خطب المسجد النبوي
خطب المسجد النبوي
Издатель
موقع مكتبة المسجد النبوي الشريف http
Жанры
خطبة المسجد النبوي - ٣ جمادى الثانية ١٤٣٢ - فضائل الأعمال الصالحة - الشيخ علي الحذيفي
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونؤمنُ به ونتوكَّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - تقوى تُرضِي ربكم، وتُزكِّي أعمالكم، وتُصلِح قلوبكم، وتعمُر آخرتكم؛ فقد قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: ٢، ٣]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق: ٤]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: ٥].
أيها المسلمون:
جِماعُ الخير كله الأعمال الصالحات، وجِماعُ الشر كله الأعمال السيئات، وهل شقِيَ بطاعة الله أحد، وهل سعِدَ بمعصية الله أحد؟ وقد جعل الله الجنةَ ثوابًا لفعل الخيرات وترك المنكرات، وجعل النار عقابًا لفعل المنكرات وترك الخيرات، كما قال ﷿: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل: ٥ - ١٠]، وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف: ٧٢]، وقال تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: ٣٧ - ٣٩].
وقد جعل الله الأعمال الصالحات أسبابًا لكل خير في الدنيا والآخرة، فلا تزهَد - أيها المسلم - في أي عملٍ صالح، واحرِص على فعل الخير في أي وقتٍ تيسَّر لك، فإنك لا تدري أيَّ عمل خيرٍ يرجَحُ به ميزانُ حسناتك، فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ [القارعة: ٦، ٧].
والإكثارُ من قليل الأعمال الصالحة يكون كثيرًا مباركًا، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: ٤٠]؛ فكيف بالأعمال المباركة العظيمة؟ فطُوبَى لمن جمعَ بين أجناس الأعمال الصالحة أعلاها وأدناها، فذلك الذي سبقَت له من الله السوابِق.
والمسلمُ إذا أدَّى الفرائض، واكتسبَ ما تيسَّر من أعمال البِرِّ فهو على سبيل نجاة، قد وفَّقه الله لطريق الفائزين، وسلكَ به طريقَ المُفلِحين، وحفِظَ الله له ما ينفعه في الدنيا والآخرة.
وطرق الخير كثيرة، وأبوابُ البرِّ مُشرَعةٌ مُفتَّحة، والأعمالُ الصالحةُ واسعةُ الميادين، وقد قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: ١٣٣]، وقال تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد: ٢١]، وقال ﷿: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [المائدة: ٤٨].
وكما على المسلم أن يحرِص على الأعمال الصالحة ولو كانت قليلة، فعليه أن يحذر المعاصي ولو كانت حقيرة؛ فقد قال ﷺ: «إياكم ومُحقّرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهلِكنَه».
والأعمال الفاضلة ترجعُ إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأعمال الفاضلة التي يعود نفعُها إلى المُكلَّف نفسه ولا تتعدَّى لغيره إلا تبَعًا؛ كالصلاة، والذكر، والصيام، ونحو ذلك، وقد جاء في هذا النوع ترغيبٌ كثير؛ فعن أبي هريرة ﵁ قال: سُئِل رسول الله ﷺ: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: «الصلاةُ في جوف الليل»، قال: فأيُّ الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: «شهر الله المُحرَّم»؛ رواه مسلم.
وعن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من صلَّى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلُع الشمس ثم صلَّى ركعتين؛ كانت له كأجر حجَّة وعمرة تامَّة تامَّة تامَّة»؛ رواه الترمذي، والطبراني بلفظ: «انقلَبَ بأجر حجَّةٍ وعمرة». قال المنذري: وإسناده جيد.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «كلُّ سُلامَى من الناس عليه صدقة كل يومٍ تطلُع فيه الشمس»، ومعنى الحديث: أن كل مِفصَلٍ من الإنسان عليه صدقة، فالسُّلامَى هي المفاصل، فكلُّ مفصَلٍ عليه صدقة يُؤدِّيها المسلمُ عن بدنه، قال: «وتُجزِئُ عن ذلك: ركعتا الضُّحى».
وعن أبي الدرداء ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «يقول الله تعالى: يا ابنَ آدم! اركع لي أربع ركعاتٍ أول النهار أكفِك آخره»؛ رواه الترمذي.
وهذه الأربع غيرُ صلاة الفجر وسنته، على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وعن أبي ذرٍّ ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «وإنك لن تسجُد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك به خطيئة».
وعن أبي الدرداء ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «ألا أخبِركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق - أي: الفضة -، وخيرٌ لكم من أن تلقَوا العدو، فتضرِبوا أعناقكم ويضرِبوا أعناقكم؟»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «ذكرُ الله»؛ رواه أحمد والترمذي والحاكم، وصحَّحه.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير في أول يومه مائة مرة؛ كانت له عِدل عشر رقابٍ، وكُتِبَت له مائةُ حسنة، ومُحِيَت عنه مائةُ سيئة، وكانت له حِرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يُمسِي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا أحدٌ عمِلَ أكثر من ذلك»؛ رواه البخاري ومسلم.
وفي "صحيح مسلم": «من قال: سبحان الله وبحمده في أول يومه وفي آخره مائة مرة لم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به».
ومن أفضل الذكر: ما يُقال عقِبَ الصلوات الخمس من الأذكار المشروعة، فهي بابٌ جامعٌ للخيرات، ودافعةٌ للشرور والمكروهات؛ وعن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «صُم من كل شهرٍ ثلاثة أيام، وذلك كصيام الدهر».
والنوع الثاني من فضائل الأعمال الصالحة: ما يتعدَّى نفعُه إلى الخلق، وهي إحسانٌ إلى النفس، وإحسانٌ إلى الغير، وفيها تسابقَ المتنافِسون، وفاز أهلُها بخيرَي الدنيا والآخرة؛ عن عبد الله بن عمرو أن النبي ﷺ قال: «أربعون خصلةً أعلاها مَنيْحةُ العَنز من عمِلَ خصلةً رجاء ثوابها وتصديق موعودها دخل الجنة»؛ رواه البخاري.
وعن جابر ﵁ عن النبي ﷺ قال: «كلُّ معروفٍ صدقة، ومن المعروف: أن تلقَ أخاك بوجهٍ طلِق، وأن تُفرِغ من دلوِك في إنائه»؛ رواه أحمد.
وعن أبي ذرٍّ ﵁ قال: قلتُ: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ إذا عمِلَ به العبدُ دخل الجنة، قال: «يؤمنُ بالله»، قلتُ: يا رسول الله! إن مع الإيمان عملًا، قال: «يرضَخُ مما رزَقَه الله» - يعني: يتصدَّق -، قلتُ: وإن كان مُعدِمًا لا شيء له، قال: «يقول معروفًا بلسانه»، قلتُ: فإن كان عيِيًّا لا يُبلِغُ عنه لسانُه، قال: «فيُعينُ مغلوبًا»، قلتُ: فإن كان ضعيفًا لا قدرة له، قال: «فليصنع لأخرق»، قلتُ: فإن كان أخرق - يعني: لا يُحسِنُ صنعة -، فالتفتَ إليَّ فقال: «ما تريدُ أن تدَعَ في صاحبك شيئًا من الخير، فليَدَع الناسَ من أذاه»، قلتُ: يا رسول الله! إن هذا كلَّه ليسير، قال: «والذي نفسي بيده؛ ما من عبدٍ يعملُ بخصلةٍ منها يريدُ منها ما عند الله إلا أخذَت بيده يوم القيامة حتى يدخل الجنة»؛ رواه ابن حبان في "صحيحه"، ولبعض ألفاظه شواهد في "الصحيحين".
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إن امرأةً بغيًّا سقَت كلبًا فغفر الله لها»؛ رواه البخاري ومسلم.
وقال ﷺ: «في كل كبدٍ رطبةٍ أجر»؛ رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث: «صيامٌ، وصدقة، وشهود جنازة، وعيادةُ مريض؛ ما اجتمعت لعبدٍ في يوم إلا دخل الجنة».
وجِماعُ العبادة وآكَدُها هو الدعاء، وهو أعظم عبادةٍ يتقرَّبُ بها العبدُ إلى الله ﵎، فيسألُ الله ﷿، ويرفع إلى ربه حوائِجَه في الدنيا والآخرة، ويسألُ العبدُ من خيرَي الدنيا والآخرة، فإنه جِماعُ الخير كلِّه.
وإن الدعاء شأنه عظيم، وأمره كبير، ولا سيما في أوقات النوازل وأوقات الحوادث والمضائق والكُرُبات، ونحن في هذا العصر نزل بالمسلمين شدائد وكُرُبات، واقتَتلوا واستحلَّ بعضُهم من بعضٍ ما حرَّم الله ﷿، ونزل بهم أمرٌ لا يرفعه إلا الله تعالى.
فالمسلمُ يدعو لنفسه، ويدعو للمسلمين، ويدعو أن ينصر الله الإسلام والمسلمين، وأن يرفع البأس، وأن يرفع الاختلاف عن المسلمين؛ فإنه ﵎ جوادٌ كريم، والله ﵎ يقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: ٦٠]، وفي الحديث: «الدعاءُ مُخُّ العبادة»، وفي الحديث الآخر: «الدعاءُ هو العبادة».
فادعُ الله - أيها المسلم - لإخوانك المسلمين، ادعُ الله لهم بأن يُصلِح الله أحوالهم، وأن يُيسِّر أمورهم، وأن يرفع عنهم الشدائد والكُربات التي نزلَت بهم، وأن يتولَّى أمورَهم؛ فإنه ﵎ جوادٌ كريم.
والنوع الثالث من أبواب الخير العظيمة: كفُّ الشر والأذى والضرر عن الناس، فيحفَظ المسلمُ لسانَه ويدَه وجوارِحَه، فيحفَظ المسلم بهذا حسناته ويُريح الناسَ من شره؛ فعن أبي ذرٍّ ﵁ قال: قلتُ: يا رسول الله! أيُّ العمل أفضل؟ قال: «الإيمانُ بالله، والجهادُ في سبيل الله»، قلتُ: أرأيتَ إن ضعُفتُ عن بعض العمل؟ قال: «تكُفُّ شرَّك عن الناس، فإنها صدقةٌ منك على نفسك»؛ رواه البخاري ومسلم.
قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [الجاثية: ١٥]، وقال ﷿: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: ٧، ٨]، وقال ﵎: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء: ٣١].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا سيد الأولين والآخرين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون:
فاتقوا الله، فما أفلحَ أحدٌ إلا بالتقوى، وما خابَ أحدٌ إلا باتباع الهوى والإعراض عن عبودية الخالق الذي ينفعُ ويضُرُّ ويُعذِّبُ من يشاء بعدله، ويرحمُ من يشاءُ بفضله.
أيها المسلمون:
قوموا بما فرض الله عليكم حق القيام، وتحرَّوا في عباداتكم سنة رسول الله ﷺ؛ ليكون العملُ مقبولًا، واحذروا مُبطِلات الأعمال، أو ما يُنقِصُ الأجور؛ فإن الرجل يعمل الحسنة ثم يُتبِعُها سيئة فتُبطِلُها أو تُنقِصُ أجرَها، واحذروا مداخلَ الشيطان الذي قعدَ لابن آدم بكل طريق خير، وتمسَّكوا بوصية رسولكم ﷺ في قوله: «إن الله فرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وحرَّم أشياء فلا تنتهِكُوها، وسكتَ عن أشياء رحمةً بكم غير نسيان، فلا تسألوا عنها».
واستكثِروا - عباد الله - من الأعمال الصالحات؛ فقد قال ربكم - جل وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: ٧٧].
وحاسِبوا أنفسَكم قبل الموت؛ فإن من حاسبَ نفسَه هوَّن الله عليه الحساب، وليُحدِث كلُّ امرِئٍ توبةً بعد السيئة؛ فعن معاذ ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقِ الله حيثُما كنت، وأتبِع السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ».
وأصلِحوا القلوبَ بالإخلاص والتوحيد تصلح الأعمال، وفي الحديث: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم».
عباد الله:
إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال ﵎: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: ٥٦]، فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين يا رب العالمين، اللهم وأذِلَّ الشرك والمشركين، اللهم وأذِلَّ البدعَ إلى يوم الدين، اللهم أذِلَّ البدعَ إلى يوم الدين يا رب العالمين.
اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك، يا رب العالمين.
اللهم أظهِر أنوار هدي محمد ﷺ في كل زمانٍ ومكانٍ يا رب العالمين، إنك أنت القوي المتين.
اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، اللهم أصلِح شأنَهم يا رب العالمين.
اللهم احقِن دماء المسلمين، اللهم احقِن دماء المسلمين يا رب العالمين، اللهم احفظ دينهم، اللهم احفظ أموالهم يا رب العالمين، اللهم احفظ أرواحهم ونفوسهم وأعراضهم، اللهم احفظ أعراضهم يا رب العالمين.
اللهم لا تُسلِّط على المسلمين الأشرار، اللهم لا تُسلِّط على المسلمين الأشرار، اللهم لا تُسلِّط على المسلمين الأشرار يا عزيز يا غفار، اللهم لا تُسلِّط على المسلمين الكفار يا رب العالمين يا قوي يا عزيز.
اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة: ٢٨٦].
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاة أمورنا، اللهم اجعل هذا البلد آمنًا رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عمله في رِضاك يا رب العالمين، اللهم أعِنْه على أمور الدنيا والدين، اللهم أعِنْه على كل عملٍ يا رب العالمين يُصلِح البلاد والعباد، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحب وترضى، اللهم وفِّقهما لما تحبُّ وترضى، ولما فيه عِزُّ الإسلام والمسلمين يا رب العالمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: ٢٠١].
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: ٩٠، ٩١].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
1 / 22