Карта знаний: как мир потерял идеи классической эпохи и как их восстановил: история семи городов
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Жанры
في صقلية لديك المكتبات السيراكوزية والأرجولية؛ ليس ثمة افتقار إلى الفلسفة اللاتينية.
لديك في المتناول كتاب «الميكانيكا» للفيلسوف هيرون [السكندري] ... كتاب «البصريات» لإقليدس ... كتاب «البرهان القاطع» لأرسطو عن أول مبادئ المعرفة ... «فلسفات» أناكساغوراس وأرسطو وثامسطيوس وبلوتارخ وغيرهم من الفلاسفة المشهورين هي [أيضا] في متناول يدك ... يمكنك الاستعانة بعمل جيد مكرس لدراسة الطب، ويمكنني أيضا أن أعرض عليك منشورات لاهوتية ورياضية، وأخرى عن الأحوال الجوية [نظريا].
هنريكوس أريستبوس، الخطاب الإهدائي لكتاب «خلود النفس»، 1160
في عام 1160، عكف شاب على دراسة الطب في ساليرنو. لا نعرف اسمه ولا من أين جاء، ولكننا نعرف أنه كان مهتما اهتماما خاصا بالفلك. كان، في الواقع، مهتما به لدرجة أنه عندما اكتشف أن مخطوطة لكتاب «المجسطي» لبطليموس قد جلبت إلى صقلية، أهمل دراساته وانطلق يبحث عنها. كان الكتاب قد جلب من القسطنطينية، على ما يبدو من مكتبة الإمبراطور مانويل كومنينوس نفسه، وكان من جلبه هو هنريكوس أريستبوس، الذي كان عالما، ورئيسا للشمامسة، والأهم من ذلك، أنه كان المستشار الأول للملك ويليام الأول ملك صقلية، الذي كان قد أرسله إلى القسطنطينية للتفاوض على اتفاقية سلام. كان أريستبوس متحدثا لبقا ويبدو أنه أعجب البيزنطيين؛ مما أعطاه الفرصة، مثل كثير من الدبلوماسيين العلماء من قبله، أن يحصل على بعض المخطوطات بينما كان في المدينة القديمة. أما الكيفية التي اكتشف بها الطبيب الشاب في ساليرنو هذا الخبر فهي أمر غامض، لكنها تكشف شيئا عن العلاقات الوثيقة بين صقلية وساليرنو في ذلك الوقت، وتظهر أيضا أن شهرة رائعة بطليموس العظيمة كانت قد بلغت جنوب إيطاليا. إن أوجه التشابه مع جيرارد الكريموني الذي سافر، منذ بضع سنوات، إلى إسبانيا بحثا عن الكتاب نفسه، لمذهلة. لا شك في أن العلماء الأوروبيين كانوا قد أصبحوا على دراية بكنوز العلوم الكلاسيكية والعربية، كما كانوا عاقدين العزم على أن يضعوا أيديهم عليها. كانت رحلة الباحث الساليرني إلى صقلية أقصر بكثير من رحلة جيرارد الطويلة عبر البحر المتوسط، ولكنها كانت محفوفة بالمخاطر، «أهوال أهونها رهيب»، على حد وصفه؛ فقد جعلت الرياح الهائلة والدوامات الشديدة المعبر الضيق من جنوب إيطاليا إلى صقلية بالغ الصعوبة. ما إن بلغ بر الأمان على أرض صقلية، حتى توجه إلى كاتانيا، حيث كان أريستبوس رئيسا للشمامسة. ومع ذلك، لم يكن الرجل العظيم على مكتبه في قصر فخم، كما قد يكون متوقعا، ولا كان يحتفل بالقداس الإلهي عند مذبح كاتدرائيته. واضطر الباحث الشاب إلى مواصلة السفر «ليجتاز أنهار إتنا المضطرمة» ويتسلق إلى القمة، حيث عثر أخيرا على أريستبوس، على حافة فوهة البركان، يدرس النشاط البركاني.
1
هذا الباحث المجهول ليس سوى واحد من أناس كثيرين سافروا من ساليرنو إلى صقلية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر. كان المكانان متصلين اتصالا وثيقا بصلات ليس أقلها أنهما كانا تحت حكم سلالة دي هوتفيل الحاكمة. في عام 1061، وبعد أن أخضع معظم جنوب إيطاليا، انطلق روبرت جيسكارد ليغزو صقلية وبصحبته روجر، أحد إخوته الكثيرين الذين كانوا يصغرونه سنا. كانت أسرة دي هوتفيل تتمتع بخصوبة مذهلة. ونظرا لأنهم انحدروا من أسرة بها اثنا عشر ابنا وعلى الأقل ابنتان، فليس من المستغرب أن كثيرا جدا منهم غادروا نورماندي بحثا عن الثراء في مكان آخر. فحتى نبيل ينعم بالرخاء كان من شأنه أن يواجه صعوبات في سبيل تلبية احتياجات هذا العدد الكبير من الورثة، وكان أبوهم، تانكريد، أبعد ما يكون عن الثراء. وكما أوضح، بكل صراحة، أماتوس، أحد المؤرخين العظام لهذا العصر: «رحل هؤلاء الناس، تاركين القليل من أجل الفوز بالكثير، ولكنهم لم يتبعوا عادة الكثيرين الذين يمضون في العالم واضعين أنفسهم في خدمة الآخرين؛ بل شأنهم شأن المحاربين القدماء كانوا يرغبون في أن يجعلوا كل الناس تحت حكمهم وهيمنتهم.»
2
جاء العديد منهم إلى جنوب إيطاليا وجعلوا منها ساحتهم الخاصة، التي ينهون فيها صراعاتهم المتواصلة بينهم كأشقاء دونما اعتبار على الإطلاق لأي أحد آخر. لا يسعنا إلا أن نتخيل كم الرعب الذي يمكن أن يصبح عليه المرء حين يعلق في دوامة العنف بينما إخوة دي هوتفيل يطئون الأرض عبر أبوليا وكالابريا، ويعقدون تحالفات وينقضونها مع الحكام المحليين والبابوية والبيزنطيين، وفي المقام الأول بعضهم مع بعض.
تابع كل من روبرت وروجر التقليد العائلي المتمثل في كثرة الإنجاب؛ فكان لروبرت أربعة أبناء وسبع بنات، بينما تزوج روجر ثلاث مرات، وأنجب ما لا يقل عن سبعة عشر طفلا في إطار الزواج، وربما بضعة أبناء خارجه. استغلت بنات دي هوتفيل للتضحية بهن كبيادق في استراتيجية طموحة للسلالة الحاكمة لدفع الأسرة دائما إلى أعلى. فقد تزوجت إحدى بنات روجر الأول من كونراد، ابن الإمبراطور الروماني المقدس، هنري الرابع؛ وتزوجت أخرى من كولومان، ملك المجر. وقدمت كلتا الفتاتين إلى زوجيهما مهرين كبيرين. وعندما لم تكن تحالفات الزواج خيارا متاحا، كان الإخوة يستخدمون مزيجا من القوة الغاشمة والمكر. فقد كرس الأشقاء، الذين كانوا يتصفون بالانتهازية والعنف وعدم إمكانية كبح جماحهم، جل جهدهم لغزو صقلية، التي كانت في ذلك الوقت في قبضة العديد من أمراء الحرب المسلمين المتناحرين.
شكل 7-1: خريطة برتغالية لمرفأ باليرمو.
Неизвестная страница