Размышления осла: философские и этические мемуары на языке ослика
خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار
Жанры
كديشون
الحمار العالم
الفصل الأول
السوق
لما كان الناس لا يعرفون كل ما يعرفه حمار عالم، فإنكم يا من تقرءون هذا الكتاب تجهلون بلا شك ما هو معروف لكل رفقائي الحمير؛ من أنه يقام في كل يوم ثلاثاء سوق في مدينة «ليجل»، يباع فيها الخضار والزبدة والبيض والجبن والفواكه وأشياء أخرى فاخرة.
وكان ذلك اليوم يوم شقاء لرفقائي المساكين، وكان لي كذلك أيضا قبل أن تشتريني سيدتي الكبيرة جدتك الكريمة التي أعيش الآن عندها، فقد كنت مملوكا لفلاحة شرسة قاسية. تصور يا سيدي الصغير كيف أنها كانت تبالغ في القسوة حين تجمع كل البيض الذي يبيضه ما عندها من الدجاج، وكل ما يتجمع عندها من الزبدة والجبن الذي يستخرج من لبن ما تملك من البقر، وكل ما ينضج عندها أثناء الأسبوع من الخضر والفاكهة، ثم تملأ بكل ذلك سلالا تضعها فوق ظهري.
فإذا تم لها كل ذلك وكنت محملا بالأثقال في حالة لا أستطيع معها التحرك، كانت تجيء هذه المرأة الثقيلة وتجلس أيضا فوق السلال، ثم تسوقني بغلظة وعنف إلى أن أصل إلى السوق وكان بينه وبين منزلها مسافة فرسخ، وكنت دائما في شدة الغيظ الذي لا أستطيع إظهاره لأنني أخشى وقع العصا التي كانت تحملها دائما، وهي عصا غليظة معقدة كانت تؤذيني أذى شديدا كلما ضربتني بها. وكنت كلما اقترب وقت الذهاب إلى السوق أشهق وأنهق برقة أستعطف بها سادتي، فكانت هي تسرع إلي وتقول: اسكت أيها الكسول، ولا تصدعنا بصوتك المنكر «هي هان! هي هان!» كأنك تحسب هذا الصوت موسيقيا مطربا. ثم تنادي ولدها «جول» وتقول له: قرب هذا البليد من الباب لكي أضع الأحمال على ظهره؛ هناك سبت البيض وسبت آخر، والجبن والزبدة، والخضار أخيرا. وهذا حمل تحصل من بيعه في السوق على بضعة ريالات، وتدعو ابنتها مارييت بعد تشييد الحمل على ظهري فتقول لها: أحضري كرسيا لكي تصعد أمك على الحمار. فإذا ركبت تناولت العصا، وبدأت تضرب ضربا متكررا، وكأنها تحسب الضرب مداعبة ضرورية، ثم تسير ولا تكاد العصا تقف أو تكف في يدها عن الضرب على رقبتي وعلى جنبي وأفخاذي، وكنت أسرع في السير وأحيانا أجري، ومع كل ذلك فلا تنقطع الفلاحة عن استمرار الضرب، فكان من حقي أن أقسو وأن أنتقم بل حاولت الرفس لكي ألقيها على الأرض، ولكن كان الحمل ثقيلا فلم أستطع هذه الحركة، ولكني كنت دائما أتحول في الطريق يمينا وشمالا، وكنت مع ذلك مسرورا لأنني أشعر باضطرابها فوقي، فكانت تهددني وتقول لي: سأصلح هذا الاعوجاج بالعصا، وأعلمك الاستقامة في السير. ويستمر الضرب حتى كان يؤلمني كثيرا المشي في الطريق إلى أن نصل إلى السوق، ثم ترفع الأحمال التي على ظهري وتلقى على الأرض.
وتذهب سيدتي بعد أن تربطني لتأكل، ومع أنني كنت أكاد أموت من الجوع والتعب، فإنها لم تعطني لا شيئا من الماء ولا قليلا من البرسيم، لذلك احتلت على الاقتراب من سبت الخضار أثناء غيابها، فرطبت لساني وفمي بما ملأت به معدتي من الخضراوات والكرنب، ولم أذق في حياتي أطعم من هذه الخضراوات، وانتهيت من التهام آخر كرنبة في اللحظة التي عادت فيها سيدتي.
فصرخت حين أبصرت السبت فارغا، ورأيتها ممتقعة متألمة لأنها أدركت فعلتي.
ولا أكرر على مسمع القارئ ألفاظ الشتم والسباب التي هالتها علي وكانت لهجتها حادة شرسة، وكانت وهي غاضبة تقول من الكلام ما أحمر منه خجلا أنا الحمار.
Неизвестная страница