48
وعلى كل حال فقد كانت القاهرة في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر) مركزا رئيسيا للصناعات الفنية المختلفة؛ ومن المحتمل أنها كانت تصدر إلى سائر أنحاء الشرق الأدنى كثيرا من المخطوطات المذهبة والمصورة، تضاهي في الجمال تحفة وصلت إلينا، وهي إنجيل من القاهرة تاريخه سنة (1010م) وغني بزخارفه وألوانه الزرقاء والحمراء والذهبية.
49
وقد حصلت دار الآثار العربية على تحفة كشفها الأستاذ فييت عند أحد تجار العاديات في القاهرة، وهي ورقة عليها رسم رجلين في إطار من زخرفة مجدولة وفوقهما شريط من كتابة بالخط الكوفي ذي الزخارف النباتية نصها: «عز وإقبال للقائد أبي منص.»
وبين الفارسين زخرفة نباتية فاطمية الطراز، فيها أوراق شجر مزهرة، ورسم أربعة طيور جميلة، والفارس الأيمن في يده رمح وعلى رأسه عمامة في طرفها شريط عليه كلمة «بركة»، وله ذؤابتان وشارب يتدلى، والفارس الأيسر في منطقته سيف عليه عبارة «عز وإقبال» وفي يده رمح، وعلى رأسه غطاء رأس غريب الشكل، كما تتدلى من وسطه أشرطة من الجلد أو النسيج تنتهي بحلي هلالية الشكل، وكلا الفارسين تحيط برأسه هالة.
50
وقد ألقى الأستاذ فييت في المجمع العلمي المصري بحثا عن هذا الرسم في أبريل سنة (1937)، وتفضل فسمح لنا بأن نجعله بين لوحات هذا الكتاب.
51
ولن يفوتنا أن نتحدث هنا عن الأثر الذي كان للفنون التصويرية الفاطمية في تطور الفن بجزيرة صقلية، بعد أن أشرنا إلى ذلك في أول هذا الكتاب.
والمعروف أن الأمير الأغلبي زيادة الله نجح سنة (212ه/827م) في الاستيلاء على تلك الجزيرة، وطرد البيزنطيين منها.
Неизвестная страница