ﷺ من أولياء الله الصّالحين مَن سُئل عن قدر الزكاة ماهو فقال للسائل: عندنا أو عندكم، وكان السائل فقيهًا، فقال السائل: وهل عندكم غير ماعندنا، قال: نعم، أنتم عندكم في كلّ مائتي درهم خمسة دراهم حقّ الله، ونحن عندنا أنّ الكلّ حقّ الله (١) و[ق ١٤/و] لهذا قال النبي ﷺ: «ما يكن عندي من خير فلن ادّخره عنكم» (٢) وكان ﷺ لا (٣) يدّخر شيئًا لغد، وكان يعطي عطاء من لايخشى الفاقة.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: ٥] فقد تقدم شرف النبي ﷺ في هذا المقام، وأنه كان أملك الخلق لإربه، وفي أمّته عجائب في حفظ الفروج ومجانبة الزّنا كما يروى عن مَن حُصِر في بيت وأُغلق عليه ودُعي إلى الفاحشة فمنهم من ألقى نفسه من أعالي البيت فسَلِم، ومنهم من دخل الخلاء وتلطَّخ بالعَذرة وخرج في زيّ مجنون، وأمثال هذه الأمور كما سيأتي في قصّة يوسف ﵊، كل ذلك حفظًا للفروج وخوفًا من الله تعالى عن تعدِّي حدوده (٤) واللائمة يوم القيامة، وتقدّم الكلام في مراعاة العهود والوفاء بها والمحافظة على القيام بها.
وأما المحافظة على الصلوات فكان النبي ﷺ وأصحابه ﵃ من المحافظة عليها في أوقاتها من الغاية، حتى إن رسول الله ﷺ أبطأ ليلة فلم يخرج إليهم حتى ذهب ما شاء الله من الليل فقالوا: أبطأت عنّا يا رسول الله، فقال: «أبشروا فإنه ليس أحد ينتظر الصلاة غيركم» (٥) ولم يكن يومئذ يُصلَّى بغير المدينة، ولهم اختصاص الانتظار للصلاة