وحكى أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد عن السكن بن سعيد عن عبَّاد بن عبَّاد عن أبيه قال: أنشد
النبي ﷺ حسان بن ثابث قصيدته التي أولها: (عفت ذات الأصابع فالجواء) فلما
انتهى إلى قوله:
هَجَوتَ محمدًا وأجبت عنه ... وعِنْد الله في ذاك الجَزاء
قال له رسول الله ﷺ: "جَزاؤُك على الله الجَنَّة يا حَسَّان". فلما انتهى إلى قوله:
فإنَّ أبي ووالده وعرْضي ... لِعِرْضِ محمدٍ منكم وقاءُ
قال رسول الله ﷺ: "وَقاك الله يا حسان حرَّ النار"
فلما قال حسان:
أَتهجوه وَلَسْت له بندٍّ ... فَشَرُّكما لخَيرِكما الفداءُ
قال من حَضَر: (هذا أَنْصَفُ بيت قالتْه العربُ). قال مصعب الزبيري: (هذه القصيدة، قال حسان
صَدْرَها في الجاهلية وآخرها في الإسلام).
وقوله: (بَرًّا حنيفًا). فالحنيف المسلمُ الذي يستَقبل قِبْلَة البيت الحرام على مِلَّة إبراهيم وكان حنيفًا
مُسلمًا، والحنيفُ أيضًا كل من أَسْلَمَ في أمر الله فلم يَلْتَوِ في شيء. والجميع الحُنَفاءُ.
وقال بعض أهل العلم؛ قيل له حَنيفٌ لأنه تَحَنَّفَ عن الأديان كُلِّها؛ أي مال إلى الحَقِّ.
وفي الحديث: "أَحَبُّ الأديان إلى الله الحَنيفِيَّة السَّمحة وهي مِلَّة النبي صلى