إشارة الياسمين
فصاح بفصاحته الياسمين، وقال: أنا الياسمين، ويحكم إنى أفوح بوقاحة روحى بين الرياحين، وأتردد على الآثار حينا بعد حين، أجلب من خزائن الغيوب، ولا أسكن إلا في كماين الجيوب، أبوح بسرى أينما حضرت، وأفوح بعطرى أينما خطرت، لا أخفى على ذى ذوق، ولا ينكرنى من له شوق، فريحى على الرياحين يعلو، وزهرى ونشرى على الأزاهير ينمو، لأن من طاب معناه، كان أطيب معناه، كان أطيب وأذكى، ومن صح دعواه، كان أطهر وأذكى، فمن أراد مراتب العلى فليعل بلطافة معانيه، وليرق فى درج معاليه، ولا يكن ممن قصر في تدانيه، فما يفوز بأمانيه. ثم إن فى إشارة، وحقيقتها للعالمين بشارة، فأول اسمى ياس وآخره مين، فاليأس شين والمين زين، فلما اجتمعا ياس ومين دل على بينونه البين، وبشرا بقرة العين، وفى ذلك أقول:
رَأَيْتُ الفَأُلَ يُخبِرُنِى بِخَبَرٍ ... وَقَدْ أهدىَ إلىَّ الياسمينُ
قَالَ: لاَ تَحْزَنْ فإنَّ الحُزْنَ شَيْنٌ فإِنَّ اليَأْسَ مينُ
1 / 65