(( فالمتواتر )) التواتر في اللغة: تتابع أمور واحد بعد واحد بفترة.[مأخوذ] من الوتر، ومنه{ ثم أرسلنا رسلنا تتري}. أي: شيئا بعد شيء مع فترة.
وفي الاصطلاح: (( خبر جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه )).قوله: خبر جماعة احتراز من خبر الواحد، وإن أفاد العلم كالمحفوف بالقرائن. فإنه لا يسمى متواترا. وقوله: يفيد بنفسه. ليخرج خبر جماعة عرف صدقهم لا بنفس الخبر، بل: بالقرائن الزائدة على مالا ينفك الخبر عنه.
(( ولا حصر لعدده )) في مقدار معين على الصحيح (( بل هو ما أفاد العلم الضروري )) فلا يتعين له عدد. بل يختلف ذلك باختلاف الوقائع، والمخبرين، والمستمعين. وذلك لأنا نقطع بحصول العلم بالمتوترات من البلدان، كمكة، ومصر، والأمم الماضية الخالية، كالأنبياء، والصالحين، والملوك والمتقدمين، من غير علم بعدد مخصوص لا متقدما ولا متأخرا .
وما ذهب إليه بعضهم: من اشتراط الخمسة، أو الأثنى عشر، أو العشرين، أو الأربعين، أو السبعين، فمما لا دليل عليه. والعلم الحاصل من التواتر لا يكون حجة على الغير، لجواز أن لا يكون ذلك حاصلا له.
واعلم أن شروط التواتر_ أي: ما يوصف الخبر بأنه متواتر معها، بحيث لو اختل أحدها لم يكن متواترا - أمور. منها ما يرجع إلى المخبرين، ومنها ما يرجع إلى السامعين .
أما ما يرجع إلى المخبرين فمنها: أن يبلغ عددهم مبلغا يمتنع بحسب العادة تواطؤهم على الكذب.وذلك يختلف باختلاف المخبرين والوقائع والقرائن .
ومنها: أن يكونوا مستندين إلى إحدى الحواس. كالأخبار عن البلدان، والأصوات، والمطعمات، والمشمومان.فأما ما لم يستندوا فيه إلى ذلك نحو الأخبار عن حدوث العالم، أو أن الله تعالى قادر ، وليس بحسم، أو نحو ذلك من المعقولان، فإنه لا يفيد العلم قطعا .
ومنها: إذا نقل جماعة عن جماعة، اشترط فيه استواء الطرفين والوسط، بمعنى: بلوغ جميع طبقات المخبرين في الأول والأخر والوسط بالغا ما بلغ عدد التواتر .
Страница 23