Мысли и чувства воображения

Мухаммед Камиль Хаджадж d. 1362 AH
158

Мысли и чувства воображения

خواطر الخيال وإملاء الوجدان

Жанры

ومن المدهش أنه حضر الحفلة الأولى التي وقعت فيها السانفوني فافتتن وطفق يصفق بكل قوته حتى أنساه الشجو حسدا وضغنا طالما نهشاه في فؤاده.

والذي يثبت لنا ذلك خطاب برليوز لوالده، وقد أرسله إليه في 6 ديسمبر سنة 1830؛ أي في اليوم التالي للحفلة التي وقعت فيها السانفوني، إذ قال في عرض خطابه:

إن بيكسيس وسبونتيني ومييربير وفيتيس كانوا يصفقون بكل عنف كالهائجين، وصاح سبونتيني عندما سمع «الذهاب إلى العذاب» وهي من ضمن السانفوني المذكورة: «لا يستطيع أن يعمل أحد مثل هذه القطعة إلا إذا كان في منتهى القدرة، فإن هذا شيء خارق للعادة.» ثم عانقني بيكسيس بعد الانتهاء هو وخمسون غيره، ولقد أكرهني ليزت الشهير على تناول الغداء معه ولم يترك تعبيرا للثناء والإطراء إلا غمرني به.

نذكر على سبيل التفكهة حكما من أحكام فيتيس يدل على منتهى السخافة والغباوة، إذ قال في كتابه «تراجم الموسيقيين» عن جان سباستيان باخ إنه أعظم الموسيقيين الألمان على الإطلاق، ثم قال في موضع آخر حينما تكلم عن مميزاته: «له أرموني جريئة لكنها ليست دائما صحيحة.» فكيف به يرفعه إلى أعلى عليين ثم يخفضه إلى أسفل سافلين، وكيف يكون أعظم موسيقيي الألمان ويلحن في الأرموني!

الحديث ذو شجون ولو استرسلنا في سخافات فيتيس لخرجنا عن الموضوع، ولكن سكوتنا أمام هذه المسألة الدقيقة يترك القارئ في شيء من الشك والريب، فإتماما للفائدة نقول كلمة مختصرة تصور لنا حقيقة باخ وتحلل لنا نفسيته.

مضى على باخ أكثر من قرنين تطورت فيهما الموسيقى والأذواق والنقد، فبذلك تغيرت أكثر الأحكام القديمة وظهر خطؤها جليا.

لا يختلف اثنان في أن باخ يعد أعظم علماء الموسيقى في ألمانيا بل في جميع أقطار العالم، وكان في عصره يقدرون الموسيقيين بدرجة تعمقهم في العلم وأصوله وقواعده، ولكن أصبحت هذه المزية لا قيمة لها الآن في عصرنا الحاضر.

يتطلب عصرنا الحاضر أن يكون الموسيقي شاعرا مبدعا بمعنى الكلمة، يعبر عن عواطفه ومشاعره بأصوات، ويصف ويصور ما حوله من جمال الطبيعة تصويرا صادقا، ويكفيه من القواعد ما يعصمه من الخطأ في التلحين.

عاش باخ طول حياته موظفا عند بعض أمراء الألمان، وكان همه أن يكون قدوة حسنة للموظفين، وأن يحافظ على وظيفته بالمواظبة وإرضاء رؤسائه، وكان يلحن قطعا من موسيقى الغرف أو القطع الدينية، ولم تحدثه نفسه أن يكتب شيئا للجمهور أو يسافر وينتقل كغيره من الموسيقيين لتسعده الأسفار بشيء من النفحات الشعرية، ولم يتجشم حتى الذهاب إلى غابات ألمانيا البديعة القريبة منه ليرى فيها آيات الجمال من أشجار باسقة وخمائل ملتفة وطيور مغردة وأيائل راتعة.

لم يحب قط طول حياته ولم ينكب بفادحة، وكان ضخما قوي البنية رزق عشرين ولدا وبنتا؛ منهم عشرة من زوجه الأولى وعشرة من الثانية، ولم يعرف شيئا من الآلام ومتاعب النفس ولم يعضه الفقر بنابه، ينام ملء جفنيه على جنب واحد، وقد أجمع الثقات من النقاد العصريين على أن باخ لم يكن مفكرا في موسيقاه قبل كل شيء كمن خلف من بعده من كبار الموسيقيين مثل: بيتهوفن وفاجنر وبرليوز، لم يعبر في موسيقاه عن مسراته وهمومه وآلامه في حياته الخاصة، ولذلك كان الرجل لا يمتاز عن غيره إذا أخرجنا منه الفن حتى شبهه أحد النقاد الظرفاء بكاهن القرية.

Неизвестная страница