Церковь Великого Антиохии (часть первая): 34–634 гг.
كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى (الجزء الأول): ٣٤–٦٣٤م
Жанры
وكنيستنا واحدة جامعة مقدسة رسولية؛ فإننا جميعنا قد اعتمدنا بروح واحد لجسد واحد، يهودا كنا أم يونانيين، عبيدا أم أحرارا، وسقينا جميعا من روح واحد، ونحن جسد واحد هو جسد المسيح وأعضاء كل بمقدار، ومكانة كنيستنا في تاريخ البشر أنها أذعنت لله وسعت لتطبيق مشيئته، وطلبت من المؤمنين إيمانا وعملا في آن واحد.
والكنيسة تتألف من عنصرين؛ إلهي وبشري، من الحقيقة الإلهية المعطاة لها ومن سعيها البشري لتنفيذ المشيئة، وقد يسهو البعض عن أن النعمة الإلهية لا تقسر الناس قسرا، وإنما تعمل فيهم عمل النور في الهواء، فتخترق نفوسهم لتعطيهم حرارة وإشعاعا، ونحن أعضاء هذه الكنيسة الجامعة بشر، وكبشر نستبق التطور أحيانا، فنلجأ إلى الإكراه والقسر، وإكليروسنا قد يستكن أو يتحرك، فبينما يستكن الإكليروس الشرقي في بعض الأحيان، يتحرك الغربي أحيانا إلى أن يمسي متهجما صلفا؛ وهكذا فإنه نشأ - على ممر العصور - شيء من الاختلاف في تطبيق العقائد الواحدة، ولم يخل حقل الرب في فرعيه الغربي والشرقي من الزوان من حب السيطرة والمجد الفارغ، ومن الطمع والحسد وسوء الظن والحقد، فكان انشقاق مؤلم مخيف.
ويتوجب على المؤمنين والحالة هذه، أن يصلوا بحرارة لأجل زوال هذا الشقاق، وأن يبتهلوا بقلب منكسر ونفس منسحقة لأجل التقارب والوحدة، وألا ينسوا قول الذهبي الفم: «إن الذي يشق كنيسة الله يعمل عملا أفظع من إنكار الإيمان؛ لأن الذي ينكر الإيمان يهلك نفسا واحدة، وأما الذي يشق الكنيسة فإنه يهلك نفوسا كثيرة.» وعلى كل مؤمن أن يلاحظ هؤلاء الذين يحدثون الشكوك والشقاق، وأن يعرض عنهم؛ لأنهم على حد قول بولس الرسول: «لا يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم.»
وإذا ما صلينا وابتهلنا لوحدة الصفوف، فإنما نفعل ذلك لأجل متابعة العمل في حقل الرب بعد جمود دام طويلا، وحقل الرب واسع جدا يشمل العالم بأسره، والعمل فيه لا يثمر إلا إذا اقترن بظروف صالحة معينة، وأهم هذه الظروف التجدد الداخلي الذي يتحلى بإنكار الذات، وإنكار الذات يبدأ باعتراف داخلي بالعيوب وعدم الوصول إلى الكمال، ويفرض تنازلا حقيقيا عما نسميه كرامة شخصية، وهو يتطلب استعدادا للتعاون مع الغير في سبيل مبدأ صحيح عام كلي المفعول؛ والمبادئ الأدبية الروحية كثيرة لا يخلو منها فؤاد، ولكن المقصود هنا هي تلك التي يعترف جمهور المؤمنين بصحتها، وتوجب الكنيسة الجامعة تطبيقها، وإذا كان الشرقيون منا قد أخطئوا في مجرد التمادي في التأمل والتعبد والمحافظة على قدسية الإيمان والوقوف عند هذا القدر، فالغربيون منا أخطئوا أيضا في التشديد على نواح معينة من العمل وإعطائها المرتبة الأولى؛ وهكذا فإنه يحق للأرثوذكسي الشرقي أن يفاخر بشدة حرصه على استقامة الإيمان، ولكنه ينسى في بعض الأحيان قول الرسول بولس: «ولو كانت لي النبوة، وكنت أعلم جميع الأسرار والعلم كله، ولو كان لي الإيمان كله حتى لأنقل الجبال، ولم تكن في المحبة؛ فلست بشيء!» ويحق للكاثوليكي أن يفاخر بدوره بأعماله الكثيرة، ولكنه ينسى في بعض الأحيان قول هذا الرسول نفسه: «ولو بذلت جميع أموالي إحسانا، ولو أسلمت جسدي لأحرق، ولم تكن في المحبة؛ فلا أنتفع شيئا!» والواقع أن عيب الكاثوليكيين والأرثوذكسيين كان ولا يزال منذ الانشقاق إغفال المحبة. «والمحبة تتأنى وترفق ولا تحسد ولا تتباهى ولا تنتفخ ولا تأتي قباحة، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد ولا تظن السوء، ولا تفرح بالظلم بل بالحق، تتغاضى عن كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء ، وتصبر على كل شيء!» •••
وقد أزمن الداء وتعسر برؤه، ولكنه ليس من النوع الذي لا ينجع فيه دواء، ورأينا أن نبتعد عن سياسة القسر والإكراه، فلا نستغل ظرفا سياسيا، ولا نستعين بسلطة زمنية مسيطرة، فقد جربنا هذا النوع من العلاج مرارا وتكرارا؛ فأخفقنا وتباعدنا.
وعلينا أيضا أن نقلع عن التشويق إلى طقس معين، أرثوذكسيا كان أم كاثوليكيا؛ فكنيسة المسيح غربية وشرقية في آن واحد، ويجب أن تظل هكذا؛ لأن السيد المخلص إله كامل في إنسان كامل، ولأن هذه الصفة الشاملة التي تضم الشرق والغرب صفة لازمة للكنيسة على ممر العصور، وكفانا نحن الاثنين - إلى أن يتم اتحادنا - أن هيرارخيتينا رسوليتان، وأن دستور إيماننا إلهي بشري واحد لا غش فيه، وأننا نمارس أسرارا إلهية مقدسة واحدة، تنشئ فينا بنعمة الله عندما نصبح مستعدين، ظرفا روحيا طاهرا يتطلب الاتحاد.
وإذا ما تمت هذه المهادنة بيسوع وله وتابعنا الصلاة المخلصة الحارة، «من أجل ثبات كنائس الله المقدسة واتحاد الجميع»، زال من نفوسنا مركب الشقاق والانشقاق، وحل محله مركب المحبة، وعندئذ نجلس معا ونتبادل الرأي بإلهام الروح القدس إلى ما فيه مشيئة الله وخير البشر. •••
وكنيستنا الأنطاكية يونانية سريانية عربية؛ فقد كانت يونانية برجالها في المدن، وبفكرها ولغتها وطقوسها، وكانت سريانية وعربية بشعبها في القرى والأرياف، ولا يخفى أن الأرياف السورية اللبنانية الفلسطينية الأردنية استعربت قبل الفتح الإسلامي بتسعمائة سنة، وأن السريانية تقلصت تدريجيا، فانحصرت في القرى والمدن، ثم في التلال النائية في لبنان والقلمون مثلا، وأخبار العرب والعروبة ثابتة في المراجع الهلينية، وفي سفر الأعمال، وفي أخبار القديسين ولا سيما أفثيميوس العظيم (377-473) وسمعان العمودي (390-460).
ولا نرى مبررا للضجة التي يثيرها بعض إخواننا من رجال الكنائس السريانية، كلما وجدوا مخطوطة من مخطوطات كنائسنا الأرثوذكسية مكتوبة باللغة السريانية؛ فمجرد العثور على هذه المخطوطات لا يجيز الاستنتاج أن كنيسة أنطاكية كانت سريانية بلغتها وطقوسها ثم تهلنت؛ فالواقع الذي لا مفر من الاعتراف به هو أن هذه الكنيسة التي نتشرف بالانتماء إليها جمعت في جميع عصورها يونانيين وسريانيين وعربا، وأن لغتها الرسمية وطقوسها وقوانينها وثقافتها كانت يونانية قبل أن تكون سريانية أو عربية.
وقد يفيد أن نذكر إخواننا السريانيين أن مثل اجتهادهم هذا لا يصح إلا في أحوال منطقية معينة؛ فلا بد من كلية معترف بصحتها، كأن نقول مثلا إن اللغة التي كتب بها كتاب كنسي هي وحدها لغة الكنيسة التي استعملت هذا الكتاب. ولا بد من جزئية صحيحة أيضا، كأن يقال إن هذا السواعي الأرثوذكسي كتب بهذه اللغة؛ فتلزم النتيجة بطبيعة الحال، فكل ما صدق على حد صدق على كل ما يصدق عليه ذلك الحد إيجابا وسلبا، وأنى لنا أن تكون هذه الكلية صحيحة! وكنيستنا الأرثوذكسية كانت ولا تزال تعمل بوصية الرسول، فتجعل الصلاة بلغة يفهمها الشعب، وقد رأينا بأم عيننا كتابا طقسيا أرثوذكسيا يعود إلى السنة 1680 مكتوبا باللغة الثلاث معا: اليونانية والعربية والسريانية، وإذا جاز استنتاج إخواننا، فماذا نقول عن اللغة الكرجية في كنائس فلسطين؟ فالرقوق الكنسية الكرجية والكتب القديمة الكرجية كثيرة في ديري المصلبة والقديس سابا. •••
Неизвестная страница