Речь и социальные изменения
الخطاب والتغير الاجتماعي
Жанры
ومع ذلك فنحن نجد بعض التعليقات في فوكوه على «ظواهر التعددية التكتيكية في الخطاب»، وهي التي تشير إلى هذا الاتجاه نفسه، يقول فوكوه:
لا يوجد، في جانب معين، خطاب سلطة يقابله خطاب آخر مضاد له. فضروب الخطاب عناصر تكتيكية أو كتل تعمل في مجال علاقات القوة؛ فمن الممكن أن توجد ضروب خطاب مختلفة، بل ومتناقضة داخل الاستراتيجية نفسها ؛ وعلى العكس من ذلك يمكنها الانتقال من دون تغيير شكلها من استراتيجية إلى استراتيجية أخرى معارضة، ويجب ألا نتوقع ضروب الخطاب الخاصة بالجنس أن تقول لنا، قبل كل شيء، ما الاستراتيجية التي استمدت منها، أو ما الأقسام الأخلاقية التي تتضمنها، أو ما الأيديولوجية التي تمثلها، سواء كانت مهيمنة أو خاضعة للهيمنة! بل إن علينا أن نفحصها على المستويين المتعلقين بإنتاجيتهما التكتيكية (أي بخصوص الآثار المتبادلة للسلطة والمعرفة التي تكفلها) وتكاملها الاستراتيجي (أي ما الترابط وما علاقة القوة التي تجعل الانتفاع بها ضروريا في أية حالة من حالات شتى المواجهات التي تقع). (1981م، 101-102)
وسوف أناقش مثل هذا المنظور أدناه (في الفصل الثالث) من حيث إمكان «اصطباغ» ضروب الخطاب ونظم الخطاب بصبغة سياسية وأيديولوجية، من غير أن تكون مصطبغة بالضرورة على هذا النحو فعلا، أو تكون مصطبغة في اتجاه معين.
وفكرة تعدد التكافؤ التكتيكي في ضروب الخطاب نظرة ثاقبة قيمة في عمليات الصراع الأيديولوجي في الخطاب على نحو ما يمكن تصوره في نموذج يقوم على الهيمنة، ولكن فوكوه نفسه يقاوم مفهوم الأيديولوجيا، ويقاوم أيضا فكرة التحليل باعتبارها شكلا من أشكال البحث النقدي الأيديولوجي. وينبع هذان الموقفان من إيمان فوكوه بالنسبية؛ فالحقيقة عنده نسبية إزاء تشكيلات خطابية معينة، ونظم معينة للسلطة/المعرفة، ومن ثم فليست تقبل البحث النقدي من مواقع خارجها أو فوقها. ومع ذلك فلقد قيل: إن موقف فوكوه متناقض، ذلك أنه يبدو ملتزما بأشكال معينة من البحث النقدي لا تتفق مع أخذه بالنسبية، وهكذا ينتهي به الأمر إلى اتخاذ موقف غير حاسم إزاء البحث النقدي (ديوز، 1987م؛ فريزر 1989م). وفي وصفي لتحليل الخطاب ذي التوجه النصي في الفصل الثالث أدناه، سوف أختلف عن فوكوه في استعمال مفهوم الأيديولوجيا، وافتراض أن التحليل النصي شكل من أشكال البحث النقدي الأيديولوجي. ومع ذلك، فإن انتقادات فوكوه والآخرين تعني ضرورة الحرص على تجنب بعض التصورات الساذجة للأيديولوجيا (انظر طومسون، 1990م).
وتحفظي الأخير على فوكوه يتعلق بنظراته القيمة في خصائص الخطاب «المكونة» (أي التي تكون أو تشكل أشياء معينة). وإذا كنت أقبل أن «الموضوعات» والذوات الاجتماعية تشكلها الممارسات الخطابية، فإنني أود الإلحاح على تبيان أن هذه الممارسات تخضع لقيود معينة، وهي أنها تقع حتما في إطار واقع مادي سبق تشكيله، وبه موضوعات وذوات اجتماعية سبق تكوينها، ومن ثم ينبغي النظر إلى عمليات التكوين التي يقوم بها الخطاب من حيث كونها عملية جدلية، يعتمد فيها تأثير الممارسة الخطابية على طريقة تفاعلها مع الواقع الذي سبق تكوينه. وأما فيما يتعلق ب «الموضوعات»، فربما يكون من المفيد أن نستخدم المصطلحين «الإحالة» و«الدلالة»؛ فالخطاب يتضمن الإحالة إلى موضوعات سبق تكوينها، وكذلك الدلالة الإبداعية والتكوينية للموضوعات، وهنا نرى من جديد أن تحليلات الممارسة الواقعية والنص الواقعي تمثل تصحيحا مهما لمبالغات فوكوه في الآثار «التكوينية» للخطاب. ونحن نرى، على سبيل المثال، أن دراسات الخطاب الإعلامي التي انصب تركيزها على كيفية تفسير نصوص معينة وكيفية تنظيمها أيضا قد أخرجت لنا صورة شديدة التركيب، بحيث يمكن تفسير النصوص فيها من شتى الزوايا المتفقة إلى حد ما أو المتعارضة بصورة ما، وهو ما يجعل من قبيل الإشكالية العويصة أية نظرة منهجية لتأثير الخطاب في الذوات الاجتماعية على سبيل المثال. ويدل هذا المثال أيضا على أن عملية تكوين الذوات دائما ما تقع في إطار أشكال معينة من التفاعل بين ذوات سبق تكوينها، حيث تؤثر أشكال التفاعل في عملية «التكوين» (انظر ديوز، 1987م، 198). ويقول المثال أيضا: إن الذوات الاجتماعية التي سبق تكوينها لا تشغل مواقع سلبية وحسب، بل إن لديها القدرة على الفعل، أي أن تصبح «فواعل»، وأن تقوم، من بين ما تقوم به، بتحديد علاقتها بشتى أنماط الخطاب المنوعة التي تنغمس فيها.
وتلخيصا لما سبق أقول: إن تحليل الخطاب ذا التوجه النصي من المحتمل أن يدعم التحليل الاجتماعي أساسا بضمان الاهتمام بالحالات العملية للممارسة والأشكال النصية وعمليات التفسير المرتبطة بها. ومن شأن مثل هذا الاهتمام بتفاصيل حالات معينة أن يساعد المحللين على تجنب المناهج الجاهزة والانحياز الذي يحد من نطاق عمل فوكوه، سواء في علاقة ذلك بآثار السلطة وإمكانات المقاومة، أو «تكوين» الذوات الاجتماعية، أو القيم الاجتماعية والثقافية المرتبطة بأنواع خاصة (من الخطاب) مثل جلسات المشاورة، ويستطيع أيضا أن يربط ما بين الأقوال العامة عن التغير الاجتماعي والثقافي وبين الآليات والطرائق المحددة لآثار التغيير في الواقع العملي.
الفصل الثالث
نظرية اجتماعية للخطاب
أقدم في هذا الفصل رأيا في الخطاب، وإطارا لتحليل الخطاب، وهو الإطار الذي سوف أعرضه بالتفصيل وأوضحه بالأمثلة في بقية الكتاب، وقد أملى علي هذا المدخل ما حددته في المقدمة من أهداف، أي أن أجمع بين تحليل الخطاب ذي التوجه اللغوي وبين الفكر الاجتماعي والسياسي المرتبط بالخطاب واللغة، في شكل إطار يصلح للاستخدام في البحث العلمي الاجتماعي، وخصوصا في دراسة التغير الاجتماعي؛ فالفصلان الأولان يحددان عددا من الإنجازات وأوجه القصور في الدراسات السابقة، وأما الفصل الثالث فهو مكتوب على ضوء تلك المناقشة من دون أن يكون مبنيا عليها مباشرة. وسوف أبدأ بمناقشة مصطلح «الخطاب»، ثم أتبعه بتحليل الخطاب في الإطار الثلاثي الأبعاد، أي باعتباره نصا، وممارسة خطابية، وممارسة اجتماعية. وأنا أناقش أبعاد التحليل الثلاثة المذكورة بعدا بعدا، ثم أنتهي بعرض مدخلي الخاص بالبحث في التغير الخطابي في علاقته بالتغيير الاجتماعي والثقافي. (1) الخطاب
ينصب تركيزي على اللغة، ومن ثم فأنا أستخدم «الخطاب» بمعنى أضيق من المعنى الذي يستخدمه فيه علماء الاجتماع عموما؛ بحيث يشير إلى استعمال اللغة المنطوقة أو المكتوبة، أي إنني سوف أستخدم مصطلح «الخطاب» في الإشارة إلى ما درج علماء اللغة على تسميته «استعمال اللغة»، أو «الكلام» أو «الأداء اللفظي». ووفق التقاليد التي بدأها فيرديناند دي سوسير (1959م) لا يعتبر «الكلام» صالحا للدراسة المنهجية لأنه في جوهره نشاط فردي، فالأفراد ينهلون بأساليب يتعذر التنبؤ بها، وفقا لرغباتهم ومقاصدهم، من «اللغة»، واللغة بطبيعتها منهجية واجتماعية. واللغويون العاملون في إطار هذه التقاليد يعرفون الكلام حتى يستبعدوه، إذ يترتب على موقف سوسير أن أية دراسة منهجية للغة يجب أن تكون دراسة للنظام نفسه، أي للغة لا «لاستعمالها».
Неизвестная страница