Карта знаний: как мир потерял идеи классической эпохи и как их восстановил: история семи городов
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Жанры
كان كتاب «في طبيعة الأشياء» مثالا نادرا لنص لاتيني يحتوي على أفكار علمية، ولكن العلماء الذين كانوا مهتمين بالرياضيات، أو الفلك، أو الطب عرفوا أنهم كانوا بحاجة إلى التركيز على العثور على مخطوطات يونانية؛ ومن أجل هذه المخطوطات، ولوا وجوههم صوب الشرق، وكانت فينيسيا، بإمبراطورية التجارة الشاسعة التابعة لها، التي تشمل معظم الجزر في بحر إيجه، وموانئ في الشرق الأوسط وجالية نشطة في القسطنطينية نفسها، في وضع لا يضارع يتيح لها المساعدة. استكشف المسئولون الفينيسيون، الذين كانوا متمركزين في مواقعهم على هذه الجزر بصفتهم قضاة وحكاما محليين، بأنفسهم قيمة التعليم اليوناني، المستند إلى دراسة أعمال الأدب الكلاسيكي والفلسفة والعلوم باللغة اليونانية الأصلية؛ فاشتروا مخطوطات وجلبوها معهم لدى عودتهم إلى فينيسيا، ورسخوا دروس اللغة بوصفها جزءا من المنهج الدراسي في مدارس المدينة التي كانت تتبع النزعة الإنسانية، وكتبوا تعليقات، وعملوا على طباعة المخطوطات، وجمعوا ذخيرة من النصوص اليونانية. في عام 1463، أنشئ كرسي للغة اليونانية في جامعة بادوا، المركز الوحيد للتعليم العالي في نطاق فينيسيا والمكان الذي كان النبلاء يرسلون أبناءهم إليه ليستكملوا دراساتهم. مع مرور سنوات هذا القرن، تعززت تدريجيا جودة تعليم النبلاء وزاد اهتمامهم بالأفكار الكلاسيكية.
انضم الباحثون من خلفيات طبقية أدنى، سواء كانوا فينيسيين أصليين أو زوارا، إلى الدوائر الفكرية للنخبة ولعبوا دورا في إثرائها. ووصل اليونانيون بأعداد كبيرة أثناء العقود السابقة والشهور التي تلت مباشرة استيلاء الأتراك على القسطنطينية، في عام 1453. لم تعد المدينة القديمة آمنة لسكانها المسيحيين، وعندما فروا غربا، كانت فينيسيا، بعلاقاتها الوطيدة مع الشرق الأدنى اليوناني، الوجهة الواضحة. هنالك، وجدوا مواطنين يونانيين وإيطاليين ناطقين باليونانية وموقفا منفتحا تجاه وطنهم الأم. عند مغادرتهم القسطنطينية، أخذوا معهم أقيم وأعز مقتنياتهم؛ الذهب والجواهر، بديهيا، والأعمال الفنية ، والمال، والأشياء الخاصة بالعبادة، والكتب. كانت واحدة من أهم وأخطر حالات تبعثر المخطوطات في التاريخ. انتزع آلاف من النصوص التي كانت قد أبقيت في أمان بالمكتبات القديمة بالمدينة في شبه جزيرة القرن الذهبي من رفوفها وعبئت في صناديق خشبية، ثم دحرجت على عربات يد إلى الميناء وحملت في السفن التي أقلت مالكيها إلى المنفى في أوروبا. عندما وصلت هذه المخطوطات إلى إيطاليا، كان الباحثون أصحاب النزعة الإنسانية في انتظارها، والريشات في أيديهم، جاهزين لنسخها وترجمتها وتحريرها، لإنتاج أفضل وأدق نسخ لإعادة اكتشاف الحكمة النقية لليونانيين القدماء، التي لم تفسدها القرون المنصرمة.
من بين كل العلماء العظام الذين وصلوا من الشرق في هذه الحقبة، كان الأشهر هو باسيليوس بيساريون (1403-1472)، من طرابزون، على ساحل البحر الأسود. كان بيساريون قد تلقى أفضل تعليم متاح في القسطنطينية، ثم درس الفلسفة الأفلاطونية المحدثة في بيلوبونيز مع الحكيم الذائع الصيت جيمستوس بليثو. سرعان ما ارتقى بيساريون، الذي كان باحثا موهوبا يتمتع بملكة الدبلوماسية، التدرج الهرمي للكنيسة الأرثوذكسية، وفي ثلاثينيات القرن الخامس عشر، أرسل إلى إيطاليا ضمن وفد للتفاوض بشأن إعادة توحيد الكنيستين الشرقية والغربية. كانت رغبته في إعادة توحيد العالمين اليوناني واللاتيني هي الملهم لكل جانب من جوانب مسيرته المهنية الطويلة والمدهشة؛ كان بمنزلة قناة اتصال لنقل الناس والأفكار والكتب من بيزنطة إلى إيطاليا، ومن اليونانية إلى اللاتينية. في خضم اضطلاعه بهذا الدور، أنقذ قطاعات كبيرة من الثقافة اليونانية التي لولا ذلك لكان الغزاة الأتراك العثمانيون قد دمروها. أعجب الإيطاليون ببيساريون إعجابا كبيرا حتى إن البابا إيجين الرابع جعله كاردينالا، وهو شرف غير مسبوق لرجل دين أرثوذكسي، وشكل تنصيبه مؤشرا على دخوله إلى الحياة الإيطالية رسميا؛ فانتقل إلى منزل فخم على طريق أبيان، في روما، كانت غرفه جيدة التهوية وشرفاته الظليلة تعج بالمهاجرين اليونانيين الذي كانوا قد وصلوا لتوهم من القسطنطينية، كان من بينهم باحثون شبان مهرة، منهم العظماء، ومنهم الجيدون ومنهم المثقفون. في ظل رعايته الكريمة والملهمة، أصبح المنزل أكاديمية غير رسمية للنزعة الإنسانية، تحوي عددا من أضخم وأثمن مجموعات الكتب في أي مكان في أوروبا. أقام الكاردينال منسخا في منزله لتزويد مجموعته ومن كانوا يزورونه بالمخطوطات، وعمل جنبا إلى جنب مع الباحثين، وتزخر هوامش كثير من المخطوطات التي امتلكها بملاحظات كتبها بيده. كما أنتج تراجمه الخاصة به، وتماشيا مع رغبته العامة في الوحدة، كتب أطروحة سعت إلى إحداث تناغم بين الفلسفة الأرسطية وفلسفة أفلاطون. ومع ذلك فإن أعظم آثاره هي مكتبته «الأكثر ثراء في كل المكتبات التي تشكلت أثناء عصر النهضة»،
5
التي احتوت على بعض من أندر وأثمن المخطوطات التي بقيت إلى يومنا هذا.
كان منصب بيساريون بصفته مبعوث البابا يعني أنه كان يسافر أسفارا واسعة النطاق، وأينما ذهب، كان دائم البحث عن علماء يتشابهون معه في الميول والأفكار وعن كتب جديرة بالاهتمام. في عام 1460 كان في فيينا، حيث التقى بعالمي فلك موهوبين هما جورج فون بيورباخ (أو بيويرباخ) ويوهان مولر (الذي يعرف باسم ريخيومونتانو). كان من شأن هذا اللقاء أن يؤدي إلى عواقب بعيدة المدى ليس على المشاركين فيه فحسب، وإنما على التطور العام للعلم. كان بيورباخ هو معلم ريخيومونتانو، الذي كان باحثا لامعا، درس في إيطاليا خلال شبابه ورفض عروض عمل من جامعات بولونيا وبادوا. وعاد، بدلا من ذلك، إلى موطنه النمسا من أجل تدريس ودراسة النجوم. كانت نسخته الهائلة من «جداول ألفونسين»، المحدثة بعمليات الرصد التي أجراها، هي الأحدث في السلسلة الطويلة من جداول النجوم التي التقينا بها. كان هذا عمل بيورباخ الأعظم. كان ريخيومونتانو، الذي قبل في الجامعة وهو بعد غض في الثالثة عشرة من عمره، بلا شك ألمع تلاميذ بيورباخ وأبكرهم نضوجا، وسرعان ما صار شريكه الأكاديمي؛ فقاما معا بعمليات رصد، ملاحظين ظهور مذنب هالي في يونيو عام 1456، وناقشا عملهما بلا توقف، وكذلك عمل علماء الفلك الآخرين. كلفهما بيساريون بإنتاج إصدار جديد موجز من كتاب بطليموس «المجسطي» يمكن استخدامه في التدريس؛ فشرعا في العمل من فورهما، ولكن بيورباخ مات فجأة في العام التالي، ولم يكن عمره قد تجاوز السابعة والثلاثين؛ لذا تابع ريخيومونتانو العمل وحده، وأكمله في عام 1462.
لعب كتاب «الملخص» دورا محوريا في نقل كتاب «المجسطي». كان الكتاب، الأيسر في التناول بسبب طوله (نصف طول الكتاب الأصلي)، واضحا للغاية وجيد التنظيم؛ ومن ثم «أتاح لعلماء الفلك فهما لكتاب بطليموس لم يكونوا قد تمكنوا في السابق من تحقيقه».
6
اشتمل الكتاب على نظريات من مجموعة كبيرة من علماء الفلك، من بينهم ثابت بن قرة والزرقالي ومؤلفو «جداول طليطلة»، وكان يستند إلى ترجمة جيرارد الكريموني اللاتينية لعمل بطليموس العظيم، ومكملا بتفاصيل من المخطوط اليوناني الأصلي المملوك لبيساريون.
3
Неизвестная страница