236

Кашиф Амин

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

قلت: وهذا معترض بأنهم لم يريدوا بالعلم هاهنا إلا التعبير عن كونه تعالى عالما بأن أثبت اللوح عن كونه تعالى عالما، فلا يستقيم اعتراضه بقوله: وعلم الله ذاته. لأن المراد من ذلك أن الأمر الذي لأجله كان تعالى عالما هو ذاته لا معنى ولا صفة ولا مزية زائدة كما مر تحقيقه، وقوله رحمه الله: ولا يستقيم تأويله به في الكل، يقال فيه: أما قوله{في لوح محفوظ} ونحوها مما ذكر فيه لفظ اللوح أو الكتابة فلا مانع بل هو مستقيم، وأما قوله: {لا يمسه إلا المطهرون} فالمذكور قبلها {إنه لقرآن كريم o في كتاب مكنون} [الواقعة:77-78] وهي نظير قوله تعالى: {إلا في كتاب مبين}، والكلام في اللوح لا في الكتاب إلا إذا جعلنا الكتاب بمعنى اللوح، فيمكن أن الضمير في:{لا يمسه} يعود إلى المصحف لا إلى اللوح، ولذا جعلت الآية أحد أدلة منع الجنب وهو مس المصحف على أن قوله تعالى: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} [سبأ:3]، لو حمل الكتاب على اللوح الحقيقي لما لائم {لا يعزب عنه} لا يغيب منه - أي عن علمه - لأن الضمير في عنه يعود إلى الباري تعالى، لأن أول الآية: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين}، لأنا إذا جعلنا قوله: {إلا في كتاب مبين}، تأكيد للعلم وكناية عن عدم غيبوبته أي شيء من علمه تعالى كان أفصح وأبلغ، سيما لو حمل على اللوح حقيقة لأن تقدير الكلام على الوجه الأول {لا يعزب عنه مثقال ذرة} إلا في علمه تعالى، فهو في التأكيد كما يقال لا ملجأ من الله إلا إليه.

Страница 263