فدل ذلك على أن الحسنة العظيمة يغفر الله بها السيئة العظيمة والمؤمنون يؤمنون بالوعد والوعيد لقوله صلى الله عليه وسلم ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ( وأمثال ذلك مع قوله ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) ولهذا لا يشهد لمعين بالجنة إلا بدليل خاص ولايشهد على معين بالنار إلا بدليل خاص ولا يشهد لهم بمجرد الظن من اندراجهم فى العموم لأنه قد يندرج فى العمومين فيستحق الثواب والعقاب لقوله تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) والعبد إذا اجتمع له سيئات وحسنات فإنه وإن استحق العقاب على سيئاته فإن الله يثيبه على حسناته ولا يحبط حسنات المؤمن لأجل ما صدر منه وإنما يقول بحبوط الحسنات كلها بالكبيرة الخوارج والمعتزلة الذين يقولون بتخليد أهل الكبائر وأنهم لايخرجون منها بشفاعة ولا غيرها وأن صاحب الكبيرة لا يبقى معه من الايمان شيء وهذه أقوال فاسدة مخالفة للكتاب والسنة المتواترة واجماع الصحابة وسائر أهل السنة والجماعة وأئمة الدين لايعتقدون عصمة أحد من الصحابة ولا القرابة ولا السابقين ولا غيرهم بل يجوز عندهم وقوع الذنوب منهم والله تعالى يغفر لهم بالتوبة ويرفع بها درجاتهم ويغفر لهم بحسنات ماحية أو بغير ذلك من الأسباب قال تعالى ( والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لهم مايشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم أسوأ الذى عملوا ويجزيهم أجرهم باحسن الذى كانوا يعملون ) وقال تعالى ( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ماعملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فى أصحاب الجنة )
ولكن الأنبياء صلوات الله عليهم هم الذين قال العلماء إنهم معصومون من الإصرار على الذنوب فأما الصديقون والشهداء والصالحون فليسوا بمعصومين وهذا فى الذنوب المحققة وأما ما اجتهدوا فيه فتارة يصيبون وتارة يخطئون فإذا إجتهدوا فأصابوا فلهم أجران وإذا اجتهدوا واخطئوا فلهم أجر على اجتهادهم وخطؤهم مغفور لهم وأهل الضلال يجعلون الخطأ والاثم متلازمين فتارة يغلون فيهم ويقولون إنهم معصومون وتارة يجفون عنهم ويقولون أنهم باغون بالخطأ وأهل العلم والايمان لا يعصمون ولا يؤثمون
Страница 69