فإذا قرأ قارئهم وربك يخلق ما يشاء ويختار [1] فيقال له أثبتها ثم يقرأ إن أكرمكم عند الله أتقاكم [2] وفي قراءة ابن مسعود (إن خيركم عند الله أتقاكم) ثم يقرأ:
وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد. هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ. من خشي الرحمن بالغيب [3] فدلت هذه الآية على أن المتقين هم الخاشعون، ثم يقرأ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء [4] فيقال له: اقرأ حتى ننظر هل العلماء أفضل من غيرهم أم لا؟ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [5] علم أن العلماء أفضل من غيرهم، ثم يقال: اقرأ فإذا بلغ إلى قوله تعالى: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات [6] قيل: قد دلت هذه الآية على أن الله تعالى قد اختار العلماء وفضلهم ورفعهم درجات، وقد أجمعت الامة على أن العلماء من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين يؤخذ عنهم العلم كانوا أربعة: علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعبد الله بن العباس وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وقالت طائفة: عمر بن الخطاب، فسألنا الامة: من أولى الناس بالتقديم إذا حضرت الصلاة؟ فقالوا: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يؤم بالقوم أقرؤهم، ثم أجمعوا أن الأربعة كانوا أقرأ لكتاب الله تعالى من عمر، فسقط عمر، ثم سألنا الامة أي هؤلاء الأربعة أقرأ لكتاب الله وأفقه لدينه؟ فاختلفوا فوقفناهم حتى نعلم، ثم سألناهم أيهم أولى بالإمامة؟ فأجمعوا على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الأئمة من قريش فسقط ابن مسعود وزيد بن ثابت، وبقي علي بن أبي طالب وابن عباس فسألنا: أيهما أولى بالإمامة؟
فأجمعوا على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا كانا عالمين فقيهين قرشيين فأكبرهما سنا وأقدمهما هجرة، فسقط عبد الله بن العباس وبقي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فيكون أحق بالإمامة، لما أجمعت عليه الامة ولدلالة الكتاب والسنة عليه (هذا آخر رسالة أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ).
Страница 61