و. قوله تعالى: ربما يود الذين كفروا [الحجر/ ٢] حيث قرأ المدنيان وعاصم (ربما) بضم الراء وتخفيف الباء مع فتحها، وقرأ الباقون بضم الراء وتشديد الباء (١) وفتحها. وهذا الحرف مسلوك عند النحويين في حروف الجر وفيه ستّ عشرة لغة (٢)، وإذا زيدت (ما) عليه فالغالب أن تكفّها عن العمل (٣). وقد جاءت قراءة المدنيّين وعاصم على لغة أهل الحجاز وكثير من قيس، أما التشديد فعلى لغة أسد وتميم (٤).
٤. الإبدال: من الظواهر التي اتسمت بها اللغة العربية ظاهرة الإبدال ويقصد بها إبدال حرف مكان حرف في كلمة واحدة والمعنى واحد (٥). قال ابن فارس: (من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مقام بعض، وقال أبو الطّيّب اللّغويّ:
ليس المراد به أنّ العرب تتعمد تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغات مختلفة لمعان متفقة، تتقارب اللفظتان في لغتين لمعنى واحد حتى لا يختلفا إلا في حرف واحد) (٦).
والإبدال يرجع أساسه إلى ظاهرة صوتية تحكمها قوانين بالغة الدقة تستهدف التجانس الصوتي بين حروف الكلمة الواحدة أو بين الكلمتين المستقلتين في بعض الأحيان (٧) على الرغم من التباعد أو التقارب بين مخارج الحروف (٨).
ومن أمثلة الإبدال في القراءات الواردة في الكنز: إبدال الواو همزة في الفعل (أقّتت) من قوله تعالى: وإذا الرسل أقتت (٩).
_________
(١) الكنز/ ٤٥٩.
(٢) المقرب/ ٢٢٠، ومغني اللبيب ١/ ١٤٦، ١٤٧، والصحاح ١/ ١٣١، ١٣٢، وشرح الأشموني ٢/ ٢١٤، ٢١٦، ٢٢١.
(٣) المقرب/ ٢٢٠، ومغني اللبيب ١/ ١٤٦، ١٤٧، والصحاح ١/ ١٣١، ١٣٢، وشرح الأشموني ٢/ ٢١٤، ٢١٦، ٢٢١.
(٤) لهجة قبيلة أسد/ ١٨٨.
(٥) الإبدال (ابن السكيت) / ٤٨.
(٦) المزهر ١/ ٤٦٠.
(٧) الصرف/ ١٨٨.
(٨) الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني/ ٩٨.
(٩) المرسلات/ ١١، وينظر: الكنز/ ٥٦٥.
1 / 60