ويتفرع من هنا مسألة وهو ما اذا كان لا يتأتى له فعل الحسنة الراجحة الا بسيئة دونها فى العقاب فلها صورتان احداهما اذا لم يمكن الا ذلك فهنا لا يبقى سيئة فان ما لا يتم الواجب أو المستحب الا به فهو واجب أو مستحب ثم ان كان مفسدته دون تلك المصلحة لم يكن محظورا كأكل الميتة للمضطر ونحو ذلك من الامور المحظورة التى تبيحها الحاجات كلبس الحرير فى البرد ونحو ذلك وهذا باب عظيم
فإن كثيرا من الناس يستشعر سوء الفعل ولا ينظر إلى الحاجة المعارضة له التى يحصل بها من ثواب الحسنة ما يربى على ذلك بحيث يصير المحظور مندرجا فى المحبوب أو يصير مباحا اذا لم يعارضه الا مجرد الحاجة كما أن من الامور المباحة بل والمأمور بها ايجابا أو استحبابا ما يعارضها مفسدة راجحة تجعلها محرمة أو مرجوحة كالصيام للمريض وكالطهارة بالماء لمن يخاف عليه الموت كما قال ( قتلوه قتلهم الله هلا سألوا اذا لم يعلموا فإنما شفاء العى السؤال (
وعلى هذا الاصل يبنى جواز العدول احيانا عن بعض سنة الخلفاء كما يجوز ترك بعض واجبات الشريعة وارتكاب بعض محظوراتها للضرورة وذلك فيما اذا وقع العجز عن بعض سنتهم أو وقعت الضرورة إلى بعض ما نهوا عنه بأن تكون الواجبات المقصودة بالامارة لا تقوم الا بما مضرته أقل
Страница 29