وقد زاد ديوجين اللايرثي الذي روى هذه الأبيات في ترجمة فيثاغورث - في موضع آخر
9 - أن إكسينوفان كان يحارب مذهب حكيم ساموس ومذاهب طاليس وإيبيمينيد، كما أنه كان ينقد بحدة ما كان يصور به هيزيود وهوميروس الآلهة وشهواتهم ونقائصهم. وقد كان إكسينوفان يودع أفكاره القصائد والحماسيات التي كان يقرضها، بل قد يكون محتملا أنه كان يرتزق على دأب «رهبسود» بإنشاد قصائده ليطرب السامعين ويستجدي سخاءهم.
وإذا كان إكسينوفان قد طعن في آراء طاليس وفيثاغورث وإيبيمينيد، فيجب أن يكون متأخرا عنهم، وليس محالا أن يكون قد عاش إلى زمن الحرب الأولى الميدية (سنة 490 قبل المسيح).
وهناك واقعة قد لا يستطاع الشك فيها ما دام أرسطو يشهد لها (الميتافيزيقا ك1 ص146 ترجمة كوزان)، وهي أن برمينيد كان تلميذ إكسينوفان. وعلى هذه النقطة كل القدماء على وفاق، غير أننا نعلم يقينا من أفلاطون (تييتيت ص154 والسفسطائي ص164 ترجمة كوزان) أنه حينما جاء برمينيد آتينا مع زينون كانت سنه 65 سنة (البرمينيد ص6 ترجمة كوزان وص751 طبعة طورينو 1839). وبفرض أن سقراط كان حديث السن عند حواره برمينيد المنقول لنا في المحاورة المشهورة بهذا الاسم، ولم يكن عمره إلا عشرين سنة، فإن هذا ينقلنا إلى سنة 450 قبل الميلاد. وعلى هذا الفرض يكون برمينيد قد ولد في سنة 515، وليتلقى العلم على إكسينوفان يلزم أن يكون هذا الأخير قد مات في نحو العهد الذي ذكرناه آنفا .
غير أني تارك مرة أخرى هذه المجادلات التاريخية
10
لأقف برهة عند آراء إكسينوفان الفلسفية التي لها في نظري أهمية أخرى. ولئن كان فيما يتعلق به نقطة مجمع عليها فإنما هي أفكاره في الآلهة، بل يمكن أن يقال أفكاره في الله، كانت أصح وأرقى من أفكار معاصريه . وهذا الكتاب الذي نترجمه يكفي وحده في إثبات هذه الدعوى، غير أن الشواهد على ذلك متواترة أكثرها جوهرية شاهد إكسينوفان نفسه. ولم تنخدع المسيحية في أمره؛ فإن كليمان السكندري (أستروماتس ك5 ص601) يثني على فيلسوف كولوفون بأنه نزه الله تعالى عن التجسد، وبأنه قال:
واحد قدير على كل شيء، ملك الأشدين قوة، فالله لا يشبهنا لا بالعقل ولا بالجسم، وإن الناس بتصويرهم الآلهة على صورتهم يسندون إليهم أفكارهم وأصواتهم ووجوههم.
ويروي كليمان السكندري فوق ذلك أبياتا أخرى تكرر هذه الفكرة عينها في قالب آخر، وفيها يقول إكسينوفان:
إذا كان للثيران والأسود أيد تصور كما يصور الناس لأعطت الآلهة التي تصورها أجساما أشبه بأجسامنا، ولكانت الخيل تصورهم بصور خيل، والثيران تصورهم بصور ثيران.
Неизвестная страница