Кашиф Амин
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Жанры
وثانيهما: أن يكون الناصب له فيتبعون، فيكون المعنى يتبعون المتشابه يريدون الفتنة للناس عن دين الحق وصدهم عنه، ويريدون تأويله على حسب اعتقاداتهم الرديئة وضلالاتهم الكفرية، ثم عطف على هذه الجملة بقوله: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}، وهو يحتمل تنزيله وتوجيهه إلى المعنيين المذكورين، فإن كان على الأول كان التقدير أنزل الكتاب على وجهي: الإحكام والتشابه، ليعرفوا تأويله وما يعرف تأويله الموافق المطابق للحق منهم إلا الراسخون في العلم، وإن كان على الثاني كان التقدير إن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون تأويله وليسوا من أهله، لأنه {ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}، وهؤلاء المتبعون المتشابه ليسوا راسخين في العلم إنما هم راسخون في الجهل الشديد والزيغ البعيد، ثم قوله تعالى: {يقولون آمنا به كل من عند ربنا}، يحتمل أن يكون مقولا من الراسخين، لأنهم لما وقفوا على معنى القسمين وتيقن لديهم صحة كل من الضربين على وجه لا يناقض الآخر بل يعضده ويقويه ويبينه صح لهم أن يقولوا: {آمنا به كل} أي كل واحد من المحكم والمتشابه {من عند ربنا}، ويحتمل أن يكون مقولا من الذين في قلوبهم زيغ، فتكون كلمة حق أرادوا بها باطلا وهو تكميل احتجاجهم على من أرادوا أن يفتنوه عن اعتقاد الحق في العدل والتوحيد والوعد والوعيد وسائر المسائل القطعية الأصولية أو فروعيه، فيقولون له: كل من عند الله، فليس الاحتجاج بهذا أولى من الاحتجاج بهذه، ثم قال: {وما يذكر إلا أولوا الألباب}، ختم الله الآية وقفلها بهذه الجملة تأكيدا لما سبق إليه الكلام، فيكون ايقاضا وإلهاما لطالب الحق أن يتذكر ويسلك مسلك أولي الألباب، ويكون ردعا وزجرا وتسجيلا على من زاغ وترك الحق أنه قد فارق التذكر الواجب عليه وهو النظر الصحيح الذي لم يسلكه {إلا أولوا الألباب} فتأمل أيها المسترشد رحمك الله وإيانا كم حوت هذه الآية الكريمة من أسرار لطيفة مفيدة ومعان منيفة غير بعيدة، وإذ قد فرغنا من المقصود قبل الخوض في شرح ما أورده عليه السلام بهذا المختصر في المتشابه.
فلنرجع إلى الكلام فيما ذكره عليه السلام بقوله [ فإن قيل: ] لك أيها الطالب الرشاد [ إنه قد ذكر في القرآن أن يداه ] سبحانه وتعالى [ مبسوطتان ] فيما قاله عز وجل ردا على اليهود لما قالوا {يد الله مغلولة} أرادوا بذلك الكناية عن البخل المتوهمين له من قبض الأرزاق عليهم وتضييقها وتقليلها، فرد عليهم بقوله: {بل يداه مبسوطتان} [المائدة:64]، ولا يخفى على العارف بموارد اللغة العربية ومواقعها من البلاغة والفصاحة أنه لا يستقيم هاهنا أن المراد باليد والغل والبسط معانيها الحقيقية، وأن الخبر أصلا وجوابا مساق للإخبار بذلك، تعالى الله عما هنالك، فلا بد من تأويله وتنزيله على وجه يصح أن يكون هو المراد من مساق الإخبار، [ و] كذلك ما ذكر في القرآن الكريم [ أن له ] تعالى [ جنبا، وعينا، ونفسا، وأيديا لقوله ] تعالى: {أولم يروا أنا خلقنا لهم [ مما عملت أيدينا ] أنعاما فهم لها مالكون} [يس:71]، وغير ذلك من الآيات التي فيها ذكر ما يوهم التجسيم من أن له تعالى وجها أو أنه في جهة كقوله تعالى: {أأمنتم من في السماء} [الملك:16]، {الرحمان على العرش استوى} [طه:50]، وغير ذلك من المتشابه في الكتاب.
أو في السنة كما ورد أن العبد إذا أكمل وضوء الصلاة واشراطها وأحسن أداءها، فإن الله يضحك لذلك حتى تبدوا نواجذه، فإن ذلك إن صح فإنما هو على جهة المبالغة في قبولها وعدم ردها.
Страница 242