قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين﴾ (١)، فكما أن إثبات المخلوقات أسبابًا لا يقدح في توحيد الربوبية ولا يمنع أن يكون الله خالق كل شيء، ولا يوجب أن يدعي المخلوق دعاء عبادة أو دعاء استغاثة (٢)، كذلك إثبات بعض الأفعال المحرمة من شرك أو غيره، أسبابًا لا تقدح في توحيد الإلهية، ولا يمنع أن يكون الله هو الذي يستحق الدين الخالص، ولا يوجب أن يستعمل الكلمات والأفعال التي فيها شرك، إذا كان الله يسخط ذلك، ويعاقب العبد عليه، ويكون مضرة ذلك على العبد أكثر من منفعته، إذ قد جعل الخير كله في أن لا نعبد إلا إياه، ولا نستعين إلا إياه، وعامة آيات القرآن تثبت هذا الأصل، حتى إنه سبحانه قطع أثر الشفاعة بدون إذنه.
كقوله سبحانه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِه﴾ (٣) . وكقوله سبحانه: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ (٤) . وقوله تعالى (٥): ﴿وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيع﴾ (٦) . وقول (٧) ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا..﴾ الآية (٨)،