م :
وماذا تقولون في شكسبير الذي كان يعرض مسرحياته على طبقات الشعب رأسا، وفي هومر الذي كان ينشد أشعاره في حلقات من الجماهير الدنيا؟ أليس ذلك دليلا على أن الأديب بأعلى معانيه، قد يكون اتصاله بالشعب مباشرا وبغير واسطة؟
ت :
لا، ليس ذلك بدليل على هذا، فلئن كانت طبقات الشعب قد استمعت لهومر أو شكسبير، فما ذاك إلا لأنه لم يكن لديهم من يستمعون إليه غير هؤلاء، ولو وجدت لهم الصحافة أو ما يشبهها من الكتابة، لانصرفوا عنهم إليها - أتظن أن امرأ القيس حين كان يقول شعره في الناس كان يفهم عنه من الناس إلا القلة المستنيرة؟ لقد كان الناس يقولون عنه إنه مجنون! أتظن أن المتنبي ومثاله كانوا يهدفون بأشعارهم إلى غير حاشية الحاكمين؟ فإن استمع الناس لما ينشده امرؤ القيس والمتنبي، فلأنه لم يكن هناك من يستمعون إليه عن فهم، أما الآن فقد تغير الموقف، إذ وجد المقروء الذي يصلح للشعب إلى جانب الأدب الرفيع، فاقتصر الأدب الرفيع على الطبقة المستنيرة، وقصد الشعب إلى حيث يفهم ويتأثر.
ن :
يخيل إلي أن «الطبقة المستنيرة» عبارة تريد شيئا من التحديد، من أهم أفراد هذه الطبقة؟
ت :
نستطيع أن نقول إنهم خريجو الجامعات ومن إليهم.
م :
أظن أن الأمر هنا لا يتوقف على التعليم الجامعي: فالطبقة المستنيرة هي أولئك الذين يتغذون بالأفكار، فلا تناقض بين أن يكون الشخص بائعا في متجر أو عاملا في مصنع، لكنه إذا ما فرغ من عمله التمس الأفكار النظرية في الكتب أو المحاضرات - وأمثال هؤلاء كثيرون في أوروبا - وعندئذ نقول عنهم إنهم من «الطبقة المستنيرة».
Неизвестная страница