وأفضل هذه الأنواع جميعا هو التعرف الذى ينشأ من الأعمال نفسها، فإن الدهشة تحدث عندئذ من طريق المعقول، كما فى «أودييوس» و«إيفيجانيا» لسوفوكليس؛ فإنه من المعقول أن تريد إبفيجانيا أن تبعث بكتاب. فمثل هذا التعرف؛ دون غيره — يستغنى عن اصطناع العلامات والعقود. ويليه التعرف الذى يكون من طريق البرهان.
[chapter 17]
١٧ — وينبغى للشاعر حين ينظم قصصه ويتممها بالعبارة أن يتمثلها بعينه على قدر ما يستطيع. فإنه حين يرى الأشياء أوضح ما تكون، وكأنه كان شاهدا الأعمال نفسها، يجد ما يليق بها ولا يغيب عنه شئ من ضد ذلك. ودليل ذلك ما نقد به كاركينوس فإن «أمفياراوس» يصعد من الهيكل، ومن لا يشهد المنظر لا يتنبه لذلك، ولكن القصة سقطت على المسرح إذ لم يحتمل النظارة ذلك.
وكذلك ينبغى أن يتم الشاعر — حهد طاقته — عمله بالإشارات، فإن أقدر الناس على التأثير — إذا تماثلت الطبائع — هم من يكونون فى حال الانفعال، والهائج والغاضب يهيجان ويغضبان بأعظم ما يكون من الصدق. ومن أجل ذلك كان الشعر نابعا عن موهبة أو عن ضرب من الجنون، فالموهوبون يحسنون أن يلبسوا لبوسا مختلفة، والآخرون لا يصعب عليهم أن يخرجوا عن طورهم.
Страница 98