133

في سبب نزولها وجوها.

فقيل: لما دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اليهود إلى الإسلام قالوا: هلم نخاصمك إلى الأحبار، فقال: بل إلى كتاب الله، فأبوا.

وقيل: بل لما دعاهم إلى الإسلام، قال له بعضهم: على أي دين أنت؟ فقال: على دين إبراهيم، فقالوا: إن إبراهيم كان يهوديا، فقال: هلموا بالتوراة فهي بيني وبينكم، فأبوا.

وقيل: بل لما أنكروا أن يكون رجم الزاني في التوراة، قال: هلموا بالتوراة فهي بيني وبينكم، فأبوا، فأنزل الله هذه الآية، هكذا ذكر الواحدي في كتابه أسباب النزول.

فقد اتفق الجمع أنها اختصت باليهود، فجعلها الخوارج في المسلمين وأقاموها عمدة لهم ومرجعا في أتباع ضلالتهم واحتجوا بها في خروجهم من الطاعة المفروضة عليهم اللازمة لهم.

فإذا علمت حقيقة المقاتلة على التنزيل والمقاتلة على التأويل، بان لك أن بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين علي (عليه السلام) رابطة الاتصال والاخوة والعلاقة، وأنه ليس لغيره ذلك كما وردت به النصوص المتقدمة من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي مني وأنا من علي، وقوله: أنت مني وأنا منك، وقوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. فهذه النصوص مشيرة إلى خصوصية بينهما، فاقتضت تلك الخصوصية أنه أعلمه أنه يبلى بمقاتلة الخارجين كما بلي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمقاتلة الكافرين وإنه يلقى في أيام إمامته من الشدائد كما لقي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أيام نبوته.

قال الشافعي: أخذ المسلمون السيرة في قتال المشركين من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخذوا السيرة في قتال البغاة من علي (عليه السلام) فتدبر هذا المقام واعرف منه فضله (عليه السلام).

ومن ذلك

ما نقله القاضي الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود في كتابه المذكور يرفعه بسنده عن ابن مسعود قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتى منزل أم سلمة، فجاء علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أم سلمة هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي،

وقد تقدم الحديث بتمامه، فذكر (صلى الله عليه وآله وسلم) فرقا ثلاثة، صرح بأن عليا (عليه السلام) يقاتلهم من بعده، والأسماء التي سماهم بها تشير إلى أن وجود كل صفة منها في الفرقة المختصة بها (علة) لقتالهم. والناكثون هم الناقضون عهد بيعتهم، الموجبة

Страница 138