Канз аль-Фаваид
كنز الفوائد
لمغايظتي بذلك أو لمطابقتهما ركاكة فهمه فقال صاحب المجلس ما تقول في هذين الجوابين فقلت اعفني عن الكلام فقد مضى في هذه المسألة ما فيه كفاية فاقسم علي وناشدني فقلت ان المعهود من الشافعي والمحفوظ منه كلامه في الفقه وقياسه في الشرع فأما اصول العبادات والكلام في العقليات فلم تكن من صناعته ولو كانت له في ذلك بضاعة لاشتهرت إذ لم يكن خامل الذكر فمن نسب إليه الكلام فيما لا يعلمه على طريق القياس والجواب فقد سبه من ان فساد هذين الجوابين لا يكاد يخفى عمن له ادنى تحصيل أما الاول منهما وهو مماثلته بين ادامة الثواب والعقاب فانه خطا في العقل والقياس وذلك ان مبتدى النعم المتصلة في تقدير زمان اكثر من زمان الطاعة ان لم يكن ما يفعله مستحقا كان تفضلا ولا يقال للمتفضل المحسن لم تفضلت واحسنت ولا للجواد المنعم لم جدت وانعمت وليس كذلك المعذب على المعصية في تقدير زمان زائد على زمانها لأن ذلك ان لم يكن مستحقا كان ظلما تعالى الله عن الظلم فالمطالبة بعلة المماثله بين الموضعين لازمة والمسألة مع هذا الجواب عما يوجب التخليد قائمة والعقلاء مجمعون على ان من اعطى زيدا على فعله اكثر من مقدار اجره فليس له قياسا على ذلك ان يعاقب عمرا على ذنبه باضعاف ما يجب في جرمه واما جوابه الثاني فهو وان كان قد ذكره بعض الناس لاحق بالاول في السقوط لانه لو كان تعذيب الله عزوجل للكافر بعذاب الابد (إنما هو لانه علم منه انه لو بقي ابدا كان كافرا لكان انما عذابه على تقدير كفر لم يفعله) وهذا هو الظلم في الحقيقة الذي يجب تنزيه الله تعالى عنه لأن العبد لا يفعل الكفر إلا مدة محصورة وقد اقتضى هذا الجواب ان تعذيبه الزائد على مدة كفره هو عذاب على ما لم يفعله ولو جاز ذلك لجاز ان يبتدئ خلقا ثم يعذبه من غير ان يبقيه ويقدره ويكلفه إذا علم منه إذا انه لو ابقاه واقدره وكلفه كان كافرا جاحدا لانعمه وقد اجمع أهل العدل على ان ذلك لا يجوز منه سبحانه وهو كالاول بعينه في العذاب للعلم بالكفر قبل وجوده لا على ما فعله واحدثه وقبحها يشهد العقل به ويدل عليه تعالى الله عن اضافة القبيح إليه فعلم انه لا يعتبر في الجواب عن هذا السؤال بما اورده هذا الحاكي عن الشافعي وان المصير الى ما قدمناه من الجواب عنه اولى والحمد لله فلما سمع المتفقة طعني فيما اورده وقولى ان الشافعي ليس من أهل العلم بهذه الصناعة ولا له فيها بضاعة ظهرت امارات الغضب في وجهه وتعذر عليه نصره ما جاء به كما تعذر عليه وعلى غيره ممن حضر القدح فيما كنت اجبت به فتعمد لقطع ما كنا فيه بحديث ابتداه لا يليق بالمجلس ولا يقتضيه فبينا نحن كذلك إذ حضر رجل كانوا يصفونه بالمعرفة وينسبونه الى الاصطلاح بالفلسفة فلما استقر به المجلس حكوا له السؤال وبعض ما جرى فيه من الكلام فقال الرجل هذا سؤال يلزم الكلام فيه ويجب على من اقر بالشريعة طلب جواب عنه صحيح يعتمد عليه ثم سئلوني الرجوع الى الكلام
--- [ 144 ]
Страница 143