ولما كان لفظ ( الصحبة ( فيه عموم وخصوص كان من اختص من الصحابة بما يتميز به عن غيره يوصف بتلك الصحبة دون من لم يشركه فيها قال النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث أبى سعيد المتقدم لخالد بن الوليد لما اختصم هو وعبد الرحمن ( يا خالد لا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا مابلغ مد أحدهم ولا نصيفه ( فإن عبد الرحمن بن عوف هو وأمثاله من السابقين الأولين من الذين أنفقوا قبل الفتح فتح الحديبية وخالد بن الوليد وغيره ممن اسلم بعد الحديبية وأنفقوا وقاتلوا دون أولئك قال 4 تعالى
ﵟلا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنىﵞ
والمراد ( بالفتح ( فتح الحديبية لما بايع النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه تحت الشجرة وكان الذين بايعوه أكثر من ألف وأربعمائة وهم الذين فتحوا خيبر وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لايدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ( وسورة الفتح ( الذى فيها ذلك أنزلها الله قبل أن تفتح مكة بل قبل أن يعتمر النبى صلى الله عليه وسلم وكان قد بايع أصحابه تحت الشجرة عام الحديبية سنة ست من الهجرة وصالح المشركين صلح الحديبية المشهور وبذلك الصلح حصل من الفتح مالا يعلمه إلا الله مع أنه قد كان كرهه خلق من المسلمين ولم يعلموا مافيه من حسن العاقبة حتى قال سهل بن حنيف أيها الناس اتهموا الرأى فقد رأيتنى يوم أبى جندل ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت رواه البخارى وغيره فلما كان من العام القابل اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم ودخل هو ومن اعتمر معه مكة معتمرين وأهل مكة يؤمئذ مع المشركين ولما كان فى العام الثامن فتح مكة فى شهر رمضان وقد أنزل الله فى سورة الفتح ( لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لاتخافون فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) فوعدهم فى سورة الفتح أن يدخلوا مكة آمنين وانجز موعده من العام الثاني وأنزل فى ذلك ( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ) وذلك كله قبل فتح مكة فمن توهم أن ( سورة الفتح ( نزلت بعد فتح مكة فقد غلط غلطا بينا
( والمقصود ( أن أولئك الذين صحبوه قبل الفتح اختصوا من الصحبة بما استحقوا به التفضيل على من بعدهم حتى قال لخالد ( لا تسبوا أصحابى ( فانهم صحبوه قبل أن يصحبه خالد وأمثاله
Страница 61