ألا تعرف الحكومة الرءوس الكبيرة التي حرضت الشباب على المظاهرات؟ ألا تظل هذه الرءوس الكبيرة حرة طليقة تكتب في الصحف، وتخطب على المنابر وفي الأحزاب وفي أجهزة الإعلان المحلية والعربية والدولية؟! (2)
ألا تشترك النخبة المثقفة في هذه اللعبة السياسية الدينية، سواء النخبة في الحكومة أو المعارضة أو الهيئات غير الحكومية، أو ما يطلقون على أنفسهم «المستقلون»؟! (3)
ألم تتكرر هذه الأحداث المؤسفة الدامية، والتي يروح ضحيتها الأبرياء وينزف المغمورون الدماء، على حين تزداد النخبة تألقا تحت الأضواء، يريقون الحبر الأسود فوق الورق بدلا من الدماء الحمراء.
مما يدل على تخبط الحكومة والنخب المثقفة أسوق إليكم الأمثلة، وأمامي الآن ثلاثة من الصحف الهامة الصادرة من مختلف الهيئات الحكومية أو الحزبية المعارضة أو المستقلة خلال الأيام الثلاثة 9، 10، 11 مايو 2000: (أ)
تعلن الحكومة ومؤسساتها الثقافية أنها لم تصدر أي كتاب يمس الدين أو المقدسات، بل العكس هو الصحيح، لقد تم نشر العديد من الكتب الدينية وكتب التراث بأسعار زهيدة، وقد تم إحالة رواية الكاتب السوري إلى لجنة لإعداد تقرير حولها. (ب)
لقد تم سحب الرواية، كما تم منع تداولها من الأسواق لأن بها عبارات تمس الدين والمقدسات. (ج)
أكدت وزارة الثقافة أن الرواية لم تسحب من الأسواق ولا أي كتاب آخر، وأن اللجنة التي شكلتها لا تهدف للتحقيق في الرواية بقدر ما تهدف لتقديم قراءة متكاملة لها. (د)
أصدرت اللجنة المشكلة من المثقفين المستقلين بيانا يرفض لغة التحريض على العنف واغتيال الثقافة والمثقفين، ووقع على البيان عدد كبير من كبار المفكرين والمثقفين والأدباء. (ه)
أصدر رئيس الوزراء حكمه بأن رواية الكاتب السوري تسيء إلى الإسلام، كما أن البيان الرسمي لوزارة الداخلية أصدر حكمه أيضا بأن الرواية تضمنت عبارات ماسة بالمعتقدات الدينية، وقرر رئيس جامعة الأزهر أن الرواية تضمنت عبارات تسيء للمقدسات الإسلامية، وقدم احتجاجا رسميا لوزير الثقافة، ولمجلس الشعب، طالب فيه مصادرة الرواية، وإجراء محاكمة لمؤلفها السوري أمام القانون الدولي. (و)
إن المحرضين على اغتيال المثقفين وإهدار دمهم كانوا يعرفون من قبل أن الحكومة سوف تتراجع، وقد تراجعت بالفعل. (ز)
Неизвестная страница