذ بدأ القوم في إيطاليا يفطنون إلى تراث اليونان والرومان، فهبوا يجمعون التحف الفنية، كالمخطوطات، وقطع العملة، والأحجار النفيسة، والتماثيل النصفية، والكتابات التاريخية، والأيقونات؛ ولم يكن ذلك لأن القوم تنبهوا إلى قيمتها الأثرية فحسب؛ بل لأنهم أخذوا يقدرون ما فيها من متعة وجمال، فلم تلبث قصور الأسرات الشهيرة في إيطاليا وفي غيرها من البلاد الأوروبية أن ضاقت بما فيها من التحف الفنية.
ثم كان إنشاء المجامع العلمية في النصف الثاني من القرن السابع عشر أكبر حافز على البحث العلمي، فأقبل الملوك والأمراء والأثرياء على تكوين المجموعات الفنية؛ ولكن جمعهم الغريب من التحف، والجميل من الآثار لم يكن له غرض معين، ولم يكن منظما كل التنظيم، بيد أن علينا أن نذكر دائما أن عددا كبيرا من المتاحف الأوروبية قام على أساس تلك المجموعات الفنية الخاصة؛ بل إن بعض القصور التي كانت هذه المجموعات محفوظة فيها، وهبها أصحابها إلى أوطانهم أو باعوها، فحولت بمحتوياتها إلى متاحف أهلية. (3) الشرق
Неизвестная страница