كان منزل جمعية «الكويكرز» يمتلئ بحركة طفيفة حين كانت فترة الظهيرة قد قاربت على الانتهاء. وقد انشغلت راشيل هاليداي بجمع بعض الأشياء من مخزنها التي يمكن للهاربين أن يحملوها بسهولة أثناء هروبهم؛ ذلك أن جورج هاريس والزنوج الهاربين الآخرين كانوا سيكملون فرارهم في تلك الليلة. امتدت ظلال فترة الظهيرة باتجاه الشرق، وكانت الشمس معلقة بالأفق وكأنها كرة حمراء. وقد تسللت أشعة الشمس الأخيرة إلى الغرفة التي كان يجلس بها كل من جورج وإلايزا، فلفتها بسلام هادئ. جلس جورج وإلايزا يتحدثان وهما يمسكان أحدهما بيد الآخر عما يمكن أن يحمله لهما المستقبل في طياته. «لم نبتعد عن الخطر بعد، ولا ينبغي أن يغرنا الأمل. أوه، سأكون مسرورا للغاية حين نكون بأمان في كندا.»
ثم مد جورج ذراعيه وقال: «أوه، لقد ملأتني نسمة الحرية هذه بقوة عشرة رجال. أشعر وكأنني أستطيع قتال قطيع الذئاب الذي يتبعنا بأسره.»
نذل يافع عذب الحديث.
قاطعهما طرق خفيف على الباب، فنهضت إلايزا وفتحته. كان سيميون هاليداي عند الباب وكان معه أخ من جمعية «الكويكرز» وقدمه باسمه فينياس فليتشر. كان فينياس رجلا طويل القامة نحيل البنية ضعيف البدن وله شعر أحمر، وكانت رؤيته تبعث في النفس شعورا بأنه رجل فكه غريب الأطوار، وكان هذا مختلفا إلى حد ما عن مظهر سيميون الهادئ الساذج. في الواقع، كان لفينياس مظهر رجل سبر أغوار الدنيا، ولا يسمح أن تشتت توافه الأمور تركيزه.
قال سيميون: «عرف صديقنا فينياس شيئا ذا أهمية لك ولمن معك يا جورج، وسيكون من الأفضل لك أن تسمعه.»
قال فينياس: «هذا صحيح، وهذا يظهر أهمية أن تبقي أذنيك وإحدى عينيك منتبهتين حين تكون نائما في مكان أنت غريب عنه. في الليلة الماضية وفي حانة منعزلة بجوار النهر صادف أنني كنت هناك بحلول الليل، تناولت العشاء ثم تمددت قليلا على كومة من الحقائب كي تغفو عيناي قليلا قبل حلول الوقت المخصص للنوم. كان هناك عدد من الرجال في الحجرة يتحدثون، وسمعتهم يتحدثون عن جمعية «الكويكرز». لذا عمدت إلى أن أتنفس بعمق حتى أظهر لهم أنني كنت أغط في نوم عميق وأنني لا أسمع أي شيء مما يقولونه سرا.
قال أحدهم: «إنهم في مستوطنة جمعية «الكويكرز» ولن يكون هناك في الواقع أي مشكلة إذا ما خوفنا أولئك الإخوة الودعاء وحملناهم على تسليمهم لنا.» ثم حافظت على ثباتي وسمعتهم يفصلون خطتهم ليمسكوا بكم. هناك شرطيان قادمان من مدينة صغيرة تقع أعلى النهر وسيصحبانهما لإلقاء القبض عليكم، ثم سيكون هناك نذل يافع عذب الحديث سيقسم على أن إلايزا ملكه، ثم سيتسلمها منهم ليأخذها إلى الجنوب. أما عن الطفل فسيتركونه للتاجر الذي اشتراه من مزرعة شيلبي في كنتاكي، وسيعود جيم وأمه العجوز إلى أسيادهما السابقين.» ثم استطرد فينياس وهو ينظر إلى هاريس نظرة غريبة: «وأعتقد يا صديقي جورج أن الأمر نفسه سيحدث معك بسبب هروبك؛ ذلك أن سيدك السابق ينوي أن يجعل من هروبك عبرة يتطلع إليها الزنوج الآخرون إذا ما أقدموا على الفرار. أعتقد أنه سيكون هناك من ثمانية إلى عشرة أشخاص في إثرنا، ويبدو أنهم يعرفون الوجهة التي سنسلكها، على الرغم من أنني قد حاولت التشويش عليهم قليلا. لقد استجوبوني قليلا هذا الصباح حين كنت أهم بالرحيل؛ فقد قال أحدهم: «أيها الصديق، هل رأيت زنجيا فارا على الطريق الذي أتيت منه؟»
فسألته: «هل هو طويل القامة؟»
فقال: «أجل!»
سألته: «وأصفر البشرة؟»
Неизвестная страница