ابنتك رشيدة أم رجاء •••
أمسكت الرسالة في يدي، ألامسها بأطراف أصابعي، كأنما ألامس وجه الوطن، راحت الغربة، تبدد الحزن، فتحت نوافذ بيتي لتدخله الشمس، إنها الشمس ذاتها التي تشرق في كل بلاد العالم، أفريقيا وآسيا وأوروبا وأستراليا والأمريكتين، الوطن ليس قطعة أرض تسقط عليه الرأس، الوطن هو رسالة مليئة بالحب يأتيني من البعد. •••
لا يكون الحب حبا حقيقيا إلا إذا كان متبادلا، الحب من طرف واحد نوع من العبودية، الهوان والعذاب والاحتراق بنار الحب كلها من بقايا عصر الرق والعبيد، حين كان يفرض على العبد أن يحب سيده الذي يضربه بالكرباج، ويفرض على المرأة أن تحب زوجها الذي يقهرها ويضربها ويشدها من شعرها.
الحب إن اختلفت أنواعه فهو واحد؛ منبعه القلب والعقل والجسد والروح في كيان واحد، وأساسه الأول هو الأخذ والعطاء؛ أي التبادل بالعدل والحرية، وليس بالإجبار والقوة والجبروت.
وإن حدث الحب من أول لقاء أو آخر لقاء فهو ينشد السعادة واللذة والحرية، لا يعيش الحب في التعاسة والألم والقيود، لا يختلف حب الوطن عن حب الأم أو الأب أو الزوج أو الزوجة أو الابن أو الابنة، وكلها أنواع من الحب لا تعيش إلا بالتبادل المتساوي أخذا وعطاء.
إن الأب الذي يقسو على أبنائه وبناته لا يمكن أن يتوقع منهم الحب، إن الوطن الذي يجرد الإنسان من كرامته وحريته وطعامه وشرابه لا يكون وطنا.
الوطن هو حيث يكون العدل، وحيث تكون الحرية، وحيث يكون الحب، الوطن ليس هو المكان حيث مسقط الرأس، بل هو دفء الإنسانية والمحبة والتعاون والصدق والعمل المنتج، ولذة الإبداع والفرحة بالجديد والتجديد.
لقد مللنا الأغاني الوطنية التي كان يغنيها العبيد أمام المماليك والسلاطين، ولم نعد نغني إلا للملك في عيد ميلاده، أو الملكة في عيد زواجها، فما هذه الأغاني التي تشدنا إلى الوراء إلى عصور الرق؟ وما هذه الأصوات التي تأمرنا بحب الوطن بالكرباج؟ وكيف أحب رجلا يذيقني ألوان الهوان؟ وما هذه الأغاني في عيد الأم دون أن يكون للأم حقوق الإنسان.
قليلا من العدل
قليلا من العدل أيها السادة.
Неизвестная страница