112
ابن عباس وقيامه بحق الأخوة طلبًا لثواب الله وأخرج الطبراني والبيهقي والحاكم وقال: صحيح، عن ابن عباس ﵄: أنه كان معتكفًا في مسجد رسول الله ﷺ، ومعلوم أن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لضرورة شديدة، فما بالك إذا كان معتكفًا في مسجد رسول الله ﷺ. فأتاه رجل فسلم عليه ثم جلس إلى جنبه، وكان يظهر على الرجل الكآبة والحزن، فقال له ابن عباس ﵄: يا فلان أراك مكتئبًا حزينًا، وفي هذا ينبغي للمسلم أن يطمئن على أحوال إخوانه وإن لم يتكلموا، قال: نعم، يا ابن عم رسول الله ﷺ لفلان علي حق وحان أجله وليس معي ما يقضيه، أي: إن هناك دينًا علي، وليس معي ما يقضيه، فقال له ابن عباس ﵄: إن أحببت أن أكلمه لك، فـ ابن عباس هنا يعمل شيئًا إيجابيًا لينفع صاحبه، فهو لا يستطيع أن يساعده بالإنفاق، لكن يمكن أن يكلم الرجل الذي عنده دين فيصبر عليه قليلًا، فقال الرجل: نعم، لأنه مضطر لذلك، فخرج ابن عباس ﵄ من اعتكافه ليقضي حاجة الرجل، فقال الرجل: أنسيت ما كنت فيه، أي: أنت في اعتكاف فكيف تخرج؟ فقال ابن عباس ﵄: سمعت صاحب هذا القبر -هذا الكلام كان بعد موت الرسول ﷺ يقول: (من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرًا له من اعتكاف عشر سنين) يعني: ظل مجتهدًا في حاجته حتى قضاها، لأن الاعتكاف يعود نفعه على الفرد، وخدمة الآخرين تعود على المجتمع بأسره.

10 / 13