فهذا القسم كثر فى دول الملوك اذ هو واقع فيهم وفى كثير من امرائهم وقضاتهم وعلمائهم وعبادهم اعنى اهل زمانهم وبسببه نشأت الفتن بين الامة فاقوام نظروا إلى ما ارتكبوه من الامور المنهى عنها فذموهم وأبغضوهم واقوام نظروا إلى ما فعلوه من الامور المامور بها فأحبوهم ثم الاولون ربما عدوا حسناتهم سيئات والاخرون ربما جعلوا سيئاتهم حسنات وقد تقدم اصل هذه المسالة وهو انه اذا تعسر فعل الواجب فى الامارة الا بنوع من الملك فهل يكون الملك مباحا كما يباح عند التعذر ذكرنا فيه القولين فإن اقيم التعسر مقام التعذر لم يكن ذلك اثما وان لم يقم كان اثما واما ما لا تعذر فيه ولا تعسر فان الخروج فيه عن سنة الخلفاء اتباع للهوى فالتحقيق أن الحسنات حسنات والسيئات سيئات وهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وحكم الشريعة أنهم لايؤذن لهم فيما فعلوه من السيئات ولا يؤمرون به ولا يجعل حظ أنفسهم عذرا لهم فى فعلهم إذا لم تكن الشريعة عذرتهم لكن يؤمرون بما فعلوه من الحسنات ويحضون على ذلك ويرغبون فيه وإن علم أنهم لا يفعلونه إلا بالسيئات المرجوحة كما يؤمر الأمراء بالجهاد وإن علم أنهم لا يجاهدون إلا بنوع من الظلم الذى تقل مفسدته بالنسبة إلى مصلحة الجهاد
Страница 31