Канз аль-Фаваид
كنز الفوائد
رايتك على أمر لم يسعني ان اسكت فيه عنك ولست اقبل فيه العذر منك قال وما هو حتى ارجع منه واتوب الى الله تعالى منه قال رايتك تضاحك حدثا غرا جاهلا بامور الله وما يجب من حدود الله وانت رجل قد رفع الله قدرك بما تطلب من العلم وانما أنت بمنزلة رجل من الصديقين لانك تقول حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه واله عن جبرئيل عن الله تعالى فيسمعه الناس منك فيكتبونه عنك ويتخذونه دينا يعولون عليه وحكما ينتهون إليه وإنما انهاك ان تعود لمثل الذي كنت عليه فاني اخاف عليك غضب من ياخذ العارفين قبل الجاهلين ويعذب فساق حملة القرآن قبل الكافرين فما رايت حالا اعجب من حالنا ولا عظة ابلغ مما اتفق لنا ولما وقف عليه صاحبي اضطرب لها اضطرابا بان فيها اثر لطف الله تعالى لنا وحدثني بعد ذلك انه انزجر عن تفريطات كانت تقع منه في الدين والدنيا والحمد لله (سؤال) عن آية ان سئل سائل عن قول الله عزوجل * (وإذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) * الاسراء فقال اخبروني ما معنى هذا الاهلاك الذي يريده الله تعالى وكيف قدم ارادة اهلاكهم على امره لهم ومتى يستمر مع القول بالعدل ان يريد اهلاك قوم قبل ان يامرهم فيعصوا وما معنى قوله امرنا مترفيها ففسقوا فيها ففي هذا على من لم يفهم معناه شبهة والله لا يامر إلا بالعدل (الجواب) قيل له في هذه الاية وجوه (احدها) ان من الاهلاك ما يكون حسنا وهو ان يكون مستحقا أو امتحانا وإنما يكون قبيحا إذا كان ظلما أو عبثا وقد ثبت لنا بالدليل الواضح عدل الله تعالى وحكمته وانه لا يريد الظلم ولا يقع منه العبث فعلمنا انه لم يريد الا الاهلاك الحسن وأما قوله امرنا مترفيها فالمأمور هنا محذوف وهو الطاعة وتقدير الكلام امرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا وخالفوا ويجري هذا مجرى قول القائل امرتك فعصيتني فحذف ذكر ما امره به لفهم السامع له وهذا معروف من كلام العرب والامثلة فيه كثيرة وأما مترفوها فهم الذين يعملون في الدنيا في غير طاعة الله تبارك وتعالى وأما تقدم ارادة الاهلاك على الامر فيحتمل ان يكون ذلك بعد أمر متقدم لم يذكر استحق المأمورون بمخالفتهم له العذاب فلما اراد الله تعالى اهلاكهم اعذر إليهم بامر ثان على وجه التكرير والتاكيد في اقامة الحجة على العاصين قبل وقوع الاهلاك لمستحق المذكور ويوافق هذا التأويل قوله تعالى * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * الاسراء (الوجه الثاني) ان يكون الارادة في الاية مجازا وتنبيها على المعلوم من حال القوم وعاقبتهم وانهم متى امروا ففسقوا فاهلكوا ويجرى ذلك مجرى قولهم إذا اراد التاجر ان يفتقر اتته النوائب من كل جانب وتوجه نحوه الخسران من كل مكان وإذا اراد العليل ان
--- [ 166 ]
Страница 165