Сколько лет гневу? Структура и кризис арабского ума
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
Жанры
ويدعو شعب عبد الناصر إلى الوقوف وراء السادات فيقول: «إن قيادة أنور السادات، على طريق جمال عبد الناصر، هي الممثل الشرعي لحركة الثورة الوطنية والقومية في المرحلة الراهنة، وظني أن هذه القيادة وتأييدها إلى آخر المدى هو العاصم الحقيقي في هذه الظروف من جاهلية اليمين المتخلف وجهل اليسار المغامر.»
11
ولكن هيكل في الوقت ذاته كان يمهد للتغيير، وعندما كتب في نوفمبر 1970م مقالا بعنوان: «عبد الناصر ليس أسطورة» أثار ضجة كبرى لدى الفريق الآخر، الذي كان يؤكد تمسكه بالناصرية كما وضع معالمها عبد الناصر نفسه، ولقد دار خلاف طويل بين الفريقين حول أسباب الصراع بينهما، وهو خلاف لا يعنينا هنا أن ندخل في تفاصيله ونصدر حكما على طرفيه، بل إن ما يعنينا هو أن هيكل، الذي أعلن نفسه حاميا لتراث الناصرية، كان في تلك الفترة يقف من الناصرية موقفا يدعو إلى التساؤل عن طبيعة انتمائه إليها.
فهو قد حارب الجناح «المتطرف»، إذا جاز هذا التعبير، وساند الجناح المعتدل، إذا جاز التعبير أيضا، ثم عاد في كتابه الأخير فهاجم الجناح المعتدل أيضا! وهكذا تظل الناصرية عنده هي ما يرتبط بشخص عبد الناصر فقط، لا بأي تنظيم معين انبثق عنها.
وعندما حارب الجناح المتطرف، هاجمه على أسس متعددة؛ فهو يصف أقطاب هذا الجناح بالجهل الشديد، إلى حد أنه يدون في أحد مقالاته محتويات شريط لجلسات تحضير أرواح حضرها هؤلاء الأقطاب، مع أستاذ جامعي اتخذوه وسيطا، وأخذوا فيها يسألون «الروح» عن أخطر الأمور المتعلقة بتخطيط حركتهم وتوقيتها،
12
وإذا صحت القصة (وأنا شخصيا غير مقتنع بها)، فإنها تلقي ظلالا من الشك على العهد الناصري كله، الذي كان هؤلاء يشغلون فيه مراكز القوة الحقيقية، وبالطبع لا يرى هيكل، كعادته، أن ما يقوله عن هؤلاء هو قبل كل شيء طعن في عبد الناصر، الذي أسلم مقاليد بلده لأشخاص على هذا المستوى، بل هو طعن في هيكل بدوره، الذي رضي بأن يكون فيلسوفا لعهد يضم في داخله مثل هذه النوعيات.
أما تأييده للجناح المعتدل، فكانت عواقبه وخيمة: إذ إن هذا الجناح هو الذي تولى، في السبعينيات، القضاء على كل المقومات الرئيسية للناصرية، كما حددها هيكل نفسه: أعني الحياد الإيجابي والاستقلال الوطني والتصدي للإمبريالية والصهيونية، والنمو المستقل في ظل اقتصاد مخطط، أي أن نفس المجموعة التي اختار هيكل الوقوف في صفها، كانت هي التي تولت تصفية الناصرية، حسب مفهومه لها.
وحين عاد هيكل بذاكرته إلى الناصرية بعد عبد الناصر، وجد التنظيمات الناصرية مفككة وعاجزة عن العمل السري أو العلني، ومفتقرة إلى القيادات القادرة،
13
Неизвестная страница