«قال لي جبريل: قال الله تعالى: إذا ذُكِرتُ ذُكِرتَ معي» (١) فرفع الله تعالى له ﷺ شأنه، وأقام برهانه في الدنيا والآخرة بأن قرن اسمه مع اسمه في الشهادة بربوبيّته وتوحيده في مشارق الأرض ومغاربها فليس خطيبٌ ولا مصَلٍ ولا داعٍ إلا ينادي بذكره مع ذكر الله (تبارك) (٢) وتعالى.
وأما هود ﵇: فقيل إن الله تعالى فضله بأن انتصر له من أعدائه بالريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرّميم، قلنا لمحمّد ﷺ أفضل من ذلك فإن الله تعالى انتصر له من أعدائه يوم الخندق بالريح أيضًا وبالملائكة الكرام كما قال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ [الأحزاب: من الآية ٩]؛ روى أبو نعيم عن ابن عباس ﵄ قال: لما كان يوم الأحزاب انطلقت الجَنُوبُ إلى الشَّمال فقالت: انطلقي بنا ننصر محمّدًا ﷺ، فقال الشمال: إن الحُرّة لا تسري إلا بليل، فأرسل الله عليهم الصَّبا، فذلك قوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ [الأحزاب: من الآية ٩] (٣)؛ وفي الصحيح عنه ﷺ[ق ٣٧/ظ] أنه قال: «نُصِرتُ بالصّبا وأُهلِكَت عادٌ
بالدَّبُور» (٤) فإنّ يوم الخندق لمّا تألّب الأحزاب على المسلمين واشتدّ (الأمر) (٥) عليهم
(١) أخرجه أبو يعلى في مسنده (٢/ ٥٢٢) ح ١٣٨٠، وابن حبان في صحيحه (٨/ ١٧٥)، في المقدمة، ح ٣٣٨٢، من طريق أبي سعيد الخدري ﵁، بلفظ: «أتاني جبريل، فقال: إن ربي وربك يقول لك: كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم، قال: إذا ذكرت معي»، قال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان: "إسناده ضعيف".
(٢) "تبارك" ليس في ب.
(٣) لم أقف على الأثر في نسختي المطبوعة عن كتاب الدلائل، وقد عزاه أيضًا لأبي نعيم: السيوطي في الخصائص الكبرى ص ٣٨٧، وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور (١١/ ٧٣٧)، تحقيق: عبدالله التركي، الطبعة الأولى ١٤٢٤، مركز هجر للبحوث، القاهرة، وعزاه لكتاب الدلائل؛ والشوكاني في فتح القدير (٤/ ٣٠٩) وعزاه لكتاب الدلائل؛ وابن كثير في البداية والنهاية (٩/ ٣٢٧) وعزاه أيضًا لكتاب الدلائل، وقد أخرج الحديث أيضًا البزار بنحوه في مسنده (٢/ ١٦٢) ح ٤٧٢١، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٦٦): "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح".
(٤) أخرجه البخاري (٥/ ١٠٩)، في كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، ح ٤١٠٥، وأخرجه مسلم (٢/ ٦١٧)، في كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور، ح ٩٠٠.
(٥) "الأمر" ليس في ب.