وقد قال الله (١) تعالى في وصف القرآن المجيد: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ كِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم﴾ (٢) *)، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِير الْأُمُور﴾ (٣)، وقد صح عنه (٤) ﷺ بالإسناد المتصل الصحيح أنه قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله" (٥) .
قال ابن الأثير (٦) وغيره في معناه: (أي: لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى (٧) ﵇، فادعوا فيه الآلهية، إنما أنا عبد، فصفوني بذلك (٨كما وصفني ربي٨) (٨) "فقولوا: عبد الله ورسوله"، فأبى المشركون أن يقبلوا ما أمرهم به (٩)، وأن (١٠) يتركوا ما نهاهم عنه، وناقضوه أعظم مناقضة،