Совершенный в истории

Ибн аль-Атир d. 630 AH
65

Совершенный в истории

الكامل في التاريخ

Исследователь

عمر عبد السلام تدمري

Издатель

دار الكتاب العربي

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Место издания

بيروت - لبنان

Жанры

История
وَتَزْعُمُ الْفُرْسُ أَنَّ الْمُلْكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا لِلْبَطْنِ الَّذِي مِنْهُ أُوشْهَنْجُ، وَجَمٌّ، وَطَهْمُورُثُ، وَأَنَّ الضَّحَّاكَ كَانَ غَاضِبًا، وَأَنَّهُ غَصَبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِسِحْرِهِ، وَخُبْثِهِ، وَهَوَّلَ عَلَيْهِمْ بِالْحَيَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ: إِنَّ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ كَانَ لُحْمَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَرَأْسِ الثُّعْبَانِ، وَكَانَ يَسْتُرُهُمَا بِالثِّيَابِ، وَيَذْكُرُ عَلَى طَرِيقِ التَّهْوِيلِ أَنَّهُمَا حَيَّتَانِ تَقْتَضِيَانِهِ الطَّعَامَ، وَكَانَتَا تَتَحَرَّكَانِ تَحْتَ ثَوْبِهِ إِذَا جَاعَتَا، وَلَقِيَ النَّاسُ مِنْهُ جُهْدًا شَدِيدًا، وَذَبَحَ الصِّبْيَانَ لِأَنَّ اللُّحْمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ كَانَتَا تَضْطَرِبَانِ فَإِذَا طَلَاهُمَا بِدِمَاغِ إِنْسَانٍ سَكَنَتَا، فَكَانَ يَذْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ رَجُلَيْنِ، فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ هَلَاكَهُ وَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْعَامَّةِ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ يُقَالُ لَهُ كَابِي بِسَبَبِ ابْنَيْنِ لَهُ أَخَذَهُمَا أَصْحَابُ بِيَوْرَاسِبَ بِسَبَبِ اللُّحْمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَأَخَذَ كَابِي عَصًا كَانَتْ بِيَدِهِ فَعَلَّقَ بِطَرَفِهَا جِرَابًا كَانَ مَعَهُ ثُمَّ نَصَبَ ذَلِكَ كَالْعَلَمِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى مُجَاهَدَةِ بِيَوْرَاسِبَ وَمُحَارَبَتِهِ. فَأَسْرَعَ إِلَى إِجَابَتِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ، وَفُنُونِ الْجَوْرِ. فَلَمَّا غَلَبَ كَابِي تَفَاءَلَ النَّاسُ بِذَلِكَ الْعَلَمِ فَعَظَّمُوهُ، وَزَادُوا فِيهِ حَتَّى صَارَ عِنْدَ مُلُوكِ الْعَجَمِ عَلَمَهُمُ الْأَكْبَرَ الَّذِي يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَسَمَّوْهُ دِرَفْشَ كَابِيَانَ، فَكَانُوا لَا يُسَيِّرُونَهُ إِلَّا فِي الْأُمُورِ الْكِبَارِ الْعِظَامِ، وَلَا يُرْفَعُ إِلَّا لِأَوْلَادِ الْمُلُوكِ إِذَا وُجِّهُوا فِي الْأُمُورِ الْكِبَارِ. وَكَانَ مِنْ خَبَرِ كَابِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، فَثَارَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ، فَالْتَفَتَ الْخَلَائِقُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا أَشْرَفَ الضَّحَّاكُ قَذَفَ فِي قَلْبِ الضَّحَّاكِ مِنْهُ الرُّعْبَ، فَهَرَبَ عَنْ مَنَازِلِهِ وَخَلَّى مَكَانَهُ. فَاجْتَمَعَ الْأَعْجَامُ إِلَى كَابِي، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْمُلْكِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُمَلِّكُوا بَعْضَ وَلَدِ جَمٍّ لِأَنَّهُ ابْنُ الْمَلِكِ أُوشْهَنْقَ الْأَكْبَرِ بْنِ فَرُوَالَ الَّذِي رَسَمَ الْمُلْكَ وَسَبَقَ فِي الْقِيَامِ بِهِ. وَكَانَ أَفْرِيدُونُ بْنُ أَثْغِيَانَ مُسْتَخْفِيًا مِنَ الضَّحَّاكِ، فَوَافَى كَابِي وَمَنْ مَعَهُ، فَاسْتَبْشَرُوا بِمُوَافَاتِهِ فَمَلَّكُوهُ، وَصَارَ كَابِي وَالْوُجُوهُ لِأَفْرِيدُونَ أَعْوَانًا عَلَى أَمْرِهِ.

1 / 69