كلمة الناشر هذا الكتاب الذي بين يديك يعتبر من أقوم الكتب إحكاما وأكثرهم استدلالا على أحقية إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.
لقد طبع من هذا الكتاب أولا في الهند وفي حياة المؤلف أربعة عشر مجلدا بقطع الرحلي وفي ألف نسخة. ثم أبدى فريق من العلماء في قم وإصفهان عناية وهمة بطبع المجلدات الخاصة من الكتاب بحديث الغدير. ثم أهمل الكتاب بعد ذلك في زاوية النسيان ولم يلتفت إليه أحد، حتى انبرى السيد الجليل حجة الاسلام والمسلمين السيد علي الميلاني، فشمر عن ساعد الجد و قام مشكورا بترجمة الكتاب كله وبتلخيصه إلى اللغة العربية، وأضاف إليه بعضا من التحقيقات، فأحيا بذلك موات هذا الأثر المنسي.
طبعت هذه النسخة في أربعة مجلدات منفردات في إيران و بيروت، إلا ان الظلم الذي حاق بهذا الأثر الكبير، الفريد في بابه حمل قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة - وهي التي تصرف همها الأكبر لنشر الثقافة الإسلامية على مختلف الأصعدة وبشتى اللغات - على أن تعقد العزم، متوجهة إلى أعتاب المولى سبحانه ومستمدة العون من أرواح المعصومين الطيبة الطاهرة، على أن تسعى أول الأمر إلى طبع الترجمة العربية الكاملة لهذا الكتاب النفيس، ومن ثم تباشر بنشر أصل الكتاب المكتوب باللغة الپارسية، سائلة العلي القدير أن يوفقها لتحقيق هذا الهدف العظيم.
قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة PageV0MP001
عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار حديث الثقلين - السند (1) تأليف حجة التاريخ والبحث والتحقيق الإمام السيد حامد حسين اللكهنوي 1246 - 1306 PageV0MP001
تاريخ الطبع: 1405 هجرية. PageV0MP002
خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار (حديث الثقلين - السند - 1) بقلم علي الحسيني الميلاني PageV0MP003
إهداء إلى حامل لواء الإمامة الكبرى والخلافة العظمى، ولي العصر المهدي المنتظر الحجة ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه " يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين " علي PageV0MP005
دراسات في كتاب العبقات السيد علي الحسيني الميلاني PageV0MP007
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
وبعد: فإن الاعتقادات أشرف الموضوعات، وأهمها الإمامة، فإن من العدل نصب الإمام على العباد كي يعبد به الله تعالى، وتتبع سنن النبي صلى الله عليه وآله، ويصلح أمر المعاد.
وكتاب " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار " أجل ما كتب في الإمامة من صدر الاسلام إلى الآن، ولم يكتب مثله في بابه في السلف والخلف، ومن كتب بعده فيها فعيال عليه، وناسج على منواله، وسالك في سبيله..
وقد من الله تعالى علي أن وفقني لتعريبه وتهذيبه ومراجعة مصادره وتحقيقه منذ عام 1385، وبعد أن شرعت بدراسة العلوم الإسلامية في الحوزات العلمية..
فكان كلما سنحت لي فرصة انتهزتها لخدمته، وكلما حصلت في الدروس عطلة صرفتها في كتابته.. حتى تم إعداد عدة مجلدات منه، وطبع أربعة منها في PageV0MP009
الفترة ما بين سنة 1398 وسنة 1401.. بمدينة قم المشرفة، باسم " خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ".
وقد كانت لي مذكرات كتبتها في خلال العمل حول الكتاب وأساليبه في ردوده واستدلالاته، وما يتوفر عليه من فوائد وتحقيقات لم يسبق إليها في سائر المؤلفات، وإضافات على ما كتبته في حياة المؤلف وأسرته والتعريف بكتابه ومكتبته.
فلما عزمنا - بحول الله وقوته، ورعاية سيدنا الإمام المهدي عجل الله فرجه وعنايته - على إعادة طبع تلك المجلدات والاستمرار في طبع ما بقي منها، دونت تلك المذكرات، وجعلتها في أبواب تتقدمها تمهيدات، فالباب الأول في بيان التزام المؤلف بقواعد البحث وآداب المناظرة، والثاني: في أسلوبه في الاستدلال، والثالث: في أسلوبه في الرد، والرابع: في بحوث وتحقيقات في كتاب العبقات، والخامس: في التعريف بالكتاب، والسادس: في ترجمة المؤلف ومشاهير أسرته، والسابع: في التعريف بمكتبة الأسرة، والثامن:
في التعريف بكتاب التحفة الاثني عشرية، والتاسع: في ترجمة مؤلف التحفة الاثني عشرية، والعاشر: في بيان عملنا في الكتاب.
وقد سميت هذه المجموعة باسم (دراسات في كتاب العبقات).
والله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يتقبلها بأحسن قبول، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. إنه سميع مجيب.
قم المشرفة 1 / محرم الحرام / 1405 علي الحسيني الميلاني PageV0MP010
تمهيدات (1) لبى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعوة ربه.. لكن شريعته خاتمة الشرائع ولا نبي بعده... فلا بد له من وصي يقوم بأمره، وخليفة يخلفه في أمته.
وهذا أمر لا خلاف فيه ولا كلام.
إنما الكلام في شخص الخليفة عن رسول الله، فأصحابه صلى الله عليه وآله وسلم كثيرون عددا، وفيهم المهاجرون والأنصار، القرشيون وغيرهم، والأقارب والأباعد..
فمن الخليفة من بعده؟
وما الطريق إلى معرفته؟
يقول الله عز وجل: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " 1.
ويقول سبحانه: "... فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " 2.
PageV0MP011
ويقول تعالى: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة " 1.
ويقول: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " 2.
و (الإمامة) " شئ " تنازعت الأمة فيه، وأمر " شجر " بينهم، فيجب ردها إلى " الله والرسول ".. وهم... - وربك - لا يؤمنون حتى يحكموا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضى، ولا يكون لهم الخيرة، ويسلموا تسليما..
والعقل يرى أن أقرب الطرق وأوثقها إلى معرفة " الوصي " هو الرجوع إلى نفس " النبي ".. هذا النبي الذي " ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " 3.. ولو فرض أنه قد فوض إليه أمر تعيين الخليفة من بعده، فإنه أعرف الناس بأصحابه، وأحرصهم على أمته..
فلنرجع إلى الله والرسول، أي: إلى الكتاب والسنة.
(2) في القرآن الكريم طوائف من الآيات لها علاقة بمسألة الإمامة والخلافة:
1) الآية الواردة في خصوص مسألة الإمامة، وهي قوله تعالى: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن. قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " 4.
إذن: " الإمامة " لا تنال: " الظالمين ".
PageV0MP012
2) الآيات التي تعطينا الملاك العام للأفضلية والتقدم، كقوله تعالى:
" إن أكرمكم عند الله أتقاكم " 1.
" يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات " 2.
" فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " 3.
فملاك التقدم في هذه الآيات هو " التقوى " و " العلم " و " الجهاد ".
3) الآيات النازلة في قضايا ومواطن خاصة، في حق أشخاص من الصحابة يستدل بها على الأولوية بالإمامة، كقوله تعالى:
" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " 4.
فقد جعل الله سبحانه في هذه الآية " الولاية " لمن آمن وأقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع.
إلا أن المرجع في تعيين من نزلت في حقه هو " السنة ".
وفي السنة أيضا طوائف من الأحاديث لها علاقة بموضوع الإمامة والخلافة أهمها طائفتان:
الأولى: النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خصوص موضوع الإمامة والخلافة.
والثانية: النصوص الواردة في تفسير الآيات المتعلقة بالإمامة المشار إليها...
ونحن يمكننا معرفة " الوصي " على ضوء النصوص من الطائفة الأولى،
PageV0MP013
كما يمكننا معرفته بمراجعة نصوص الطائفة الثانية، والنظر في كلمات المفسرين وأخبار المؤرخين حول نزول تلك الآيات.
وإذا تم ذلك وجب العمل والاتباع عقلا ونقلا - كما أشرنا - وبذلك يرتفع " التنازع " و " التشاجر ".. " فلا وربك لا يؤمنون حتى.. يسلموا تسليما ".
وإن إمكان تعيين الخليفة على ضوء تلك الأحاديث، يتوقف على ثبوتها سندا ودلالة، أي: لا بد أولا من الوثوق بصدور الحديث من النبي صلى الله عليه وآله، فإذا ثبت صدوره عنه نظرنا في مدلوله ومفاده، فإن دل على معنى - من غير معارض له في ذلك - أخذنا به وقلنا: هذا ما قضى الله ورسوله به وصدق الله ورسوله.
وهذه هي الطريقة التي يتبعها الفقهاء بالنسبة إلى نصوص الفروع الفقهية والمسائل الشرعية، فلماذا لا تتبع في نصوص مسألة الإمامة؟
(3) نشأت الطائفة الشيعية في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كما دلت الأحاديث المتفق عليها - والشيعي من شايع عليا 1 وتابعه ووالاه. وقد عرف بهذه الصفة عدة من خيار صحابة النبي، اعتقدوا إمامته عليه السلام للأمة وخلافته بعد النبي " ص ". وانحازوا إليه بعد وفاته " ص "، ولم يفارقوه حين فارقه الناس، ولم يعرضوا عنه حين أعرض عنه الجمهور..
وتطورت هذه الفرقة، وامتدت جذورها إلى جميع الأقطار، وانتشرت عقائدها في كل مكان ، واعتنقها طائفة كبيرة من التابعين فمن بعدهم، رجعوا
PageV0MP014
إلى أئمة أهل البيت فيما أشكل عليهم من الكتاب والسنة، وعندهم درسوا، وعنهم أخذوا. فكان فيهم المفسرون، والفقهاء، والمحدثون، والزهاد، والعلماء..
حتى جاء دور الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، فأصل الأصول وشيد الأركان، فعرف مذهب هذه الفرقة ب " المذهب الجعفري ".
(4) واشتغل الشيعة في مسألة " الإمامة " منذ وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجد وجهد، لأنها عندهم " زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين ".
" إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي ".
" بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف " 1.
فدافعوا عنها، وضحوا من أجلها، واستسهلوا المشاق في سبيلها، ولم تثن عزائمهم السياط ولا السجون، وحتى استشهد من لا يحصي عددهم إلا الله.
قالوا: " الخليفة " بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو " علي بن أبي طالب " لا سواه.. واستدلوا - منذ اليوم الأول - لما قالوا بالكتاب والسنة..
فإنه " ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة " 2.. وهما المرجع في كل شئ، ولا يكون المؤمن مؤمنا حتى يسلم لما جاءا به تسليما...
ثم ألفوا في ذلك الكتب، ونظموا الأشعار.. في ظروف قاسية وأيام
PageV0MP015
صعبة، يتتبعهم الجواسيس، وتلاحقهم السلطات..
ومع ذلك كله تراهم - إذا نظرت أحوالهم وسبرت أخبارهم - لا يعتمدون في بحوثهم إلا على الكتاب والسنة، يطلبون الحق، وينشدون الحقيقة، رائدهم الدين الصحيح، والاصلاح ما استطاعوا، بهدوء ووقار، ونقاش متين، وأدب رفيع، وجدال بالتي هي أحسن..
(5) ويعتقد الشيعة الإمامية بأن مسألة " الإمامة " بعد النبي صلى الله عليه وآله هي مسألة أصولية كالنبوة 1. وبأن في النصوص الواردة عنه " ص " في تعيين الإمام من بعده غنى عن أي دليل آخر. وهم - وإن كان اعتمادهم في السنة على ما ورد عنه " ص " بطريق أهل بيته المعصومين - يحتجون في هذه المسألة بالنصوص الواردة عن طريق خصومهم، والمسطورة في أسفار مخالفيهم.. هذا من حيث السند.
وأما من حيث الدلالة.. فقد صدرت تلك الأقوال من النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم " بلسان عربي مبين ". وكما يرجع في فهم كلماته والألفاظ
PageV0MP016
الصادرة عنه في مسائل الصلاة، والصيام، والحج، والجهاد، والبيع، والشراء، والنكاح، والطلاق.. وأمثالها.. إلى العرف واللغة.. كذلك يرجع الشيعة في فهم مداليل ألفاظه في مسألة الإمامة والخلافة إلى اللغة والعرف، وإلى سائر الأحاديث النبوية، لأن " الحديث يفسر بعضه بعضا ".
وفي هذا المقام أيضا يحتج الشيعة بكلمات علماء أهل السنة في التفسير واللغة والأدب وغير ذلك...
هذه طريقة الشيعة في الاستدلال بالنصوص على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وهي طريقة واضحة لا غموض فيها ولا اعوجاج ولا اضطراب..
وقال أهل السنة بأن " الخليفة " بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو " أبو بكر ".. وقد اختلف استدلالهم على هذا الاعتقاد، واضطربت كلماتهم..
فتارة: يستدلون بالنصوص التي يروونها في فضل أبي بكر مثل: " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر ". وأخرى: يستدلون بالأفضلية. فقالوا بأن " الأتقى " في قوله تعالى: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما له عند أحد من نعمة تجزى " هو " أبو بكر " و " الأتقى " هو " الأفضل " لقوله تعالى:
" إن أكرمكم عند الله أتقاكم " فأبو بكر هو الأفضل. ولا تنعقد ولاية المفضول عند وجود " الأفضل ". وثالثة: يستدلون بالاجماع.
وأجاب الشيعة ببطلان الحديث المذكور سندا ودلالة.
وبأن المرجع في تعيين المراد من " الأتقى " في الآية هو السنة.
وبأن الإجماع غير منعقد على خلافة أبي بكر.
(6) وأنكر أهل السنة النص على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وألفوا الكتب PageV0MP017
في الرد على الشيعة، إلا أنها - في الأكثر - مشحونة بالبغضاء والشحناء، والسب والإهانة والكذب والبهتان..
لينظر المنصف إلى ما كتبه العلامة الحلي المتوفى سنة 726 مثل كتاب " منهاج الكرامة في الإمامة " وكتاب " نهج الحق ".. ليرى هناك الاحتجاج بصحاح أهل السنة، وسائر كتبهم المعتمدة في الفنون المختلفة، بأسلوب متين، لا تعصب فيه ولا تعسف.. ثم لينظر إلى كتاب " منهاج السنة " 1) الذي كتبه أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية في الرد على " منهاج الكرامة " (1... وما كتبه فضل الله بن روزبهان الخنجي في الرد على " نهج الحق " وهو الكتاب الذي أسماه ب " إبطال نهج الباطل " (2.
فهل قابلاه بالمثل استدلال وأدبا ومتانة؟
ثم إن أقل ما يجده المنصف المتتبع لكتب أهل السنة هو التعصب وإنكار الحقيقة... ولنذكر لذلك مثالا:
يقول الشيعي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم غدير خم:
" ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
فيقول رجل من أهل السنة: هذا كذب لم يقله رسول الله.
فيجيب الشيعي قائلا: أخرجه فلان وفلان من أهل السنة.
فإذا رأى السني أن لا جدوى لإنكار أصل القضية قال:
PageV0MP018
وأين كان علي في ذاك اليوم؟ كان باليمن..
فيعود الشيعي ليقول: روى قدومه من اليمن فلان وفلان.. من أهل السنة.
وإذا انتهى دور المكابرة في السند. قال:
صدر الحديث: " ألست أولى.. " من وضع الشيعة.
فأجاب الشيعي: رواه فلان وفلان من أهل السنة..
فيدعي إنكار أهل اللغة مجئ (المولى) بمعنى (الأولى).
فيخرج له الشيعي قائمة بأسماء اللغويين الذين نصوا على ذلك وهم من أهل السنة.
ومثال آخر:
يقول الشيعي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ".
فأول ما ينكر السني صدور هذا الحديث عنه " ص ".
فإذا رأى أسماء رواته من كبار علماء طائفته قال:
فأبو بكر و.. أبواب كذلك.
فإذا أثبت له الشيعي جهل هؤلاء بأبسط المسائل على ضوء كتب أهل السنة قال:
ليس " علي " في الحديث علما، بل هو وصف للباب بمعني " مرتفع ".
لماذا هذا التلاعب بالنصوص النبوية؟ وهلا فعلوا ذلك بلفظ " الصلاة " و " الحج " و " الوضوء " و " الغسل " وأمثالها؟
(7) وقد شكلت كتب الردود قسما كبيرا من مؤلفات الإمامية في مسائل الإمامة، PageV0MP019
كما لا يخفى على من لاحظ فهارس المؤلفات.
والسبب في ذلك هو أن أهل السنة لا بضاعة لهم إلا الكذب والانكار، فمن السهل عليهم أن يقولوا حديث: " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح فمن ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك " كذب موضوع. أو أن حديث: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي فأكل معه " لم يروه أحد من أصحاب الصحاح ولا صححه أئمة الحديث. أو حديث:
" خلقت أنا وعلي من نور واحد " موضوع بإجماع أهل السنة.
أو يقولوا في جواب: " من كنت مولاه فعلي مولاه " لم يقل أحد من أهل العربية بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى). أو أن " علي " في " أنا مدينة العلم وعلي بابها " هو من " العلو " أي مرتفع، أو أن المراد من " بأحب خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي.. " هو " الأحب في الأكل مع النبي "..
إن كل واحد من هذه الأقاويل سطر واحد أو سطران، لكن الجواب عنه يستدعي فصلا كبيرا من البحث، وربما يشكل كتابا برأسه، كما هو واضح.
فمن هنا ترى كثرة كتب الرد - كما وكيفا - عند الشيعة قديما وحديثا:
فألف عمرو بن بحر الجاحظ كتاب " العثمانية ". ورد عليه جماعة من أعلام الشيعة بردود اشتهرت ب " نقص العثمانية "، كما رد عليه أبو جعفر الإسكافي من المعتزلة.
وألف السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي كتاب " الشافي في الإمامة " ردا على كتاب " المغني " للقاضي عبد الجبار بن أحمد، ثم لخصه تلميذه الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، واشتهر كتابه ب " تلخيص الشافي ".
وألف شهاب الدين الشافعي الرازي 1) من بني مشاط كتاب " بعض فضائح الروافض ".
PageV0MP020
فرد على الشيخ نصير الدين عبد الجليل بن أبي الحسين بكتاب " بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ".
وألف يوسف الأعور الشافعي الواسطي كتاب " الرسالة المعارضة في الرد على الرافضة ". فرد عليه: الشيخ عز الدين الحسن بن شمس الدين المهلبي الحلي بكتاب " الأنوار البدرية في كشف شبه القدرية " قال فيه: " التزمت فيه على أن لا أستدل من المنقول عن الرسول صلى الله عليه وآله إلا بما ثبت من طريق الخصم ولا أفعل كما فعل الناصب في كتابه ". والشيخ نجم الدين خضر بن محمد الحبلرودي الرازي بكتاب " التوضيح الأنور في دفع شبه الأعور ".
وألف شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المكي كتاب " الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ". فرد عليه القاضي نور الله الشهيد بكتاب " الصوارم المهرقة في رد الصواعق المحرقة " وكذا السيد مير محمد القزويني المعاصر.
.. وهكذا.. توالت كتب التهجم على الشيعة حتى زماننا، فألف كتاب من أهل السنة في هذا العصر " الصراع بين الوثنية والإسلام " و " الوشيعة في رد عقائد الشيعة " و " الخطوط العريضة " و " مسائل موسى جار الله ".. و و..
وصدرت كتب الردود عليها من قبل علماء الشيعة..
(8) وكان لعلماء الهند من الفريقين السهم الوافر والدور البارز في هذا الباب، فالهند بلاد واسعة يقطنها الملايين من المسلمين، أنجبت في كل فرقة علماء ورجالا تركوا آثارا خالدة في مختلف العلوم الإسلامية. ومن الطبيعي أن تدعو كل فرقة إلى نفسها، وتستغل كافة الوسائل في سبيل نشر عقائدها، وقد ساعد على ذلك ما في بلاد الهند من حرية الفكر والقول والتأليف والنشر. PageV0MP021
وقد بلغ النشاط الفكري والصراع العقائدي ذروته في الهند في القرنين الثاني عشر والثالث عشر.. فقد نبغ بين الشيعة الفقيه المجاهد الكبير السيد دلدار علي بن معين الدين النقوي المولود سنة 1166 والمتوفى سنة 1235، الذي انتشرت بفضل جهوده تعاليم المذهب الجعفري في تلك الارجاء، وانتظمت على يده أمور الطائفة، بعد أن كانوا متفرقين ليست لهم دعوة إلى مذهبهم، وما كانت لهم جامعة تجمعهم، واشتغل طيلة أيام حياته الشريفة بترويج الدين ونشر الأحكام بإقامة الشعائر وتأليف الكتب وتربية العلماء.
ولما وصل خبره إلى حسن رضا خان - من وزراء حكومة " أوده " في لكهنو استدعاه للإقامة بلكنهو، فهاجر إليها، وانصرف إلى بث تعاليم الدين وإقامة الشعائر. وكان العلامة المولى محمد علي الكشميري الشهير بپادشاه (1 نزيل فيض آباد قد ألف في تلك الأيام رسالة في فضل صلاة الجمعة، حث فيها السلطان آصف الدولة ابن شجاع بن صدر جنك سلطان مملكة " أوده " في لكهنو على إقامة الجمعة، وذكر من هو أهل لإمامة الجماعة، وهم: السيد دلدار علي وتلميذاه الميرزا محمد خليل والأمير السيد مرتضى، فأمر السلطان بإقامتها، ورشح السيد لها. فأقامها ابتداء من ظهر اليوم الثالث عشر من رجب - يوم ولادة أمير المؤمنين عليه السلام - سنة 1200.
ثم أقيمت الجمعة في السابع والعشرين منه، يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت أول صلاة جماعة للشيعة تقام في تلك الديار.
ثم استمرت الجماعة والخطب، وانتشرت أندية الذكر ومجالس الوعظ، واهتم السلطان لترويج الشريعة، وتشييد الدين، وكثر طلاب العلم، وأخذوا يتواردون على السيد من كل صوب 2).
PageV0MP022
قال السيد عبد الحي اللكهنوي المحقق السني: ثم إنه بذل جهده في إحقاق مذهبه وإبطال غيره من المذاهب، لا سيما الأحناف والصوفية والأخبارية، حتى كاد يعلم مذهبه في بلاد " أوده " ويتشيع كل الفرق (1.
أقول: ولعل هذا الذي ذكر السبب في تأليف معاصره المولوي عبد العزيز ابن ولي الله العمري الدهلوي الحنفي المولود 1159 والمتوفى سنة 1239 كتاب " التحفة الاثنا عشرية في الرد على الإمامية ".. ألفه ليكون سدا أمام تقدم المذهب الجعفري في الأقطار الهندية وتشيع كل الفرق..
وهذا هو دأب أهل السنة في كل صقع.. فقد قال ابن حجر المكي في أول كتاب " الصواعق المحرقة " ما نصه: " فإني سئلت قديما في تأليف كتاب يبين حقية خلافة الصديق وإمارة ابن الخطاب، فأجبت إلى ذلك مسارعة في خدمة هذا الباب، فجاء بحمد الله أنموذجا لطيفا ومنهاجا شريفا ومسلكا منيفا.
ثم سئلت في اقرائه في رمضان سنة خمسين وتسعمائة بالمسجد الحرام، لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما الآن بمكة المشرفة أشرف بلاد الإسلام، فأجبت إلى ذلك رجاء لهداية بعض من زل به قدمه عن أوضح المسالك.. ".
فهذا دأب القوم، وليتهم أخذوا بالنزاهة في البحث والتزموا بجانب الانصاف، وعملوا بقواعد المناظرة. لكن صاحب " التحفة " نسج على منوال أسلافه من صاحب " الصواعق " وأمثاله.. فأكثر من التهجم على الشيعة، ونسب إليهم العقائد الباطلة التي هم منها براء، وحاول الحط عليهم بالأكاذيب والافتراءات..
وما أن انتشر كتاب " التحفة " حتى انبرى له جماعة من علماء الشيعة - وعلى
PageV0MP023
رأسهم السيد دلدار على نفسه - بالرد والنقد، وسنذكر أسماء تلك الكتب فيما بعد.
وظلت مواضيع الباب السابع المتعلق بمباحث الإمامة من كتاب " التحفة " موضع الأخذ والرد، والنقض والابرام، وحديث المجالس والأندية، حتى صدر كتاب " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ". PageV0MP024
دراسات في كتاب العبقات و " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار " كتاب ألفه " السيد مير حامد حسين " في الرد على " التحفة الاثني عشرية ".. وقد كان صاحب التحفة قد زعم في باب الإمامة من كتابه انحصار أدلة الشيعة على إمامة علي عليه السلام في ستة آيات واثني عشر حديثا فقط. ثم إنه أجاب بزعمه عن الاستدلال بالآيات والروايات.. فجعل السيد صاحب العبقات كتابه في منهجين، المنهج الأول في الآيات، وهي:
1 - إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
2 - إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
3 - قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
4 - فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم PageV0MP025
ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين.
5 - إنما أنت منذر ولكل قوم هاد.
6 - والسابقون السابقون أولئك المقربون.
والمنهج الثاني في الأحاديث، وهي:
1 - يا معشر المسلمين ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا. بلى. قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
2 - قوله لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
3 - إن عليا مني وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن من بعدي.
4 - كان عند النبي طائر قد طبخ له أو أهدي إليه. فقال: اللهم أئتني بأحب الناس إليك يأكل معي هذا الطير. فجاءه علي.
5 - أنا مدينة العلم وعلي بابها..
6 - من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في بطشه وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
7 - من ناصب عليا الخلافة فهو كافر.
8 - كنت أنا وعلي بن أبي طالب نورا بين يدي الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزئين فجزء أنا وجزء علي بن أبي طالب.
9 - قوله " ص " يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه.
10 - رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار. PageV0MP026
11 - قوله لعلي: إنك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.
12 - إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله وعترتي. وقد بحث في ذيله حول حديث: " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق ".
ولما كانت " التحفة " بالفارسية كان من الطبيعي أن يؤلف " العبقات " بالفارسية أيضا.
وإن هذا التراث العلمي الخالد بحاجة ماسة إلى مقدمة علمية تتوفر على دراسته، لا سيما بعد أن أصبح الباحثين المحققين في القرن الرابع عشر في مجال الصراع العقائدي.. وإليك ذلك في أبواب:
الباب الأول الالتزام بآداب المناظرة وقواعد البحث ويلوح للناظر في كتاب العبقات - قبل كل شئ - التزام مؤلفه العملاق بآداب المناظرة وقواعد البحث، فإن هذه الظاهرة متجلية للناظر فيه لأول وهلة ومثله سائر علماء الشيعة في كل ما كتبوا في الاحتجاج على أهل السنة، لكن القوم لم يلتزموا بشئ من هذه الآداب والقواعد.
لقد كان صاحب العبقات على جانب عظيم من الحلم والصبر وضبط النفس فهو يقابل السباب بالأدب، والتعدي بالرفق، والظلم بالعدل والانصاف.
ومن قواعد البحث: أن ينقل المخاصم كلام خصمه حول المسألة المبحوث عنها، من دون زيادة أو نقصان، وبكل دقة وأمانة، فإذا انتهى من إيراد كلامه بجميع جوانبه على أحسن ما يرام، وقرره أتقن تقرير، شرع في جوابه وبيان مواضع الإشكال والنظر فيه.. ليكون البحث بحثا موضوعيا نزيها PageV0MP027
ينير الدرب للأجيال، ويوقفهم على ما يقوله الطرفان، فيستمعون إليه وينظرون فيه فيتبعون أحسنه..
وكذلك فعل علماء الشيعة في بحوثهم.. وصاحب العبقات.. فإنه يصدر بحثه بعد خطبة الكتاب بنص عبارة الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشرية، فينقلها كاملة غير منقوصة ولا مبتورة، بل يتعرض لما أضافه الدهلوي في هامش كلامه من نفسه أو نقلا عن غيره، من دليل وحجة، أو توضيح وبيان..
ثم يأخذ رحمه الله في إبطاله وتفنيده، بالأساليب المختلفة، من نقض أو معارضة أو جواب حلي..
لكن القوم لم يلتزموا بهذه القاعدة.. فترى الدهلوي يريد الجواب عن الاستدلال بحديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " لا يتطرق إلى وجه استدلال الشيعة بهذا الحديث أصلا. وفي حديث النور: " خلقت أنا وعلي من نور واحد " يقول: " لا دلالة لهذا الحديث على ما يدعيه الإمامية " ولكن أين وجه الاستدلال به على ما يدعونه؟ ويقول بالنسبة إلى حديث السفينة: " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق " يقول: " لا يدل إلا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلف عن حبهم موجب للهلاك ".. فهذا صحيح.. ولكن كيف يستدل به الشيعة على الإمامة والخلافة؟
ومن قواعد البحث: أن يحتج المخاصم بما يرويه خصمه ويراه حجة، لا بما يرويه هو ويعتمد عليه.
وهذا مما التزم به صاحب العبقات وطبقه في بحوثه - كما عليه سائر علمائنا الذين كتبوا في الاحتجاج على أهل السنة - فهو في مقام الاستدلال في كل باب PageV0MP028
يحتج بكتب أهل السنة، ويستدل بأقوال كبار حفاظهم ومشاهير علمائهم في مختلف العلوم والفنون، وسنشير إلى هذه الجهة باختصار عن قريب.
لكن القوم ما التزموا بهذه القاعدة، فإن ادعوا الالتزام بها لم يعملوا بها..
وقد نبه صاحب العبقات رحمه الله على مواضع كثيرة خالف فيها الدهلوي هذه القاعدة المقررة، فتراه يتمسك بحديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ " في مقابلة حديث الثقلين، فيجيب السيد عنه قبل كل شئ بأن هذا الحديث مما تفرد به أهل السنة، وأن الاحتجاج به ينافي الالتزام بالقاعدة.
ومن قواعد البحث: أن يقال بالحق ويعترف بالحقيقة في كلا مقامي الاحتجاج والرد على السواء.
وكذلك فعل صاحب العبقات، فإنه كما يسند الحديث الذي يريد الاحتجاج به إلى مخرجيه من أعلام أهل السنة، كذلك يسند الحديث الذي يحتج به الخصم إلى مخرجيه وإن كانوا كثرة، فلا يكتم الحقيقة، ولا يكتفي بالإسناد والنقل عن واحد أو اثنين ليقلل من شأن الحديث، بل يعترف بالواقع، وينقله عمن رواه بجميع أسانيده وطرقه، ثم يجيب عنه نقضا وحلا.
فهو حيث يريد الجواب عن تمسك الدهلوي بما رووه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " في مقابلة حديث الطائر: " اللهم ائتني بأحب خلقك.. " لا ينكر أن هذا الحديث يرويه أهل السنة عن خمسة من الصحابة، بل لا يسكت عن ذلك، بل يعترف بروايتهم إياه عنهم وهم: حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر.. ثم ينقل نصوص أحاديثهم عن أهم مصادرهم كالمصنف لابن أبي شيبة، والمسند لأحمد، وصحيح الترمذي، والمستدرك للحاكم. ثم يشرع في إبطال الحديث المذكور سندا ومتنا بوجوه كثيرة جدا. PageV0MP029
لكن القوم لم يلتزموا بهذه القاعدة.. فترى الدهلوي حيث يريد الجواب عن حديث الثقلين يقول: " رواية زيد بن أرقم عن النبي " ص " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله وعترتي ".
فتجاهل أن هذا الحديث مروي عن أكثر من عشرين صحابيا، منهم:
أمير المؤمنين علي عليه السلام.
جابر بن عبد الله الأنصاري.
زيد بن أرقم.
أبو سعيد الخدري.
حذيفة بن أسيد.
خزيمة بن ثابت.
زيد بن ثابت.
سهل بن سعد.
ضميرة الأسلمي.
عامر بن ليلى الغفاري.
عبد الرحمن بن عوف.
عبد الله بن عباس.
عبد الله بن عمر.
عدي بن حاتم.
عقبة بن عامر.
أبو ذر الغفاري.
أبو رافع الأنصاري. PageV0MP030
أبو شريح الخزاعي.
أبو قدامة الأنصاري.
أبو هريرة.
أبو الهيثم بن التيهان.
أم سلمة أم المؤمنين.
أم هاني بنت أبي طالب.
وهذا العدد فوق التواتر بكثير.
ثم إن اللفظ الذي أورده الدهلوي مبتور، فالحديث في (صحيح الترمذي) و (مسند أحمد) وغيرهما من مصادر الحديث عند أهل السنة بعد " وعترتي " جملة: " أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ".
الباب الثاني أسلوبه في الاستدلال وعلى ضوء ما تقدم نتمكن من معرفة أسلوب صاحب " عبقات الأنوار " في استدلالاته. فإن كتابه هو " في إثبات إمامة الأئمة الأطهار " من الكتاب والسنة. وقد وقع البحث في هذا الكتاب عن عدة من النصوص يعتقد الشيعة دلالتها على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد رسول الله بلا فصل، وقد أشرنا سابقا إلى أن في النصوص الواردة في السنة النبوية غنى عن أي دليل آخر في هذا الباب.
إلا أن إثبات دلالة هذه النصوص على المذهب الحق يتوقف - كما أشرنا سابقا - إلى ثبوتها من حيث السند أولا، ودلالتها على المطلوب ثانيا.
وقد ذكرنا أن من قواعد البحث - بل عمدتها - هو الاحتجاج والاستدلال PageV0MP031
بما يسلم به الخصم ويعتمده ويراه حجة.
وهكذا كان بحث صاحب العبقات.
1 - البحث السندي فقدم السيد البحث حول أسانيد النصوص على البحث حول الدلالة، إذ لا بد أولا من " تثبيت العرش " ثم " النقش " عليه. فلا يجوز الاحتجاج - في الأصول وفي المسائل الفرعية من الواجبات والمحرمات - بأحاديث لا أصل لها، أو مراسيل، أو ضعيفة سندا.. فكيف بمسألة " الإمامة " التي هي أهم المسائل الإسلامية..
إلا أنه يشترط في باب الإمامة أن يكون الخبر المحتج به - بالإضافة إلى اعتباره - معلوم الصدور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتواتر أو بالقرائن والشواهد والمؤيدات المفيدة للعلم. أما الخبر الواحد المجرد عن كل قرينة مفيدة للعلم فلا يكفي للاستدلال على الإمامة وإن كان حجة.
وهذا الذي ذكرناه مما تسالم عليه الطرفان، وهو من أسسهم المعتمدة في البحث، فترى ابن تيمية يقول في رده لحديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " يقول: " وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن " ومن المعلوم عدم كفاية الظن في المسائل الاعتقادية. لا سيما الإمامة. والسيد صاحب العبقات يرد على المعارضة بالحديث " قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار موالي دون الناس كلهم ليس لهم موالي دون الله ورسوله " وبعض الأحاديث الأخرى بوجوه. منها:
إنه خبر واحد.
إذن.. لا بد من إثبات اعتبار الحديث وصدوره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا أول ما يهتم به السيد المؤلف. فيذكر أولا أسماء الصحابة.. PageV0MP032
ثم التابعين.. ثم الرواة والمخرجين للحديث في الطبقات المختلفة، منذ القرن الثاني حتى القرن الثالث عشر.. من حفاظ أهل السنة وكبار علمائهم ومشاهير أعلامهم..
ثم يورد نصوص الأخبار والروايات عن أمهات المصادر، ابتداء بالصحاح فالمسانيد فالكتب الحديثية المعتبرة..
وحينئذ يتبين عدد الرواة للحديث من الصحابة والتابعين والمحدثين من كل طبقة، فإن تحقق بذلك شرط التواتر فلا حاجة إلى ذكر الشواهد ونصوص عبارات أعلام القوم الصريحة بتواتره، ومن هنا لم يذكر شيئا منها في (حديث الثقلين) لا سيما وأنه مخرج في أحد الصحيحين.
وقد يتحقق شرط التواتر بأضعاف مضاعفة، ولكن أهمية البحث تستدعي التعرض لبعض ذلك، كما هو الحال في (حديث الغدير) فإنه روي عن أكثر من مائة وعشرين رجل وامرأة من الصحابة، ولكن هذا الحديث أهم الأحاديث التي يستدل بها الشيعة على الإمامة. ولذا تراه يذكر - بعد نصوص الحديث، وإخراجه بأسانيد أهل السنة - طائفة من المؤلفين في هذا الحديث، وينقل عن الحافظ ابن كثير عن إمام الحرمين الجويني: " إنه كان يتعجب ويقول: شاهدت مجلدا ببغداد في يد صحاف، فيه روايات هذا الخبر، مكتوبا عليه المجلدة الثامنة والعشرون من طرق من كنت مولاه فعلي مولاه، ويتلوه المجلد التاسع والعشرون ". ثم يورد نص جماعة من الحفاظ كالذهبي وابن الجزري والسيوطي وغيرهم.. على تواتر حديث الغدير.
وقد يتحقق شرط التواتر، ويذكر - مع ذلك - طائفة من شواهد الحديث.
(كحديث السفينة) الذي رواه أئمة أهل السنة عن عدة من الصحابة، كسيدنا أمير المؤمنين، وسيدتنا فاطمة الزهراء، وابن عباس، وأبي ذر، وأبي سعيد PageV0MP033
الخدري... و (كحديث أنا مدينة العلم) الذي رواه عشرات الأعلام من أهل السنة، عن عدة من الصحابة، كأمير المؤمنين، والإمام الحسن، والإمام الحسين وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر وعمرو بن العاص، وحذيفة بن اليمان ، وأنس بن مالك.. فقد ذكر عدة من شواهده، مثل:
" أنا دار الحكمة وعلي بابها ".
" أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ".
" أنا دار العلم وعلي بابها ".
" أنا ميزان العلم وعلي كفتاه ".
" أنا مدينة الجنة وعلي بابها ".
" أنا مدينة الفقه وعلي بابها ".
" علي باب علمي ويبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي ".
" علي بن أبي طالب باب حطة ".
" لا يؤدي عني إلا أنا أو علي ".
وغيرها من الأحاديث المعتبرة التي رواها مشاهير أئمة أهل السنة في كتبهم المعتبرة.
وقد يتحقق شرط التواتر كما هو الحال في (حديث المنزلة) الذي رواه أكثر من عشرين صحابي وصحابية عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخرجه عنهم الأئمة والحفاظ من أهل السنة في كل القرون وجميع الطبقات. لكنه يضيف إلى ذلك ثلاثة فصول:
الأول: في كثرة طرق حديث المنزلة.
فأورد فيه نصوص عبارات جماعة من مشاهير القوم في صحة هذا الحديث وكثرة طرقه، كالحافظ ابن عبد البر، والحافظ المزي، والحافظ ابن كثير، PageV0MP034
والحافظ ابن حجر العسقلاني، وغيرهم.
والثاني: في تواتر حديث المنزلة.
فأورد فيه عبارة ابن حجر المكي الصريحة في تحقق التواتر لحديث ورد من حديث ثمانية من الصحابة، وعبارة الحافظ ابن حزم الصريحة في تحققه لخبر أربعة من الصحابة.. فيكون (حديث المنزلة) الوارد عن أكثر من عشرين من الصحابة متواترا بالأولوية القطعية. ثم نقل نصوص عبارات جماعة اعترفوا بتواتر هذا الحديث الشريف.
والثالث: في قطعية صدور أحاديث الصحيحين.
فأورد فيه نصوص كثيرة عن مشاهير الأئمة الصريحة في أن ما أخرج في الصحيحين مقطوع الصدور. وقد بحث عن ذلك من جهة أن (حديث المنزلة) مخرج في كلا الصحيحين.
توثيق الرواة:
ولما كان اعتبار الخبر وحجيته باعتبار رواته ووثاقتهم، كان أسلوب السيد:
1 - ذكر أسماء الرواة والمخرجين للحديث، مع سني وفياتهم قلوا أو كثروا.
2 - ثم الشروع بإيراد نصوص روايتهم بأسانيدها من الأول إلى الأخير، نقلا عن كتبهم ومؤلفاتهم رأسا، أو عن كتاب معتبر وقع الرجل في طريق روايته، أو نسب إليه فيه رواية الحديث.
3 - ثم يأتي بنصوص علماء الجرح والتعديل وأصحاب التراجم والسير، مراعيا في ذلك طبقاتهم أيضا، حيث ينقل عبارة الأسبق فالأسبق.. في توثيق الراوي والثناء عليه ومدح مصنفاته.. وربما يوثق الموثق أيضا. PageV0MP035
ولقد توفرت بحوثه رحمه الله في هذه الناحية على فوائد جمة ومباحث قيمة وتحقيقات ثمينة.. من تحقيق حال رجال مشاهير، وتحقيق حال كتب معروفة.. سنشير إلى طرف من ذلك فيما سنذكره تحت عنوان " بحوث وتحقيقات ".
2 - البحث الدلالي وعندما ينتهي رحمه الله من بحث السند، يأخذ في بيان وجوه دلالة الحديث على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام..
وقد التزم في هذه الجهة أيضا بقواعد البحث والمناظرة التزاما تاما، ويمكن ترسيم الخطوط العامة لأسلوبه في البحث الدلالي على النحو التالي:
1 - الاحتجاج بأخبار أهل السنة لا بأخبار الشيعة وهذا من قواعد البحث - بل أهمها -. فالسيد في جميع بحوثه ملتزم بهذه القاعدة، إذ تراه يحتج بأخبار أهل السنة حتى في السيرة وحوادث التاريخ.
وهذه ظاهرة غير خافية على من ألقى نظرة واحدة على هذا الكتاب من أوله إلى آخره، فلا نطيل..
2 - الرجوع إلى كتب أهل السنة في كل فن وهو مع ذلك لا ينقل أخبار أهل السنة عن طريق كتب الشيعة، بل ينقلها عن كتب أهل السنة أنفسهم - إلا ما شذ وندر -، فلا يقول مثلا: أخرج المرتضى عن أحمد في مسنده عن... بل يرجع إلى نفس مسند أحمد، أو ينقل خبره عن واحد أو أكثر من أهل السنة عنه... PageV0MP036
وليس كل كتاب في الأخبار والأحاديث ينقل عنه ويعتمد عليه، بل أكثر نقله واعتماده على أهم كتب أهل السنة وأشهرها في الحديث، أمثال 1:
1 - الصحاح الستة وشروحها.
2 - الموطأ وشروحه.
3 - الجمع بين الصحيحين.
4 - الجمع بين الصحاح الستة.
5 - معاجم الطبراني.
6 - المستدرك على الصحيحين.
7 - المسانيد المعتبرة، وأشهرها مسند أحمد.
8 - كتب السنن..
9 - المشكاة وشروحها.
10 - جامع الأصول.
11 - الجامع الصغير وشروحه.
12 - كنز العمال.
هذا بالنسبة إلى الأخبار والأحاديث.
وأما بالنسبة إلى العلوم الأخرى، فإنه يرجع إلى كتب أهل السنة في كل علم وفن، ففي التفسير مثلا إلى:
1 - تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي.
2 - تفسير الجلالين.
3 - مفاتيح الغيب - التفسير الكبير - للفخر الرازي.
4 - غرائب القرآن لنظام الدين النيسابوري.
PageV0MP037
5 - تفسير القرآن لمحمد بن جرير الطبري.
6 - الكشاف لجار الله الزمخشري.
7 - التفسير الوسيط لأبي الحسن الواحدي.
8 - تفسير القرآن لابن عربي الأندلسي.
9 - البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي.
10 - أنوار التنزيل، تفسير القاضي البيضاوي.
11 - السراج المنير للخطيب الشربيني.
12 - الدر المنثور لجلال الدين السيوطي.
13 - الدر اللقيط من البحر المحيط لتاج الدين القيسي.
14 - التفسير الحسيني - المواهب العلية. للحسين الكاشفي.
15 - روح المعاني، تفسير - لشهاب الدين الآلوسي.
16 - فتح البيان لصديق حسن خان القنوجي.
17 - الكشف والبيان لأبي إسحاق الثعلبي.
18 - لباب التأويل لعلاء الدين الخازن.
19 - معالم التنزيل للبغوي.
20 - تفسير شاهي لمحمد محبوب العالم.
21 - النهر الماد من البحر المحيط لأثير الدين أبي حيان.
هذا بالإضافة إلى أبواب التفسير في كتب الحديث.
وفي السيرة وفضائل الأئمة إلى:
1 - السيرة النبوية المعروفة بسيرة ابن هشام.
2 - إنسان العيون لنور الدين الحلبي. PageV0MP038
3 - السيرة النبوية لأحمد زيني دحلان.
4 - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للدمشقي.
5 - الروض الأنف في شرح السيرة للسهيلي.
6 - الشفا في تعريف حقوق المصطفى وشروحه.
7 - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية وشرحه للزرقاني.
8 - الخصائص الكبرى لجلال الدين السيوطي.
9 - فضائل أمير المؤمنين علي لأحمد بن حنبل.
10 - الإتحاف بحب الأشراف لعبد الله الشبراوي.
11 - إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي.
12 - استجلاب ارتقاء الغرف لشمس الدين السخاوي.
13 - إسعاف الراغبين لمحمد الصبان المصري.
14 - جواهر العقدين لنور الدين السمهودي.
15 - خصائص علي بن أبي طالب للنسائي.
16 - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى لمحب الدين الطبري.
17 - الرياض النضرة لمحب الدين الطبري.
18 - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي.
19 - المناقب للفقيه ابن المغازلي.
20 - المناقب لموفق بن أحمد الخوارزمي.
وغيرها. بالإضافة إلى أبواب السير والفضائل في كتب الحديث.
وفي الفقه إلى:
1 - المبسوط لشمس الدين السرخسي. PageV0MP039
2 - بدائع الصنائع للكاشاني.
3 - الهداية وشروحها.
4 - نيل الأوطار للشوكاني.
5 - إحكام الأحكام في شرح عمدة الأحكام لعماد الدين الحلبي.
6 - المحلى لابن حزم الأندلسي.
وفي أصول الفقه إلى:
1 - المختصر لابن الحاجب وشروحه.
2 - الأصول للسرخسي.
3 - الأصول للبزودي وشروحه.
4 - المنار وشروحه.
5 - مسلم الثبوت وشروحه.
6 - المحصول للفخر الرازي.
7 - التلويح في شرح التنقيح للتفتازاني.
8 - التحرير لابن همام وشروحه.
9 - الاحكام في أصول الأحكام للآمدي.
10 - الاحكام في أصول الأحكام لابن حزم.
11 - إرشاد الفحول للشوكاني.
12 - نهاية العقول للفخر الرازي.
وفي معرفة الصحابة إلى:
1 - الإستيعاب لابن عبد البر. PageV0MP040
2 - الإصابة لابن حجر.
3 - أسد الغابة لابن الأثير.
4 - تجريد أسماء الصحابة للذهبي.
وفي معرفة الأحاديث الموضوعة والمشتهرة والمتواترة من غيرها إلى:
1 - الموضوعات لابن الجوزي.
2 - اللآلي المصنوعة للسيوطي.
3 - التعقيبات على الموضوعات للسيوطي.
4 - الموضوعات لمحمد طاهر الفتني.
5 - الموضوعات لعلي القاري.
6 - تذكرة الموضوعات لعبد الحق الهندي.
7 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي.
8 - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة لابن عراق.
9 - مختصر تنزيه الشريعة لرحمة الله الهندي.
10 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني.
11 - الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي.
12 - المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة للسخاوي.
13 - الدرر المتناثرة في الأحاديث المتواترة للسيوطي.
وإلى غيرها من الكتب.
وفي معرفة الضعفاء والوضاعين والمدلسين إلى:
1 - الضعفاء والمتروكين للبخاري. PageV0MP041
2 - الضعفاء والمتروكين للنسائي.
3 - كشف الأحوال في الرجال لعبد الوهاب المدراسي.
4 - الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث لسبط ابن العجمي.
5 - التبيين لأسماء المدلسين لسبط ابن العجمي.
6 - تمييز الطيب من الخبيث للشيباني.
7 - المغني في الضعفاء للذهبي.
وفي معرفة رجال الحديث إلى:
1 - تهذيب الكمال للمزي.
2 - تذهيب التهذيب للذهبي.
3 - تهذيب التهذيب لابن حجر.
4 - تقريب التهذيب لابن حجر.
5 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي.
6 - الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي.
7 - الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني المقدسي.
8 - الكاشف عن أسماء رجال الصحاح الستة للذهبي.
9 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي.
10 - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني.
11 - الثقات لابن حبان.
12 - أسماء رجال المشكاة للخطيب التبريزي وغيره.
وفي الدراية وقواعد التحديث إلى:
1 - علوم الحديث لابن الصلاح. PageV0MP042
2 - التقييد والايضاح للزين العراقي.
3 - التقريب للنووي.
4 - تدريب الراوي للسيوطي.
5 - شرح ألفية الحديث للزين العراقي.
وفي الكلام إلى:
1 - شرح المقاصد للتفتازاني.
2 - شرح المواقف للجرجاني.
3 - شرح التجريد للقوشچي.
وفي تراجم العلماء إلى:
1 - إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد المكي.
2 - أخبار الأخيار لعبد الحق الدهلوي.
3 - الأنساب للسمعاني.
4 - التاج المكلل لصديق حسن القنوجي.
5 - أخبار أصبهان لأبي نعيم الحافظ.
6 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
7 - التدوين بذكر علماء قزوين للرافعي.
8 - تذكرة الحفاظ للذهبي.
9 - تراجم الحفاظ للبدخشاني.
10 - تهذيب الأسماء واللغات للنووي.
11 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي. PageV0MP043
12 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر.
13 - دول الإسلام للذهبي.
14 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.
15 - سبحة المرجان في علماء هندوستان للبلكرامي.
16 - سير أعلام النبلاء للذهبي.
17 - طبقات الحفاظ للسيوطي.
18 - طبقات الشافعية للسبكي والأسنوي وابن قاضي شهبة الأسدي.
19 - طبقات الصوفية للسلمي.
20 - طبقات القراء لابن الجزري.
21 - طبقات المفسرين للداودي.
22 - الطبقات لمحمد بن سعد.
23 - العبر في خبر من غبر للذهبي.
24 - العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي.
25 - فوات الوفيات لابن شاكر.
26 - كتائب أعلام الأخيار للكفوي.
27 - لواقح الأنوار في طبقات الأخيار للشعراني.
28 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي.
29 - مرآة الجنان لليافعي.
30 - معجم الأدباء لياقوت الحموي.
31 - إتحاف النبلاء المتقين لصديق حسن خان.
32 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني.
33 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي. PageV0MP044
34 - وفيات الأعيان لابن خلكان.
35 - الوافي بالوفيات للصفدي.
36 - النور السافر في أعيان القرن العاشر للعيدروسي.
37 - سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر لمحمد خليل المرادي.
وفي التاريخ إلى:
1 - تاريخ الطبري.
2 - تاريخ ابن الأثير.
3 - تاريخ ابن خلدون.
4 - تاريخ اليعقوبي.
5 - مروج الذهب للمسعودي.
6 - تاريخ المظفري لابن أبي الدم.
7 - تاريخ الخلفاء للسيوطي.
8 - تاريخ الخميس للديار بكري.
9 - تاريخ أبي الفداء - المختصر في أخبار البشر.
10 - روضة المناظر لابن الشحنة.
11 - النجوم الزاهرة لابن تغري بردى.
12 - حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي.
13 - مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.
14 - عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان للعيني.
15 - فتوح البلدان للبلاذري.
وفي غريب الحديث وعلوم العربية إلى:
1 - النهاية لابن الأثير. PageV0MP045
2 - الفائق للزمخشري.
3 - مجمع البحار للفتني.
4 - المفردات في غريب القرآن للراغب.
5 - الصحاح للجوهري.
6 - المخصص لابن سيدة.
7 - القاموس المحيط للفيروز آبادي.
8 - تاج العروس للزبيدي.
9 - لسان العرب لابن منظور.
10 - النثير في مختصر نهاية ابن الأثير للسيوطي.
11 - أساس البلاغة للزمخشري.
12 - منتهى الإرب للصفي پوري.
13 - تهذيب اللغة للأزهري.
14 - المزهر في علوم اللغة للسيوطي.
15 - المغني في علم النحو لابن هشام.
16 - الأشباه والنظائر في اللغة للسيوطي.
17 - التصريح في شرح التوضيح لخالد الأزهري.
18 - مفتاح العلوم للسكاكي.
19 - المطول في علم البلاغة للتفتازاني.
20 - الكافية لابن الحاجب وشروحها.
وفي معرفة البلدان إلى:
1 - معجم البلدان لياقوت الحموي. PageV0MP046
2 - مراصد الاطلاع للبغدادي.
.. وهكذا.. في كتب الأخلاق، والتصوف، والسلوك، وحتى في كتب المحاضرات والطرائف والقصص والأدب... كل ذلك يرجع فيه إلى كتب أهل السنة..
هذا، وفي كثير من الأحايين يؤكد على اعتبار الكتاب الذي ينقل عنه أو يستشهد بما جاء فيه، وأسلوبه في ذلك هو:
1 - ذكر كلام كاشف الظنون. وبذلك يثبت اسم الكتاب واسم مؤلفه وصحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
2 - ذكر رواية العلماء للكتاب في كتب الإجازات والأسانيد.
3 - ذكر من نقل عن الكتاب واعتمد عليه.
4 - ذكر من جعل الكتاب من مصادر كتابه ونص على ذلك في خطبة مؤلفه.
5 - خطبة الكتاب المشتملة على التزام مؤلفه بالنقل عن الكتب المعتبرة وإيراد الأخبار المعتمدة.
ولا يخفى ما لهذا الأسلوب من الأثر في بلوغ المرام وكفاية الخصام.
- " تنبيه " - قد ذكرنا أن احتجاج الشيعة بأخبار أهل السنة ورجوعهم إلى كتب أولئك هو من قواعد البحث وقوانين المناظرة.. لكن بعض متعصبي أهل السنة جهلوا أو تجاهلوا، فقالوا بأن ذلك دليل على أن الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء، فهم في كل ما يدعونه عيال على أهل السنة.. قال ابن روزبهان في الرد على العلامة الحلي:
" العجب من هذا الرجل، لا ينقل حديثا إلا من جماعة أهل السنة، لأن PageV0MP047
الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء مجتهدون مستخرجون للأخبار، فهو في إثبات ما يدعيه عيال على أهل السنة ".
والسيد رحمه الله غير غافل عن هذا التوهم أو التجاهل، فأورد في بحثه حول بعض الأحاديث (كحديث النور) ألفاظا منه بطرق الشيعة الإمامية عن أئمتهم الأطهار عن النبي المختار صلى الله عليه وآله ردا على كلام ابن روزبهان ومن لف لفه..
3 - الاستناد إلى فهم الأصحاب ومن أساليبه في الاستدلال على ما يذهب إليه هو الرجوع إلى فهم الأصحاب فإن فهم الصحابة - لا سيما من خالف منهم عليا عليه السلام - يكون حجة ومرجعا لدى الخصومة والنزاع في معنى الحديث النبوي، وذلك:
1 - لأنهم عدول عند المشهور بين أهل السنة.
2 - لأنهم عاصروا النبي صلى الله عليه وآله وحضروا الوقائع وشهدوا صدور الحديث المتنازع فيه وسمعوه ووعوه.
3 - ولأنهم أهل اللسان.
فمن الحري بنا أن نرجع إلى فهمهم، وهذا ما صنعه السيد في مواضع من بحوثه، نذكر هنا بعضها من باب التمثيل:
1 - في معنى " من كنت مولاه فعلي مولاه " لقد فهم الأصحاب مما قاله النبي صلى الله عليه وآله في يوم غدير خم نفس المعنى الذي تقول به الشيعة:
1 - ناشد أمير المؤمنين عليه السلام الناس عن (حديث الغدير) وطلب ممن PageV0MP048
حضر ذلك اليوم وسمع النبي " ص " أن يقوم فيشهد.
أترى أنه عليه السلام كان يفهم من الحديث غير الإمامة؟
2 - ولو كان المراد من (حديث الغدير) غير " الإمامة " من معاني " الولاية " فلماذا كتم جماعة من الأصحاب الشهادة بذلك؟ ولماذا دعا عليه السلام على من كتم؟
3 - ولماذا " سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له دافع ".. أليس قد فهم " الإمامة " من الخطبة؟ ألم يقل للنبي: "... ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه.. " 4 - وقال حسان بن ثابت الأنصاري في شعره في يوم الغدير:
" رضيتك من بعدي إماما وهاديا ".
5 - واستنكر أبو الطفيل (حديث الغدير). قال: " فخرجت وفي نفسي شئ ".
6 - وقال أبو أيوب الأنصاري وجماعة من الأصحاب دخلوا على أمير المؤمنين عليه السلام: " السلام عليك يا مولانا. فقال عليه السلام: وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله " ص " يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه ".
7 - وهنأ أبو بكر وعمر وسائر الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا يوم الغدير قائلين: " ليهنئك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.. " 8 - وقال عمر - في جواب من قال له: تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله " ص " - قال: " إنه مولاي ".
9 - وقال لمن استنكف من قضاء علي:
" ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ". PageV0MP049
10 - وقال ابن حجر المكي في (الصواعق) في وجوه الجواب عن حديث الغدير: " ثالثها: سلمنا أنه أولى، لكن لا نسلم أن المراد أنه الأولى بالإمامة، بل بالاتباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه. ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال. بل هو الواقع، إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما في الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له:
أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني. وأخرج أيضا أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي " ص ". فقال: إنه مولاي ".
2 - في معنى حديث الطائر قال الدهلوي: إن المراد من " الأحب " في قوله صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطائر " هو " الأحب في الأكل ".
وقد أجاب السيد رحمه الله عن هذه الدعوى ب " 70 " وجها، ومنها الرجوع إلى فهم الأصحاب، فإنهم قد فهموا من هذا اللفظ ما تقوله الشيعة وتفهمه..
فمن ألفاظ الحديث عن مالك بن أنس قال:
" أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام.
فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي. قال أنس:
فقلت أنا: اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال أنس: سمعت حركة الباب فسلم فإذا علي. فقلت: إن رسول الله على حاجة. فانصرف. ثم سمعت حركة الباب فسلم علي وسمع رسول الله فقال: أنظر من هذا. فخرجت فإذا علي فجئت إلى PageV0MP050
رسول الله فأخبرته فقال: ائذن له فأذنت له فدخل - فقال رسول الله: إلي إلي ".
فليت شعري هل كان هذا الشوق من عائشة وحفصة وأنس لأن يكون " الأحب في الأكل " غير علي؟ وما ضرهم لو كان علي " الأحب في الأكل "؟ وهل يرتكب أنس بن مالك كبيرة الكذب لأمر صغير كهذا؟
ثم إن هذه القضية لتذكر الإنسان بقضية أمر النبي صلى الله عليه وآله في أيام مرضه بأن يدعو له الحاضرون عليا عليه السلام لأجل الوصية إليه، ولأن يأمره بالصلاة في مقامه.. ففي الحديث عن الأرقم بن شرحبيل قال: " سألت ابن عباس: أوصى رسول الله " ص "؟ قال: لا. قلت: فكيف كان ذلك؟ قال:
قال رسول الله " ص ": ابعثوا إلى علي فادعوه. فقالت عائشة: لو بعثت إلى أبي بكر. وقالت حفصة: لو بعثت إلى عمر، فاجتمعوا عنده جميعا. فقال رسول الله " ص ": انصرفوا فإن تك لي حاجة أبعث إليكم. فانصرفوا.. " وفيه: عن عائشة قالت " قال رسول الله " ص " - وهو في بيتها لما حضره الموت - ادعوا لي حبيبي. فدعوت له أبا بكر، فنظر إليه ثم وضع رأسه، ثم قال: ادعوا لي حبيبي. فدعوت له عمر، فنظر إليه ثم وضع رأسه، ثم قال:
ادعوا لي حبيبي. فقلت: ويلكم ادعوا له عليا فوالله ما يريد غيره. فلما رآه أفرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه. فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه 1 ".
3 - في معنى ثلاثة أحاديث ورووا عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية في بعض حجاته فدخل
PageV0MP051
على سعد، فذكروا عليا، فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله " ص " يقول له ثلاث خصال لئن تكون له واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها.
سمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه.
وسمعته يقول: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله.
وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " فما الذي فهم من " الولاية " و " الحب " و " المنزلة " وتمنى حصوله له مرجحا إياه على الدنيا وما فيها؟!
4 - في معنى حديث المنزلة وفهم معاوية من حديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " أعلمية الإمام عليه السلام، فقد قال ابن حجر المكي وغيره واللفظ له:
" أخرج أحمد أن رجلا سأل معاوية عن مسألة، فقال: اسأل عنها عليا فهو أعلم.
فقال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلي من جواب علي. فقال: بئسما قلت لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغزره بالعلم غزرا. ولقد قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وكان عمر إذا أشكل عليه شئ أخذ منه.
وقد أخرجه آخرون بنحوه، لكن زاد بعضهم: قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان. ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدته إذا أشكل عليه شئ قال: ههنا علي؟ ". PageV0MP052
5 - في معنى حديث التشبيه وفهم أبو بكر من حديث التشبيه ما يفهمه الإمامية، ففي الحديث عن حارث الأعور قال: بلغنا أن رسول الله " ص " كان في جمع من أصحابه فقال: أريكم آدم في علمه ونوحا في فهمه وإبراهيم في حكمته.
فلم يكن بأسرع من أن طلع علي.
فقال أبو بكر: يا رسول الله أقست رجلا بثلاثة من الرسل؟! بخ بخ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟
قال النبي " ص ": ألا تعرفه يا أبا بكر.
قال: الله ورسوله أعلم.
قال: أبو الحسن علي بن أبي طالب.
قال أبو بكر: بخ بخ لك يا أبا الحسن، وأين مثلك يا أبا الحسن؟! " 4 - الاستدلال بالقواعد المقررة ثم إن في كل علم من العلوم قواعد مقررة مقبولة عند علماء ذاك العلم، وكل استدلال يجب أن لا يتنافى مع قاعدة من تلك القواعد، بل لا بد من أن ينطبق عليها، وإلا فلا يتم الاستدلال ولا ينتج المطلوب.
وأنت لا تجد في استدلال من استدلالات صاحب العبقات مخالفة لشئ من القواعد المسلمة في علم من العلوم، بل الأمر بالعكس، فإنك ترى - في كل مقام اقتضى البحث - الاستدلال المتين بالقواعد العلمية المتفق عليها بين العلماء، وهو حيث يستدل بقاعدة يستشهد لاعتبارها بموارد من استدلال كبار علماء القوم بها في كتبهم المختلفة، ونحن نشير هنا إلى بعض تلك القواعد: PageV0MP053
1 - قاعدة " تقدم المثبت على النافي " وهذه قاعدة عامة استند إليها السيد في الجواب عن مناقشة الفخر الرازي لحديث الغدير، فكان مما ذكر الرازي أن البخاري ومسلما.. لم يخرجوا حديث الغدير، فأجاب عن كل جملة جملة من كلامه في فصل خاص يتوفر على مطالب جليلة ومباحث مهمة ووجوه كثيرة ..
وكان من تلك الوجوه: تقديم قول الرواة المثبتين لحديث الغدير على قول النافين له - فضلا عن الساكتين عن روايته - استنادا إلى قاعدة " تقدم المثبت على النافي "، وهي قاعدة استند إليها المحدثون والفقهاء والأصوليون والأدباء..
ففي (السيرة الحلبية) في البحث عن أنه هل صلى رسول الله صلى الله عليه وآله في الكعبة يوم فتح مكة أولا: " فبلال رضي الله عنه مثبت للصلاة في الكعبة وأسامة رضي الله عنه ناف، والمثبت مقدم على النافي ".
وفي (زاد المعاد في هدي خير العباد) - في كيفية جلوس النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة، وأنه هل كان يحرك إصبعه عندما يشير بإصبعه إذا دعا فيها أولا ذكر حديثين أحدهما لأبي داود عن عبد الله بن الزبير وفيه: " لا يحركها " والآخر لأبي حاتم عن وائل بن حجر وفيه: " ويحركها ". فأجاب عن الأول بوجوه، منها قوله: " وأيضا فليس في حديث أبي داود أن هذا كان في الصلاة، فلو كان في الصلاة لكان نافيا، وحديث وائل مثبتا، وهو مقدم ".
وفي (الفتح الوهبي) في تحقيق أنه هل في لفظ " المشورة " لغة واحدة أو لغتان؟ فنقل عن بعض اللغويين أنها لغة واحدة لا غير، وعن بعض لغتان. وقال مرجحا للقول الثاني: " والمثبت مقدم على النافي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ". PageV0MP054
2 - قاعدة " عدم حمل الاستثناء على المنفصل ما أمكن المتصل " وهذه قاعدة أصولية نص عليها كبار الأصوليين، استند إليها السيد في الاستدلال بحديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " في جواب دعوى الدهلوي الضرورة على كون الاستثناء في هذا الحديث منقطعا.
فأثبت أنه لا وجه للحمل على الانفصال وحمله على الاتصال ممكن، والأصل هو الحمل على الاتصال مهما أمكن، لأن الاستثناء المتصل حقيقة، والمنقطع مجاز، ومهما أمكن حمل الاستثناء على الحقيقة وجب حمله عليها، إذ الأصل في الكلام هو الحقيقة.
وقد أورد هناك نصوص عدة من الأصوليين على هذه القاعدة عن المتون الأصولية الشهيرة وشروحها، كالمختصر لابن الحاجب، والمنهاج للبيضاوي، والتلويح للتفتازاني، وكشف الأسرار في شرح أصول البزودي لعبد العزيز البخاري. وغيرها.
3 - قاعدة " الحمل على المعنى " وهي قاعدة أدبية، استند إليها السيد في حديث المنزلة قائلا بأن " إلا أنه لا نبي بعدي " محمول على " إلا النبوة " عملا بقاعدة " الحمل على المعنى ".
ثم ذكر رحمه الله نظائر لهذا الحمل عملا بتلك القاعدة عن كتاب (الأشباه والنظائر) للسيوطي.
4 - قاعدة " الحديث يفسر بعضه بعضا " وهي قاعدة حديثية. استند إليها في بعض بحوثه وهو بصدد الاستدلال بحديث PageV0MP055
أو الرد على كلام. فمن الأول: استدلاله على دلالة " المولى " في (حديث الغدير) على معنى " الأولوية بالتصرف " بالألفاظ المختلفة الأخرى الأوضح دلالة على المعنى المذكور، فتكون تلك الألفاظ مفسرة للفظ " المولى " في لفظ " من كنت مولاه فهذا مولاه ".
ومن الثاني: استدلاله بشواهد ومؤيدات (حديث أنا مدينة العلم) - والتي ذكرنا نصوص طائفة منها - على إبطال تأويل يوسف الواسطي لفظ " علي " في الحديث بأن المراد منه هو " العلو والارتفاع ".
وقد استند إلى هذه القاعدة كبار علماء الحديث كالحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري - في شرح الأحاديث وبيان معانيها.
5 - قاعدة " لزوم حمل اللفظ المشترك عند فقد المخصص على جميع معانيه " استند إلى هذه القاعدة في دلالة حديث: " إن عليا مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن من بعدي ".. فإن لفظ " ولي " يحمل هنا على جميع معانيه ومنها " الأولى بالتصرف " بعد التنزل عن تبادر هذا المعنى منها بالخصوص في هذا الحديث الشريف.
الباب الثالث أسلوبه في الرد وتتجلى عظمة المؤلف، ودقته في النظر، وإحاطته بالعلوم، وتتبعه للأقوال، وأمانته في النقل، والتزامه العملي بقواعد البحث.. في أساليبه في الرد على الاشكالات أو النقد للاستدلالات..
لقد قطع رحمه الله بأقوى الحجج وأمتن البراهين كافة الطرق والذرائع، PageV0MP056
ودفع جميع الشكوك والشبهات، حتى لم يبق للخصوم أي طعن في المذهب، أو قدح في دليل، أو تضعيف لحديث.. إلا ودفعه بالتي هي أحسن، ورد عليه الرد الجميل: " بتحقيقات أنيقة، وتدقيقات رشيقة، واحتجاجات برهانية، وإلزامات نبوية، واستدلالات علوية، ونقوض رضوية " مستندا في ذلك كله إلى كتب أهل السنة، ومستدلا بأقوال أساطين علمائهم في مختلف العلوم والفنون.
لقد تناول كل كلمة جاءت في " التحفة " رادا عليها أو منتقدا لها.
وكثيرا ما يرد كلمات صاحب " التحفة " بما ذكره هو في نفس الكتاب أو غيره من كتبه، وطالما يفندها بكلمات والده وغيره من شيوخه وأساتذته. " حتى عاد الباب من التحفة الاثني عشرية خطابات شعرية، وعبارات هندية، تضحك منها البرية ".
وقد يناقش كلمات شيخه ووالده " ولي الله الدهلوي " وكلمات تلامذته ولا سيما محمد رشيد الدين خان الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي.
بل لقد تناول بالرد والبحث كل ما ذكره أولئك المتعصبون المنكرون للحقائق طعنا في مذهب أهل البيت، أمثال أبناء تيمية والجوزي وحجر وكثير..
فتراه في حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " الذي بحث فيه في مجلدين كبيرين - يخصص المجلد الأول منهما باثبات الحديث سندا ثم بيان وجوه دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل.. كل ذلك ردا على المولوي عبد العزيز صاحب " التحفة ".. وبه يتم البحث إثباتا وردا، ثم يخصص المجلد الثاني للبحث مع الذين ناقشوا في الاستدلال بهذا الحديث على الإمامة بالطعن في سنده أو دلالته.. من علماء أهل السنة.. من المتقدمين والمتأخرين... من الهنود وغيرهم.. كما سيأتي.
وبذلك أصبح هذا الكتاب موسوعة عقائدية علمية تاريخية.. ومن أهم وأوسع الكتب المؤلفة في مجال الصراع العقيدي.. وإليك بعض الجوانب PageV0MP057
المهمة من خصائص الكتاب في أسلوبه في النقاش العلمي:
1 - نقل كلام الخصم كاملا قد ذكرنا أن من عادة علماء الشيعة في الرد هو نقل كلام الخصم بصورة كاملة، وبلفظه الوارد في كتابه، فلا ينقصون منه شيئا ولا ينقلونه بالمعنى..
وهكذا كان دأب السيد صاحب العبقات.. فإنه يورد كلام الدهلوي وغيره ثم يرد عليه جملة جملة تحت عنوان " قوله - أقول "..
2 - الاستيعاب الشامل واستوعب هذا الكتاب جميع جوانب البحث حول كل موضوع من مواضيعه.. فهو حينما يأخذ بالرد على استدلال الخصم بحديث من الأحاديث، أو بكلام له في الطعن على استدلال الإمامية.. لا يغفل عن جانب من جوانب البحث فيه، ولا يكتفي بالرد عليه من ناحية أو ناحيتين، بل يعالجه علاجا جذريا، ويهدم ما تفوه به من الأساس هدما كليا..
فتراه حينما يرد على قدح ابن الجوزي في حديث الثقلين بإيراده في كتابه " العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " قائلا: " حديث في الوصية لعترته:
أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: نا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا يوسف بن الدخيل قال: حدثنا أبو جعفر العقيلي قال: نا أحمد بن يحيى الحلواني قال: نا عبد الله بن داهر قال: نا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله " ص ":
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا جميعا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
قال المصنف: هذا حديث لا يصح. أما عطية فقد ضعفه أحمد ويحيى وغيرهما. PageV0MP058
وأما ابن عبد القدوس فقال يحيى: ليس بشئ رافضي خبيث. وأما عبد الله بن داهر فقال أحمد ويحيى: ليس بشئ ما يكتب منه إنسان فيه خير ".
يرد عليه بمائة وست وخمسين وجها.. توفرت هذه الوجوه على الرد في هذا الكلام من جهات:
1 - النقض برواية أصحاب الصحاح والمسانيد وغيرهم إياه وتصحيح آخرين له..
2 - البحث حول " عطية " و " ابن عبد القدوس " و " عبد الله بن داهر ".
3 - استنكار جماعة من علماء أهل السنة كلام ابن الجوزي، وإيراده الحديث في " العلل المتناهية ". فأورد كلام سبط ابن الجوزي في الرد على جده قائلا: " والعجب كيف خفي على جدي ما روى مسلم.. " وكلام الحافظ السخاوي حيث يقول: " وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في العلل المتناهية، بل أعجب من ذلك قوله أنه حديث لا يصح " والحافظ السمهودي القائل: " ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في العلل المتناهية، فإياك أن تغتر به... " وابن حجر المكي:
" وذكر ابن الجوزي لذلك في العلل المتناهية وهم أو غفلة.. " والمناوي:
" ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي ".
فهل ترى لابن الجوزي من باقية؟
وتراه حينما يرد على معارضة الخصم حديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بما وضعوه عن النبي صلى الله عليه وآله: " ما صب الله شيئا في صدري إلا وصببته في صدر أبي بكر " يرد عليه باثني عشر وجها.. توفرت هذه الوجوه على الرد عليه من جهات، أهمها:
1 - مصادمته للواقع.
2 - تصريح العلماء ببطلانه ووضعه، كابن الجوزي، والطيبي، وابن قيم الجوزية، ومجد الدين الفيروزآبادي، ومحمد بن طاهر الفتني، والشيخ PageV0MP059
علي القاري، والشيخ عبد الحق الدهلوي، والشوكاني..
قال القاري نقلا عن ابن القيم: " ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنية في فضل الصديق حديث: إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولأبي بكر خاصة. وحديث: ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر، وحديث: كان إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر.. ".
3 - التتبع الهائل وتتبع السيد رحمه الله جميع الأقوال الواردة في كل موضوع بحثه، فلم يترك قولا لم يتعرض له، بل يذكر ما يمكن أن يقال أيضا..
فهو عندما ينتهي من الرد على خصمه الدهلوي يشرع في البحث مع الآخرين، وقد يقدم الرد على كلام غيره - لاقتضاء البحث ذلك - ثم يدخل في مناقشة كلمات " التحفة ".
فمن الثاني ما صنعه في حديث: " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح.. " الذي رد الدهلوي على الاستدلال به على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من جهة الدلالة، ولم يتعرض إلى جهة السند.. فذكر السيد رحمه الله أسماء طائفة من المخرجين لهذا الحديث الشريف وهم 92 رجلا، ابتداء بالشافعي فأحمد فمسلم بن الحجاج.. وانتهاء بالمعاصرين له.. ثم نصوص رواياتهم.. لما ذكرنا سابقا من أن البحث عن السند مقدم على البحث الدلالي. وقد دعاه إلى ذلك طعن ابن تيمية في هذا الحديث بقوله: " أما قوله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح. فهذا لا يعرف له إسناد أصلا، صحيح ولا ضعيف، ولا هو في شئ من كتب الحديث التي يعتمد عليها، وإن كان قد رواه من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا مما يزيده وهنا وضعفا ". PageV0MP060
وقد ذكرنا في مقدمة قسم حديث السفينة:
" فإذا لم يكن (فضائل علي لأحمد بن حنبل) و (المستدرك للحاكم) و (تهذيب الآثار لابن جرير الطبري) و (مسند أبي يعلى) و (مسند البزار) و (المعجم الصغير للطبراني) و (مشكاة المصابيح) و (المطالب العالية لابن حجر) وأمثالها " من كتب الحديث التي يعتمد عليها " فأي كتاب عندهم يعتمدون عليه؟
وإذا كان (الأعمش) و (أبو إسحاق السبيعي) و (مسلم) و (الشافعي) و (الطبراني) و (الدارقطني) و (أبو داود) و (أحمد) و (البزار) و (الطبراني) و (الحاكم) و (أبو نعيم) و (الخطيب) و (ابن حجر) وأمثالهم " من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات " فمن هو المحدث الذي يعتمدون عليه؟! " ومنه ما صنعه في حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " هذا الحديث المتواتر قطعا، والمخرج في الصحيحين، والذي نص أكابر الأئمة على أنه من أصح الأحاديث وأثبتها.. فإنه تعرض لجهة السند فيه في فصول عديدة..
ليرد على الآمدي ومن تبعه من المتعصبين القائلين بأنه غير صحيح..
ومن الواضح أنه لو لم يتعرض إلى هذه الناحية بالنسبة إلى هذين الحديثين لم يعترض عليه، لعدم تعرض الدهلوي المردود عليه لها.. لكن " عبقات الأنوار " الذي ألف " في إثبات إمامة الأئمة الأطهار " لا بد وأن يتعرض للرد على هذه الكلمة الكبيرة التي خرجت من أفواه هؤلاء.. وليثبت للملأ العلمي مدى تعصب القوم، وتجريهم على الافتراء والكذب..
ومن الأول: ما صنعه في حديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " حيث أثبت الحديث سندا، وذكر وجوه دلالته على الإمامة، ورد على مناقشات خصمه الدهلوي.. ثم عاد ليرد في مجلد ضخم آخر كلمات كل من ناقش في الاستدلال بهذا الحديث، بالطعن في سنده أو دلالته.. وهم: العاصمي، والطيبي، وابن PageV0MP061
تيمية، ويوسف الأعور الواسطي، والسخاوي، والسمهودي، وابن روزبهان، وابن حجر المكي، والقاري، والبنباني، والشيخاني القادري، وعبد الحق الدهلوي، وولي الله الدهلوي، والاورنك آبادي، والقاضي پاني پتي.
وقد توفر هذا المجلد على بحوث جليلة ومطالب قيمة، لا تجدها في أي كتاب آخر، كما أنك لو اطلعت عليه لعرفت مدى جهالة هؤلاء القوم، وشدة تعصبهم للباطل.
4 - الكشف عن الجذور ومن أساليبه في هذا الباب: أنه رحمه الله حيث يورد كلام الخصم.. يرجع إلى أصله، ويكشف عن جذوره.. لما في ذلك من الفوائد العلمية، والآثار المهمة في كشف الحق. ومن ذلك:
1 - انتحال الدهلوي لبحوث الآخرين فأول شئ يقصد السيد إبانته هو أن لا جديد عند الدهلوي، بل إن جميع ما جاء به مذكور في كتب السابقين عليه، بل حقق السيد رحمه الله وأثبت أن كتاب " التحفة الاثنا عشرية " منحول من كتاب " الصواقع لنصر الله الكابلي " مع زيادات من أقاويل والده وحسام الدين السهار نبورى صاحب " المرافض "، وأن كتاب " بستان المحدثين لعبد العزيز الدهلوي " منحول من كتاب " كفاية المتطلع لتاج الدين الدهان ".. وهذه فائدة جليلة..
2 - نسب لا أصل لها ويظهر من الرجوع إلى الجذور والكشف عنها ما في كلمات القوم في المناقشة PageV0MP062
مع الإمامية من النسب التي لا أصل لها ولا واقعية، فكثيرا ما ينبه في مطاوي البحوث على ما وقع منهم من هذا القبيل، وإليك نماذج من ذلك:
1 - قال جماعة في الجواب عن حديث الطائر: " أورده ابن الجوزي في الموضوعات ". وهذه النسبة كاذبة..
2 - ونسب إلى الحافظ يحيى بن معين أنه قال في حديث أنا مدينة العلم:
" لا أصل له " وهذه النسبة باطلة جدا..
3 - ونسب إلى الترمذي أنه قال في حديث " أنا مدينة العلم " منكر غريب.
وهذه النسبة لا أصل لها.
4 - ونسبوا القدح في حديث أنا مدينة العلم إلى شمس الدين ابن الجزري.
وهي نسبة مكذوبة.
5 - وعزا ابن تيمية حديثا استدل به إلى الصحيحين قائلا:
" ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيحين من قول النبي " ص " في حديث الأسارى لما استشار أبا بكر، فأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل. قال: سأخبركم عن صاحبيكم، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم إذ قال: فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم. ومثل عيسى إذ قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم. ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. ومثل موسى إذ قال: ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ".
لكن لا وجود لهذا الحديث في الصحيحين.
6 - وأنكر بعضهم رواية البيهقي لحديث الأشباه: " من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى.. فلينظر إلى علي بن أبي طالب " ردا على العلامة الحلي الذي استدل برواية البيهقي إياه. فأجاب السيد عن هذا الانكار بالتفصيل..
7 - وادعى الفخر الرازي عدم رواية ابن إسحاق حديث الغدير، وأن عدم PageV0MP063
روايته له دليل على ضعفه. وهذه الدعوى باطلة، فابن إسحاق غير معرض عن حديث الغدير، بل هو من رواته، وقد رواه عنه جماعة..
8 - ونسب الشيخ علي القاري وولي الله الدهلوي الحديث الموضوع:
" اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " إلى الصحيحين، وهذه النسبة باطلة مكذوبة، وقد نص الحاكم حيث أخرجه في مستدركه على أنهما " لم يخرجاه ".
3 - تحريفات وتصرفات ومن فوائد هذا الأسلوب هو الوقوف على طرف من تصرفات القوم في الأحاديث، وفي نصوص عبارات العلماء.. وهذا باب واسع لو جمع لكان كتابا برأسه... ولا بأس بذكر موارد منه:
فمن تصرفات القوم في الأحاديث: ما كان في حديث أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه يختلف لفظه في كل موضع عن غيره، اختلافا فاحشا لا يكون إلا عن عمد، ولأغراض معينة لا تخفى على أحد.. وإليك الحديث:
في كتاب الجهاد باب حكم الفئ، عن مالك بن أوس، أن عمر قال مخاطبا لعلي والعباس:
" فلما توفي رسول الله قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته عن أبيها. فقال أبو بكر: قال رسول الله " ص ": لا نورث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفي أبو بكر وكنت أنا ولي رسول الله " ص " وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق ".
هذا هو الحديث. PageV0MP064
وأخرجه في باب فرض الخمس: "... فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله " ص " والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، اعمل فيها بما عمله رسول الله وبما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم أني فيها لصادق بار راشد تابع للحق ".
حذف منه الفقرتين: " فرأيتماه.. " و " فرأيتماني... ".
وأخرجه في كتاب المغازي في حديث بني النضير: " فقبضه أبو بكر، فعمل فيه بما عمل رسول الله " ص ". فقال - وأنتم حينئذ. فأقبل على علي وعباس وقال - تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان، والله يعلم أنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر، فقبضته سنتين من أمارتي اعمل فيه بما عمل فيه رسول الله وأبو بكر، والله يعلم إني فيه صادق بار راشد تابع للحق ".
فحذف فقرة " فرأيتماه.. " وجعل مكانها " تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان "، وحذف الفقرة الثانية.
وأخرجه في كتاب النفقات باب حبس نفقة الرجل قوت سنته:
" فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله " ص " وأنتما حينئذ - وأقبل على علي وعباس - تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا، والله يعلم إنه فيها صادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر، فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر " فحذف الفقرة الأولى، وجعل مكانها: " تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا "، وحذف الفقرة الثانية.
وأخرجه في كتاب الفرائض باب قول النبي " ص ": لا نورث ما تركناه صدقة: " فتوفى الله نبيه فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله " ص " فقبضها فعمل PageV0MP065
بما عمل به رسول الله " ص "، ثم توفى الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله " ص " فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله " ص " وأبو بكر ".
فحذف الفقرتين.
وفي كتاب الاعتصام باب ما يكره من التعمق والتنازع:
" ثم توفى الله نبيه فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ، فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله. وأنتما حينئذ - وأقبل على علي وعباس فقال - تزعمان أن أبا بكر فيها كذا، والله يعلم إنه فيها صادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله وأبو بكر ".
فحذف الفقرة الأولى ووضع مكانها: " تزعمان أن أبا بكر فيها كذا " وحذف الفقرة الثانية.
فممن هذا التلاعب؟ أمن البخاري؟ أم من الرواة؟
وستطلع في باب " بحوث وتحقيقات " حيث نذكر " أحاديث موضوعة " على أمثلة من تصرفاتهم وتحريفاتهم في خصوص أحاديث مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.
ومن تصرفات القوم التي تنكشف عن طريق التحقيق في العبارات الصادرة عنهم: قول الدهلوي في حديث: " خلقت أنا وعلي من نور واحد.. " ما نصه:
" وهذا حديث موضوع بإجماع أهل السنة، وفي إسناده محمد بن خلف المروزي. قال يحيى بن معين: كذاب. وقال الدارقطني: متروك ولم يختلف أحد في كذبه، ويروى من طريق آخر وفيه: جعفر بن أحمد وكان رافضيا غاليا وضاعا، وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبهم.. " هذا كلا (الدهلوي) وقد أخذ هذا - على عادته - من (نصر الله الكابلي) PageV0MP066
الأخذ أكثر ما ذكره من (ابن روزبهان). وهذه عبارة ابن روزبهان في الجواب عن الاستدلال بالحديث المذكور:
" ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات وقال:
هذا الحديث موضوع على رسول الله " ص "، والمتهم به في الطريق الأول محمد ابن خلف المروزي. قال يحيى بن معين: كذاب. وقال الدارقطني متروك.
وفي الطريق الثاني المتهم به جعفر بن أحمد، وكان رافضيا كذابا يضع الحديث في سب أصحاب رسول الله ".
فهذه عبارة ابن روزبهان.
وقال الكابلي: " وهو باطل لأنه موضوع بإجماع أهل الخبر، وفي إسناده محمد بن خلف المروزي. قال يحيى بن معين هو كذاب. وقال الدارقطني متروك ولم يختلف أحد في كذبه. ويروى من طريق آخر وفيه: جعفر بن أحمد وكان رافضيا غاليا كذابا وضاعا، وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبهم ".
فزاد الكابلي " لأنه موضوع بإجماع أهل الخبر ".
وعبارة (ابن الجوزي) في (كتاب الموضوعات) واردة في حديث آخر غير حديث النور الذي يتمسك به الإمامية - ومن هنا قال ابن روزبهان " بمعناه " - وفيها فوارق كثيرة مع عبارات القوم، وإليك نص عبارته بعينها ليتضح واقع الأمر وتنكشف تصرفاتهم فيها:
" الحديث الأول فيما خلق منه علي بن أبي طالب أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني علي بن الحسن بن محمد الدقاق قال: ثنا محمد بن إسماعيل الوراق قال: ثنا إبراهيم بن الحسين بن داود القطان قال: ثنا محمد بن خلف المروزي ثنا موسى ابن إبراهيم، ثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده قال قال رسول الله " ص ": خلقت أنا PageV0MP067
وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من طينة واحدة.
هذا حديث موضوع على رسول الله " ص " والمتهم به: المروزي، قال يحيى ابن معين: هو كذاب. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: كان مغفلا يلقن فيتلقن فاستحق الترك.
وقد روى جعفر بن أحمد بن بيان عن محمد بن عمر الطائي عن أبيه عن سفيان عن داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن عن نمير الحضرمي عن أبي ذر قال قال رسول الله " ص ": خلقت أنا وعلي من نور واحد. وكنا عن يمين العرش قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، ثم خلق الله آدم، فانقلبنا في أصلاب الرجال، ثم جعلنا في صلب عبد المطلب، ثم اشتق أسماءنا من اسمه، فالله محمود وأنا محمد، والله الأعلى وعلي علي.
قال المصنف: هذا وضعه جعفر بن أحمد وكان رافضيا يضع الحديث.
قال ابن عدي: كان يتقين أنه يضع ". فعلم من هذا التحقيق:
1 - إن دعوى وقوع " محمد بن خلف المروزي " في طريق حديث النور كاذبة.
2 - لقد رمى ابن الجوزي " جعفر بن أحمد " بوضع الحديث، وابن روزبهان أضاف " في سب أصحاب رسول الله " ص ".
3 - إن ابن روزبهان أضاف كلمة " كذابا ".
4 - إن الكابلي أضاف إلى ما تقدم " غاليا وضاعا ".
5 - إن الكابلي أضاف كلمة " وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبهم ".
6 - إن الكابلي أضاف إلى ذلك كله أيضا كلمة: " ولم يختلف أحد في كذبه ".
فهذه زيادات أربع من الكابلي، واثنتان من ابن روزبهان شاركه فيهما PageV0MP068
الكابلي... وليس لها وجود في كلام ابن الجوزي.
7 - وابن روزبهان نقل عن ابن الجوزي الاتهام بأن " محمد بن خلف " كان وضاعا للحديث، لكن الكابلي لم يذكر ابن الجوزي لئلا يتعقب عليه.
8 - والكابلي نسب الاتهام بالوضع إلى " إجماع أهل الخبر " بدل أن ينسبه إلى ابن الجوزي.
9 - والدهلوي ذكر " إجماع أهل السنة " بدل " إجماع أهل الخبر ".
وروى الترمذي حديث: " أنا دار الحكمة وعلي بابها " وقال: " حسن غريب ".
هكذا نقل عنه المحب الطبري في (الرياض النضرة) - فأسقط بعضهم كلمة " حسن " وترك كلمة " غريب " على حالها... كما في (المشكاة) و (تاريخ ابن كثير) و (فيض القدير).
وأبدل بعضهم لفظة " غريب " - بعد إسقاط لفظة " حسن " - بلفظة " منكر " ... كما في (تهذيب الأسماء واللغات) و (المقاصد الحسنة).
وجمع بعضهم - بعد حذف " حسن " - بين لفظتي " غريب " و " منكر "...
كما في (قرة العينين).
وقال الترمذي بعد حديث: " أنا دار الحكمة وعلي بابها ": " لا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك " فحرفه بعضهم وجعل كلمة " عن " في مكان كلمة " غير "... أنظر (المرقاة في شرح المشكاة).
ومن تحريفاتهم إسقاطهم حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " من (صحيح الترمذي) ومن (مصابيح السنة للبغوي).
أما (صحيح الترمذي)... فقد روى عنه الحديث المذكور جماعة منهم:
1 - ابن الأثير في (جامع الأصول).
2 - محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤل). PageV0MP069
3 - السيوطي في (تاريخ الخلفاء).
4 - ابن حجر المكي في (الصواعق المحرقة).
5 - الزرقاني المالكي في (شرح المواهب اللدنية).
وأما (المصابيح) فقد نقل عنه الحديث المذكور جماعة منهم:
1 - المحب الطبري في (الرياض النضرة) و (ذخائر العقبى).
2 - القاري في (المرقاة في شرح المشكاة).
3 - أحمد بن الفضل المكي في (وسيلة المآل).
وأخرج الترمذي حديث: " إن عليا مني وأنا من علي وإنه ولي كل مؤمن من بعدي ".
فاسقط البغوي منه كلمة " بعدي " وعزاه إلى الترمذي، وقد تبع البغوي على ذلك جماعة منهم السهار نفوري صاحب المرافض، المولوي حسن علي المحدث تلميذ المولوي عبد العزيز الدهلوي.
بل زعم محمد بن معتمد خان البدخشي في رسالة له أسماها ب (رد البدعة) أن كلمة " بعدي " في هذا الحديث موضوعة.
والشاة ولي الله الدهلوي روى الحديث عن الترمذي في موضع من (إزالة الخفاء) باللفظ الكامل. لكنه حرفه عندما تصدى للجواب عنه، فوضع كلمة " أنا " في مكان " أنه " وحذف كلمة " بعدي " كما فعل البغوي ومن تبعه.
(5) - التنبيه على موارد مخالفة الالتزامات:
وينبه السيد رحمه الله في كثير من الموارد على مخالفة الدهلوي لقواعد البحث، ولما التزم به في كتابه (التحفة)...
لقد كان من جملة ما التزم به الدهلوي في كتابه:
1 - لا يصلح الاحتجاج إلا بأحاديث الصحاح PageV0MP070
ذكر الدهلوي في كتابه: " إن القاعدة المقررة لدى أهل السنة هي أن كل حديث ورد في كتاب لم يلتزم صاحبه فيه بالصحة - كما فعل البخاري ومسلم وسائر أرباب الصحاح في كتبهم - فإنه غير صالح للاحتجاج ".
2 - ما لا سند له لا يصغى إليه وقال في الجواب عما طعن به أبو بكر من تخلفه عن جيش أسامة - وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة -:
" إن الحديث المعتبر لدى أهل السنة هو ما أخرج في كتب المحدثين المسندة مع الحكم عليه بالصحة، وأما الحديث العاري عن السند فلا يصغون إليه أبدا ".
3 - الاحتجاج على الشيعة بأخبارهم والتزم الدهلوي في تحفته بالنقل عن كتب الشيعة والاحتجاج بأخبارهم في كتبهم المعتبرة. قال: " لأن أخبار كل فرقة لا تكون حجة على الفرقة الأخرى ".
4 - عدم جواز الاحتجاج بأحاديث أهل السنة على الشيعة والدهلوي يتبع شيخه ووالده (ولي الله الدهلوي) في جميع بحوثه ويعتقد به الاعتقاد الراسخ... لكنه يخالف ما نص عليه والده في أحد كتبه قائلا:
" لا تصح المناظرة مع الإمامية والزيدية بأحاديث الصحيحين فضلا عن غيرها ".
5 - أخبار أهل السنة مقدوحة عند الشيعة وكيف يجوز احتجاج أهل السنة بأحاديثهم على الشيعة مع أن الشيعة تقدح في أحاديث أهل السنة ولا تعتقد بها؟ ومن هنا قال محمد رشيد الدهلوي تلميذ صاحب التحفة: " بأن كل فرقة تذعن بالأخبار المروية عن طرقها وتقدح في الأخبار المروية من طرق الفرقة المخالفة لها ".
إذن لا يجوز الاحتجاج على الشيعة بما يرويه أهل السنة، وإن كان حديثا مسندا صحيحا عندهم.
فهذه أمور التزم بها بالخصوص الدهلوي وشيخه وتلميذه في بحوثهم، PageV0MP071
ولكنا وجدناهم لا يوفون بما عاهدوا عليه، كما لم يلتزموا بالأصول العامة للبحث والمناظرة...
والسيد رحمه الله ينبه على مخالفة الدهلوي لهذه الالتزامات في مختلف البحوث... لئلا يغتر القارئون لكتابه ولا ينخدع العوام.
(6) - رد بعضهم ببعض وطالما يرد السيد رحمه الله كلام الدهلوي بكلامه هو في موضع آخر من كتابه، أو بكلام والده وبالعكس، وهكذا الأمر بالنسبة إلى كلام غيرهما من علماء أهل السنة...
ففي (حديث التشبيه): " من أراد أن ينظر... " يرد على إنكار الدهلوي دلالته على المساواة بكلمات للدهلوي نفسه قالها في الجواب عن حديث المنزلة " أنت مني بمنزلة هارون من موسى... " وبما قاله في الجواب عن حديث السفينة: " مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح... " وفي (حديث الغدير) ذكر الدهلوي بأن الاستدلال بهذا الحديث يتوقف على كون " المولى " فيه بمعنى " الأولى " فزعم أن اللغويين ينكرون مجئ اللفظ المذكور بهذا المعنى. ثم نقض بأنه لو كان " المولى " بمعنى " الأولى " لجاز أن يقال " مولى منك " كما يقال: " أولى منك ".
فأجاب السيد عن الانكار المذكور وعن النقض بوجوه عديدة، منها - ما ذكره الدهلوي نفسه في جواب " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " حيث قال بأن الولاية هذه بمعنى المحبة.
قال السيد فأذن " الأولى " في تلك الفقرة بمعنى " الأحب " مع أنه لا يقال:
" أولى إليه " كما يقال: " أحب إليه ".
ثم إن السيد ذكر أن هذا النقض مأخوذ من كلام الفخر الرازي في كتابه PageV0MP072
(نهاية العقول)، فأورد نص كلام الرازي، وشرع في الجواب عنه بوجوه كثيرة منها كلام الرازي نفسه في كتابه (المحصول)... حيث أذعن فيه بأن الترادف لا يلازم جواز استعمال أحد المترادفين في مقام الآخر.
وأجاب السيد عن دعوى ابن حجر المكي عدم مجئ " المولى " بمعنى " الأولى " بما ذكره هو من أن أبا بكر وعمر فهما من " المولى " في حديث الغدير معنى " الأولى بالاتباع " وأضاف بأن هذا هو الواقع وناهيك بهما في فهم الحديث!!
وذكر السيد في (حديث التشبيه) إنكار ولي الله الدهلوي - تبعا لابن تيمية - انتهاء سلاسل الصوفية إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام... ومن وجوه الرد عليه كلام ولده الدهلوي الصريح في تلك الحقيقة... وقد أورد نصه في مبحث (حديث السفينة).
واعترف الدهلوي بدلالة حديث المنزلة " أنت مني بمنزلة... " على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام - وتبعه على ذلك تلميذه محمد رشيد الدهلوي - وذكر الدهلوي إن من أنكر ذلك فهو ناصبي. وهنا تعرض السيد إلى نفي والده شاه ولي الله الدهلوي تبعا لجماعة من أعلام السنة كالتوربشتي، وأبي الشكور السالمي الحنفي، وعلي القاري، وشمس الدين الخلخالي، والنووي، والكرماني وابن حجر العسقلاني، والقسطلاني، ومحب الدين الطبري... وغيرهم - دلالة هذا الحديث الشريف على الإمامة والخلافة...
وأما رد كلام بعضهم بكلام البعض الآخر فكثير جدا...
فقد رأيت كيف يبطل قدح ابن الجوزي لحديث الثقلين بكلمات مشاهير علماء أهل السنة...
وفي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " يرد على ذكر ابن الجوزي إياه في (الموضوعات) بوجوه، منها: رد أعلام الحفاظ ومشاهير العلماء عليه: PageV0MP073
1 - كصلاح الدين العلائي.
2 - وبدر الدين الزركشي.
3 - وابن حجر العسقلاني.
4 - وشمس الدين السخاوي.
5 - وجلال الدين السيوطي.
6 - ونور الدين السمهودي.
7 - وابن عراق الكناني.
8 - وابن حجر المكي.
9 - ومجد الدين الفيروزآبادي.
10 - وعلي المتقي الهندي.
11 - وعلي القاري الهندي.
12 - وعبد الرؤف المناوي.
13 - وعبد الحق الدهلوي.
14 - والزرقاني المالكي.
15 - وقاضي القضاة الشوكاني.
واستدل الدهلوي في الجواب عن (حديث الثقلين) بما نسب بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء ".
فرد عليه السيد بنصوص كبار الأئمة والحفاظ على بطلان هذا الحديث:
1 - كجمال الدين المزي.
2 - وشمس الدين الذهبي.
3 - وابن قيم الجوزية.
4 - وتاج الدين السبكي. PageV0MP074
5 - وابن كثير الدمشقي.
6 - وسراج الدين ابن الملقن .
7 - وابن حجر العسقلاني.
8 - وابن أمير الحاج الحنفي.
9 - وأمير بادشاه البخاري.
10 - وشمس الدين السخاوي.
11 - وجلال الدين السيوطي.
12 - وعلي القاري الهندي.
13 - ومحب الله البهاري.
14 - وقاضي القضاة الشوكاني.
واستدل بحديث: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " في مقابلة (حديث الثقلين). فأجاب عنه السيد بقدح كبار الأئمة والعلماء لهذا الحديث وتصريحهم بوضعه:
1 - كأبي حاتم الرازي.
2 - وأبي عيسى الترمذي.
3 - وأبي بكر البزار.
4 - وأبي جعفر العقيلي.
5 - وأبي بكر النقاش.
6 - وأبي الحسن الدارقطني.
7 - وابن حزم الأندلسي.
8 - والعبري الفرغاني.
9 - وشمس الدين الذهبي.
10 - وابن حجر العسقلاني. PageV0MP075
واستدل بعضهم في مقابلة حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بحديث طويل في فضل جماعة من الأصحاب، أوله: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر... ".
وقد بحث عنه السيد سندا ودلالة بالتفصيل، فذكر بالتالي كلمات بعض الأعلام من أهل السنة في قدح هذا الحديث، بين مضعف له وبين قائل بأنه موضوع:
1 - كابن تيمية الحراني.
2 - وابن عبد الهادي.
3 - وعبد الرؤف المناوي.
(7) - النظر في أسانيد الأحاديث قد ذكرنا سابقا أنه يشترط في جواز الاستدلال بالخبر اعتبار سنده أولا وتمامية دلالته على المدعى ثانيا... وعلى هذا الأساس فإن النظر في أسانيد الأحاديث التي يستدل بها الخصم يشكل جانبا مهما من ردود السيد المؤلف ومناقشاته للأدلة... والخطوط الرئيسية لأسلوبه في النظر في الأسانيد هي:
1 - نقل الحديث بسنده - أو بطرقه إن كان له طرق متعددة - عن المصادر الأولية.
2 - النظر في حال من عليه مدار هذا الحديث في مختلف طرقه وأسانيده.
3 - النظر في حال من وقع في كلا الطريقين أو جميع الطرق.
4 - النظر في حال سائر رجاله على ضوء كلمات أئمة الجرح والتعديل من أهل السنة.
5 - التنبيه على ما في السند من خلل كالإرسال ونحوه.
ثم إنه إن وجد الحديث مرويا عندهم بلفظ آخر مشابه للفظ المستدل به...
أتى به وأبطله بالنظر في سنده... وإن لم يكن الخصم مستدلا به... PageV0MP076
ولا يخفى على ذوي الفضل ما تنطوي عليه هذه البحوث من فوائد جليلة من علوم الحديث والرجال والتاريخ والدراية... ولنذكر نموذجا واحدا لهذا الأسلوب:
لقد عارض العاصمي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بما رووه عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ".
فبحث السيد عن هذا الحديث بصورة تفصيلية جدا، فذكر أنه منسوب إلى عدة من الأصحاب... فأورد نصوص الحديث عنهم واحدا واحدا وتكلم عليها... ونحن نكتفي هنا بما ذكره حول حديث أنس بن مالك.
فقد أورد حديثه عن الترمذي وابن ماجة قائلا: قال الترمذي: " مناقب معاذ ابن جبل وزيد بن ثابت وأبي وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم. حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن داود العطار عن معمر عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله... هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث قتادة إلا من هذا الوجه.
وقد رواه أبو قلابة عن أنس عن النبي " ص " نحوه: حدثنا محمد بن بشار نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله... " وقال ابن ماجة: " حدثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك أن رسول الله " ص " قال:
أرحم أمتي بأمتي أبو بكر... PageV0MP077
حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة، مثله ".
ثم قال:
أولا: مدار الطرق الأربعة على " أنس " وعداؤه لأمير المؤمنين عليه السلام معلوم.
وثانيا: مدار الطريق الثاني للترمذي وكلا طريقي ابن ماجة على " أبي قلابة " وهو مجروح جدا.
وثالثا: في الطريق الثاني عند الترمذي وكلا الطريقين عند ابن ماجة " خالد الحذاء ". وقد جرحه شعبة، وابن علية، وحماد بن زيد، وسليمان التيمي وأبو حاتم، وأبو جعفر العقيلي...
ورابعا: في الطريق الثاني للترمذي والأول لابن ماجة " عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ". فذكر كلمات القوم في قدحه.
وخامسا: في الطريق الثاني للترمذي " محمد بن بشار " وهو مقدوح.
وسادسا: في أول طريقي ابن ماجة: " محمد بن المثنى العنزي " قال يحيى ابن معين: " كذاب " وقال أبو حاتم: " ذاهب الحديث ".
وسابعا: في ثاني طريقي ابن ماجة " سفيان الثوري " وهو مقدوح ومجروح.
وثامنا: في ثاني طريقي ابن ماجة " وكيع بن الجراح " وقد جرحه أحمد وغيره.
وتاسعا: في أول طريقي الترمذي: " قتادة " وله قوادح ومثالب عظيمة...
وعاشرا: في أول طريقي الترمذي: " داود بن عبد الرحمن العطار " قال يحيى بن معين: " ضعيف الحديث " وقال الأزدي: " يتكلمون فيه ".
والحادي عشر: في أول طريقي الترمذي: " سفيان بن وكيع " قال PageV0MP078
البخاري: " يتكلمون فيه " وقال أبو زرعة: " يتهم بالكذب " وقال أبو حاتم " لين " وامتنع أبو داود من التحديث عنه، وقال الذهبي " ضعيف ".
والثاني عشر: هذا الحديث مرسل. قال ابن الحجر الحافظ في فتح الباري بشرح حديث " وإن لكل أمة أمينا... ": " تنبيه - أورد الترمذي وابن حبان هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء بهذا الاسناد مطولا. وأوله: أرحم أمتي... وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري. والله أعلم ".
وقال بشرح قول عمر: " أقرؤنا أبي ": " كذا أخرجه موقوفا، وقد أخرجه الترمذي وغيره من طريق أبي قلابة عن أنس مرفوعا في ذكر أبي. وفيه ذكر جماعة. وأوله: أرحم أمتي... وصححه. لكن قال غيره: إن الصواب إرساله ".
وهكذا قال غيره من العلماء ذكرهم السيد.
ثم أورد السيد رحمه الله نصوص عدة من علماء الحديث والدراية كابن الصلاح والنووي والسيوطي على أن " المرسل حديث ضعيف لا يحتج به عند جماهير المحدثين ".
ثم إنه نبه على رواية العاصمي الحديث عن أبي قلابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسا.
وعلى أن بعضهم رواه - كما في المصابيح والمشكاة وفتح الباري - عن قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وآله رأسا.
وهذان مرسلان بلا كلام.
(8) - النظر في شأن صدورها من أساليبه: النظر في متون الأحاديث من حيث ظروف صدورها... ولا يخفى على أهل الفضل ما في ذلك من الأثر البالغ في كشف الحقائق والوصول PageV0MP079
إلى الواقع... ونحن نكتفي بمثالين من هذا القبيل...
لقد عارض الدهلوي حديث: " إني تارك فيكم الثقلين... " بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضل عبد الله بن مسعود: " رضيت لكم ما رضي به ابن أم عبد ".
فمن نظر في هذا الحديث رآه مفيدا لرضى النبي " ص " بما رضي به ابن مسعود على الإطلاق... وبذلك ربما يمكن مقابلة حديث الثقلين به...
ولكن السيد رحمه الله رجع إلى متن الحديث فوجده مقرونا بما يخرجه عن الإطلاق ويسقطه عن الصلاحية للمعارضة المذكورة.
فالحديث في مستدرك الحاكم بإسناده عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال: قال النبي " ص " لعبد الله بن مسعود: " اقرأ. قال: اقرأ وعليك أنزل؟ قال:
إني أحب أن أسمع من غيري. قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) فاستعبر رسول الله " ص " وكف عبد الله. فقال له رسول الله " ص ": تكلم، فحمد الله في أول كلامه وأثنى على الله، وصلى على النبي " ص "، وشهد شهادة الحق وقال:
رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.
فقال رسول الله " ص ": رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد ".
ومن وجوه الجواب عن حديث أبي بردة: " صلينا المغرب مع رسول الله " ص " ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء. قال: فجلسنا، فخرج علينا فقال: ما زلتم ههنا؟ قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال: أحسنتم - أو: أصبتم - قال: فرفع رأسه إلى السماء - وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء - فقال:
النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ". PageV0MP080
إن هذا الحديث محرف، ففي المستدرك: "... إنه خرج ذات ليلة وقد أخر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة - أو: ساعة - والناس ينتظرون في المسجد. فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا: ننتظر الصلاة. فقال: انكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها. ثم قال: أما إنها صلاة لم يصلها أحد ممن قبلكم من الأمم. ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: النجوم أمان لأهل السماء فإذا طمست النجوم أتى السماء ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون ".
(9) - النظر في متونها ومنها: النظر في متون الأحاديث التي يروونها في فضل الأصحاب ويعارضون بها فضائل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام... من حيث التأمل في سير من رويت في حقهم، وفي سير الآخرين من الصحابة معهم... ونحن نشير إشارة سريعة إلى بعض تلك الأحاديث، وخلاصة البحوث المتعلقة بها من هذه الناحية:
1 - لقد عارض عبد العزيز الدهلوي حديث الثقلين بحديث: " اهتدوا بهدى عمار ". فذكر السيد رحمه الله أن عمارا من شيعة علي عليه السلام، وأنه قد تخلف عن بيعة أبي بكر... هذا هدى عمار فلماذا لم يهتدوا بهداه؟
ثم إن عمر بن الخطاب قد أعرض عن هدى عمار، وعثمان اعتدى عليه وعبد الرحمن بن عوف خالفه، وسعد بن أبي وقاص كان يبغضه، وطلحة والزبير ومن معهما خرجوا على علي وعمار معه، وعمرو بن العاص خرج لقتله، ومعاوية سر بمقتله...
2 - وعارض الحديث المذكور بما رووه في حق ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد ". فذكر السيد صنائع عثمان مع ابن مسعود.
3 - وعارضه بحديث: " أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل " كما PageV0MP081
عارض به العاصمي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
فذكر السيد رحمه الله ما كان من معاذ بن جبل من الجهل بأحكام الشرع المبين، والتصرف الباطل في أموال المسلمين...
4 - وعارضه بحديث " أصحابي كالنجوم... ".
فذكر السيد في جوابه موارد كثيرة من جهل الصحابة بالقرآن والأحكام الشرعية، وارتكاب بعضهم المحرمات كالربا ، وبيع الخمر، وبيع الأصنام، والكذب الصريح...
5 - وعارضه أيضا بحديث " إنما الشورى للمهاجرين والأنصار ".
فذكر السيد ما كان من أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه وغيرهم من الأصحاب من الخلاف والاعتراض على خلافة الخلفاء الثلاثة، فهي كانت من غير مشورة من المهاجرين والأنصار.
6 - وعارض العاصمي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بحديث " أرحم - أو: أرف - أمتي بأمتي أبو بكر " فذكر السيد قضايا من سيرة أبي بكر تكذب ذلك بكل وضوح.
7 - وعارضه بحديث: " لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ". فذكر السيد قضايا من تاريخ أبي عبيدة تنافي الأمانة بكل صراحة.
8 - وعارض عبد العزيز الدهلوي الحديث المذكور بحديث: " ما صب الله شيئا في صدري إلا وصببته في صدر أبي بكر " فذكر السيد جهل أبي بكر بأبسط المعارف الإلهية والأمور الشرعية... بل حتى بمفاهيم بعض الألفاظ القرآنية...
9 - وعارضه بحديث: " لو كان بعدي نبي لكان عمر ".
فذكر السيد في وجوه بطلانه أن المسبوق بالكفر لا يكون نبيا... PageV0MP082
(10) - النقض ومنها: النقض... وقد كان رحمه الله ذا يد طولى في هذه الجهة كسائر جهات البحث... وكتابه مشحون بأنواع النقوض القوية التي لا يمكن الجواب عنها...
فمما قال عبد العزيز الدهلوي في الجواب عن حديث الغدير: إنه لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد الإمامة والخلافة لجاء بلفظ صريح في الدلالة حتى لا يكون فيه خلاف ونزاع.
فنقض عليه السيد رحمه الله بحديث: " الأئمة من بعدي اثنا عشر ". الذي حار القوم في معناه، وذكروا له وجوها عديدة... حتى قال بعضهم بأن الأولى ترك الخوض في البحث عنه...
ذكر السيد كلماتهم حوله... لأجل النقض... ثم قال بأن التحقيق وضوح دلالة هذا الحديث على مذهب الإمامية، وإنما زعم القوم إجماله وأطنبوا في توجيهه حتى يصرفوه على الدلالة عن المعنى الظاهر فيه.
واستدل بعضهم على خلافة أبي بكر بحديث " خوخة أبي بكر "... قال:
يدل على ذلك بمعونة القرائن.
فنقض عليه بأن حديث "... من كنت مولاه فعلي مولاه... " أحرى بأن يكون دالا على الإمامة ولو بمعونة القرائن....
وأنكر ابن كثير معنى حديث أبي هريرة في فضل صوم يوم الغدير بأن " صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا؟
هذا باطل ".
فأبطل هذا الكلام بذكر فضل صيام أيام من السنة بأحاديث أهل السنة أنفسهم كيوم السابع والعشرين من رجب، وصوم أيام من شهر رجب، وصوم يوم عرفة...
وأنكر ابن روزبهان أن يكون أمير المؤمنين قد دعا على أنس بن مالك، PageV0MP083
والبراء بن عازب، وجرير بن عبد الله البجلي.... الذين كتموا الشهادة بحديث الغدير قائلا: " لم يكن من أخلاق أمير المؤمنين أن يدعو على صاحب رسول الله... ".
فأبطله بذكر موارد من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام والصحابة...
ولو أردنا أن نذكر نماذج أخرى للنقض في الكتاب لطال بنا المقام، وفيما ذكرناه كفاية.
(11) - المعارضة ومنها - المعارضة... وهي أمتن أساليبه في الجواب... فقد عارض السخاوي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بما وضعوه على لسان أمير المؤمنين عليه السلام وأخرجه البخاري بسنده عن محمد بن الحنفية قال:
" قلت لأبي: أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر.
قال قلت: ثم من؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت؟ قال:
ما أنا إلا رجل من المسلمين ".
فأجاب عنه السيد مكذبا إياه بحديث أخرجه البخاري نفسه عن مالك بن أوس عن عمر بن الخطاب في حديث طويل، أنه قال مخاطبا عليا والعباس:
فلما توفي رسول الله " ص " قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله " ص " فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها. فقال أبو بكر قال رسول الله " ص ": لا نورث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق.
ثم توفي أبو بكر فكنت أنا ولي رسول الله " ص " وولي أبو بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق ". PageV0MP084
فمن كان يرى أبا بكر وعمر كاذبين آثمين غادرين خائنين كيف يراهما خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
وعارض المولوي عبد العزيز الدهلوي حديث مدينة العلم بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " لو كان بعدي نبي لكان عمر ".
فأجاب السيد هذه المعارضة بوجوه كذب فيها الحديث المذكور، وكان من جملة الوجوه: إن هذا الحديث يدل على أفضلية عمر من أبي بكر، فهو معارض بما استدلوا به من الأخبار - واجمعوا عليه - على أفضلية أبي بكر من عمر بن الخطاب فالحديث باطل، فالمعارضة ساقطة.
وعارض عبد العزيز حديث: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي... " بحديث: " أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهديتم ".
فأبطل السيد هذا الحديث وأثبت وضعه في بحث طويل وفي وجوه كثيرة...
منها: - المعارضة بالأحاديث الواردة في ذم الأصحاب، المخرجة في الصحاح والمسانيد... كحديث الذود عن الحوض ونحوه...
(12) - الالزام ومنها - إلزام القوم بما ألزموا به أنفسهم، فطالما يرد على دليل أو مناقشة للدهلوي أو غيره من أهل السنة بما التزم به من دليل أو حديث أو قاعدة...
وإن من أهم موارد الالزام موضوع الصحاح الستة والصحيحين منها بالخصوص...
ففي حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " عقد فصلا عنوانه " قطعية أحاديث الصحيحين " ذكر فيه أن ذلك مذهب ابن الصلاح، وأبي إسحاق الأسفرائيني، وأبي حامد الأسفرائيني، والقاضي أبي الطيب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وأبي عبد الله الحميدي، وأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، PageV0MP085
والسرخسي الحنفي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وأبي يعلى الحنبلي، وابن الزاغوني الحنبلي، وابن فورك، ومحمد بن طاهر المقدسي، والبلقيني، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وعبد الحق الدهلوي وولي الله الدهلوي... وغيرهم.
بل عن بعضهم أنه وقف تجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
" فقلت: يا رسول الله كلما رواه البخاري عنك صحيح؟ فقال: صحيح. فقلت له: أرويه عنك يا رسول الله؟ قال: اروه عني ".
وعن بعضهم: أنه ذكر صحيح مسلم أيضا.
وعن جماعة كالعسقلاني والنووي وابن حجر المكي الإجماع على أن صحيحيهما أصح الكتب بعد القرآن...
ومع ذلك قدح الآمدي، ومحمود بن عبد الرحمن الاصفهاني، وابن حجر المكي، وإسحاق الهروي... في حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " المخرج في الصحيحين....
وقدح البخاري، وابن الجوزي، وابن تيمية.. في حديث: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي... " المخرج في صحيح مسلم.
وأبطل السهارنفوري وعبد العزيز الدهلوي حديث هجر فاطمة الزهراء عليها السلام أبا بكر.... وهو في باب فرض الخمس وغيره - من صحيح البخاري...
الذي جاء فيه: " فغضبت فاطمة بنت رسول الله " ص " فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت... ".... وأخرجه مسلم في باب حكم الفئ من كتاب الجهاد.
وأبطل المولوي حيدر علي الفيض آبادي حديث: " ايتوني بكتف ودواة... " المخرج في سبعة مواضع من البخاري، وبثلاثة طرق عند مسلم بن الحجاج... PageV0MP086
فقدح هؤلاء في هذه الأحاديث... مردود بما نص عليه أئمتهم من قطعية صدور الصحيحين... وإنهما أصح الكتب بعد القرآن... والاجماع على صحة ما روي فيهما...
هذا الرد عليهم هو من باب الالزام.
ومن ذلك إلزامهم بما يروونه في حق بعض الأشخاص من علمائهم وعرفائهم أو في شأن بعض كتبهم في الحديث أو غيره... من الكرامات...
فقد ذكروا في فضل " عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي " نزول قلنسوة من السماء إليه...
وفي حق الثعلبي قال القشيري: رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب: أقبل الرجل الصالح. فالتفت فإذا الثعلبي مقبل.
وهكذا غير ما ذكرنا من الكرامات.. التي لا يجوز الاعتقاد بها قطعا، إلا أن التمسك بها جائز لإلزام الخصم بها في البحوث العلمية.. وهذا باب واسع نكتفي منه بهذا المقدار.
الباب الرابع بحوث وتحقيقات في كتاب العبقات ومن يدرس كتاب " عبقات الأنوار " يجد فيه إلى جانب " إثبات إمامة الأئمة الأطهار " والرد على إشكالات المخالفين على أدلة الإمامية في باب الإمامة..
بحوثا وتحقيقات علمية قيمة، بحيث لو أخرج كل واحد منها لكان كتابا لطيفا في موضوعه.
في هذا الكتاب بحوث علمية من أصول العقائد، والتفسير، والحديث، PageV0MP087
والدراية، والتاريخ، والرجال، والأدب.. يتطرق إلى كل بحث منها لمناسبة يقتضيها المقام حيث يريد المؤلف رحمه الله إتمام الكلام على المسألة الخلافية من شتى جوانبها..
ونحن نذكر هنا طرفا من هذه البحوث تحت عناوين وضعناها لها، معترفين بعدم وفاء مذكراتنا لجميع بحوث الكتاب، آملين التوفيق لا تمامها في فرصة أخرى بإذن الله تعالى.
1 - أحاديث موضوعة لقد وردت في حق علي عليه السلام أحاديث لا تعد ولا تحصى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. تناقلتها الصحابة والتابعون، وأثبتها الأئمة والحفاظ في أسفارهم ومعاجمهم، موثقين رجالها، مصححين طرقها، فأما ما لم يصل إلينا من تلك الأحاديث.. فالله أعلم بها وبعددها.
ولما رأى المخالفون لأمير المؤمنين عليه السلام تلك الأحاديث وكثرتها عددا ووضوحها في الدلالة على إمامته.. عمدوا إلى التصرف فيها وتحريفها زيادة أو نقيصة وإلى وضع فضائل لأبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وغيرهم من الصحابة، والصحابة بصورة عامة..
وقد راج سوق هذا الوضع والتزوير - كما يحدثنا التاريخ - في زمن معاوية، وشاعت هذه الأحاديث وانتشرت، ووصفها بعض علماء السنة بالصحة عمدا أو جهلا..
ومع ذلك لم تخف حقيقة الحال على ذوي العلم والبصيرة، بل لقد نص عليها وصرح بها بعض المتعصبين من علماء الحديث كابن الجوزي في كتاب الموضوعات.. وأورد ابن أبي الحديد بعض الأحاديث التي وضعتها " البكرية " PageV0MP088
في مقابلة أحاديث من فضائل أمير المؤمنين..
وجاء علماء الكلام وأصحاب الكتب في الإمامة منهم، فعارضوا بهذه الموضوعات الأحاديث الصحاح في فضل علي عليه السلام.. الأمر الذي استدعى البحث عن تلك المفتريات والكشف عن حالها بالنظر في أسانيدها ومداليلها على ضوء آراء علماء الجرح والتعديل من أهل السنة في كتاب " عبقات الأنوار "..
وكان من جملة هذه الأحاديث المحرفة أو الموضوعة رأسا في مقابل فضيلة من الفضائل:
1 - لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن الله اتخذ صاحبكم خليلا.
2 - سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر.
3 - ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر.
4 - لو كان بعدي نبي لكان عمر.
5 - لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.
6 - ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر.
7 - ابن عمر: سمعت رسول الله " ص " قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر ابن الخطاب. قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم.
8 - أبو سعيد الخدري: قال رسول الله " ص ": بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك. وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره. قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟
قال: الدين.
9 - أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى. PageV0MP089
10 - اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
11 - خلقني الله من نوره، وخلق أبا بكر من نوري، وخلق عمر من نور أبي بكر، فخلق أمتي من نور عمر، وعمر سراج أهل الجنة.
12 - عمرو بن العاص: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا. فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم.
13 - خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء.
14 - عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.
15 - أرحم - أو: أرف - أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياءا عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح.
16 - من أحب أن ينظر إلى إبراهيم في خلته فلينظر إلى أبي بكر في سماحته ومن أحب أن ينظر إلى نوح في شدته فلينظر إلى عمر بن الخطاب في شجاعته ومن أحب أن ينظر إلى إدريس في رفعته فلينظر إلى عثمان في رحمته، ومن أحب أن ينظر إلى يحيى بن زكريا في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب في طهارته.
17 - أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها وعلي بابها.
18 - أنا مدينة العلم وعلي بابها وأبو بكر وعمر وعثمان حيطانها وأركانها.
19 - أنا مدينة العلم وأساسها أبو بكر وجدرانها عمر وسقفها عثمان وبابها علي. PageV0MP090
20 - أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها.
21 - أنا مدينة العلم وعلي بابها وأبو بكر محرابها.
22 - أنا مدينة الصدق وأبو بكر بابها، وأنا مدينة العدل وعمر بابها، وأنا مدينة الحياء وعثمان بابها، وأنا مدينة العلم وعلي بابها.
23 - لا تقولوا في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إلا خيرا.
24 - أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.
25 - ابن عمر: كنا في زمن النبي " ص " لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي لا نفاضل بينهم.
26 - محمد بن الحنفية: قلت لأبي أي الناس خير بعد النبي؟ قال: أبو بكر.
قال قلت: ثم من؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت؟ قال:
ما أنا إلا رجل من المسلمين.
2 - عدالة الصحابة ومن البحوث المهمة ذات الأثر الكبير في جميع المسائل الإسلامية " مسألة عدالة الصحابة أجمعين " فعن بعض الفرق القول بكفر الصحابة جميعا. والمشهور بين أهل السنة هو القول بأن الصحابة كلهم عدول ثقات. وقد نسب هذا القول إلى أكثرهم.
والحق أن " الصحبة " لا توجب " العصمة " لأحد. والصحابة فيهم العدول وغير العدول، وبهذا صرح جمع من أعلام أهل السنة كالتفتازاني والمارزي وابن العماد والشوكاني، وتبعهم: الشيخ محمد عبدة وبعض تلامذته وآخرون من الكتاب والعلماء المعاصرين.
وقد توفر كتاب " عبقات الأنوار " على جوانب من سير مشاهير الأصحاب PageV0MP091
ومشايخهم.. لا يظن بقاء أحد على القول بعدالة الصحابة أجمعين بعد مراجعتها..!
3 - الحسن والقبح العقلان ومن المباحث المهمة في علم الكلام بحث الحسن والقبح العقليين، الذي يثبته العدلية وينكره الأشاعرة، ويترتب عليه آثار جليلة وكثيرة، وتعرض السيد لهذا البحث في قسم حديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى). والذي يهمنا إيراده هنا ما ذكره من أن جمعا كثيرا وجما غفيرا من أكابر نحارير أهل السنة يثبتون الحسن والقبح العقليين. فذكر كلمات القوم وحاصلها أن القول بثبوت الحسن والقبح العقليين مذهب:
1 - أبي بكر القفال الشاشي.
2 - أبي بكر الصيرفي.
3 - أبي بكر الفارسي.
4 - القاضي أبي حامد.
5 - الحليمي.
6 - علاء الدين السمرقندي صاحب (ميزان الأصول في نتائج العقول).
7 - عبد العزيز البخاري صاحب (كشف الأسرار - شرح أصول البزودي).
8 - أبي المظفر السمعاني صاحب (القواطع في أصول الفقه).
9 - أبي شكور الكشي صاحب (التمهيد).
10 - أبي حامد الغزالي في (اقتصاد الاعتقاد).
11 - عبيد الله بن مسعود صاحب (التوضيح في حل غوامض التنقيح).
12 - نظام الدين الشاشي صاحب (كتاب الخمسين في أصول الحنفية).
13 - الملا علي القاري في (شرح الفقه الأكبر).
14 - ابن قيم الجوزية في (زاد المعاد). PageV0MP092
15 - كمال الدين السهالي في (العروة الوثقى).
16 - صالح بن مهدي المقبلي في (ملحقات الأبحاث المسددة) وفي (العلم الشامخ).
وقد نسب هذا القول إلى كثير من أصحاب أبي حنيفة وعلى الخصوص العراقيين منهم. وذكر القاري عن الحاكم الشهيد في المنتقى أنه قال أبو حنيفة لا عذر لأحد في الجهل بخالقه لما يرى من خلق السماوات والأرض وخلق نفسه وغيره. وفي المسايرة لابن الهمام الحنفي: قالت الحنفية قاطبة بثبوت الحسن والقبح على الوجه الذي قالته المعتزلة. وفيه عن بعض أكابر الأشاعرة إنه لا يتم استحالة النقص على الله إلا على رأي المعتزلة. وفيه عن أبي منصور الماتريدي وعامة مشايخ سمرقند: من مات ولم يؤمن ولم تبلغه دعوة رسول يخلد في النار.
4 - موقف أهل السنة من أئمة أهل البيت وقد يدعي بعض المؤلفين من أهل السنة - كعبد العزيز الدهلوي - أنهم هم المتبعون لأهل البيت - عليهم السلام - الراكبون لسفينتهم والمقتدون بهم يقولون هذا إزراءا بالشيعة وطعنا في دينهم..
وهذا ما دعا السيد رحمه الله إلى إيراد طرف من كلماتهم الشائنة لأئمة أهل البيت عليهم السلام كشفا عن الحقيقة، ولكي يعلن للملأ العلمي أن كل ما يحاوله أهل السنة هو الرد على الشيعة ومعتقداتهم سواء كان بمدح أهل البيت ودعوى محبتهم والانقياد لهم، أو كان بالطعن فيهم وتكذيبهم والحط عليهم والعياذ بالله. PageV0MP093
فتلك كلمات ولي الله الدهلوي في أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه (إزالة الخفاء عن سيرة الخلفاء) و (قرة العينين في فضائل الشيخين).
وكلمات ابن تيمية فيه وفي بعض أئمة أهل البيت في (منهاج السنة).
وكلمات ابن العربي وابن خلدون في سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام.
وكلمات عبد القادر الجيلاني في أنه ينبغي أن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور لا يوم مصيبة وحزن..
وقول بعضهم في حق الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام " في نفسي منه شئ ".
وقول بعضهم في حق الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: " يروي عن أبيه عجائب يهم ويخطئ ".
5 - حول الصحيحين لقد حف القوم الصحيحين بكل قداسة، ووضعوهما في هالة من النور والعظمة، ووضعوا لهما الكرامات الباهرة..
إنهما كتابان ألفهما محدثان من المحدثين شرطا فيهما على أنفسهما شروطا خاصة.. ومن حق الباحث أن يبحث عن تلك الشروط، وأن يسأل عن توفر ما اشترطاه في كل واحد واحد من أحاديث الكتابين.
ثم إن البخاري ومسلما بشران كسائر أفراد البشر يعرضهما الخطأ والسهو والنسيان، وهل الالتزام بما اشترطاه على أنفسهما قد أوجب لهما العصمة عن الخطأ والنسيان، وبلغ بكتابيهما إلى حد القرآن؟
وإذا كان لما اشترطاه هذا الأثر فلماذا لا يعتقدون هذا الاعتقاد فيما ألف على شرطهما كالمستدرك وغيره؟ PageV0MP094
هذه - وغيرها - أمور جديرة بالبحث والتحقيق، ولا يجوز لنا أن نمر عليها مر الجهلة والمتعصبين، الذين ينزلون الكتابين منزلة الوحي المبين...
ليس كل ما في الكتابين بصحيح لقد انتهى بنا البحث وأرشدتنا الأدلة إلى أنه ليس كل ما روي في الكتابين بصحيح، وأهم تلك الأدلة هي الوجوه التالية:
1 - طعن أكابر الأئمة المعاصرين للبخاري ومسلم في الكتابين ومؤلفيهما وتركهم لحديثهما والمنع من مجالستهما.. كما لا يخفى على من راجع تراجم الرجلين في (سير أعلام النبلاء) وغيره.
2 - قدح علماء الجرح والتعديل في كثير من رجالهما.. كما لا يخفى على من راجع (هدى الساري في مقدمة فتح الباري) وغيره.
3 - آراء كبار العلماء في الرجلين وكتابيهما، الصريحة في وجود الأحاديث الباطلة فيهما، وأن الذي حمل القوم على القول بصحة كل ما أخرجاه هو التعصب.. وتجد نصوص عبارات بعض هؤلاء العلماء في قسم حديث الغدير من كتاب (عبقات الأنوار ).
4 - وجود الأحاديث الكثيرة المقدوحة سندا ودلالة من قبل أساطين المحققين من أهل السنة كالإسماعيلي، ومغلطاي، وابن حزم، وابن الجوزي، والدمياطي والغزالي، وإمام الحرمين، وابن عبد البر، والنووي، وابن حجر، والكرماني والداودي، والحميدي، وابن القيم.. وغيرهم.. في هذين الكتابين، وتجد نصوص طائفة من هذه الأحاديث وكلمات هؤلاء الأعلام في قسم حديث الغدير من كتاب (عبقات الأنوار). PageV0MP095
ليس كل ما ليس في الكتابين بغير صحيح ثم ما الدليل على أن كل ما لم يخرجاه فليس بصحيح، حتى إذا أرادوا رد حديث أو الطعن فيه قالوا: ليس في أحد الصحيحين؟!
قال النووي: " لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله ".
وقال القاضي الكتاني: " لم يستوعبا كل الصحيح في كتابيهما ".
وقال العلقمي: ليس بلازم في صحة الحديث كونه في الصحيحين ولا في أحدهما ".
وقال ابن القيم: " هل قال البخاري قط: إن كل حديث لم أدخله في كتابي فهو باطل، أوليس بحجة، أو ضعيف؟ وكم قد احتج البخاري بأحاديث خارج الصحيح وليس لها ذكر في صحيحه؟ وكم صحح من حديث خارج عن صحيحه؟ ".
تعصب المؤلفين في الإمامة والمناقب ومما ذكرنا يظهر تعصب بعض المؤلفين في الإمامة والكلام، وأصحاب الكتب في الفضائل والمناقب.. كالفخر الرازي حيث يطعن في سند حديث الغدير من جهة عدم إخراج البخاري ومسلم إياه، وكابن تيمية يرد على حديث " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " قائلا بأنه " ليس في الصحيحين " وكالبدايوني الهندي القائل في جواب جملة " كرار غير فرار " من حديث " سأعطي الراية غدا رجلا.. " بأنها " غير مذكورة في الصحيحين ".
ومنهم من يطعن في بعض الأحاديث المخرجة فيهما أو في أحدهما غير مكترث بالذين ذهبوا إلى قطعية صدور جميع أحاديثهما، ذكرهم السيد في قسم حديث PageV0MP096
المنزلة وابن تيمية وابن الجوزي الذين قدحوا في حديث: " إني تارك فيكم الثقلين.. " وهو في صحيح مسلم؟!
وكالامدي ومن لف لفه الذين أبطلوا حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وهو في الصحيحين!!
وكالدهلوي الذي أبطل حديث هجر الزهراء عليها السلام أبا بكر حتى توفيت..
وهو في الصحيحين!!
وفي هذا القدر كفاية لمن طلب الرشاد والهداية.
6 - تحقيق حال رجال وفي كتاب " عبقات الأنوار " ترجمة المئات من الأعلام من الصحابة والتابعين والرواة وكبار العلماء والمؤلفين في مختلف العلوم والفنون.. ذكر السيد تراجمهم لأغراض مختلفة أهمها إثبات ثقتهم والاعتماد عليهم... أو جرحهم وإسقاطهم عن درجة الاعتبار.. فهو يعطيك قائمة بأسماء الثقات وقوائم بأسماء الوضاعين، والضعفاء، والمدلسين، ومن تكلم فيهم من الرواة والمحدثين.
وقد يستدعي الأمر التوسع في بيان حال الرجل توثيقا أو تجريحا، ومن هنا فقد حقق حال رجال تحقيقا شاملا يتوفر على فوائد تاريخية ورجالية لا تخفى قيمتها على ذوي الفضل وأهل التحقيق، ولنذكر هنا بعض الأمثلة على ذلك:
تحقيق حال عباد بن يعقوب الرواجني لقد أثبت وثاقة عباد بن يعقوب الرواجني بعشرة وجوه:
1 - كونه من مشايخ البخاري.
2 - كونه من مشايخ الترمذي. PageV0MP097
3 - كونه من مشايخ ابن ماجة.
4 - رواية كبار الأئمة كأبي حاتم والبزار وابن خزيمة عنه.
5 - توثيق أبي حاتم الرازي.
6 - توثيق ابن خزيمة النيسابوري.
7 - قول الدارقطني: صدوق.
8 - قول بعض أعلامهم: لولا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث: عباد ابن يعقوب وإبراهيم بن محمد بن ميمون.
9 - قول الحافظ ابن حجر: " بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك ".
10 - قول الحافظ ابن حجر: " رافضي مشهور إلا أنه كان صدوقا ".
وقد ظهر أنه لا ذنب للرواجني إلا " التشيع " و " أنه يشتم السلف " كعثمان وطلحة والزبير كما في " تهذيب التهذيب " وغيره. ولعل الذي جعله " يستحق الترك " ما رواه من أن أبا بكر أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليا، ثم ندم فنهاه عن ذلك... رواه السمعاني في " الأنساب ".
تحقيق حال ابن عقدة وصنف أبو العباس ابن عقدة كتابا بطرق حديث: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " رواه فيه من مائة وخمس طرق ثم ذكر ثمانية وعشرين رجلا من الصحابة لم يذكر أسمائهم. قال السيد ابن طاوس " والكتاب عندي الآن " وقد ذكر هذا الكتاب لابن عقدة جماعة من حفاظ وأعلام أهل السنة كابن حجر وابن تيمية والسمهودي والمناوي وغيرهم.
وقد طعن عبد العزيز الدهلوي تبعا لنصر الله الكابلي في أبي العباس ابن عقدة، قال الكابلي فيما زعمه من مكائد الإمامية: " التاسع والتسعون: نقل ما يؤيد مذهبهم عن كتاب رجل يتخيل أنه من أهل السنة وليس منهم، كابن عقدة PageV0MP098
كان جاروديا رافضيا، فإنه ربما ينخدع منه كل ذي رأي غبين، ويميل إلى مذهبهم أو تلعب به الشكوك ".
وقد أثبت السيد صاحب العبقات وثاقة ابن عقدة وجلالته عن الدارقطني وأبي علي الحافظ وحمزة السهمي والسمعاني والسيوطي وسبط ابن الجوزي والفتني والبدخشاني..
وإنه قد روى عنه الأكابر من الحفاظ كالطبراني والدار قطني وأبي نعيم وابن عدي، وكان الدارقطني يقول: أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود إلى زمن أبي العباس ابن عقدة أحفظ منه. وعده السبكي في طبقاته من حفاظ هذه الشريعة، ونقل السيوطي آراءه في تدريب الراوي وابن الجوزي في معرفة الصحابة، والذهبي في الجرح والتعديل.
فظهر أنه لا ذنب لابن عقدة إلا ما ذكره السيوطي بقوله: " وعنده تشيع " وأنه - كما قال سبط ابن الجوزي -: " كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها، ولا يتعرض للصحابة بمدح ولا بذم فنسبوه إلى الرفض ". ومن قال الفتني: " وما ضعفه إلا عصري متعصب ".
تحقيق حال الأجلح بن عبد الله وطعن الدهلوي في سند حديث الولاية: " إن عليا مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن من بعدي " قائلا: " في أسناده الأجلح وهو شيعي متهم في حديثه ".
فأجاب السيد عنه بثلاثين وجه منها:
توثيق يحيى بن معين، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، ومدح أحمد، وقول الفلاس وابن عدي: " مستقيم الحديث صدوق " وتصحيح الحاكم حديثا هو في طريقه، وفي التقريب: " صدوق شيعي ". وهو من رجال أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. PageV0MP099
فظهر أنه لا ذنب له إلا " التشيع ".
تحقيق حال سبط ابن الجوزي وتعرض السيد لحال سبط ابن الجوزي فأشبع الموضوع بحثا وتحقيقا، وذلك لأنه اعتمد عليه في نقل رواية أحمد بن حنبل لحديث النور: " خلقت أنا وعلي من نور واحد " فكان من الضروري بيان ثقته والاعتماد عليه.
فذكر مدح أبي المؤيد الخوارزمي وابن خلكان وقطب الدين البعلبكي وأبي الفداء وابن الوردي والذهبي والداودي واليافعي والقاري وغيرهم وتعظيمهم إياه.. وقد وصفه الخوارزمي في (جامع مسانيد أبي حنيفة) ب " الإمام الحافظ " وقال هؤلاء كلهم بأنه " كان له القبول التام عند الخاص والعام ".
واعتمد على تاريخه (مرآة الزمان) من تأخر عنه من المؤرخين كابن خلكان والصفدي، والحلبي في سيرته، كما اعتمد عليه جماعة من علماء الكلام كالكابلي في (صواقعه) والدهلوي في (تحفته).
نعم طعن فيه وفي تاريخه الذهبي في (ميزان الاعتدال) فقال: " يأتي بمناكير الحكايات وما أظنه بثقة، بل يحيف ويجازف ثم إنه يترفض ".
وقد أجابوا عن ذلك.. ففي (كشف الظنون): " قال في الذيل: هذا من الحسد، فإنه في غاية التحرير، ومن أرخ بعده فقد تطفل عليه، لا سيما الذهبي والصفدي، فإن نقولهما منه في تاريخهما ".
فظهر أنه لا ذنب له إلا " الترفض " وسببه تأليف كتاب " تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة ".
تحقيق حال الجاحظ وتمسك الفخر الرازي بصدد الطعن في حديث الغدير بعدم نقل الجاحظ إياه. PageV0MP100
فانبرى السيد للجواب عنه في وجوه:
الأول: إنه من النواصب، كما نص عليه (الدهلوي)، وصاحب كتاب المروانية كما نص عليه ابن تيمية.
والثاني: إن له أباطيل وأضاليل حول مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله لم يرتضها حتى بعض أهل نحلته كالإسكافي.
والثالث: قول الحافظ الخطابي: الجاحظ ملحد.
والرابع: قول ثعلب: ليس ثقة ولا مأمونا.
والخامس: قول الذهبي في الميزان: " كان من أئمة البدع ". وفي (سير أعلام النبلاء): " كان ما جنا قليل الدين " قال: " يظهر من شمائل الجاحظ أنه يختلق " وقد أورده في (المغني في الضعفاء).
والسادس: قول الخطيب: كان لا يصلي.
والسابع: ما ذكره أبو الفرج الأصبهاني من أنه كان يرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعارا.
والثامن: قول ابن حزم: كان أحد المجان الضلال.
والتاسع: قول الأزهري: " إن أهل العلم ذموه وعن الصدق دفعوه ".
والعاشر: قول ثعلب: " كان كذابا على الله وعلى رسوله وعلى الناس ".
فهل يليق بالرازي الاستدلال بعدم رواية الجاحظ لحديث الغدير؟!
7 - تحقيق حال كتب ومن الفوائد في كتاب " عبقات الأنوار " معرفة الكتب والفنون، فهو يعطيك أسامي آلاف الكتب في مختلف العلوم والفنون مع أسماء مؤلفيها..
بحيث لو جمعت لشكلت كتابا مفردا في هذا الفن يقع في مجلدات عديدة. PageV0MP101
ومن هذه الكتب ما ينقل عنها في بحوثه، وهي أهم الكتب وأشهرها في كل فن.. وقد ذكرنا سابقا أسلوبه في النقل والاستدلال.
وربما تعرض لحال بعض تلك الكتب فأثبت نسبتها إلى أصحابها، أو أكد اعتبار ما جاء فيها أو بالعكس.. وإليك نماذج من تحقيقاته في هذا المجال:
1 - تحقيق حول مسند أحمد لقد وقع الخلاف بين علماء أهل السنة - حتى الحنابلة منهم - حول أحاديث مسند أحمد بن حنبل، فقال جماعة بأن ما أودعه أحمد مسنده قد احتاط فيه إسنادا ومتنا ولم يورد فيه إلا ما صح سنده عنده، فأمر بالرجوع إليه وجعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم، وما ليس فيه فلا أصل له، وأنكر آخرون أن يكون المسند بهذه المثابة عند أحمد.
وقد بحث السيد رحمه الله هذا الموضوع مؤيدا القول الأول ومحققا إياه أحسن تحقيق.
فحديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين.. " الذي أخرجه في المسند بطرق عديدة صحيح عنده، فبطل قول البخاري: " قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم الثقلين. أحاديث الكوفيين هذه مناكير ".
2 - تحقيق حول الموضوعات لابن الجوزي وألف الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي كتاب الموضوعات.. ولكن كم من حديث صحيح أو غير موضوع أدرجه في هذا الكتاب.. وهذا ما نص عليه جماعة كبيرة من الأكابر..
قال ابن الصلاح: " ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات PageV0MP102
في نحو مجلدين، فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه، وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة ".
وقال ابن جماعة الكناني: " وصنف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتابه في الموضوعات فذكر كثيرا من الضعيف الذي لا دليل على وضعه ".
وقال الطيبي: " وقد صنف ابن الجوزي في الموضوعات مجلدات قال ابن الصلاح: أودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه.. ".
وقال ابن كثير: " أدخل فيه ما ليس منه، وأخرج عنه ما كان يلزمه ذكره فسقط عليه ولم يهتد إليه ".
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد إثبات حديث سدوا الأبواب إلا باب علي:
" وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات.. وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا، فإنه سلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة.. ".
وقال في القول المسدد بعد الحديث المذكور: " قول ابن الجوزي في هذا الحديث: أنه باطل وأنه موضوع. دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين. وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم.. ".
وقال السخاوي: " ربما أدرج فيها الحسن والصحيح مما هو في أحد الصحيحين فضلا عن غيرهما.. ولذا انتقد العلماء صنيعه.. ".
وقال السيوطي: ".. أكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى رتبة الوضع، بل ومن الحسن ومن الصحيح.. ".
وقال محمد بن يوسف الشامي: " قد نص ابن الصلاح في علوم الحديث وسائر من تبعه على أن ابن الجوزي تسامح في كتابه الموضوعات.. ". PageV0MP103
3 - كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة أثبت السيد رحمه الله صحة نسبة كتاب (الإمامة والسياسة) إلى (ابن قتيبة) بنقل جماعة من مشاهير القوم عن الكتاب المذكور قائلين: وفي الإمامة والسياسة لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. أو: قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة، ومنهم:
عمر بن فهد المكي في كتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى.
وعز الدين عبد العزيز بن عمر بن فهد المكي في غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام.
وتقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي في العقد الثمين في أخبار البلد الأمين.
وأبو الحجاج يوسف بن محمد البلوى في كتاب ألف باء.
ومحمد محبوب العالم في تفسيره المشهور بتفسير شاهي، الذي اعتمد عليه صاحب التحفة ومن تبعه.
4 - كتاب سر العالمين للغزالي ونقل السيد في قسم حديث الغدير كلاما لأبي حامد الغزالي في الحديث المذكور عن كتابه سر العالمين.
ثم أورد نص الكلام عن كتاب تذكرة خواص الأمة لسبط ابن الجوزي حيث نقله عن سر العالمين للغزالي.. وبذلك أثبت كون الكتاب للغزالي وأن الكلام المذكور هو للغزالي في سر العالمين.
ثم أضاف إلى ذلك ما جاء في (ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي) بترجمة الحسن بن الصباح، حيث قال: " قال أبو حامد الغزالي في كتاب سر العالمين:
شاهدت قصة الحسن بن الصباح.. ". PageV0MP104
فيكون الكتاب المذكور لأبي حامد الغزالي قطعا.
8 - تحقيق حول انتشار العلوم في البلاد الإسلامية لقد زعم ابن تيمية في كلام له في القدح في حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " أن العلوم انتشرت في البلاد الإسلامية من غير علي عليه السلام.. قال:
" فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي، أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهم ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئا قليلا، وإنما كان غالب علمه في الكوفة. ومع هذا فأهل الكوفة كانوا تعلموا القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان فضلا عن علي وفقهاء أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر. وتعليم معاذ بن جبل لأهل اليمن ومقامه فيهم أكثر من علي، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر مما رووا عن علي. وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل.
ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضيا، وهو وعبيدة السلماني تفقها على غيره. فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة ".
فانبرى السيد للرد على هذه الدعوى محققا لهذا الموضوع تحقيقا شاملا ومثبتا لانتشار علوم الإسلام في البلاد الإسلامية بواسطة باب مدينة العلم وأمير المؤمنين علي عليه السلام، فقال في الجواب ما ملخصه:
أما المدينة المنورة فقد قضى فيها الإمام الشطر الأعظم من حياته المباركة وعمره الشريف، وقد كان فيها المرجع الوحيد لكبار الصحابة في المسائل والمعضلات.. وهذه حقيقة اعترف بها أعلام الحفاظ.. قال النووي: " وسؤال كبار الصحابة له ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات مشهور ".
وأما مكة المكرمة فقد عاش فيها الإمام منذ ولادته حتى الهجرة، وسافر إليها PageV0MP105
بعد الاستيطان بالمدينة مرات عديدة، ولا ريب في أخذ أهل مكة العلم منه في خلال هذه المدة.
على أن تلميذه الخاص - وهو عبد الله بن العباس - كان بمكة مدة مديدة ينشر العلم، ويفسر القرآن، ويعلم المناسك، ويدرس الفقه:
قال الذهبي بترجمته من (تذكرة الحفاظ): " الأعمش عن أبي وائل قال:
استعمل علي ابن عباس على الحج فخطب يومئذ خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسرها ".
وفي (طبقات ابن سعد) عن عائشة: " أنها نظرت إلى ابن عباس ومعه الخلق ليالي الحج وهو يسأل عن المناسك. فقالت: هو أعلم من بقي بالمناسك " وفي (الاستيعاب) بترجمته: " روينا أن عبد الله بن صفوان مر يوما بدار عبد الله بن عباس بمكة فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه... ".
وقد اعترف ابن تيمية نفسه بهذه الحقيقة... ففي (الاتقان للسيوطي):
" قال ابن تيمية: أعلم الناس بالتفسير أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس وغيرهم ".
وأما الشام: فقد انتشر العلم فيه عن أبي الدرداء، وهو تلميذ عبد الله بن مسعود، وابن مسعود من تلامذة الإمام، فانتهى إليه عليه السلام علم أهل الشام...
روى الحافظ محب الدين الطبري في (الرياض النضرة): " عن أبي الزعراء عن عبد الله قال: علماء الأرض ثلاثة: عالم بالشام وعالم بالحجاز وعالم بالعراق فأما عالم أهل الشام فهو أبو الدرداء، وأما عالم أهل الحجاز فعلي بن أبي طالب، وأما عالم أهل العراق فأخ لكم. وعالم أهل الشام وعالم أهل العراق يحتاجان إلى عالم أهل الحجاز، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما. أخرجه الحضرمي ". PageV0MP106
وأما البصرة فقد ورد إليها الإمام عليه السلام بنفسه وتلك خطبه ومواعظه فيها مدونة في كتب التاريخ.
وأيضا فقد أخذ أهل البصرة وتفقهوا على ابن عباس حيث كان واليا على البصرة من قبل الإمام، وهو من أشهر تلاميذه وملازميه بلا كلام.. قال الحافظ ابن حجر في (الإصابة): " إن ابن عباس كان يعشى الناس في رمضان وهو أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتى يفقههم ".
وأما الكوفة فقد تعلم أهلها القرآن والسنة منه عليه السلام مباشرة مدة بقائه بها.. ولو كانوا قد تعلموا شيئا من ذلك قبل وروده إليها فمن عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وهما من تلامذته عليه الصلاة والسلام.
وأما اليمن فقد روى الكل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بعثه إلى اليمن قاضيا - والقضاء هو الفقه، فهو أفقه الأمة لقوله " ص " فيما رواه الفريقان:
أقضاكم علي -... فهو الذي فقه أهل اليمن وعلمهم، وقد قال " ص " حين بعثه " اللهم اهد قلبه وثبت لسانه ".. فهذا بعث علي عليه السلام إلى اليمن، وهذا شأنه في العلم والفقه.. فانتشر العلم في تلك البلاد عنه عليه السلام.
وأما معاذ فقد بعثه النبي صلى الله عليه وآله إلى طائفة من اليمن " ليجبره " بعد أن " أغلق ماله من الدين.. فباع النبي " ص " ماله كله في دينه حتى قام معاذ بغير شئ ".. رواه الحافظ ابن عبد البر في (الاستيعاب). وهذا بعث معاذ إلى طائفة من اليمن. وأما شأنه في العلم والفقه فلا يقاس بالامام عليه السلام - كما لا يقاس به غيره - بل في نفس خبر بعثه إلى اليمن ما يدل على فسقه أو جهله بأدنى الأحكام الشرعية.. فراجع الاستيعاب وغيره.
وبهذا عرفت أنه قد انتشر علم الإسلام في جميع المدائن عن علي عليه السلام. PageV0MP107
9 - تحقيق حول سلاسل الصوفية " إلى من تنهي؟ علي أو أبي بكر؟) اعترف عبد العزيز الدهلوي بانتهاء سلاسل الصوفية إلى الإمام علي المرتضى عليه السلام.. وأنكر ذلك والده الدهلوي تبعا لابن تيمية الحراني.
وقد انتصر المولوي حسن زمان صاحب كتاب (القول المستحسن في فخر الحسن) للحق، فرد على ابن تيمية الرد القاطع.. وأثبت انتهاء سلاسل الصوفية ورجال الطريقة إلى سيد الأولياء أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
وإن شئت تفصيل ذلك فراجع قسم حديث التشبيه من كتاب (عبقات الأنوار).
الباب الخامس (كتاب عبقات الأنوار) 1 - في سبيل التأليف إن إخراج كتاب مثل " عبقات الأنوار " إلى عالم الوجود يتطلب بذل جميع الطاقات بشتى أشكالها في سبيل توفير المصادر الأصلية للبحوث، ثم استخراج المواضيع المطلوبة وتنسيقها.. فإن هذين العنصرين أهم العناصر المتوقف عليها إنجاز هذه المهمة.
وبالفعل فإن السيد المؤلف لم يدخر شيئا مما كان بوسعه، فلم يأل جهدا في طريق تحصيل المصادر اللازمة، من مختلف المكتبات العامة والخاصة، في داخل الهند وخارجه.
فمن المصادر ما كان في مكتبة والده الموقوفة، مثل كتاب (زاد المسير للسيوطي). ومن هنا يعلم أن والده العلامة السيد محمد قلي هو المؤسس الأول PageV0MP108
لمكتبة الأسرة المعروفة ب (المكتبة الناصرية) التي سنتحدث عنها.
ومنها: ما اشتراه في بعض أسفاره، مثل (كتاب ألف باء في المحاضرات للبلوي) قال: اشتريته من (الحديدة) ونسخة من كتاب (تهذيب الكمال للمزي) نسخت من خط المزي وقرئت عليه، قال: اشتريتها في (الحديدة) يوم الأربعاء 8 محرم سنة 1283 لدى رجوعي من الحج.
ومنها: ما أرسل إليه من البلاد المختلفة بطلب منه، (كالأربعين في فضائل أمير المؤمنين لأبي عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي) قال: حصلت عليه بعد جهد بذله بعض العلماء الأعلام أدامهم الله المنعام. و (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول ذوي الشرف للمزي) قال: نسخة عتيقة حصلت عليها بسعي من أحد العلماء.
ومنها: ما رآه واستفاد منه في المكتبات العامة وغيرها في بعض أسفاره..
ففي الحجاز استفاد من مكتبة الحرم النبوي الشريف من عدة من الكتب (كالنور السافر عن أخبار القرن العاشر للعيدروس) قال: هي نسخة الأصل، وعليها خط المصنف وتصحيحه، رآها ونقل منها، ثم ذكر أنه قد حصل على نسخة عتيقة منه بعد سعي كثير.. وكتاب (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي).
ومن مكتبة الحرم المكي الشريف.. كتاب (عجالة الراكب وبلغة الطالب لعبد الغفار بن إبراهيم العلوي) و (كنز البراهين الكسبية والأسرار الوهبية الغيبية لشيخ بن علي الجفري باعلوي) قال: وهو مطبوع مصر. و (الإعلام بأعلام بيت الله الحرام) قال: رأيته في الهند أيضا، وهو مطبوع بلندن. و (رسالة الأسانيد للشيخ أحمد النخلي) وذكر أنه قد حصل على نسخة منه بعد ذلك.
وفي العراق حصل على كتب منها (المجالس لأبي الليث نصر بن محمد) وكتاب (كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي) و (التبر المذاب في بيان ترتيب الأصحاب لأحمد بن محمد الحافي الحسيني الشافعي) PageV0MP109
و (الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة للمطيري) رآه في النجف الأشرف سنة 1283.
ومنها: ما وقف عليه في بعض المكتبات الخاصة.. ومن له أقل إلمام بنفسيات أصحاب المكتبات الخاصة يعلم مدى صعوبة الاستفادة من كتب المكتبات الخاصة، لا سيما إذا كان صاحبها من المخالفين.. وهناك قضايا نادرة تنقل حول كيفية استفادة السيد المؤلف من هذه المكتبات.
فهذا طرف من متاعبه وجهوده في سبيل تحصيل مصادر كتابه.
وأما ما تحمله رحمه الله في سبيل استخراج مطالبه من المصادر، وتأليف كتابه وكتابته.. فلسنا مبالغين إن قلنا بأنه قد ضحى بنفسه الشريفة في هذا السبيل فقد كتب بيده اليمنى حتى عجزت عن الكتابة، فأضحى يكتب باليسرى، وكان إذا تعب من الجلوس اضطجع وكتب، وإذا تعب استلقى على ظهره ووضع الكتاب على صدره وأملى.
لقد كان هذا دأبه ليلا ونهارا.. ولا يقوم عن مقامه إلا لحاجة ملحة، ولا يأكل ولا ينام إلا بقدر الضرورة. وحتى العبادات والأعمال الشرعية لم يعمل إلا بالفرائض منها.. إلى أن مرض.. فلم يتمكن إلا من الاملاء... ولم يتركه حتى آخر لحظة من حياته.
وقد حكى لنا آية الله السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظلة نقلا عن السيد ناصر حسين أنه لما وضع السيد على المغتسل لوحظ أثر عميق على شكل خط أفقي على صدره الشريف كان موضع الكتاب الذي اعتاد على وضعه على صدره للإملاء.
2 - أثر الكتاب أ - في أوساط الهند إن الغرض من تأليف هذا الكتاب هو الرد على كتاب (التحفة الاثنا عشرية) PageV0MP110
الذي ألفه (المولوي عبد العزيز الدهلوي)، محاولة منه للحيلولة دون تطور المذهب الشيعي، وفي ظروف قام الشيعة فيها بالنشاط الفكري من جديد في بلاد الهند، وأسسوا فيها مراكز علمية جعلوها منطلقا لترويج مذهبهم ونشر عقائدهم... حتى كادت تتشيع سائر الفرق.
وكتاب التحفة - وإن كان في الأغلب تكرارا لما قاله أبناء تيمية وحجر وروزبهان وكثير والجوزي... والفخر الرازي.. وغيرهم من متعصبي أهل السنة السابقين، في مؤلفاتهم التي رد عليها علماء الشيعة المعاصرون لهم أو المتأخرون عنهم.. إلا أن من الطبيعي أن يحدث فتنة عظيمة بين المسلمين في تلك الأقطار، وأن يحسب العوام والجهلة من أهل السنة أن قد نجح هذا الكتاب في الهدف الذي لأجله ألف، وهو الصد عن تقدم المذهب الشيعي.
لكن الشيعة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر وبقلوب مطمئنة صدور الرد بل الردود العديدة عليه من قبل فطاحل العلماء الذين قيضهم الله عز وجل للذب عن الدين الحنيف والدفاع عن المذهب الحق.
حتى انبرى له جماعة من فحول الطائفة - سيأتي ذكر أسمائهم - وكتبوا ردودهم عليه لا سيما الباب السابع منه المتعلق بمباحث الإمامة والخلافة.
ذكر صاحب كتاب علماء معاصرين ص 30 أن العالم الجليل الشيخ عباس الهندي الشرواني ألف كتابا باسم سواطع الأنوار في تقريظات عبقات الأنوار وإنه قد طبع مع كتاب زينة الانشاء بمطبعة بستان مرتضوي ببلدة لكهنو سنة 1303.
وإن من يقف على كتاب (عبقات الأنوار) الذي ألف في النصف الثاني من القرن الثالث عشر يمكنه - بسهولة - تقدير الأثر الذي تركه هذا الكتاب في زمن صدوره وانتشاره في الأوساط العلمية وغيرها من بلاد الهند.
لقد شفى هذا الكتاب غليل الشيعة، ورفع رؤوسهم، وأثلج صدورهم، PageV0MP111
فكان برهانا لامعا لإعلان الحق، والدعوة إلى سبيل الله، وتبليغ رسالاته، وسيفا قاطعا على الأعداء والخصوم.. وأصبح نبراسا يضئ طريق الحق للسائرين ورائدا لمن جاء بعده من الباحثين.. وإن في ما ذكرناه في (الدراسات) في الدلالة على ما قلناه كفاية.. والحمد لله رب العالمين.
ب - في الأوساط الأخرى وقد ترك هذا الكتاب آثارا بالغة في الأوساط الإسلامية الأخرى.. يتجلى ذلك بوضوح لمن يدقق النظر في التقاريظ والرسائل الموجهة إلى المؤلف وأسرته وكبار رجالات الطائفة في الهند.. فقد جاء في رسالة لآية الله المازندراني أنه يهتدي ببركة هذا الكتاب في كل عام جمع كثير وجم غفير من أهل السنة في بغداد ومكة وشام وحلب بالإضافة إلى بلاد الهند نفسها.
وفي رسالة للسيد المجدد الشيرازي الحكم بلزوم قراءة هذا الكتاب على كل مسلم، والأمر بوجوب نشره وترويجه بكل طريق ممكن.
وفي رسائل عديدة من جماعة من أعلام علماء الوقت طلب المزيد من نسخ الكتاب لأجل استفادة العلماء والفضلاء منه في الحوزات العلمية، والتأكيد على السيد المؤلف في مواصلة العمل لأجل إنجاز بقية مجلدات الكتاب.
ومن هنا فقد صدر الحكم من آية الله الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري إلى مقلديه في الهند بالمبادرة في أسرع وقت إلى طبع أجزاء الكتاب بمجرد خروجها من السواد إلى البياض وأن من الواجب المحتم عليهم أن يضعوا كافة قدراتهم المالية وغيرها تحت تصرف السيد ممتثلين جميع أوامره...
3 - تقاريظ الكتاب ولما وصل كتاب (عبقات الأنوار) إلى الأقطار الإسلامية كالعراق وإيران.. PageV0MP112
واطلع عليه كبار الفقهاء، ووقف عليه رجالات الحديث والكلام، والعلماء في مختلف العلوم الإسلامية.. أكبروه غاية الإكبار، وأثنوا عليه وعلى مؤلفه الثناء البالغ والمدح العظيم، وأرسلوا إلى السيد المؤلف رسائل التقريظ والتبجيل شاكرين الله تعالى على هذه النعمة، ومعبرين عن غاية سرورهم واعتزازهم بهذه الموهبة.
وقد جمعت نصوص تلك التقاريض في كتاب سمي ب (سواطح الأنوار في تقريضات عبقات الأنوار) حوى المختار منه 1، منها 27 تقريضا، وهي من كبار فقهاء ومحدثي عصر المؤلف.. قد وجه بعضها إلى المؤلف في حياته وبعضها الآخر إلى نجله السيد ناصر حسين... ونحن نكتفي هنا بذكر نصوص بعضها:
(1) تقريظ سيد الطائفة في عصره المجدد السيد الميرزا الشيرازي 2:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أبدع بقدرته على وفق إرادته فطرة الخليقة، وأولى كلا
PageV0MP113
بحسب قابليته ما يليق به من صبغة الحقيقة، فعلم آدم الأسماء، واصطفى أكابر ذريته، وخلص صفوته للبحث عن حقائق الأشياء، والاطلاع على ما في بطون الأنبياء فألهمهم علوم حقائقه، وأعلمهم نوادر دقائقه، وجعلهم مواضع ودائع أسراره وطالع طوالع أنواره، فاستنبطوا وأفادوا، واستوضحوا وأجادوا، والصلاة والسلام على من حبه خير وأبقى، وآله الذين من تمسك بهم فقد استمسك بالعروة الوثقى.
أما بعد: فلما وقفت بتأييد الله تعالى وحسن توفيقه على تصانيف ذي الفضل الغزير، والقدر الخطير، والفاضل النحرير، والفائق التحرير، والرائق التعبير، العديم النظير، المولوي السيد حامد حسين، أيده الله في الدارين وطيب بنشر الفضائل أنفاسه، وأذكى في ظلمات الجهل من نور العلم نبراسه.
رأيت مطالب عالية، تفوق روائح تحقيقها الغالية، عباراتها الوافية دليل الخبرة وإشاراتها الشافية محل العبرة، وكيف لا؟ وهي من عيون الأفكار الصافية مخرجة، ومن خلاصة الاخلاص منتجة، هكذا هكذا وإلا فلا، العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء من الأخيار، وفي الحقيقة افتخر كل الافتخار، ومن دوام العزم وكمال الحزم وثبات القدم وصرف الهمم في إثبات حقية أهل بيت الرسالة بأوضح مقالة أغار، فإنه نعمة عظمي وموهبة كبرى، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
أسأل الله أن يديمك لإحياء الدين ولحفظ شريعة خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله أجمعين.
فليس حياة الدين بالسيف والقنا * فأقلام أهل العلم أمضى من السيف والحمد لله على أن قلمه الشريف ماض نافع، ولا لسنة أهل الخلاف حسام قاطع، وتلك نعمة من الله بها عليه، وموهبة ساقها إليه.
وإني وإن كنت أعلم أن الباطل فاتح فاه من الحنق إلا أن الذوات المقدسة PageV0MP114
لا يبالون في إعلاء كلمة الحق، فأين الخشب المسندة من الجنود المجندة، وأين ظلال الضلالة من البدر الأنور، وظلام الجهالة من الكوكب الأزهر.
أسأل الله ظهور الحق على يديه، وتأييده من لديه، وأن يجعله موفقا منصورا مظفرا مشكورا، وجزاه الله عن الإسلام خيرا.
والرجاء منه الدعاء مدى الأيام، بحسن العاقبة والختام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرره الأحقر محمد حسن الحسيني في ذي الحجة الحرام سنة 1301 (الختم المبارك) (2) تقريظ خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري 1:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خصنا من بين الفرق بالفلج، وأيدنا ما دونهم بأوضح الحجج والصلاة على من اصطفاه لدين قيم غير ذي عوج، وعلى آله الذين نشروا لواء الحق ولو بسفك المهج، وأحضوا على العلم ولو بخوض اللجج، عجل الله لهم النصر والفرج، وصلى الله عليهم ما مدحت الثغور بالبلج، ووصفت الحواجب بالزجج.
PageV0MP115
وبعد: فإن العلم مشرع سلسال، لكن على أرجائه ضلال، وروض مسلوف لكن دونه قلل الجبال، دونهن حتوف، وإن من أجل من اقتحم موارده، وارتاد آنسه وشارده، وعاف في طلابه الراحة، ورأى في اجتلاء أنواره مروحة وراحة، حتى فاز منه بالخصل، بل وأدرك الفرع منه والأصل: السيد السديد والركن الشديد، سباح عيالم التحقيق، سياح عوالم التدقيق، خادم حديث أهل البيت، ومن لا يشق غباره الأعوجي الكميت، ولا يحكم عليه لو ولا كيت سائق الفضل وقائده وأمير الحديث ورائده، ناشر ألوية الكلام، وعامر أندية الإسلام، منار الشيعة، مدار الشريعة، يافعة المتكلمين، وخاتمة المحدثين، وجه العصابة وثبتها، وسيد الطائفة وثقتها، المعروف بطنطنة الفضل بين ولايتي المشرقين، سيدنا الأجل حامد حسين، لا زالت الرواة تحدث من صحاح مفاخره بالأسانيد مما تواتر من مستفيض فضله المسلسل كل معتبر عال الأسانيد.
ولعمري لقد وفى حق العلم بحق براعته، ونشر حديث الإسلام بصدق لسان يراعته، وبذل من جهده في إقامة الأود وإبانة الرشد ما يقصر دونه العيوق فأنى يدرك شأوه المسح السابح السبوق!! فتلك كتبه قد حبت الظلام وجلت الأيام، وزينت الصدور وأخجلت المدور، ففيها (عبقات) أنوار اليقين و (استقصاء) شاف في تقدير نزهة المؤمنين، وظرائف طرف في إيضاح خصائص الارشاد هي غاية المرام من مقتضب الأركان، وعمدة وافية في إبانة نهج الحق لمسترشد الصراط المستقيم إلى عماد الإسلام ونهج الإيمان، وصوارم في استيفاء إحقاق الحق هي مصائب النواصب، ومنهاج كرامة كم له في إثبات الوصية بولاية الانصاف من مستدرك مناقب، ولوامع كافية لبصائر الأنس في شرح الأخبار، تلوح منها أنوار الملكوت، ورياض مونقة في كفاية الخصام من أنوارها المزرية بالدر النظيم تفوح نفحات اللاهوت. PageV0MP116
فجزاه الله عن آبائه الأماجد خير ما جزى به ولدا عن والد، وأيد الله أقلامه في رفع الأستار عن وجه الحق والصواب، وأعلى ذكره في الدين ما شهد ببارع فضله القلم والكتاب، وملأت بفضائله صدور المهارق وبطون الدفاتر، ونطقت بمكارمه ألسنة الأقلام، وأفواه المحابر.
آمين آمين لا أرضى بواحدة * حتى أضيف إليها ألف أمينا وصلى الله على سيدنا محمد والميامين من عترته وسلم تسليما.
كتب بيمناه الداثرة الخاثرة العبد المذنب المسئ حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي.
في ليلة الثاني عشر من شهر الصيام، في الناحية المقدسة سر من رأى، سنة 1303 حامدا مصليا (3) تقريظ الفقيه الكبير الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري 1:
".. چون متدرجا مجلدات كتب مؤلفات ومصنفات آنجناب سامي صفات كه عبارت از (استقصاء الافحام) (وعبقات) بوده باشد در أين صفحات به دست علماء وفضلاى أين عتبات عرش درجات ملحوظ ومشاهد افتاد به اضعاف مضاعف آنچه شنيده مى شد ديده شد " كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " از صفحاتش نمودار " كتاب مرقوم يشهده المقربون " از اوراقش پديدار، از عناوينش " آيات محكمات هن أم الكتاب " پيدا، واز مضامينش
PageV0MP117
" هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنه الحق وليذكر أولو الألباب " هويدا از فصولش عالمي را تاج تشيع واستبصار بر سر نهاده، واز أبوابش بسوى " جنات عدن تجري من تحتها الأنهار " بابها گشاده. كلماتش " وجعلناها رجوما للشياطين " كلامش " ألا لعنة الله على القوم الظالمين ". مفاهيمش " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين " مضامينش در لسان حال اعدا " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين وبئس القرين ". دلائلش " هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " براهينش " كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ".
برأي دفع يأجوج ومأجوج مخالفين دين مبين سدى است متين، واز جهت قلع وقمع زمره معاندين مذهب وائين چون تيغ أمير المؤمنين، سيمرغ سريع النقل عقل از طيران بسوى شرف اخبارش عاجز، هماي تيزپاى خيال از وصول بسوى غرف آثارش قاصر. كتبي به أين لياقت ومتانت واتقان تا الان از بنان تحرير نحريرى سر نزده، وتصنيفي در اثبات حقيت مذهب وايقان تا أين زمان از بيان تقرير حبر خبيرى صادر وظاهر نگشته.
از عبقاتش رائحة تحقيق وزان، واز استقصايش استقصا بر جميع دلائل قوم عيان، ولله در مؤلفها ومصنفها:
" أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين.. ".
(4) تقريظ سماحة العلامة الحجة الفقيه السيد محمد حسين الشهرستاني 1:
PageV0MP118
" بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي نصر الدين المبين بالعلماء الراسخين، ونفى بهم عنه بدع المبتدعين وانتحال المبطلين، وفضل مدادهم على دماء الشهداء في الدين، ولم يخل الأرض منهم في آن ولا حين، والصلاة على سيد العالمين والنبي قبل الماء والطين، وآله الذين هم لمعات أنواره، وعبقات أزهاره، سيما وصيه ومعدن أسراره، الذي شبهه النبي صلى الله عليه بالأنبياء فكان موجبا لافتخارهم لا لافتخاره، وبعد:
فإني قد نظرت في كتاب عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله وسلامه ما بقي الليل والنهار، للمولى الجليل والعالم النبيل، الذي علا علاه الفرقدين، وسما سناؤه النيرين، المبرأ من كل شين والمحلى بكل زين، مجمع البحرين جامع الفضلين المولوي السيد حامد حسين لا زال محبورا بكل ما يقر به العين، مشكور السعي في النشأتين، فرأيته كتابا متينا متقنا حاويا للتحقيقات الرشيقة التي يهتز لها الناظر، جامعا للتدقيقات التي يطرب بها الخاطر كم من عنق من الباطل به مكسور، وكم من عرق للضلالة به مبتور، قد أدحض به أباطيل المبطلين، وأوضح به الحجج والبراهين على الحق المبين وأرغم أنوف المعاندين، فلله دره من فاضل ما أفضله، وعالم ما أكمله، وبارع ما أفهمه ودقيق ما أتقنه، قمع رؤس المشككين بمقامع الحديد، وأذاب قلوبهم بشراب الصديد، ولم يدع لهم ركنا إلا هدمه، ولا بابا إلا ردمه، ولا عرقا إلا قلعه، ولا شكا إلا رفعه، ولا ريبا إلا منعه، ولا دليلا إلا صدعه، ولا قولا إلا دفعه، ولا قرنا إلا صرعه، ولا مذهبا إلا نقضه، ولا رئيسا إلا رفضه، ولا كيدا إلا دمره ولا نقضا إلا سمره.
فجزاه الله عن الدين وأهله خير جزاء الصالحين، وأعطاه بكل حرف بيتا PageV0MP119
في الجنة كما وعد به على لسان الصادقين، وحشره مع المجاهدين في زمن أجداده الطاهرين.
ونرجو من المؤلف دام بقاه أن يمن على أهل هذه النواحي ببعث سائر المجلدات من هذا الكتاب المبارك، ونشره في هذه الأصقاع، عسى أن ينفع به من طابت سريرته وحسنت سيرته، وسبقت له من الله العناية بسعادته، ولم يستحق الخذلان والحرمان بشقاوته. والله المستعان وعليه التكلان. وأن لا ينسانا من الدعوات في مظان الإجابة وموارد الاستجابة، والسلام هو الختام. وقد قلت مرتجلا:
عبقات فاحت من الهند طيبا * عطست منه معطس الحرمين فأشار الحسين بالحمد منه * ودعا شاكرا لحامد حسين حرره الجاني الفاني محمد حسين الشهرستاني عفي عنه وعن والديه بالنبي والوصي 26 جمادى الأولى سنة 1303 في أرض كربلاء المشرفة على مشرفها ألف ألف سلام وتحية. آمين والحمد لله رب العالمين 4 - بعض ما قيل في الكتاب ثم ضع يدك على أي كتاب شئت من كتب التراجم وفهارس المصنفات وغير ذلك تجد فيه كلمات جليلة من أكابر العلماء في حق كتاب العبقات... ونحن نكتفي كذلك بذكر بعض تلك الكلمات، وعليها فقس ما سواها:
1 - الميرزا أبو الفضل الطهراني:
"... عبقات الأنوار تصنيف السيد الجليل، المحدث العالم العامل، نادرة الفلك وحسنة الهند، ومفخرة لكهنو وغرة العصر، خاتم المتكلمين، المولوي الأمير حامد حسين المعاصر الهندي اللكهنوي قدس سره وضوعف بره، الذي PageV0MP120
اعتقد أنه لم يصنف مثل هذا الكتاب المبارك منذ بداية تأسيس علم الكلام حتى الآن في مذهب الشيعة، من حيث إثبات الاتفاق في النقل، وكثرة الاطلاع على كلمات الأعداء، والإحاطة بالروايات الواردة من طرقهم في باب الفضائل.
فجزاه الله عن آبائه الأماجد خير جزاء ولد عن والده، ووفق خلفه الصالح لإتمام هذا الخير الناجح " 1.
2 - السيد محسن الأمين العاملي:
" عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار بالفارسية، لم يكتب مثله في بابه في السلف والخلف، وهو في الرد على باب الإمامة من (التحفة الاثني عشرية) للشاه عبد العزيز الدهلوي، فإن صاحب التحفة أنكر جملة من الأحاديث المثبتة إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام، فأثبت المترجم تواتر كل واحد من تلك الأحاديث من كتب من تسموا بأهل السنة، وهذا الكتاب يدل على طول باعه وسعة اطلاعه وهو في عدة مجلدات، منها مجلد في حديث الطير، وقد طبعت هذه المجلدات ببلاد الهند، وقرأت نبذا من أحدها فوجدت مادة غزيرة وبحرا طاميا، وعلمت منه ما للمؤلف من طول الباع وسعة الاطلاع.
وحبذا لو انبرى أحد لتعريبها وطبعها بالعربية، ولكن الهمم عند العرب خامدة.. " 2.
3 - وقال شيخنا الحجة الطهراني:
" وهو أجل ما كتب في هذا الباب من صدر الإسلام إلى الآن " 3.
وقال أيضا:
PageV0MP121
" هو من الكتب الكلامية التاريخية الرجالية، أتى فيه بما لا مزيد لأحد من قبله " 1.
4 - وقال المحدث الكبير الشيخ القمي ما تعريبه:
" لم يؤلف مثل كتاب (العبقات) من صدر الإسلام حتى يومنا الحاضر، ولا يكون ذلك لأحد إلا بتوفيق وتأييد من الله تعالى ورعاية من الحجة عليه السلام " 2.
5 - وقال المحقق الشيخ محمد على التبريزي ما تعريبه:
" ويظهر لمن راجع كتاب (عبقات الأنوار) أنه لم يتناول أحد منذ صدر الإسلام حتى عصرنا الحاضر علم الكلام - لا سيما باب الإمامة منه - على هذا المنوال.. وظاهر لكل متفطن خبير أن هذه الإحاطة الواسعة لا تحصل لأحد إلا بتأييد من الله تعالى وعناية من ولي العصر عجل الله فرجه " 3.
5 - الأحاديث التي تم البحث عنها قد ذكرنا أن المؤلف جعل كتابه في منهجين:
(الأول) في الآيات التي تعرض لها صاحب التحفة وهي ستة، ذكرناها سابقا. وهذا المنهج - كما في بعض مجلدات الكتاب - مؤلف كلا أو بعضا لكن في الذريعة: إن هذا المنهج تام ومخلوط في المكتبة الناصرية، ويوجد في غيرها أيضا 4.
PageV0MP122
(والثاني) في الأحاديث التي تعرض لها الدهلوي، وهي اثنا عشر حديثا، ذكرنا نصوصها على الترتيب سابقا.
وقد كمل البحث عن الأحاديث التالية منها:
1 - حديث الغدير.
2 - حديث المنزلة.
3 - حديث الولاية.
4 - حديث الطير.
5 - حديث الباب.
6 - حديث التشبيه.
7 - حديث المناصبة.
8 - حديث النور.
9 - حديث الثقلين - ومعه حديث السفينة.
10 - حديث خبير. المجلد الأول منه (1).
وقد وقع البحث عن كل واحد من هذه الأحاديث في جهتين:
(الأولى): في سند الحديث، فأثبت تواتره من كتب العامة، بأسلوب لطيف، إذ يورد الحديث ثم يذكر رواته من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن رواه عنهم من التابعين، ثم من رواه عن التابعين من تابعيهم ثم من أخرجه في كتابه.. كل ذلك حسب سني وفياتهم، مع ترجمة كل واحد منهم مثبتا وثاقته وجلالته لدى تلك الطائفة.
(الثانية): في دلالة الحديث: فأثبت دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بالأدلة العقلية والنقلية من مختلف كتب العامة المعتبرة... وإذا ثبتت إمامته بلا فصل ثبتت لولده الأحد عشر عليهم السلام كما هو واضح.
PageV0MP123
6 - مؤلفو هذه المجلدات وما طبع منها ثم إنه قد اشترك في إنجاز البحث في تلك المجلدات السيد حامد حسين وولده وحفيده، فأنجز السيد المؤلف - السيد حامد حسين - من هذه المهمة البحث عن:
1 - حديث الغدير، سندا ودلالة.
2 - حديث المنزلة، سندا ودلالة.
3 - حديث الولاية، سندا ودلالة.
4 - حديث التشبيه، سندا ودلالة.
5 - حديث النور، سندا ودلالة.
وهذه المجلدات كلها مطبوعة.
ولما لم يمهله الأجل لإكمال سائر الأحاديث، أخذ ولده - السيد ناصر حسين - يكمل هذا المنهج متبعا أسلوب والده المرحوم وخطته المرسومة فكتب:
1 - حديث الطير، سندا ودلالة.
2 - حديث الباب، سندا ودلالة.
3 - حديث الثقلين - ومعه حديث السفينة، سندا ودلالة.
وقد طبعت هذه أيضا، وأعيد طبع المجلد الأول من مجلدتي حديث الغدير للمرة الثانية في إيران، وكذا حديث الثقلين في ستة أجزاء مع فهارس باهتمام العلامة الروضاتي وزملائه في أصفهان.
وجاء حفيده - السيد محمد سعيد - فأكمل:
1 - حديث المناصبة، سندا ودلالة.
2 - حديث خيبر، سندا فقط.
ولم يطبع منهما شئ، فالمجلدات المطبوعة من هذه الموسعة هي (16) PageV0MP124
مجلدا حول (8) أحاديث باعتبار أن كل حديث في مجلدين أحدهما للسند والآخر للدلالة، ولم يكتب من الأحاديث الاثني عشر:
1 - حديث الحق.
2 - حديث خيبر، القسم الثاني منه (1).
والجدير بالذكر: إن السيد ناصر حسين وولده قد جعلا ما ألفاه وأكملاه من (العبقات) باسم السيد حامد حسين تجليلا له وتقديرا لجهوده، ولأنه رحمة الله تعالى عليه قد رسم الخطوط لجميع هذه الأحاديث الاثني عشر، وفهرس رؤوس أقلامها وأمهات مطالبها، وأشر على المصادر الموجودة لديه في أوائلها تسهيلا لإخراج ما يريد منها...
7 - استفادة المؤلفين من الكتاب وقد أصبح هذا الكتاب من أهم الموسوعات العلمية، وأمهات مصادر الإمامة والكلام والعلوم الإسلامية، منذ صدوره حتى يومنا هذا، إذ اعتمد عليه كبار العلماء الأعلام ومشاهير المؤلفين والكتاب، من معاصري المؤلف فمن بعدهم بين ناقل عنه ومحيل إليه، في شتى بحوثهم ومختلف مؤلفاتهم، ومنهم:
1 - العلامة المحدث الكبير الحاج ميرزا حسين النوري في (مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل) وبعض مؤلفاته الأخرى.
2 - آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في (أصل الشيعة وأصولها).
3 - العلامة المحقق الميرزا أبو الفضل الطهراني في (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور).
4 - العلامة المحدث الشيخ عباس القمي في بعض تآليفه.
PageV0MP125
5 - العلامة الشيخ نجم الدين العسكري في جملة من مؤلفاته.
6 - العلامة الشيخ قوام الدين الوشنوي في (حديث الثقلين).
7 - العلماء الأفاضل المؤلفون لكتاب (جامع أحاديث الشيعة) تحت إشراف زعيم الطائفة في عصره السيد حسين الطباطبائي البروجردي رحمه الله.
8 - العلامة السيد سبط الحسن الهندي اللكنهوي رحمه الله في كتاب (حديث الغدير) بلغة أردو.
9 - العلامة السيد مرتضى حسين الفتحپوري في كتاب (تفسير التكميل) في آية: اليوم أكملت لكم دينكم... النازلة في واقعة غدير خم.
10 - العلامة السيد صديق حسن خان القنوجي، من مشاهير المؤلفين من أهل السنة، المعاصرين لصاحب العبقات في الهند، في كتابه (أبجد العلوم).
11 - العلامة الحجة المجاهد الشيخ عبد الحسين الأميني في أثره الخالد (الغدير) فقد قال رحمه الله: " السيد مير حامد حسين ابن السيد محمد قلي الموسوي الهندي اللكهنوي المتوفى سنة 1306 عن 60 سنة. ذكر حديث الغدير وطرقه وتواتره ومفاده في مجلدين ضخمين، في ألف وثمان صحائف وهما من مجلدات كتابه الكبير العبقات.
وهذا السيد الطاهر العظيم - كوالده المقدس - سيف من سيوف الله المشهورة على أعدائه، وراية ظفر الحق والدين، وآية كبرى من آيات الله سبحانه، قد أتم به الحجة وأوضح المحجة.
وأما كتابه العبقات فقد فاح أريجه بين لابتي العالم، وطبق حديثه المشرق والمغرب، وقد عرف من وقف عليه أنه ذلك الكتاب المعجز المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وقد استفدنا كثيرا من علومه المودعة في هذا السفر القيم، فله ولوالده PageV0MP126
الطاهر منا الشكر المتواصل، ومن الله تعالى لهما أجزل الأجور " (1) 8 - ترجمته إلى اللغات لم ينتشر إلى الآن - حسبما نعلم - كتاب بعنوان ترجمة كتاب عبقات الأنوار بلغة من اللغات، وإن كنا وجدنا بعض المؤلفات باللغة العربية كل مطالبه أو جلها من كتاب العبقات... لكن لا ريب في تصدي بعض العلماء والفضلاء لتعريب الكتاب أو ترجمته إلى اللغة الأردوية... ملخصا أو غير ملخص... في خلال هذه المدة المديدة... ومن ذلك:
1 - فيض القدير في حديث الغدير. للعلامة المحدث الشيخ عباس القمي رحمه الله فإنه ملخص من مجلد حديث الغدير من عبقات الأنوار... وهو موجود لدى نجل المؤلف حفظه الله.
2 - الثمرات للسيد محسن نواب بن السيد أحمد النواب اللكهنوي فإنه تعريب وتلخيص لمجلدات من كتاب العبقات. ذكره صاحب الذريعة.
3 - حديث مدينة العلم. لحفيد المؤلف السيد محمد سعيد - وسنترجم له - لخص فيه مجلد حديث مدينة العلم. وهذا مطبوع بالنجف الأشرف.
9 - فشل القوم في الرد عليه قد أشرنا سابقا إلى أن نشاط الإمام السيد دلدار على النقوي هو السبب في تأليف " التحفة الاثني عشرية " وأن ذلك كان بداية فصل جديد للصراع العقائدي بين الطائفتين على صعيد المؤلفات في الردود والمناقشات... فأول من رد على " التحفة " هو السيد دلدر علي نفسه، حيث رد عليها بكتاب " الصوارم الإلهيات
PageV0MP127
في قطع شبهات عابدي العزى واللات " وكتاب " صارم الإسلام ". فرد عليه رشيد الدين الدهلوي تلميذ صاحب التحفة بكتاب " الشوكة العمرية ". فرد عليه حكيم باقر علي خان بكتاب " الحملة الحيدرية ".
ورد الميرزا محمد الكامل على " التحفة " بكتاب " النزهة الاثنا عشرية " فرد عليه أحد العامة بكتاب أسماه " رجوم الشياطين "، فرد عليه السيد جعفر الموسوي بكتاب " معين الصادقين في رد رجوم الشياطين ".
ورد السيد محمد قلي والد صاحب العبقات على التحفة ب " الأجناد الاثنا عشرية المحمدية ". فرد عليه محمد رشيد الدهلوي، فعاد السيد محمد قلي ورد عليه بكتاب " الأجوبة الفاخرة في الرد على الأشاعرة ".
إذن بقيت مواضيع كتاب " التحفة " موضع الأخذ والرد بين الطرفين، فإن كلا من السيد دلدار علي وصاحب التحفة أسس لمذهبه مدرسة وقاد حركة وتزعم أسرة علمية وربى تلامذة...
حتى جاء دور صاحب عبقات الأنوار، فألف كتابه العظيم في ظروف لا يصدر عن الشيعة شئ إلا وقد رد عليه من قبل تلامذة الدهلوي والمدافعين عن تحفته، كحيدر علي الفيض آبادي، ومحمد رشيد الدين الدهلوي، وغيرهما من مشاهير المعاصرين له من علماء أهل السنة...
ولكن لم نسمع حتى الآن صدور كتاب في الرد على عبقات الأنوار، مما يدل على عجز القوم عن الرد عليه... فإن عدم الرد هنا كاف في الدلالة على العجز.
أضف إلى ذلك ما ذكره المحقق السني عبد الحي اللكهنوي المتوفى سنة 1341 في كتابه " نزهة الخواطر " بترجمة المولوي أمير حسن السهسواني المتوفى سنة 1291 قائلا: " وإني سمعت بعض الفضلاء يقول: إن مولانا حيدر علي PageV0MP128
الفيض آبادي استقدمه إلى حيدر آباد ورتب له ثلاثمائة ربية شهريا ليعينه في الرد على " عبقات الأنوار ". لأن أوقاته لا يفرغ لذلك لكثرة الخدمات السلطانية. فأبى قبوله وقال: إني لا أرضى بأن أحتمل هم ثلاثمائة ربية، أين أضعها؟ وفيهم أبذلها؟ " (1).
أترى أن حيدر علي كان يهتم بالخدمات السلطانية أكثر من الرد على العبقات؟
أترى أن المانع للسهسواني عن قبول الدعوة عدم تمكنه من تحمل هم الربيات أين يضعها وفيم يبذلها؟
الحقيقة هي العجز عن الرد... وإلا لترك الفيض آبادي الخدمات السلطانية حتى الانتهاء من الرد على " العبقات "، كما فعل السيد حامد حسين حيث اعتزل الناس والشؤون الاجتماعية حتى وفق للرد على " التحفة ".
ولو كان السهسواني قادرا على الرد على العبقات للبى الدعوة وأخذ الربيات بل استحق الأكثر من الثلاثمائة بأضعاف مضاعفة...
ولو كان صادقا في العذر الذي ذكره لحضر إلى حيدر آباد وأعان الفيض آبادي في تلك المهمة... ثم اعتذر عن قبول الربيات...
الحقيقة هي العجز عن الرد... وكذلك كتاب العبقات... لا يمكن الرد عليه... فكان القول الفصل، والكلام الحاسم في النزاع والصراع بين أنصار " التحفة " والرادين عليها... وهذا من خصائص هذا الكتاب... لأنه الكتاب المعجز المبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... فلا جرم أن أجمع علماء الشيعة على أنه لم يكتب مثله في بابه بين السلف والخلف... فلله دره وعليه أجره.
PageV0MP129
الباب السادس ترجمة مشاهير بيت صاحب العبقات (1) (1) ترجمة السيد محمد قلي هو: السيد محمد قلي ابن السيد محمد حسين المعروف بالسيد الله كرم ابن السيد حامد حسين ابن السيد زين العابدين ابن السيد محمد المعروف بالسيد البولاقي ابن السيد محمد المعروف بالسيد مدا ابن السيد حسين المعروف بالسيد ميئهر ابن السيد جعفر ابن السيد علي ابن السيد كبير الدين ابن السيد شمس الدين ابن السيد جمال الدين ابن السيد شهاب الدين أبي المظفر حسين الملقب بسيد السادات المعروف بالسيد علاء الدين أعلى بزرك ابن السيد محمد المعروف بالسيد عز الدين ابن السيد شرف الدين أبي طالب المعروف بالسيد الأشرف ابن السيد محمد الملقب بالمهدي المعروف بالسيد محمد المحروق ابن حمزة ابن علي بن أبي محمد بن جعفر بن مهدي بن أبي طالب بن علي بن حمزة بن
PageV0MP130
أبي القاسم حمزة ابن الإمام أبي إبراهيم موسى الكاظم ابن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق ابن الإمام أبي جعفر محمد الباقر ابن الإمام أبي محمد علي زين العابدين ابن السبط الشهيد الإمام أبي عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (1).
كان: متكلما، محققا، كثير التتبع، جامعا بين المعقول والمنقول، جدليا حسن المناظرة، ومن كبار علماء الإمامية في بلاد الهند، وكان له الاهتمام البالغ في الرد على المخالفين، وقد قام بذلك أحسن قيام.
ولادته:
ولد السيد محمد قلي يوم الاثنين الخامس من شهر ذي القعدة سنة 1188 في بلدة كنتور (2).
أساتذته:
لم يذكر المترجمون له من أساتذته سوى: الإمام الأكبر السيد دلدار علي النقوي، ولعله لم يأخذ إلا منه ولم يحضر على غيره، إذ به الكفاية في جميع العلوم كما يظهر من تراجم العلماء له (3).
PageV0MP131
مؤلفاته:
1 - تطهير المؤمنين عن نجاسة المشركين (1).
2 - تكميل الميزان في علم الصرف (2).
3 - رسالة في التقية (3).
4 - تقريب الأفهام في تفسير آيات الأحكام (4).
5 - الشعلة الظفرية (5) في الرد على الشوكة العمرية لرشيد الدين الدهلوي.
6 - حكم أحاديث الصحيحين.
7 - الفتوحات الحيدرية، في الرد على كتاب الصراط المستقيم لعبد الحق الدهلوي (6).
8 - أحكام العدالة العلوية (7).
9 - الحواشي والمطالعات (8).
10 - رسالة في الكبائر (9).
PageV0MP132
11 - الأجوبة الفاخرة في رد الأشاعرة (1).
وذكروا في مؤلفاته " نقاق الشيخين " لكن في نزهة الخواطر: " نفاق الشيخين بحكم أحاديث الصحيحين " فيكون كتابا واحدا.
هذا بالإضافة إلى كتبه التي رد بها على أبواب من (التحفة الاثنا عشرية) والتي سنوافيك بأسمائها.
وفاته:
وتوفي في 4 محرم سنة 1260 رحمة الله تعالى عليه (2). وقد أرخه العلامة السيد محمد عباس التستري بقوله كما في (أحسن الوديعة): " لموته هو إقبال يوم عاشورا ".
(2) ترجمة السيد حامد حسين هو: السيد حامد حسين ابن السيد محمد قلي المذكور...
كلمات العلماء في حقه:
1 - قال الحجة الأمين العاملي:
" كان من أكابر المتكلمين الباحثين عن أسرار الديانة، والذابين عن بيضة الشريعة وحوزة الدين الحنيف، علامة نحريرا ماهرا بصناعة الكلام والجدل،
PageV0MP133
محيطا بالأخبار والآثار، واسع الاطلاع، كثير التتبع، دائم المطالعة، لم ير مثله في صناعة الكلام والإحاطة بالأخبار والآثار في عصره بل وقبل عصره بزمان طويل وبعد عصره حتى اليوم.
ولو قلنا: إنه لم ينبغ مثله في ذلك بين الإمامية بعد عصر المفيد والمرتضى لم نكن مبالغين، يعلم ذلك من مطالعة كتابه (العبقات) وساعده على ذلك ما في بلاده من حرية الفكر والقول والتأليف والنشر، وطار صيته في الشرق والغرب وأذعن لفضله عظماء العلماء.
وكان جامعا لكثير من فنون العلم، متكلما، محدثا، رجاليا، أديبا ، قضى عمره في الدرس والتصنيف والتأليف والمطالعة " (1).
2 - وقال شيخنا الحجة الطهراني ما ملخصه:
" من أكابر متكلمي الإمامية وأعاظم علماء الشيعة المتبحرين في أوليات هذا القرن، كان كثير التتبع، واسع الاطلاع والإحاطة بالآثار والأخبار والتراث الاسلامي، بلغ في ذلك مبلغا لم يبلغه أحد من معاصريه ولا المتأخرين عنه، بل ولا كثير من أعلام القرون السابقة، أفنى عمره الشريف في البحث عن أسرار الديانة والذب عن بيضة الإسلام وحوزة الدين الحنيف، ولا أعهد في القرون المتأخرة من جاهد جهاده وبذل في سبيل الحقائق الراهنة طارفه وتلاده، ولم تر عين الزمان في جميع الأمصار والأعصار مضاهيا له في تتبعه وكثرة اطلاعه ودقته وذكائه وشدة حفظه وضبطه.
قال سيدنا الحسن الصدر في (التكلمة): كان من أكابر المتكلمين، وأعلام علماء الدين وأساطين المناظرين المجاهدين، بذل عمره في نصرة الدين وحماية شريعة سيد المرسلين والأئمة الهادين، بتحقيقات أنيقة وتدقيقات رشيقة،
PageV0MP134
واحتجاجات برهانية، وإلزامات نبوية، واستدلالات علوية، ونقوض رضوية حتى عاد الباب من (التحفة الاثني عشرية) خطابات شعرية وعبارات هندية تضحك منها البرية، ولا عجب:
فالشبل من ذاك الهزبر وإنما * تلد الأسود الضاريات أسودا " (1).
3 - وقال المحقق الشيخ محمد على التبريزي ما تعريبه:
" حجة الإسلام والمسلمين، لسان الفقهاء والمجتهدين، ترجمان الحكماء والمتكلمين علامة العصر مير حامد حسين، من ثقات وأركان علماء الإمامية، ووجوه وأعيان فقهاء الاثني عشرية، كان جامعا للعلوم العقلية والنقلية، بل من آيات الله وحجج الفرقة المحقة، ومن مفاخر الشيعة بل الأمة الإسلامية، وبالأخص فإنه يعد من أسباب افتخار قرننا على سائر القرون... " (2).
4 - وقال العلامة المحدث القمي ما تعريبه:
" السيد الأجل العلامة والفاضل الورع الفهامة، الفقيه المتكلم المحقق والمفسر المحدث المدقق، حجة السلام والمسلمين آية الله في العالمين، وناشر مذهب آبائه الطاهرين، السيف القاطع والركن الدافع والبحر الزاخر والسحاب الماطر، الذي شهد بكثرة فضله العاكف والبادي، وارتوى من بحار علمه الضمآن والصادي:
هو البحر لا بل دون ما علمه البحر * هو البدر لا بل دون طلعته البدر هو النجم لا بل دونه النجم طلعة * هو الدر لا بل دون منطقه الدر هو العالم المشهور في العصر والذي * به بين أرباب النهى افتخر العصر هو الكامل الأوصاف في العلم والنقى * فطاب به في كل ما قطر الذكر
PageV0MP135
محاسنه جلت عن الحصر وازدهى * بأوصافه نظم القصائد والنثر وبالجملة: فإن وجوده كان من آيات الله وحجج الشيعة الاثني عشرية، ومن طالع كتابه (العبقات) يعلم أنه لم يصنف على هذا المنوال في الكلام - لا سيما في مبحث الإمامة - من صدر الإسلام حتى الآن... " (1).
5 - وقال عمر رضا كحالة:
".. أمير، متكلم، فقيه، أديب... " (2).
6 - وقال صاحب تكملة نجوم السماء:
" آية الله في العالمين وحجته على الجاحدين، وارث علوم أوصياء خير البشر المجدد للمذهب الجعفري على رأس المائة الثالثة عشر، مولانا ومولى الكونين المقتفي لآثار آبائه المصطفين جناب السيد حامد حسين أعلى الله مقامه وزاد في الخلد إكرامه.
بلغ في علو المرتبة وسمو المنزلة مقاما تقصر عقول العقلاء وألباب الألباء عن دركه، وتعجز ألسنة البلغاء وقرائح الفصحاء عن بيان أيسر فضائله... " (3).
7 - وقال صاحب المآثر والآثار:
" مير حامد حسين اللكهنوي آية من الآيات الإلهية، وحجة من حجج الشيعة الاثني عشرية، جمع إلى الفقه التضلع في علم الحديث والإحاطة بالأخبار والآثار وتراجم رجال الفريقين، فكان في ذلك المتفرد بين الإمامية، وهو صاحب المقام المشهود والموقف المشهور بين المسلمين في فن الكلام - ولا سيما مبحث الإمامة - ومن وقف على كتابه عبقات الأنوار علم أنه لم يصنف على منواله في الشيعة من الأولين والآخرين.. ومن الأمارات على كونه مؤيدا من
PageV0MP136
عند الله ظفره بكتاب الصواقع لنصر الله الكابلي الذي انتحل الدهلوي كله... " (1).
8 - وقال صاحب أحسن الوديعة:
" لسان الفقهاء والمجتهدين، وترجمان الحكماء والمتكلمين، وسند المحدثين مولانا السيد حامد حسين... كان رحمه الله من أكابر المتكلمين الباحثين في الديانة، والذابين عن بيضة الشريعة وحوزة الدين الحنيف، وقد طار صيته في الشرق والغرب، وأذعن بفضله صناديد العجم والعرب، وكان جامعا لفنون العلم، واسع الإحاطة، كثير التتبع، دائم المطالعة، محدثا رجاليا أديبا أريبا، وقد قضى عمره الشريف في التصنيف والتأليف، فيقال إنه كيف بيمناه حتى عجزت بكثرة العمل، فأضحى يكتب باليسرى.
وله مكتبة كبيرة في لكهنو، وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب المخالفين.
وبالجملة، فهو في الديار الهندية سيد المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا وأهل عصره كلهم مذعنون لعلو شأنه في الدين والسيادة وحسن الاعتقاد وكثرة الاطلاع وسعة الباع ولزوم طريقة السلف (2) ".
أساتذته:
قرأ قدس سره المقدمات ومبادئ العلوم والكلام على والده العلامة، وأخذ الفقه والأصول عن السيد حسين (3) بن السيد دلدار علي المذكور سابقا والمعقول
PageV0MP137
عن السيد مرتضى (1) بن السيد محمد بن السيد دلدار علي، والأدب عن المفتي السيد محمد عباس (2).
وهؤلاء كلهم من أعاظم الوقت واشهر مشاهير ذلك العصر.
تصانيفه:
قال شيخنا العلامة الطهراني: " وله تصانيف جليلة نافعة، تموج بمياه التحقيق والتدقيق، وتوقف على ما لهذا الحبر من المادة الغزيرة وتعلم الناس بأنه بحر طام لا ساحل له " (3) وهي (عدا العبقات):
1 - استقصاء الافحام واستيفاء الانتقام في رد منتهى الكلام لحيدر على الفيض آبادي، كتبه في الرد على الإمامية (4).
PageV0MP138
2 - أسفار الأنوار عن حقائق أفضل الأسفار، شرح فيه وقائع سفره إلى بيت الله الحرام وزيارة الأئمة الطاهرين عليهم السلام (1) والظاهر أنه (الرحلة المكية والسوانح السفرية) الذي ذكره كحالة (2).
3 - الشريعة الغراء، فقه كامل (3).
4 - الشعلة الجوالة، بحث فيه إحراق المصاحف على عهد عثمان (4).
5 - شمع المجالس، قصائد له في رثاء الحسين سيد الشهداء عليهم السلام (5).
6 - الطارف، مجموعة ألغاز ومعميات (6).
7 - صفحة الألماس في أحكام الارتماس (7).
8 - العشرة الكاملة، حل فيه عشرة مسائل مشكلة (8).
9 - إفحام أهل المين في رد إزالة الغين (9) وهو لحيدر علي الفيض آبادي.
10 - شمع ودمع، شعر فارسي (10).
11 - الظل الممدود والطلح المنضود (11).
PageV0MP139
12 - العضب البتار في مبحث آية الغار (1).
13 - الدرر السنية في المكاتيب والمنشآت العربية (2).
14 - الذرائع في شرح الشرائع (3).
15 - شوارق النصوص (4).
16 - درة التحقيق (5).
قال المحقق التبريزي: " وقد صرح بعض الأكابر ببلوغ مؤلفاته المائتين مجلدا " (6).
وفي (أعلام الشيعة): " الأمر العجيب أنه ألف هذه الكتب النفائس والموسوعات الكبار وهو لا يكتب إلا بالحبر والقرطاس الاسلاميين، لكثرة تقواه وتورعه، وأمر تحرزه عن صنائع غير المسلمين مشهور متواتر " (7).
وفاته:
توفي بلكهنو في 18 صفر سنة 1306 ودفن في حسينية له هناك.
وقد كانت ولادته سنة 1246.
رثاؤه:
وقد رثاه جماعة من شعراء عصره بقصائد طبعت في مجموعة باسم (القصائد
PageV0MP140
المشكلة في المراثي المثكلة). احتوت هذه المجموعة على قصائد من:
1 - الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ محمود سعيد نائب سادن الروضة الحيدرية.
2 - السيد حسين الواعظ اليزدي الطباطبائي الحائري.
3 - الشيخ جعفر العرب.
4 - السيد كلب مهدي الجائسي الهندي.
5 - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي.
6 - قصيدة أخرى للشيخ محمد سعيد.
7 - قصيدة أخرى للسيد حسين الواعظ.
8 - قصيدة ثالثة للسيد حسين الواعظ.
9 - قصيدة للسيد محمد حسين ابن السيد جعفر آل بحر العلوم الطباطبائي.
10 - قصيدة السيد مهدي ابن السيد طاهر القزويني.
11 - قصيدة الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محسن الحائري.
12 - قصيدة للسيد حسن اليزدي الحائري.
13 - قصيدة أخرى للشيخ محمد حسين الحائري.
14 - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي الهندي.
15 - قصيدة أخرى للشيخ محمد سعيد.
16 - قصيدة أخرى للسيد محمد حسين آل بحر العلوم.
17 - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي.
(3) ترجمة السيد إعجاز حسين هو: السيد إعجاز حسين ابن السيد محمد قلي المذكور، وكان عالما PageV0MP141
متبحرا خبيرا بالعلوم والأخبار، ومن كبار رجالات الشيعة في الهند ومن أعاظم علمائهم.
ولع - بالوراثة عن والده - بالتتبع والتنقيب والبحث والتحقيق، ولا سيما فيما يعود إلى مسائل الخلاف بين الطائفتين الشيعة والسنة، وكان من جلالة القدر وعظم الشأن بمكان.
قال عبد الحي بترجمته: " أحد العلماء المشهورين في مذهب الشيعة الإمامية ولد بمدينة ميرته لتسع بقين من رجب سنة 1240 " (1).
أساتذته:
نشأ على أبيه وأخيه السيد حامد حسين وناهيك بها نشأة علمية عالية.
مؤلفاته:
له تآليف ثمينة وآثار جليلة منها:
1 - كشف الحجب والأستار عن وجه الكتب والأسفار (2) قال شيخنا الحجة الطهراني: " فهرس لمؤلفات الشيعة، لم يحتو إلا على نزر قليل، فإنه لم يزد فيه على ما في خزانة كتبهم الجليلة إلا قليلا، ولذا منعه شيخنا العلامة الأكبر الحجة الميرزا حسين النوري المتوفى 1320 من طبعه ونشره، مخافة أن يظن الأجانب انحصار مؤلفات الشيعة بذلك المقدار، وقد أهدى نسخته بخطه لشيخنا المذكور، وذلك حين تشرفه للزيارة في النجف الأشرف مع أخيه العلامة السيد حامد حسين مؤلف عبقات الأنوار، وقد كان عازما على طبعه، ولما منعه الأستاذ
PageV0MP142
أهداه إليه، وهو الآن في مكتبة سبط الأستاذ المذكور. وقد طبع في الهند أخيرا في سنة 1333 بإشراف بعض أحفاده " (1).
2 - شذور العقيان في تراجم الأعيان (2).
3 - القول السديد (3).
4 - مناظرته مع المولى محمد جان اللاهوري (4).
5 - رسالة في أحوال الميرزا محمد الدهلوي مؤلف (النزهة الاثني عشرية) (5).
وفاته:
توفي رحمة الله عليه بلكنهو في 17 شوال سنة 1286 (6).
(4) ترجمة السيد سراج حسين هو السيد سراج حسين ابن السيد محمد قلي.
كلمات العلماء في حقه:
1 - قال شيخنا الحجة الطهراني: " عالم كبير، وحكيم فاضل " (7).
PageV0MP143
2 - وقال صاحب نجوم السماء " الفاضل الجليل، حكيم عصره وفيلسوف دهره... " (1).
3 - وقال عبد الحي: " الشيخ الفاضل... أحد علماء الشيعة... برع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، وولى التدريس في المدرسة الإنجليزية " (2).
أساتذته:
قرأ على والده المرحوم، وأخيه الأكبر السيد حامد حسين، والسيد حسين ابن دلدار علي.
ولم يذكر له فيما نعلم شئ من الآثار والمؤلفات.
وفاته:
توفي رحمه الله في سنة 1282.
(5) ترجمة السيد ناصر حسين هو: السيد ناصر حسين ابن السيد حامد حسين ابن محمد قلي... المولود في 19 جمادى الثانية سنة 1284.
بعض الكلمات في حقه:
1 - قال السيد الحجة الأمين:
PageV0MP144
" إمام في الرجال والحديث، واسع التتبع، كثير الاطلاع، قوي الحافظة لا يكاد يسأله أحد عن مطلب إلا ويحيله إلى مظانه من الكتب مع الإشارة إلى عدد الصفحات، وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند، وله وقار وهيبة في قلوب العامة واستبداد في الرأي ومواظبة على العبادات، وهو معروف بالأدب بالفارسية والعربية معدود من أساتذتهما وإليه يرجع في مشكلاتهما، وخطبه مشتملة على عبارات جزلة وألفاظ مستطرفة، وله شعر جيد " (1).
2 - وقال العلامة المحدث القمي - في ذيل ترجمة السيد حامد حسين - ما تعريبه:
" وجناب السيد مير ناصر حسين خلفه في جميع الملكات والآثار ووارث ذاك البحر الزخار، وهو مصداق قوله:
إن السري إذا سرى فبنفسه * وابن السرى إذا سرى أسراهما ولم يترك جهود والده تذهب سدى، بل اشتغل بتتميم عبقات الأنوار وأخرج إلى البياض حتى الآن عدة مجلدات وطبعت، أدام الباري بركات وجوده الشريف وأعانه لنصرة الدين الحنيف " (2).
3 - وقال المحقق العلامة الشيخ التبريزي ما تعريبه ملخصا:
" السيد ناصر حسين الملقب ب (شمس العلماء) - كان عالما متبحرا فقيها أصوليا محدثا رجاليا كثير التتبع واسع الاطلاع دائم المطالعة، من أعاظم علماء الإمامية في الهند والمرجع في الفتيا لأهالي تلك البلاد " (3).
4 - وقال المحقق الشيخ محمد هادي الأميني:
" إمام في الفقه والحديث والرجال والأدب " (4).
PageV0MP145
5 - وقال العلامة السيد محمد مهدي الاصفهاني:
" شمس العلماء السيد ناصر حسين. عارف بالرجال والحديث، واسع التتبع، كثير الاطلاع، دائم المطالعة، وهو أحد مراجع أهالي هند. ولد سلمه الله في 19 جمادى الثانية 1284 " (1).
6 - وقال العلامة السيد مرتضى حسين اللاهوري:
" هذا السيد العظيم شبل من ذاك الأسد، آية من آيات الله، قد أتم به الحجة وأوضح المحجة، كان فقيها محدثا رجاليا متضلعا، أديبا متطلعا، خطيبا مفوها عالي الهمة، نبيه المنزلة، واسع العطاء، كريم الأخلاق، لين الجانب، ذا فكرة وقادة، حصيف الرأي، مرجع الأمور، نافذ الأمر، ومع أعمال المرجعية وأشغاله الكثيرة كان ضابطا للأوقات، مثابرا على التحقيق والبحث، عاكفا على التصنيف والتأليف، حتى في أضيق الأحوال والمرض والأسقام، يروح ويغدو دائما في المكتبة ويجلس طول النهار، فكتب وأكثر وصنف وأفاض، فأتم قسما هاما من تأليف عبقات الأنوار. ونشر كتب والده، ووسع في المكتبة، إلى أن صارت تلك الخزانة من أكبر خزائن الكتب للشيعة وأشهرها في العالم " (2).
أساتذته:
قرأ العلوم الدينية على والده المرحوم والمفتي محمد عباس، وغيرهما.
مؤلفاته:
ذكر مترجموه الكتب التالية له (عدا ما كتبه من عبقات الأنوار):
PageV0MP146
1 - نفحات الأزهار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام.
2 - ديوان شعر (1).
3 - كتاب المواعظ.
4 - ديوان الخطب (2).
5 - كتاب الانشاء (3).
6 - إسباغ النائل بتحقيق المسائل (4).
7 - مسند فاطمة بنت الحسين عليهما السلام (5).
8 - ما ظهر من الفضائل لأمير المؤمنين عليه السلام يوم خيبر (6).
9 - نفحات الأنس في وجوب السورة (7).
10 - إثبات رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) ودفع ما أورد عليه من الشبهات (8).
11 - سبائك الذهبان في الرجال والأعيان (9).
12 - فهرست أنساب السمعاني (10).
هذا وقد طبع له أخيرا كتاب " إفحام الأعداء والخصوم " في نفي تزويج عمر
PageV0MP147
بأم كلثوم، حققه وقدم له العلامة الشيخ محمد هادي الأميني، إلا أنه لم يذكر من نسبه إليه من مترجميه، ونحن كذلك لم نجد ذلك فيما كان بأيدينا من المصادر بل لم يذكره له الأميني حيث ترجم للسيد ناصر حسين في مجلة المكتبة الصادرة عن مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف الأشرف.
وفاته:
توفي - كما في الفضل الجلي - في غرة رجب سنة 1361، ودفن عند مرقد القاضي التستري الشهيد قدس سره بمدينة (آگره) بالهند حسب وصيته.
(6) ترجمة السيد ذاكر حسين هو: السيد ذاكر حسين ابن السيد حامد حسين، وكان من كبار العلماء البارزين في بلاد الهند، وكان أديبا شاعرا (1).
أساتذته:
لم نقف له إلا على السيد ناصر حسين، ولعله قرأ على غيره أيضا.
مؤلفاته:
قال شيخنا العلامة الطهراني:
" له آثار: منها: (الأدعية المأثورة)، طبع في الهند وعليه تقريض أخيه العلامة السيد ناصر حسين المتوفى سنة 1361 وتصديقه باعتبارها كما ذكرناه في الذريعة 1 / 399.
PageV0MP148
وكان معين أخيه المذكور في تتميم مجلدات (العبقات).
وله (ديوان شعر) بالفارسية والعربية معا.
وله (حواشي على عبقات) والده " (1).
(7) ترجمة السيد محمد سعيد هو: السيد محمد سعيد ابن السيد ناصر حسين، وكان عالما فاضلا مجتهدا متكلما محققا مؤلفا.
ولادته:
ولد السيد محمد سعيد في 8 محرم 1333 في لكهنو.
أساتذته.
شب وترعرع في أحضان العلماء في لكهنو، وعلى رأسهم والده العلامة ثم هاجر إلى النجف الأشرف، وحضر على كبار العلماء حتى بلغ الدرجات العالية والمقامات السامية، وكان من أشهر أساتذته في المرحلة الأخيرة من دراساته: سيد الطائفة في عصره السيد أبو الحسن الأصفهاني، وشيخ المحققين الأستاذ الشيخ آغا ضياء الدين العراقي.
شخصيته العلمية والاجتماعية:
بعد ما فرغ من الدروس وبرزت شخصيته ولمع نجمه، عاد إلى بلده
PageV0MP149
(لكهنو) حيث تولى شؤون الرئاسة العلمية والدينية بجدارة، وكانت له هيبة في قلوب العامة ومكانة لدى جميع الطبقات.
زار العتبات المقدسة مرارا وحل ضيفا بكربلاء في دار والدنا آية الله السيد نور الدين الميلاني، فكنا مسرورين مبتهجين بمجلسه، مستفيدين من علومه ومعلوماته، ومنه أخذنا جملة من معلوماتنا حول (عبقات الأنوار)، ولقد كان على جانب عظيم من الأخلاق الكريمة والسجايا الفاضلة.
مؤلفاته:
ألف كتبا تحقيقية كثيرة الفائدة، وهي (عدا ما كتبه من أحاديث العبقات):
1 - الإمام الثاني عشر، ألفه حينما كان في النجف الأشرف ردا على كلمات جاءت في كتاب (سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب للسويدي) " وإنما توجد كلماته المردودة في الطبع الأول من السبائك، فإن الطبع الثاني أسقطت عنه تلك الكلمات " (1) وقد طبع بالنجف الأشرف سنة 1345 (2).
2 - مسانيد الأئمة عليهم السلام (3).
3 - الإيمان الصحيح " كتاب تحقيقي علمي يبحث فيه عن العقائد الصحيحة تحت أشعة القرآن الشريف " (4).
4 - معراج البلاغة، جمع فيه خطب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
5 - مدينة العلم، بحث فيه حديث الباب (5).
PageV0MP150
6 - آية التطهير (1).
7 - آية الولاية (2).
8 - شرح خطبة الزهراء عليها السلام (3).
هذا... بالإضافة إلى ما كتبه من (عقبات الأنوار).
وفاته:
توفي رحمه الله بالهند في 12 جمادى الثانية سنة 1378 وقد أقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة، ودفن إلى جنب والده المرحوم في صحن السيد التستري الشهيد، وأعقب الخطيب الفاضل السيد على ناصر (4).
(8) ترجمة السيد محمد نصير هو: السيد محمد نصير ابن السيد ناصر حسين المولود سنة 1317 كان رحمه الله عالما كبيرا وأستاذا جليلا.. درس في النجف الأشرف وتخرج على كبار العلماء، ثم لما عاد إلى بلاده اقتضت الظروف الخاصة والمصلحة العامة للمسلمين أن يدخل الحقل السياسي، فدخل المجلس النيابي منتخبا من قبل الشيعة الإمامية.
PageV0MP151
مؤلفاته:
1 - ديوان شعر.
2 - مجمع الآداب.
3 - التطهير.
4 - ترجمة وجوب السورة في الصلاة إلى الأردوية.
وفاته:
توفي في (لكهنو) سنة 1386 وحمل نعشه إلى العراق فدفن في كربلاء في الصحن الشريف بمقبرة شيخ الطائفة في عصره الزعيم المجاهد الميرزا الشيرازي قدس سره، وأقيمت على روحه مجالس الفاتحة في كل مكان (1).
منها: المجلس الذي أقامه سيدي الوالد آية الله السيد نور الدين الميلاني بكربلاء.
الباب السابع المكتبة الناصرية ومن آثار هذه الأسرة وخدماتهم للعلم والطائفة: المكتبة العظيمة التي خلفتها في مدينة لكهنو، هذه المكتبة التي كانت كتب العلامة السيد محمد قلي نواة لها، ثم ضم إليها نجله السيد حامد حسين كلما حصل إليه من الكتب، ولا سيما ما كان يفحص عنه وحصل عليه في البلاد المختلفة من أمهات المصادر في مختلف
PageV0MP152
العلوم والفنون لأجل كتابه عبقات الأنوار... ثم سعى نجله السيد ناصر حسين في تطويرها وتوسعتها فاشتهرت بالمكتبة الناصرية...
لقد كانت في زمن السيد حامد حسين تحتوي على ثلاثين ألف كتاب، قال شيخنا الطهراني بترجمته: " وللمترجم خزانة كتب جليلة وحيدة في لكهنو بل في بلاد الهند، وهي إحدى مفاخر العالم الشيعي، جمعت ثلاثين ألف كتاب بين مخطوط ومطبوع، من نفائس الكتب وجلائل الآثار، ولا سيما تصانيف أهل السنة من المتقدمين والمتأخرين.
حدثني شيخنا العلامة الميرزا حسين النوري أن المترجم كتب إليه من لكهنو يطلب منه إرسال أحد الكتب إليه، فأجابه الأستاذ بأنه من العجيب خلو مكتبتكم من هذا الكتاب على عظمها واحتوائها. فأجابه المترجم بأن من المتيقن لدي وجود عدة نسخ من هذا الكتاب، ولكن التفتيش عنه والحصول عليه أمر يحتاج إلى متسع من الوقت، والكتاب الذي ترسله إلي يصلني قبل وقوفي على الكتاب الذي هو في مكتبتي التي أسكنها. انتهى.
فمن هذا يظهر عظم المكتبة واتساعها. وحدثني بعض فضلاء الهند أن أحد أهل الفضل حاول تأليف فهرس لها وفشل في ذلك.
وقد أهدي إلى بعض أجلاء الأصدقاء صورة جانب واحد من جوانبها الأربع وهو كتب التفاسير، وقد زرناه فأدهشنا. وبالجملة فإن مكتبة هذا الإمام الكبير من أهم خزائن الكتب في الشرق " (1) وقال السيد محسن الأمين: " ومكتبته في لكهنو وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب غير الشيعة. ويناهز عدد كتبها الثلاثين ألفا ما بين مطبوع ومخطوط... فيما كتبه الشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلة العرفان
PageV0MP153
ما صورته: من أهم خزائن الكتب الشرقية في عصرنا هذا: خزانة كتب المرحوم السيد حامد حسين اللكهنوي - نسبة إلى لكهنو من بلاد الهند - صاحب كتاب عبقات الأنوار الكبير في الإمامة، من ذوي العناية بالكتاب والتوفر على جمع الآثار، أنفق الأموال الطائلة على نسخها ووراقتها، وفي كتابه عبقات الأنوار المطبوع في الهند ما يشهد على ذلك.
وقد اشتملت خزانة كتبه على ألوف من المجلدات فيها كثير من نفائس المخطوطات القديمة " (1).
وفي (أحسن الوديعة) بترجمته: " وله مكتبة كبيرة في لكهنو وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب المخالفين ".
وجاء في (صحيفة المكتبة) الصادرة عن مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف في ذكر المكتبات التي زارها العلامة الحجة المجاهد صاحب الغدير في مدينة لكهنو بالهند ما نصه: " مكتبة الناصرية العامة. تزدهر هذه المكتبة العامرة بين الأوساط العلمية وحواضر الثقافة في العالم الاسلامي بنفائسها الجمة، ونوادرها الثمينة، وما تحوي خزانتها من الكتب الكثيرة في العلوم العالية من: الفقه وأصوله، والتفسير، والحديث، والكلام، والحكمة والفلسفة، والأخلاق، والتاريخ، واللغة، والأدب. إلى معاجم ومجاميع وموسوعات في الجغرافيا، والتراجم، والرجال، والدراية، والرواية.
وهي نتيجة فكرة ثلاثة من أبطال العلم والدين، جمعت يمنى كل منهم قسما من هذه الثروة الإسلامية الطائلة في حياته السعيدة، فأسدى بها إلى أمة القرآن الكريم خدمة كبيرة، تذكر وتشكر مع الأبد، ولم يكتف أولئك الفطاحل بذلك
PageV0MP154
إلى أن وقف كل منهم ماله عليه وقفا. فغدت يقضي بها كل عالم مأربه، ويسد بها كل ثقافي حاجته.
وكانت النواة لها مكتبة السيد محمد قلي الموسوي... ثم حذا حذوه وضم كتبه إليها نجله القدوة والأسوة السيد حامد حسين... ثم شفعت تلك المكتبة بمكتبة شبله السيد ناصر حسين...
وهذه المكتبة العامرة تسمى باسمه، يناهز عدد كتبها اليوم ثلاثين ألفا من المطبوع والمخطوط، يقوم بإدارة شؤونها شقيقي الفضيلة: السيد محمد سعيد العبقاتي، والزعيم المحنك السيد محمد نصير العبقاتي، وقد شيدت لها حين كنا في تلكم الديار بهمتهما القعساء بناية فخمة تقع في أهدء مكان، قد خصصت لها الإدارة المحلية لمتصرفية لكهنو، والإدارة المركزية للشئون الثقافية للحكومة الهندية منحة مالية سنوية لإدارة شؤونها، وتسديد رواتب موظفيها، وهي وإن كانت جل ذلك فضلا عن الكل، إلا أنها مساعدة تحمد عليها وتقدر ".
ثم ذكر الكاتب أسماء نفائس من هذه الخزانة مما وقف عليه العلامة الأميني وغيره...
ونحن نضيف إلى تلك الأسماء قائمة بأسماء جملة من الكتب التي ذكرها صاحب العبقات في ثنايا الكتاب، ونص على وجود النسخ العتيقة الثمينة منها عنده:
1 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي.
2 - بغية الطالبين - رسالة الأسانيد للشيخ أحمد النخلي.
3 - قصص الأنبياء لأبي الحسن محمد بن عبد الله الكسائي.
4 - نقاوة الملل وطراوة النحل لعبد الوهاب الروداوري.
5 - ألف باء في المحاظرات للبلوي. PageV0MP155
6 - زاد المسير لجلال الدين السيوطي.
7 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال لأبي الحجاج المزي.
8 - العلل (الجزء الثالث منه) لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني.
9 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال لشمس الدين الذهبي. عنده ثلاث نسخ منه.
10 - المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية لابن حجر المكي. نسخة مستنسخة عن أصل نسخة الشارح.
11 - الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير للعلقمي.
12 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين السخاوي. النسخة بخط عبد العزيز بن فهد المكي، عليها خط المصنف وإجازته لابن فهد المذكور.
13 - الفصول المهمة في معرفة الأئمة لنور الدين ابن الصباغ المالكي.
عنده منه نسختان.
14 - المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة لشمس الدين السخاوي. عنده منه نسخ عديدة.
15 - لواقح الأنوار في طبقات السادة الأخيار لعبد الوهاب الشعراني.
عنده منه ثلاث نسخ، واحدة منها محشاة بخط الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني.
16 - النور السافر عن أخبار القرن العاشر. للعيدروس.
17 - غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام. لابن فهد المكي. نسخة مكتوبة في حياة مؤلفه.
18 - العرائس في قصص الأنبياء لأبي إسحاق الثعلبي.
19 - الأربعين في فضائل أمير المؤمنين لعطاء الله بن فضل الله المحدث الشيرازي. PageV0MP156
20 - ملحقات الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة لصالح بن مهدي المقبلي الصنعاني.
21 - التاريخ الصغير لمحمد بن إسماعيل البخاري.
22 - الموضوعات لابن الجوزي.
23 - شرح منهاج البيضاوي لبرهان الدين عبيد الله بن محمد العبري.
الفرغاني.
24 - شرح منهاج البيضاوي لكمال الدين محمد بن محمد ابن إمام الكاملية.
نسخة مقروة على المصنف وعليها خطه.
25 - الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد.
26 - اقتصاد الاعتقاد لأبي حامد الغزالي.
27 - خصائص أمير المؤمنين عليه السلام للنسائي. عنده منه نسختان إحداهما مصححة من قبل بعض الأفاضل.
28 - المسند لأحمد بن حنبل.
29 - المنمق لابن حبيب البغدادي.
30 - الثقات لابن حبان البستي.
31 - نوادر الأصول للحكيم الترمذي.
32 - المعجم الصغير للطبراني.
33 - المفاتيح في شرح المصابيح لشمس الدين محمد بن المظفر الخلخالي.
34 - المنتقى في سيرة المصطفى لسعيد الدين محمد بن مسعود الكازروني.
35 - إحياء الميت بفضائل أهل البيت لجلال الدين السيوطي. عنده منه نسختان في إحداهما أربعون حديثا وفي الأخرى ستون حديثا.
36 - حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني. PageV0MP157
الباب الثامن كتاب التحفة الاثنا عشرية هو كتاب انتشر في أوائل القرن الثالث عشر الهجري في بلاد الهند باللغة الفارسية، وكان في طبعته الأولى عليه اسم مستعار هو " غلام حليم " وهذا الاسم هو مادة تاريخ ولادة مؤلفه عبد العزيز الدهلوي - ثم وضع اسمه الصريح في طبعته الثانية.
وموضوع هذا الكتاب استعراض عقائد الشيعة - ولا سيما الاثني عشرية - في التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد - وغيرها ثم نقدها والرد عليها، ولقد ذكر صاحبه في أوله ومواضع عديدة منه التزامه بنقل ما هو المسلم والمتفق عليه، إلا أنه ملأ الكتاب بأشياء تخالف الواقع وتنافي الحقيقة، ولا سيما في باب الإمامة، حيث أنكر الأحاديث ودلالة الآيات على إمامة علي أمير المؤمنين عليه السلام، وشحنه بأكاذيب ومفتريات لم يأت بها أحد من قبله.
وهذا ما دعا علماء الشيعة - ولا سيما صاحب العبقات - إلى الرد عليه وبيان ما هو الواقع والصحيح، فأثبتوا الأحاديث سندا ودلالة، وظهور دلالة الآيات الكريمة في عقيدة الشيعة الإمامية، على ضوء كتب العامة وكلمات علمائهم.
ولم يكن عبد العزيز الدهلوي يقصد من تأليف هذا الكتاب ونشره إلا إشاعة الفتنة بين الطوائف الإسلامية وضرب بعضها ببعض.
والجدير بالذكر: أنه قد ثبت لدى المحققين أن (التحفة) هذه مسروقة من كتاب (الصواقع) لنصر الله الكابلي، وقد ترجمة (الدهلوي) إلى الفارسية. PageV0MP158
أ - فهرس هذا الكتاب ولقد جاء ذكر الأحاديث الاثني عشر التي أجاب عنها في الباب السابع حيث بحث فيه الإمامة، وكان رد (صاحب العبقات) على حسب ترتيبه، ابتداءا بحديث الغدير، وانتهاءا بالثقلين.
هذا ولمزيد الفائدة نذكر عناوين أبواب التحفة:
الباب الأول: في ذكر فرق الشيعة وبيان كيفية حدوث مذهب التشيع.
الباب الثاني: في ذكر مكائد الشيعة.
الباب الثالث: في ذكر أسلاف الشيعة وعلمائهم وتصانيفهم.
الباب الرابع: في أخبار الشيعة ورواتهم.
الباب الخامس: في الإلهيات.
الباب السادس: في النبوات.
الباب السابع: في الإمامة.
الباب الثامن: في المعاد.
الباب التاسع: في مسائل فقهية.
الباب العاشر: في مطاعنهم في الخلفاء الثلاثة وغيرهم.
الباب الحادي عشر: في ما يختص به الشيعة ولم يوجد عند غيرهم من فرق الإسلام.
الباب الثاني عشر: في التولي والتبري.
ب - طبعاته:
والظاهر أن (التحفة) طبعت أكثر من مرة كما مر، وأما ترجمتها إلى اللغة العربية فقد طبعت مرارا كما سيأتي. PageV0MP159
ج - ترجمته إلى مختلف اللغات:
لقد ترجم " الحافظ غلام محمد بن الشيخ محي الدين بن الشيخ عمر المدعو بالأسلمي " تلميذ المولوي عبد العلي بن نظام الدين التحفة إلى العربية وسماها بالترجمة العبقرية والصولة الحيدرية للتحفة الاثنا عشرية " (1) وجاء في مقدمة كتاب (المنحة الإلهية في مختصر التحفة الاثني عشرية) أنه قد اختصره من (ترجمة العالم العلامة والنحرير الفهامة الشيخ غلام محمد الأسلمي الهندي). وعلى هذا فالترجمة الأولى (للتحفة) كانت إلى اللغة العربية ومن قبل غلام محمد المذكور.
ثم جاء محمود شكري الآلوسي فهذب ألفاظ تلك الترجمة واختصرها باسم (المنحة الإلهية تلخيص ترجمة التحفة الاثني عشرية) وقدمه إلى السلطان عبد الحميد العثماني قائلا:
" وقدمته لأعتاب خليفة الله في أرضه ونائب رسوله عليه الصلاة والسلام في سنته وفرضه، الذي راعى رعاياه بجميل رعايته ودبرهم بصائب تدبيره وواسع بدايته، وسلك أحسن المسالك في استقامة أمورهم وصيانة نفوسهم وحراسة جمهورهم، وخص من بينهم علماء دولته وصلحاء ملته بحسن ملاحظته وفضل محافظته، تمييزا لهم بالعناية، وتخصيصا بما يجب من الرعاية ووضعا للأمور مواضعها وإصابة بها مواقعها، وهو أمير المؤمنين الواجب طاعته على الخلق أجمعين سلطان البرين وخاقان البحرين السلطان ابن السلطان، السلطان الغازي عبد الحميد خان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان.
اللهم أيده بنصرك وانصره لتأييد ذكرك، واطمس شر سويداء قلوب أعدائه وأعدائك، ودق أعناقهم بسيوف قهرك وسطوتك.. ".
PageV0MP160
وقسم الآلوسي ترجمته هذه إلى تسعة أبواب وهذا تفصيلها:
الباب الأول: في ذكر فرق الشيعة وبيان أسلافهم ونبذة من مكايدهم.
الباب الثاني: في بيان أقسام الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم.
الباب الثالث: في الإلهيات.
الباب الرابع: في النبوة.
الباب الخامس: في الإمامة (وفيه الآيات والأحاديث والدلائل العقلية التي يستند إليها الشيعة على إمامة الأمير بلا فصل).
الباب السادس: في بعض العقائد الإمامية المخالفة لعقائد أهل السنة.
الباب السابع: في الأحكام الفقهية.
الباب الثامن: في المطاعن.
الباب التاسع: في ذكر ما اختص بهم ولم يوجد عند غيرهم من فرق الإسلام.
ولقد طبع هذا الكتاب في " بمبئ " سنة 1301، ثم طبع ثانية في مصر من قبل مدير مجلة (الأزهر)، وطبع مرة أخرى مع تعاليق المدعو بمحب الدين الخطيب.
هذا.. وقد جاء في بعض فهارس (لاهور) أنه قد طبع مترجما إلى اللغة الأردوية أيضا.
5 - الردود عليه لقد رد على (التحفة) جماعة من كبار علماء الشيعة، وهذه أسماؤهم (عدا العبقات):
1 - أبو أحمد محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع الأخباري النيسابوري PageV0MP161
المقتول سنة 1232، وقد سماه ب (السيف المسلول على مخربي دين الرسول) (1).
2 - السيد دلدار علي النقوي المتقدمة ترجمته، وهو في أربعة مجلدات رد بها على أبواب (التحفة) الخامس والسادس والسابع والثاني عشر، وقد سمى كل مجلد باسم... وبعض هذه المجلدات مطبوع.
3 - الميرزا محمد بن عناية أحمد خان الكشميري الملقب ب (الكامل) والمتوفى سنة 1235 مسموما، وقد سماه ب (النزهة الاثنا عشرية)، وقد ترجم له السيد إعجاز حسين في رسالة خاصة كما تقدم، كما ذكره السيد محسن الأمين رحمه الله (2).
4 - السيد محمد قلي المتقدم ذكره، وقد سماه ب (الأجناد الاثنا عشرية المحمدية) وهو في مجلدات رد بها على الأبواب: الأول والثاني والسابع والعاشر والحادي عشر من (التحفة) وهذه كلها مطبوعة، وقد سمى رده على الباب العاشر ب (تشييد المطاعن) وهو في ثلاثة أجزاء ضخام.
5 - الشيخ سبحان علي خان الهندي المتوفى بعد عام 1260، وقد سماه ب (الوجيزة في الأصول).
6 - السيد محمد ابن السيد دلدار علي النقوي المتوفى سنة 1284 وقد سماه ب (الإمامة) (3) باللغة العربية، وهو رد على الباب السابع، كما أن له عليه ردا آخر بالفارسية سماه ب (البوارق الإلهية) (4).
7 - السيد جعفر الموسوي الدهلوي، وقد رد على البابين: السابع والعاشر من (التحفة).
PageV0MP162
8 - المولوي خير الدين محمد الإله آبادي وقد سماه ب (هداية العزيز) وهو رد على باب الرابع من (التحفة).
9 - السيد المفتي محمد عباس التستري المتوفى سنة 1306، وقد سماه ب (الجواهر العبقرية) وهو رد على ما ذكره في (التحفة) في باب السابع حول غيبة المهدي عليه السلام، وهو مطبوع (1).
هذا ولقد رد على المنحة الإلهية - تلخيص مختصر التحفة الاثني عشرية - المذكور سابقا علمان من أعلام الطائفة الشيعية وهما:
1 - الحجة الكبير المجاهد الشيخ محمد مهدي الخالصي الكاظمي المتوفى سنة 1343 وقد سماه ب (تصحيف المنحة الإلهية عن النفثة الشيطانية) في ثلاثة مجلدات (2).
2 - العلامة الحجة الآية الشيخ ميرزا فتح الله شيخ الشريعة المتوفى سنة 1339 (3) الباب التاسع ترجمة صاحب التحفة هو الشيخ المحدث عبد العزيز بن ولي الله بن عبد الرحيم العمري (ينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب) الدهلوي.
ولادته: ولد ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان سنة 1159.
PageV0MP163
أساتذته: أخذ العلم عن والده، ولما توفي أبوه أخذ عن تلامذته وهم جماعة منهم:
1 - الشيخ نور الله البرهانوي.
2 - الشيخ محمد أمين الكشميري الدهلوي.
3 - الشيخ محمد عاشق الفلتي.
تلامذته:
وقد قرأ عليه جماعة من علماء أسرته وغيرهم، ومنهم:
1 - أخوه عبد القادر.
2 - أخوه رفيع الدين.
3 - أخوه عبد الغني.
4 - ختنه عبد الحي بن هبة الله البرهانوي.
5 - المفتي إلهي بخش الكاندهلوي.
6 - السيد قمر الدين السوني پتني.
7 - الشيخ غلام علي بن عبد اللطيف الدهلوي.
8 - المولوي حيدر علي الفيض آبادي.
9 - المولوي محمد رشيد الدين الدهلوي.
جهوده وآثاره:
وكما ذكرنا سابقا فقد كان المولوي عبد العزيز الدهلوي قائد حركة علمية ورائد نشاط في سبيل نشر المذهب السني، فأصبح تلامذته الذين ذكرناهم PageV0MP164
وغيرهم مشايخ وأساتذة... وبذلك يكون قد أسس حوزة علمية لأهل السنة في مدينة دهلي، ثم بنى مدرسة تولى بنفسه زعامتها والتدريس فيها، ثم خلفه أخواه في ذلك، كما خلف هو أباه.
ولهذا الأمور وغيرها وأهمها التهجم على الشيعة في الإمامة والمسائل الكلامية لقبه قومه ب (سراج الهند).
مؤلفاته:
قال عبد الحي: " للشيخ عبد العزيز مؤلفات كلها مقبولة عند العلماء، محبوبة إليهم، يتنافسون فيها ويحتجون بترجيحاته وهو حقيق بذلك، وفي عبارته قوة وفصاحة وسلاسة، تعشقها الاسماع وتلتذ بها القلوب... " ثم ذكر له مصنفات ورسائل أشهرها:
1 - تفسير القرآن المسمى بفتح العزيز.
2 - الفتاوى في المسائل المشكلة.
3 - التحفة الاثنا عشرية.
4 - بستان المحدثين.
5 - العجالة النافعة. رسالة في أصول الحديث.
6 - ميزان البلاغة.
7 - السر الجليل في مسألة التفضيل. رسالة في تفضيل الصحابة بعضهم على بعض.
8 - سر الشهادتين. رسالة في شهادة الحسنين عليهما السلام.
وفاته:
وتوفي في 7 شوال سنة 1239. PageV0MP165
كلماتهم في ترجمته:
هذا وقد بالغ القوم في مدح الدهلوي ووصفه كما هو شأنهم ودأبهم بالنسبة إلى علمائهم عامة وإلى المتعصبين منهم على الشيعة خاصة -:
1 - قال أحمد الأنصاري الشرواني: " سلطان إقليم المعاني، ومالك أزمة البيان وبديع الزمان الثاني، وهو مؤيد مذهب النعمان، مصنفاته لا تحصى، ومؤلفاته تجل عن تعداد الرمل والحصى... " (1).
2 - وقال محسن بن يحيى الترهتي: " بلغ من الكمال والشهرة بحيث ترى الناس في مدن أقطار الهند يفتخرون باعتزائهم إليه، بل بانسلاكهم في سمط من ينتمي إلى أصحابه...
ومن سجاياه الفاضلة الجميلة التي لا يدانيه عامة أهل زمانه قوة عارضته، لم يناضل أحدا إلا أصاب غرضه وأصمى رميته وأحرز خصله. ومن ذلك براعته في تحسين العبارة وتحبيرها... ومنها فراسته التي أقدره الله بها على تأويل الرؤيا... " (2).
3 - وقال عبد الحي بترجمته حيث عنونه: " سراج الهند، حجة الله، الشيخ عبد العزيز الدهلوي. الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة المحدث عبد العزيز بن ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، سيد علماءنا في زمانه وابن سيدهم... وكان أحد أفراد الدنيا بفضله وآدابه وعلمه وذكائه وسرعة فهمه.
اشتغل بالدرس والإفادة وله خمس عشرة سنة، فدرس وأفاد حتى صار في الهند
PageV0MP166
العلم المفرد، وتخرج عليه الفضلاء، وقصدته الطلبة من أغلب الارجاء، وتهافتوا عليه تهافت الظمآن على الماء... " (1).
وقد استغرقت هذه الترجمة ثمان صحائف، ذكر فيها فضائله وآثاره ومصنفاته ونموذجا من نظمه... والذي يجلب الانتباه في هذه الترجمة ما ذكره من أن الشيخ عبد العزيز الدهلوي قد مرض بأنواع الأمراض من الجذام والبرص والعمى واختلال الحواس وهو ابن خمس وعشرين سنة إلى أن مات.
ترجمة والده:
وأما والده وشيخه ولي الله الدهلوي فهذه خلاصة ما جاء بترجمته في نزهة الخواطر:
" شيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي.
الشيخ الإمام الهمام حجة الله بين الأنام إمام الأئمة قدوة الأمة علامة العلماء وارث الأنبياء، آخر المجتهدين، أوحد علماء الدين، زعيم المتضلعين بحمل أعباء الشرع المبين، محيي السنة ومن عظمت به الله علينا المنة شيخ الإسلام قطب الدين أحمد ولي الله بن عبد الرحيم بن وجيه الدين العمري الدهلوي.
العالم الفاضل النحرير أفضل من * بث العلوم فأروى كل ظمآن ولد يوم الأربعاء لأربع عشرة خلون من شوال سنة 1114، واشتغل بالدرس نحوا من اثنتي عشرة سنة، وحصل له الفتح العظيم في التوحيد والجانب الواسع في السلوك، ونزل على قلبه العلوم الوجدانية فوجا فوجا، وخاض في بحار المذاهب الأربعة وأصول فقههم خوضا بليغا، ونظر في الأحاديث التي هي متمسكاتهم في الأحكام وارتضى من بينها بإمداد النور الغيبي طريق الفقهاء المحدثين
PageV0MP167
واشتاق إلى زيارة الحرمين الشريفين، فرحل إليها سنة 1143 فأقام بالحرمين عامين كاملين، وصحب علماء الحرمين صحبة شريفة، وعاد إلى الهند سنة 1145.
ومن نعم الله تعالى عليه أنه خصه بعلوم لم يشرك معه فيها غيره، والتي أشرك فيها معه غيره من سائر الأئمة كثيرة لا يحصيها البيان.
ومن نعم الله تعالى عليه أن أولاه خلعة الفاتحية وألهمه الجمع بين الفقه والحديث وأسرار السنن ومصالح الأحكام وسائر ما جاء به النبي من ربه عز وجل.
حتى أثبت عقائد أهل السنة بالأدلة والحجج، وطهرها من قذى أهل المعقول.
وقد أثنى عليه الأجلة من العلماء.
وقال السيد صديق حسن القنوجي في الحطة بذكر الصحاح الستة في ذكر من جاء بعلم الحديث في الهند: ثم جاء الله سبحانه وتعالى من بعدهم بالشيخ الأجل والمحدث الأكمل، ناطق هذه الدورة وحكيمها، ونائق تلك الطبقة وزعيمها، الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي المتوفى سنة 1176. وكذا بأولاده الأمجاد وأولاد أولاده أولي الارشاد، المشمرين في هذا العلم عن ساعد الجد والاجتهاد.
وقال القنوجي المذكور في أبجد العلوم: كان بيته في الهند بيت علم الدين وهم كانوا مشايخ الهند في العلوم النقلية بل والعقلية. أصحاب الأعمال الصالحات وأرباب الفضائل الباقيات، لم يعهد مثل علمهم بالدين علم بيت واحد من المسلمين في قطر من أقطار الهند " (1).
الباب العاشر في عملنا في الكتاب لقد وقفت على جانب من عظمة كتاب العبقات.
PageV0MP168
وعلى أنه لم يكتب مثله في بابه من السلف والخلف، وأنه ذلك الكتاب المعجز المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... كما في كلمات أعلام الطائفة.
وعلى أنه لم ينتشر حتى الآن باللغة العربية مطلقا... بالرغم من انتشار تلخيص التحفة الاثني عشرية باللغة العربية منذ أكثر من قرن... وقد قال السيد محسن الأمين: يا حبذا لو ينبري أحد من العرب لتعريبه...
نعم ليته ترجم إلى اللغة العربية ونشر قبل أن ينتشر تعريب التحفة، أو بعده بقليل في الأقل... لكن هذا الواجب المحتم ترك، والفراغ بقي، ولم تتحقق هذه الأمنية... عن قصور أو تقصير...
وشاء الله أن يكتب التوفيق لهذا العبد لأن يلبي هذا النداء بعد قرن وربع قرن تقريبا...
ولم يكن تعريبا فقط... وإن كان تعريبه فقط عملا جبارا ومشروعا ضخما...
فقد وفقت لتعريبه، وتحقيقه، وتلخيصه، وتنظيمه، والتعليق عليه ووضع الفهارس له...
ولا أقول إنه كتاب جديد كما قيل، أو مؤلف مستقل كما عليه عرف المؤلفين في عصرنا...
في طريق العمل لقد شرعت في هذا العمل في سنة 1385، وواصلته بشوق مستلهم من ولائي لآبائي، جنبا إلى جنب دراساتي في الحوزات العلمية، واشتغالي بتأليف أخرى في بعض العلوم الإسلامية، وكنت أعلم منذ البدء أن الوصول إلى الغاية في هذا العمل - لا سيما مع الحرص على الدراسات الحوزوية - لا يكون PageV0MP169
بسهولة، بل يستدعي بذل الطاقة، وترك الراحة، وتحمل المصاعب والمتاعب واستسهال المشاق، وعدم الحضور في المجالس والقضايا الاجتماعية...
شرعت في العمل في مدينة كربلاء المقدسة في قسم السند من حديث الغدير، حتى إذا انتهيت منه وأخرجته إلى البياض واجهت مشكلة مصادر التحقيق إذ لم تكن متوفرة في مكتبات كربلاء... فكنت كلما سافرت إلى النجف الأشرف أخذت معي ملزمة لتحقيق مصادرها في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة ومكتبة آية الله الحكيم العامة...
ثم شرعت في حديث الثقلين - ولم يكن عندي آنذاك قسم الدلالة من حديث الغدير - ففرغت منه ومن حديث النور وحديث التشبيه أو الأشباه.
ولما انتقلت إلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف للحضور على أكابر العلماء والأساتذة في الفقه والأصول تمكنت في خلال ذلك من مراجعة بعض المصادر.
حتى انتقلنا إلى إيران ونزلت مدينة قم المقدسة، حيث الحوزة العلمية ومكتبة آية الله النجفي المرعشي العامة... وقد نجزت في هذه المكتبة مهمة التحقيق للنصوص الواردة في المجلدات المذكورة... وقد طبع ما طبع من الكتاب وما زال العمل مستمرا ولله الحمد ومنه التوفيق.
فهذا موجز ما كان في طريق العمل. وأما أسلوبنا في العمل في الكتاب فإليك بيانه بإيجاز كذلك:
1 - الأسلوب في التعريب لم يكن تعريب كتاب عبقات الأنوار بالأمر الهين... فقد جمع هذا الكتاب بين الدقة العلمية والابداع في الأساليب والعذوبة في الألفاظ، فحاولنا جهد PageV0MP170
المستطاع أن نحافظ على دقائق عباراته ولطائف إشاراته، وإن استدعى ذلك في بعض الأحيان اتباع طريقة الترجمة الحرفية.
2 - الأسلوب في التحقيق وفي مجال تحقيقه فإن من عادة صاحب العبقات أنه حيث يورد نصا أو ينقل كلاما لأحد يسنده إلى راويه وقائله، ذاكرا اسم المصدر - وربما يذكر عنوان الباب والفصل ونحو ذلك أيضا - وهذا الأمر يسهل كما هو معلوم الرجوع إلى المصدر واستخراج المطلب منه.
لقد راجعت مصادر الكتاب مع تطبيق العبارات المنقولة عنها بقدر الامكان ووضعت في الهامش موضع المطلب برقم صفحة الكتاب ورقم الجزء إن كان له أجزاء.
هذا كله بالنسبة إلى المصادر المطبوعة التي حصلنا عليها في المكتبات، وأما المخطوطة منها فقد اكتفينا بوضع كلمة " مخطوط " في مقابلها.
وهناك مصادر لم يظهر لنا هل هي مطبوعة أو لا، ولم نقف عليها، وهي - في الأكثر - المصادر الهندية، فتركناها على حالها حتى يتبين لنا الأمر في المستقبل، فنراجعها للطبعات اللاحقة للكتاب إن شاء الله تعالى.
3 - الأسلوب في التلخيص وكان من الضروري أن يخرج عملنا أصغر حجما من كتاب العبقات لجهات:
1 - إن العبقات باللغة الفارسية، وكلما ورد فيه نص عربي ترجم معناه إلى الفارسية... وإذا سقطت هذه الترجمة - والنصوص العربية مستغرقة لقسط وافر من العبقات - من كل مجلد قل حجم الكتاب بكثير. PageV0MP171
2 - يذكر صاحب العبقات أسماء الأشخاص ومؤلفاتهم بصورة كاملة فيقول مثلا: قال مجد الدين مبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري الشافعي في جامع الأصول. وقال أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي في كتاب الموافقات في أصول الأحكام. وقال علاء الدين علي ابن محمد بن إبراهيم البغدادي المعروف بالخازن في تفسيره لباب التأويل...
ونحن نقول: قال ابن الأثير في جامع الأصول، وقال الشاطبي في الموافقات وقال الخازن في لباب التأويل... لأن هذه الكتب أصبحت في عصرنا معروفة بفضل المطابع، وأصحابها علماء مشهورون بألقابهم أو كناهم.
3 - من دأب صاحب العبقات في بعض المجلدات وصف الرواة والعلماء بأوصاف تستغرق عدة من السطور، قبل ذكر نصوص عبارات المترجمين وبعدها، كقوله بعد إيراد رواية الأعمش: " ولا يخفى أن الأعمش من أكابر الموثقين ذوي المراتب الرفيعة، ومن أعاظم المبجلين أولي المناقب الغزيرة، ومن أجلة الناسكين الزهاد وأفاخم الخاشعين العباد عند أهل السنة " ثم قال بعد ترجمته عن عدة من المصادر: " فهذا سليمان بن مهران الأعمش قد أغاظ بروايته قلوب أهل البغي وأحمش، وأسبل على أبصارهم ظلاما تحندس في أيهمه وأغطش، وذر القذى في أعين كل معتام منهم أعشى أو أخفش، فانقشعت بحمد الله تلميعات كل من نمق لضلاله وبرقش، وانحسرت تخديعات كل من نمنم بتزويره ورقش، وانقطعت آمال كل من وكم الشيطان في صدره فعشش، وانخزلت أغمال كل من وغر الشنآن في قلبه فأفحش ".
وقال بعد رواية المحاملي: " والعلامة المحاملي من أفاخم الحفاظ المتبحرين وأعاظم النقاد المتمهرين من أهل السنة. ولا تخفى محامده الشامخة ومحاسنه الباذخة على من نظر في كتبهم الرجالية والتاريخية مثل... " ثم قال: " فهذا PageV0MP172
المحاملي الحامل لراية الصناعة بين الماهرين الأفاضل، والمقدم على تلك الجماعة عند الكابرين الأماثل، قد روى هذا الحديث الشريف الفاضل في أماليه المبهرة المزهرة الفواضل، فأثبته دفعا لريب كل معاند محائد لدود متجاهل، وصححه رغما لأنف كل مكابر مباهت عنود متحامل، فلا يحيد عنه غب هذا إلا اللجوج الماحك الماحل، الذي هو عن صوب الصواب ناكب مائل، ولا يصدف عنه أثر هذا إلا الحيود الافين الفائل الذي هو إلى كسر الخسار آئب آئل ".
وهكذا إلى أمثال هذه العبارات في حق كبار المحدثين من أهل السنة، وهي كما ترى تنبئ عن قدرته الفائقة وبراعته وتضلعه في الأدب الفارسي والعربي، لكنا حذفناها لغرض الاختصار.
4 - وحيث يذكر السيد تراجم العلماء - وهي في الأغلب في قسم السند من كل حديث - يورد نصوص عبارات المترجمين كاملة، وقد كان أسلوبنا في التلخيص في هذه الجهة هو الاقتصار على الاسم وتاريخ الوفاة وكلمات الموثقين فإن هذا القدر هو المقصود بالذات والمحتاج إليه كما هو واضح، وأما أسامي مؤلفات المترجم وأولاده وتلامذته وعدد أسفاره وزوجاته وغير ذلك مما يذكر عادة في الترجمة... فهذه كلها فوائد لا علاقة لها بالموضوع.
وبالنسبة إلى كلمات الموثقين أيضا... فإن هذه الكلمات تتكرر، لأن المتأخر كابن حجر العسقلاني حيث يترجم الراوي يتعرض لكلمات الذين من قبله كالذهبي وابن حبان... والمفروض أن كلمات أولئك مذكورة في الكتاب فلا وجه لتكرارها. وقد يذكر الرجالي الراوي في جميع كتبه بعبارة واحدة كالذهبي يعبر عن الرجل في العبر والكاشف بنفس العبارة التي قالها في حقه في تذكرة الحفاظ... فنكتفي بنقل عبارته في هذا الأخير ونقول: وكذا في العبر والكاشف. PageV0MP173
5 - وفي قسم الدلالة، لاحظنا أن كثيرا من الوجوه التي يذكرها السيد - في مقام الرد على دعوى أو الاستدلال على موضوع - متشابهة في مفادها، ويمكن دمج بعضها ببعض، فلم نكرر المطلب، بل أدخلنا بعض الوجوه في بعض بجعل عناوين جامعة، مع عدم الاخلال بشئ من جوانب البحث.
4 - الأسلوب في التعليق وقد أضفنا إلى الكتاب فوائد في هوامشه - وربما في المتن - وإلى قسم السند في كل مجلد ملحقا بأسماء طائفة أخرى من رواة الحديث المبحوث عنه فيه، وقفنا على روايتهم من النظر في الأسانيد أو مراجعة بعض الكتب والمصادر الأخرى، وقد كان ملحق حديث الثقلين بقلم العلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي.
5 - الأسلوب في التنظيم ولو ألقيت نظرة في كتاب العبقات لعرفت قيمة تنظيمه والجهود المبذولة في هذا السبيل، فقد فصلنا كل موضوع منه عن غيره بعنوان يخصه، ولكل بحث من بحوث الموضوع عنوان، وكذا لكل وجه من الوجوه المذكورة في كل بحث... وهكذا... مع الأرقام والعلائم الفنية المختلفة... إلى غير ذلك مما يتطلبه الذوق في عصرنا الحاضر.
وبالنسبة إلى الفهارس فقد وضعنا في آخر كل حديث ثلاثة فهارس: أحدها للموضوعات، والثاني للأعلام المترجمين، والثالث للمصادر. وأما مصادر التحقيق فسننشرها في آخر المجلدات في جزء خاص.
هذا ولم التزم في العمل والنشر بترتيب العبقات، بل نباشر بطبع كل ما يتم إعداده وينجز العمل فيه. PageV0MP174
ووضعت كلمة (الدهلوي) رمزا لصاحب (التحفة الاثني عشرية).
وجعلت اسم الكتاب (خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار) حرصا على عنوان كتاب العبقات وتخليدا لاسم مؤلفه وجهوده.
وفي الختام أشكر إدارة مكتبة آية الله النجفي المرعشي العامة في قم، لا سيما العلامة السيد محمود النجفي المرعشي، والأخ المكرم حيدر الواعظي الحائري على تفضلهم بتسهيل مهمة التحقيق ومراجعة المصادر.
والعلامة الجليل المحقق الحاج السيد عبد العزيز الطباطبائي... فقد استفدت كثيرا من معلوماته العلمية وإرشاداته القيمة، ومن مكتبته الخاصة العامرة.
وأصحاب مطبعة سيد الشهداء ومطبعة الخيام، والعاملين فيهما على عنايتهم في إخراج الكتاب بالصورة اللائقة.
والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يكتب هذا العمل في صحيفة ولائنا للنبي وأهل بيته الطاهرين إنه سميع مجيب.
قم المقدسة - إيران علي الحسيني الميلاني (تصحيح) جاء في ص 111: " ذكر صاحب كتاب علماء معاصرين... سنة 1303 ".
هذه الأسطر الثلاثة تتعلق بالهامش رقم 1 في ص 113. PageV0MP175
خلاصة عبقات الأنوار (حديث الثقلين) بقلم علي الحسيني الميلاني
Страница 1